حرارة الأرض تبلغ أعلى معدلاتها والاحتباس الحراري الناتج عن التلوث الصناعي تسبب بحدوث الأعاصير

قالت الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم إن درجة حرارة الأرض المسجلة حالياً تعد الأعلى خلال ألفي عام، بسبب انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت الأكاديمية الأمريكية الخميس، بعد مراجعة علمية لدرجات حرارة سطح الأرض خلال الألفي عام الماضيين، إن البيانات المجمعة هي "دليل إضافي على أن الأنشطة البشرية هي المسؤولية عن معظم الارتفاع في درجة الحرارة."

وقد توصلت هيئة من علماء المناخ تابعين للأكاديمية، بقيادة العالم جيرالد نورث أستاذ العلوم الجيولوجية في جامعة A&M في تكساس، إلى ذلك الاستنتاج عن طريق استخدام آلات علمية حديثة.

وأعتمد العلماء في بحثهم على عدد من الشواهد، من بينها حلقات الأشجار، والمرجان، والترسبات في البحار والبحيرات، والأنهار الجليدية وقلب الجليد، وغيرها من الشواهد، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

وتأسيساً على الكم المتراكم من المعلومات، أعلن فريق العلماء عن ثقتهم في أن العقود الأخيرة من القرن العشرين، كانت حرارتها أعلى، مقارنة مع أي فترة أخرى خلال الأربعة قرون الماضية.

وقال العلماء: "إن درجات الحرارة التي سجلت حديثاً، بلغت معدلات غير مسبوقة، على الأقل خلال الـ 400 عاماً الماضية، بل ربما خلال آلاف السنين الماضية."  

وقال جون مايك والاس، أستاذ العلوم الجوية بجامعة واشنطن وعضو فريق البحث، إن البحث "من المرجح" أن يكون صحيحاً، وقد دعمه مزيد من البيانات الحديثة.

يشار إلى أنه مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددتها اتفاقية كيوتو للحد من مسببات ظاهرة التغييرات المناخية، والتي ستنتهي عام 2012، يبذل المجتمع الدولي جهوداً حثيثة من أجل احتواء مشكلة انبعاث الغازات المسببة لمشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض.

 وطالب تقرير حديث للأمم المتحدة الدول الموقعة على الاتفاقية بتبني سياسات مشددة للسيطرة على انبعاث تلك الغازات، وفي مقدمتها ثاني اكسيد الكربون، لانجاز أهداف الاتفاقية بحلول عام 2012.

وذكر التقرير أن عدداً محدوداً جداً فقط من الدول، من بينها بريطانيا والسويد، هي التي حققت المطلوب منها على صعيد خفض انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

من جهة اخرى جاء في تحليل جديد أجراه البحاثة في المركز القومي للأبحاث الجوية أن ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية كان سبب حوالى نصف الارتفاع الذي يسبب الأعاصير في درجة حرارة مياه المحيط الأطلسي الاستوائية  في العام 2005، في حين كانت دورات التقلبات الطبيعية عاملاً ثانويا.

وجاء في بيان صحفي مشترك أصدره الاتحاد الأميركي للفيزياء الجيولوجية والمركز القومي للأبحاث الجوية والمؤسسة القومية الأميركية للعلوم، الراعي الرئيسي للمركز، في 22 حزيران/ يونيو، أن المؤسسة دعمت هذا البحث. 

وقال كيفن ترنبيرث من المركز القومي للأبحاث الجوية: "يوفر تأثير ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية (أو ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري) مستوى خلفية جديداً يزيد من خطر تعزيز النشاط الإعصاري في المستقبل."

وتناقض الدراسة التأكيدات التي ظهرت أخيراً بأن الدورات الطبيعية هي سبب ازدياد عدد الأعاصير في المحيط الأطلسي منذ العام 1955. كما أنها تدعم الفرضية القائلة إن مواسم الأعاصير ستصبح حتى أكثر نشاطا مع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية.

وقد شهد العام 2005 رقماً قياسياً من العواصف والأعاصير الاستوائية، بلغ 28 إعصاراً وعاصفة، في المحيط الأطلسي. وقد صنف كل من أعاصير كاترينا وريتا وويلما  كإعصار من الفئة الخامسة من حيث الحدّة.

ويركز البحث الذي أجراه ترنبيرث ودنيس شيه، وهو أيضاً من مركز الأبحاث، على الزيادة في درجة حرارة المحيطات.

وقد فاقت درجة حرارة المياه السطحية في منطقة المحيط الأطلسي الاستوائية الواقعة بين 10 درجات و20 درجة شمالاً من خط الاستواء، خلال معظم موسم الأعاصير في العام 2005، معدل درجات الحرارة المسجل للمياه للفترة الممتدة من العام 1901 الى العام 1970 بـ0,94 درجة مئوية- وهو ارتفاع قياسي.

وفي حين يتفق البحاثة في الرأي حول كون ارتفاع درجة حرارة المياه يسبب زيادة في حدة الأعاصير، إلا أنهم كانوا غير متأكدين مما إذا كانت درجة حرارة مياه المحيط الأطلسي قد ارتفعت نتيجة لدورة طبيعية تمتد عبر عدة عقود أو نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري.  

وقد توصل ترنبيرث وشيه، من خلال تحليل بيانات معلومات تتعلق بدرجة حرارة مياه البحار والمحيطات السطحية في جميع أنحاء العالم منذ أوائل القرن العشرين، إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية تسبب في حوالى 0,4 درجة من هذه الزيادة في درجة الحرارة.

وأسفرت النتائج التي أسفرت عنها ظاهرة إل نينيو في العام 2004-2005، وهي ظاهرة ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط قبالة الساحل الغربي لأميركا اللاتينية التي تحدث مرة كل 4-12 سنة، عن ارتفاع بلغ 0,2 درجة مئوية في حرارة المياه. 

أما دورة التقلب عبر عقود في الأطلسي، وهي دورة طبيعية تستغرق ما بين 60 إلى 80 سنة في درجة حرارة مياه البحار والمحيطات السطحية، فقال ترنبيرث إنها لم تتسبب إلا في ارتفاع بلغ 0,1 درجة مئوية في حرارة المياه. أما ما تبقى فيعزى إلى التباين السنوي في درجة حرارة مياه المحيطات.

وكانت الدراسات السابقة قد عزت أنماط ارتفاع وانخفاض درجة حرارة المياه في شمال الأطلسي في القرن العشرين، والنشاط الإعصاري المرتبط بها، إلى دورة التقلب الطبيعية.

ولكن ترنبيرث، إذ اعتقد بأنه قد يكون لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية نتيجة لانبعاث الغازات دور في ذلك، نظر إلى أبعد من المحيط الأطلسي فدرس أنماط الحرارة في جميع أجسام المياه الواقعة في المنطقة الاستوائية وفي المناطق المتوسطة البعد عن خط الاستواء.

وقد أظهرت النتائج أن دورة تقلب درجة حرارة مياه الأطلسي الطبيعية عبر عقود هي في الواقع أضعف بكثير اليوم مما كانت عليه في الخمسينات من القرن العشرين، عندما كانت الأعاصير نشطة إلى حد كبير في الأطلسي أيضا. ولكن الدورة ساهمت في خمود نشاط الأعاصير في المحيط الأطلسي في الفترة الممتدة من العام 1970 حتى العام 1990.

ولكن ترنبيرث أشار إلى أن ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية لا يضمن تسجيل كل عام رقماً قياسياً من الأعاصير. وأشار إلى أن نشاط الأعاصير في العام 2005 كان مرتبطاً برياح على المستوى العالي مشجعة جداً على وقوع الأعاصير وبدرجات حرارة مرتفعة لمياه البحار والمحيطات السطحية.

وأضاف أن كل عام سيشهد ارتفاعات وانخفاضات في درجة حرارة المياه السطحية نتيجة اختلافات طبيعية، كوجود أو عدم وجود ظاهرة إل نينيو في ذلك العام. ولكن ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات على المدى الطويل سيرفع الخط القاعدي للنشاط الإعصاري.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  27/حزيران /2006 -29  /جمادي الاول/1427