المالكي أعلن مبادرة المصالحة الوطنية أمام مجلس النواب

أعلن رئيس الوزراء المالكي اليوم الأحد مبادرة المصالحة الوطنية أمام مجلس النواب العراقي، وقال انها تقوم على ركنين أساسيين هما الآليات المعتمدة لتطبيقها، والمبادئ والسياسات التي تتضمنها، و 24 بندا رئيسيا.

وأضاف المالكي ان المبادرة تهدف الى تأكيد التلاحم بين ابناء الشعب العراقي وترسيخ قواعد الوحدة الوطنية وإشاعة أجواء المحبة والانسجام بين مكونات الشعب العراقي المختلفة ومعالجة الآثار التي تركها الإرهاب والفساد الإداري وغير ذلك على أجواء الثقة المتبادلة.

وأضاف أن المبادرة تهدف الى "تعميم روح المواطنة المخلصة للعراق التي يتساوى عندها كل العراقيين في حقوقهم وواجباتهم ولا تمييز بينهم على أساس من المذهبية والعرقية والحزبية السياسية، من اجل بناء جبهة وطنية واسعة لمواجهة التحديات واستحقاقات عملية بناء العراق ورفاهية شعبه."

وتابع المالكي "ومن اجل ان يستعيد عراقنا العزيز موقعه الرائد إقليميا ودوليا ، من اجل كل هذا نطلق مبادرة المصالحة والحوار الوطني التي تقوم على ركنين أساسيين:-

1- الآلية المعتمدة .

2- المبادئ والسياسات المطلوبة.

أولا : الآليات

أ‌- تشكيل هيئة وطنية عليا بأسم (الهيئة الوطنية لمشروع المصالحة والحوار الوطني) من ممثلين عن السلطات الثلاث ووزير الدولة للحوار الوطني وممثلين عن القوائم البرلمانية التي تألفت داخلها القوى السياسية وشخصيات مستقلة وممثلين عن المرجعيات الدينية وعن العشائر.

ب‌- تشكيل لجان فرعية في المحافظات من قبل الهيئة الوطنية العليا تتولى مهام الهيئة لتوسيع المصالحة افقيا.

ت‌- تشكيل لجان ميدانية لوضع تصورات ثقافية وإعلامية ومتابعة سير عملية المصالحة وتقييم مراحلها وتسليط الضوء عليها.

ث‌- عقد مؤتمرات لمختلف شرائح المجتمع مثل:

1- مؤتمر لعلماء الدين لدعم عملية المصالحة وإصدار الفتاوى الداعمة لها على اعتبارها اعتصام بحبل الله.

2- مؤتمر لرؤساء العشائر يصدر عنه ميثاق شرف لمواجهة حالة التناحر ودحر الإرهاب والمفسدين.

3- مؤتمر للقوى السياسية الفاعلة في الساحة تتعهد بدعم الدولة وحماية العملية السياسية ومواجهة التحدي الإرهابي والفساد، واعلان ميثاق وطني بذلك.

4- دعوة مؤسسات المجتمع المدني كافة للقيام بنشاطات ومؤتمرات وحملات توعية وتثقيف لتحقيق أهداف مشروع المصالحة والحوار الوطني.

ثانيا : المبادئ والسياسات المطلوبة:

1- اعتماد خطاب سياسي وعقلاني من جانب القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية، ومن الحكومة لإعادة وتعميق روح الثقة وطمأنة الأطراف المترددة وحيادية الإعلام.

2- اعتماد الحوار الوطني الصادق في التعامل مع كل الرؤى والمواقف السياسية المخالفة لرؤى ومواقف الحكومة والقوى السياسية المشاركة في العملية السياسية.

3- اعتماد الشرعية الدستورية والقانونية لحل مشاكل البلد ومعالجة ظاهرة التصفيات الجسدية وبذل الجهود من اجل السيطرة على هذه الظاهرة الخطيرة.

4- ان تتخذ القوى السياسية المشاركة في الحكومة موقفا رافضا ضد (الإرهابيين والصداميين).

5- إصدار عفو عن المعتقلين الذين لم يتورطوا في جرائم وأعمال إرهابية وجرائم ضد الإنسانية وتشكيل اللجان اللازمة لإطلاق سراح الأبرياء بالسرعة الممكنة، ويتعهد الراغب بالحصول على فرصة العفو بشجب العنف ويتعهد بدعم الحكومة الوطنية المنتخبة وإتباع القانون.

6- منع إنتهاكات حقوق الإنسان، والعمل على إصلاح السجون ومعاقبة المسؤولين عن جرائم التعذيب، وتمكين المنظمات الوطنية والدولية من زيارة السجون وتفقد أحوال السجناء.

7- التباحث مع قوات متعددة الجنسيات من أجل وضع آليات تمنع إنتهاك حقوق الإنسان والمدنيين من خلال العمليات العسكرية.

8- حل مشاكل موظفي الدوائر المنحلة وبالإخص ما يتعلق بالجانب الإقتصادي والإستفادة من خبراتهم.

9- إعادة النظر في هيئة إجتثاث البعث بموجب ما نص عليه الدستور وإخضاعها للقانون والقضاء لتأخذ طابعا مهنيا ودستوريا.

10- إتخاذ إجراءات سريعة لتحسين الخدمات وبالإخص في المناطق الساخنة.

11- تفعيل اللجان التحضيرية التي إنبثقت عن مؤتمر القاهرة للوفاق الوطني وبالتنسيق مع الأمم المتحدة والجامعة العربية وتشجيع مبادرة بغداد السلام.

12- القيام بتحرك إقليمي عربي إسلامي متوازن من جانب الحكومة لوضع الحكومات بصورة ما يجري في العراق وكسب موافقتها الى جانب عملية الوفاق الوطني، وبالإخص الحكومات التي تقدم دعما للإرهاب او تغض الطرف عنه.

13- العمل الجاد والسريع لبناء القوات المسلحة التي ستتولى إدارة أمن العراق للتمهيد لإنسحاب القوات المتعددة الجنسيات.

14- العمل الجاد والسريع لإعادة النظر في بناء القوات المسلحة التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية وغيرها على أسس مهنية ووطنية لإنها ستتولى إدارة أمن العراق وتستلم الملف الأمني من القوات متعددة الجنسيات قبل إنسحابها.

15- تفعيل القرارات لمساندة ضحايا النظام السابق وتعويضهم وتوفير الامكانات لتحسين الاوضاع المعيشية والخدمية في المناطق المحرومة في عموم العراق.

16- ازالة المعوقات التي تحول دون مشاركة أي مواطن عراقي او تنظيم يرغب العمل وفق الدستور لبناء العراق ولم يرتكب جريمة.

17- تعويض المتضررين من الاعمال الارهابية والعمليات العسكرية والعنف.

18- تفعيل دور القضاء لمعاقبة المجرمين، وجعله المرجعية الوحيدة في التعامل مع جرائم ورموز النظام السابق و(الارهابيين) وعصابات القتل والاختطاف.

19- جعل القوات المسلحة غير خاضعة لنفوذ القوى السياسية المتنافسة والا تتدخل في الشأن السياسي، وحل موضوع الميلشيات والمجموعات المسلحة غير القانونية ومعالجتها سياسيا واقتصاديا وامنيا.

20- توحيد الرؤى والمواقف تجاه العناصر والمجموعات الارهابية والتكفيرية التي تعادي العراق والعراقيين.

21- البدء بحملة اعمار واسعة لكل مناطق العراق المتضررة، ومعالجة مشكلة البطالة.

22- ان ما افرزته الانتخابات من برلمان ودستور وحكومة وحدة وطنية تشكل جميعها المؤسسات هي الممثل الشرعي الوحيد لارادة الشعب العراقي في التعامل مع موضوع السيادة وتواجد القوات متعددة الجنسيات.

23- العمل على اعادة المهجرين الى مناطقهم وتتولى الحكومة والاجهزة الامنية تأمين عودتهم وحمايتهم من المخربين و (الارهابيين) وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم واعتماد سياسة امنية حازمة تضمن حماية الناس وعدم خضوعهم للابتزاز والاكراه.

24- عمليات الاعتقال والتفتيش تتم بموجب اوامر قضائية صادرة قبل المداهمة والاعتقال، واعتماد المعلومات المؤكدة وليس الكيدية وبما لا يتعارض مع حقوق الانسان وتكون العمليات العسكرية بأوامر رسمية.

وقال المالكي ان الهدف الرئيسي من وراء اطلاق هذه المبادرة هي "لمعالجة الاثار التي ارتكبها الارهاب والفساد الاداري.. وتعميم روح المبادرة المخلصة للعراق التي يتساوى عندها كل العراقيين بدون تمييز."

واضاف "ولاجل بناء جبهة وطنية واسعة لمواجهة التحديات واستحقاقات عملية بناء العراق.. ومن اجل ان يستعيد عراقنا العزيز موقعه الرائد اقليميا ودوليا.. كانت هذه المبادرة."

وقال المالكي ان المبادرة ستتضمن "اصدار عفو عن المعتقلين الذين لم يتورطوا في جرائم واعمال ارهابية وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتشكيل اللجان لاطلاق سراح الابرياء ومن لم تثبت ادانته وبالسرعة الممكنة."

الا ان رئيس الوزراء الشيعي الذي تولى منصبه في 20 مايو ايار لم يعرض مبادرات جريئة او خططا ملموسة لمواجهة اعمال العنف او كبح العنف الطائفي الذي يمزق البلاد.

وقال المالكي انه سيتعامل مع القضية الحساسة الخاصة بالميليشيات القوية والتي تعتبر من اكثر القوى زعزعة لاستقرار البلاد ولكن سيكون حلها صعبا لانها أجنحة عسكرية لبعض الاحزاب السياسية بما في ذلك الائتلاف الشيعي الذي هو عضو فيه.

ولكن المالكي الذي قال ان فشله في حل الميليشيات قد يؤدي الى حرب أهلية لم يذكر كيف سينهي وجودها في الشارع.

واكتفى بالحديث عن كيفية حسم مشكلة الميليشيات من خلال حلول سياسية واقتصادية وأمنية.

ودعت المبادرة الى العمل الجاد والسريع لبناء القوات المسلحة واعادة النظر بعملية بنائها "وعلى اسس مهنية ووطنية...للتمهيد لانسحاب القوات المتعددة الجنسيات... وجعلها غير خاضعة لنفوذ القوى السياسية المتنافسة وان لا تتدخل في الشان السياسي."

ويقول منتقدون لسلطة الاحتلال الامريكي السابقة ان واحدا من أكبر الاخطاء الذي ارتكبتها هو التخلص من أعضاء حزب البعث في الجيش وهم أصحاب خبرة عسكرية لانه دفعهم الى المشاركة في أعمال العنف المسلحة.

واستمر المالكي في موقفه الحازم ازاء مؤيدي صدام الذين يشنون الاعمال المسلحة.

من جهة حذر برلمانيون عراقيون من عدم نجاح مبادرة المصالحة الوطنية التي ينوي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عرضها على البرلمان قائلين ان فشل المبادرة يعني دفع العراق الى نقطة اللاعودة والحرب الاهلية الشاملة.

وقال حسين الفلوجي عضو البرلمان العراقي عن مؤتمر أهل العراق وهو جماعة سنية ان مبادرة المصالحة والحوار الوطني التي ينوي المالكي تقديمها الى البرلمان غدا الاحد للمصادقة عليها "انطوت على مسح عام وشامل للوضع العراقي الراهن."

وأضاف في تصريحات لرويترز "من المهم جدا ان تترسخ هذه المبادرة في عقلية وضمائر القادة السياسيين والدينيين العراقيين ومن خلفهم قواهم السياسية والدينية لان فشلها يعني دفع العراق الى نقطة اللاعودة والحرب الاهلية الشاملة."

وتابع البرلمانيون قائلين ان احد اهم بنود مبادرة الحوار الوطني هي الدعوة الى "اجراء اصلاحات حقيقية في مرافق الدولة المختلفة وطريقة ادارتها وضرورة بناء مؤسسات حكومية وطنية تتمتع بالاستقلالية وبما يجعل من الحكومة خادما للشعب وليس عبئا عليه."

واضافوا ان تنفيذ بنود المبادرة "سيخضع الى جدول زمني يبدا من مرحلة التخطيط الى مرحلة التنفيذ وانتهاء بمرحلة التقييم والمراجعة."

وقال الفلوجي ان القوى السياسية كافة "التي ستوقع على مبادرة المصالحة الوطنية ستكون ملزمة بتحديد موقفها الصريح وكما نصت عليه المبادرة من الارهاب والصداميين والاحتلال وميليشيا الاحزاب المسلحة وفرق الموت."

وقال الفلوجي ان مشروع المصالحة الوطنية "سيكون له مردود سلبي خطير اذا لم تكن هناك معالجة حقيقية ومن الجذور للمشاكل التي تطرحها المبادرة."

وأضاف "اذا لم تتوفر الارضية المناسبة للمبادرة ستكون سببا اخر في تعميق جراحات المشاكل التي تعصف بالمجتمع العراقي... وستكون مردوداتها سلبية اكثر منها ايجابية."

من جانبه، طالب النائب عن القائمة الكردستانية محمود عثمان باعطاء حكومة المالكي فرصة حقيقية لاجراء مصالحة وطنية شاملة.

واعتبر عثمان أن "مصالحة تقوم بها الحكومة هي الحل الامثل وانها اكثر جدوى من المبادرات التي تقوم بها أطراف خارجية وكلنا يتذكر مؤتمر القاهرة الذي خرج منه الخصوم وهم يتصافحون ويحتضن بعضهم بعضا في القاهرة وعادوا الى بغداد ينتقد بعضهم البعض الاخر كأن شيئا لم يكن."

ومن ناحيته، أعتبر السيد عباس البياتي عضو مجلس النواب عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد البياتي المبادرة فرصة لتطبيع الاوضاع الراهنة في العراق.

وشدد على أن جميع الاطراف تتحمل مسؤولية مساندة هذه المبادرة الوطنية.

ويواجه هذا المشروع تحفظات داخل الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي) الذي ينتمي اليه نوري المالكي كما ان للاحزب السنية بعض الملاحظات عليه.

واكد نائب في البرلمان العراقي عن التيار الصدري (الذي يتزعمه الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر) مساء الاحد ان هذا المشروع "مرفوض رفضا قاطعا".

وقال فلاح حسن شنشل لوكالة فرانس برس "نرفض المشروع رفضا قاطعا لاننا لا نقبل الحوار مع التفكيريين والصداميين".

وكان النائب قاسم داوود (الذي ينتمي الى مجموعة المستقلين في الائتلاف الشيعي الموحد) قال في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر الاحد بعد اجتماع مع آية الله على السيستاني (اعلى المرجعيات الشيعية في العراق) في النجف ان "الهيئة العامة (لنواب) الائتلاف العراقي الموحد ستعقد اجتماعا غدا لمناقشة مشروع المصالحة الوطنية".

واضاف "قد يمر هذا المشروع وقد لا يمر". وتابع ان "مسالة قيام الحكومة بصفقات بغياب الرقابة النيابية امر غير وارد على الاطلاق" مؤكدا ان "لا احد يقبل بمصالحة وطنية مع الارهاب ولا حوار مع القتلة الذين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين وانما الحوار يكون تحت قبة البرلمان".

والجمعة انتقد امام شيعي نافذ هو الشيخ صدر الدين القبانجي المقرب من زعيم المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم قرار رئيس الوزراء باطلاق سراح معتقلين. وقال الشيخ القبانجي في خطبة الجمعة "نحن غير راضين عن اطلاق سراح الارهابيين بالجملة وبدون موازين قانونية" معتبرا انه قد يكون "خطأ استراتيجيا".

وكان من المقرر ان يعلن المالكي الخميس الماضي تفاصيل مبادرته وهي الاولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ولكنه ارجأ طرحها الى الاحد لاجراء مزيد من المشاورات حولها مع ممثلي الكتل السياسية المختلفة.

واعتبر المالكي الذي يعتقد ان المعالجة الامنية وحدها من دون حوار سياسي لا يمكن ان تحقق الاستقرار في العراق ان مبادرة المصالحة الوطنية يجب ان تسير جنبا الى جنب مع الخطط الامنية لمكافحة العنف.

اما النائب سليم عبد الله (الحزب الاسلامي) فقال "اننا نتفق مع المبادرة في اطارها العام ولكن كل المشكلات تكمن دائما في التفاصيل". واضاف "اهم بعد في هذه المبادرة هو البعد الحواري مع الجماعات المسلحة وهناك تباين في الرؤى حول" الجماعات التي سيشملها هذا الحوار.

واضاف "نحن في الحزب الاسلامي نعتقد ان الفرصة مؤاتية لاستجماع كل القوى الوطنية لا ينبغي ان نستثني من حمل السلاح ولكن وفق ثوابت معينة وهي صون الدم العراقي والحفاظ على المصالح العليا للعراق".

واعتبر ان "اي مباردة للمصالحة الوطنية لا يجب ان تغفل امرين اساسيين وهما المداهمات والمعتقلون" مضيفا ان "الطريقة التي تتعامل بها المؤسسات الامنية هي اهم مسببات الفوضى الامنية وهذه المؤسسات يجب ان تعمل بمهنية ووفق ضوابط القانون".

واكد ان حزبه يامل في مراجعة "الاجراءات التي اتخذتها هيئة اجتثاث البعث والتي لم تستند الى ضوابط قانونية ولا قضائية" ودعا الى منح المتضررين من قراراتها الحق في الطعن في هذه القرارات واستئنافها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد   25/حزيران /2006 -27  /جمادي الاول/1427