بين الشهيد والإرهابي.. الاف الاردنيين يحتجون على تقديم نواب العزاء لاسرة الزرقاوي

 

لقد صار مقتل الاردني ابي مصعب الزرقاوي في العراق حديث الشارع في العاصمة عمان..وتحول الى قضية سياسية ، بل معركة فكرية بين من يعتبره شهيدا ومن يرى أنه ليس سوى إرهابي.

شارك الاف الاردنيين يوم الخميس في مسيرة للاحتجاج على تقديم اربعة نواب اسلاميين العزاء بابو مصعب الزرقاوي وطالب البعض بطردهم من المجلس.

وانطلقت المسيرة من امام مبنى البرلمان الاردني الى فندق راديسون ساس الذي وقع فيه احد التفجيرات حين كان الناس يحتفلون بحفلة عرس مما ادى الى مقتل العشرات فيه منهم نساء واطفال.

وندد المشاركون في المسيرة بالنواب الاربعة وطالبوا بطردهم من مجلس النواب. وحملوا شعارات تقول "سنقطع دابر الارهاب والارهابيين وكل من يشد على ايديهم." وحملت شعارات اخرى صورة للزرقاوي الذي قتل في غارة امريكية الاسبوع الماضي الى جانب صورة للنائب الشيخ محمد ابو فارس الذي قال شهود انه اطلق على الزرقاوي لقب الشهيد المجاهد في خطبة الجمعة وتعليق يقول "صورتين لعملة واحدة."

والقى النائب جمال الضمور وهو من المشاركين في المسيرة كلمة قال فيها "الذين ذهبوا الى (مدينة) الزرقاء ما هم الا ارهابيون.. وذهبوا لاثارة الفتنة." واضاف "ان ما فعلتموه وصمة عار على جبينكم للابد."

واتهمت جماعة الاخوان المسلمين الحكومة الاردنية بالتصعيد ضد الحركة الاسلامية بعد اعتقال النواب الاربعة قائلة ان التعزية كانت لها دواع اجتماعية ولا دخل لها بالسياسة.

وشددت الحركة على انها ضد افكار الزرقاوي التكفيرية وضد استهداف حركته للمدنيين والابرياء.

وادت التصريحات وتقديم النواب العزاء الى حالة من الغضب بين اهالي القتلى في التفجيرات التي هزت ثلاثة فنادق فخمة في نوفمبر من العام الماضي وقام ثمانية منهم بمقاضاة النواب الاربعة.

ويمكن القول إن المجتمع الأردني بات ينقسم بوضوح بشأن زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين ، وإذا كان الزرقاوي قد فجر الفنادق الثلاثة في حياته ،فإن موته فجر الساحة السياسية في الأردن عقب زيارة أربعة من نواب جبهة العمل الإسلامي مجلس العزاء وهم علي أبو السكر و إبراهيم المشوخي و محمد أبو فارس وجعفر الحوراني.وصرح أبو السكر للصحفيين عقب عودته من العزاء يوم الجمعة الماضي بأنهم "قاموا بهذه الزيارة بصفتهم نوابا وليس بصفتهم الحزبية"،مضيفا أن "الزيارة واجب اجتماعي وديني تحث عليها التعاليم الدينية" ومشيرا إلى أن "أهل الزرقاوي يطالبون باستلام جثمانه."

أما ما فجر الوضع حقيقة فهو الكلمة التي ألقاها أبو فارس في مجلس العزاء حيث أفتى بأن "الزرقاوي شهيد وأنه ذهب مجاهدا في سبيل الله إلى العراق ليقاتل المحتلين."

وفي اليوم التالي للزيارة ، تفجر الوضع شعبيا وصحفيا حيث قدمت عائلات الضحايا استنكارا ووزعوا بيانا على الناس جاء فيه " وإذ نستنكر وندين بشدة قيام النواب الذين يمثلون حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وبمباركة من قياداتهم بالمشاركة بما أسموه عرس الشهيد.. فإننا نعتبر هذه الخطوة تأييدا لا يقبل التأويل للأعمال الإجرامية التي يرتكبها حملة الفكر التكفيري المشوه."كما نظموا مظاهرة حاشدة أمام مجلس النواب، مطالبين بطرد الأعضاء من المجلس، ورفع دعوى قضائية ضدهم.

وعلى خلفية هذه الدعوة ، قامت قوات الأمن الأردنية بمداهمة منازل النواب الأربعة، حيث قال الناطق الرسمي باسم الجبهة يوم الأحد إن "قوات الأمن اعتقلت محمد أبو فارس (أخذته من غرفة نومه) وجعفر الحوراني من منزله ، في حين لم تجد كلا من أبو السكر والمشوخي فطلبت منهما عبر إتصال هاتفي تسليم نفسيهما."

وبعد ذلك بدأت حملة واسعة النطاق، برلمانية وسياسية وصحفية وشعبية ضد جبهة العمل الإسلامي.. ففي الوقت الذي يسعى نواب في البرلمان إلى تحشيد جهودهم من أجل فصل النواب الأربعة، انفجرت في عمان مسيرات حاشدة منددة بما اسمته "منح الإرهاب غطاء دينيا وشرعيا وسياسيا من قبل الجبهة" ، وهذا ما استدعى المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات لعقد مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء في مقر الحزب حضرته حيث حاول المراقب العام للجماعة "التفريق بين فعلين لأبي مصعب الزرقاوي..أحدهما مقبول والآخر مرفوض بالنسبة للحركة الإسلامية."

وأوضح أن أبا مصعب "يقوم بعملين ..الأول اشتراكه بمقاومة الاحتلال الأمريكي في العراق ونحن مع كل من يقاوم الاحتلال ونشكره على مقاومته للاحتلال، لكن أبا مصعب الزرقاوي قام بأعمال نختلف فيها معه فكريا مثل موضوع التكفير ونختلف معه في قتله للمدنيين كما حصل في فنادق عمان."

ووصف الفلاحات الأزمة الأخيرة بأنها "مفتعلة" قائلا "إنها إستُغلت بشكل سيئ من قبل الحكومة، فهي لم تكن سوى زيارة ذات بعد اجتماعي وإنساني من بعض النواب للتعزية بأحد أبناء عشائرنا المحترمة الذي قتل في العراق على يد القوات الأمريكية المحتلة."

وقال إن "الأزمة جاءت من قبل الحكومة للتهرب من واجباتها في الإصلاح الشامل والتنمية"، مشددا على أن "تصريحات النائب محمد أبو فارس الفقهية والشخصية، لا تمثل جماعة الإخوان المسلمين ولا حزب جبهة العمل الإسلامي، واستُغلت بصورة مغرضة، ووُظفت توظيفاً سياسياً من خلال خطوات إعلامية وإجرائية منسّقة تضيف دليلاً آخر على وجود نية سيئة لدى البعض لاستهداف الحركة الإسلامية."

ودعا الفلاحات "لفتح أبواب حوار جاد، وبناء على قاعدة الثقة والاحترام المتبادل، وحق الاختلاف، والشراكة بالمسؤولية والقرار."

ولكن الحملة الصحفية لا تزال مستمرة في عمان، وقد وصلت حد الشتائم، واتهام "الحركة الإسلامية بأنها أسفرت عن وجهها القبيح". كما سمت النواب الأربعة "زمرة الزعران" وذلك من خلال اللافتات التي رفعها أهالي الضحايا في مظاهرتهم أمام مجلس النواب، والاعتصام الذي نظموه لمدة يومين، وايضا من خلال المظاهرة التي نظمتها قبيلة الزرقاوي، وهي أكبر قبيلة في الأردن من حيث العدد ، وتقطن الجهة الشرقية من المملكة، في محافظتي الزرقاء والمفرق الحدوديتين مع العراق.

فقد إستنكرت القبيلة زيارة النواب الأربعة، وأكدت على أنها تبرأت من الزرقاوي، مشددة على ولائها للعاهل الأردني والمملكة.

ويبدو مما يدور على الساحة السياسية في عمان أن نهاية حياة الزرقاوي على ارض العراق فتحت الباب لتداعيات كثيرة ومعقدة في مسقط رأسه.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعه   16/حزيران /2006 -18  /جمادي الاول/1427