الصراع على البصرة بوابة الخليج وأغنى مدينة في العالم يتفاقم.. من يملكها يملك احتياطيات النفط

 

توعد نوري المالكي رئيس وزراء العراق يوم الاربعاء باستخدام قبضة من حديد ضد عصابات تهدد امن مدينة البصرة الغنية بالنفط الواقعة في قبضة صراع على السلطة بين فصائل.

وقال المالكي في خطاب امام المسؤولين في البصرة نقله التلفزيون على الهواء مباشرة انه سيطلب من مسؤولي الامن وضع خطة طارئة لاعادة الامن الى ثاني كبرى المدن العراقية.

وأضاف المالكي أنه سيضرب بيد من حديد زعماء العصابات الذين يتلاعبون بالامن.

وتوجه المالكي الذي تولى رئاسة الوزراء في 20 مايو ايار على رأس ائتلاف كبير للشيعة والاقلية من السنة العرب والاكراد الى البصرة بعد يوم واحد من ادلائه بتصريحات لرويترز قال فيها انه سيذهب الى هناك لانهاء الاقتتال الداخلي بين فصائل شيعية تهدد صادرات النفط.

وأجرى رئيس الوزراء العراقي محادثات مع محافظ البصرة ومسؤولين اخرين بالمدينة.

وقال المالكي لرويترز يوم الثلاثاء انه مستعد لاستخدام القوة ضد "العصابات" التي تحتجز صادرات النفط والقطاعات التجارية الاخرى رهينة.

وتدهورت الاوضاع الامنية بشدة في البصرة على مدار العام المنصرم حيث يدور صراع بين فصائل متناحرة تنتمي للاغلبية من الشيعة للحصول على نصيب من السلطة التي حصل عليها الشيعة بعد اطاحة الولايات المتحدة بادارة الرئيس المخلوع صدام حسين التي كان يهيمن عليها السنة.

وقال لرويترز يوم الثلاثاء انه يجب استعادة الامن في البصرة واذا تحدى أحد الحلول السلمية فستكون القوة هي الحل.

واضاف أنه لا سبيل لترك البصرة التي تعد بوابة العراق وصادرات العراق ووارداته تحت رحمة مجرمين وعصابات ارهابية وانه سيستخدم القوة ضد هذه العصابات.

واعرب المالكي عن عدم رضاه عن بعض السياسات التي تنتهجها القوات البريطانية التي تتولى السيطرة الامنية في المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط حيث تتصارع عدة فصائل تنتمي للائتلاف العراقي الموحد المهيمن على الحكومة على السلطة والنفوذ لكنه لم يحدد هذه السياسات.

واشار الى ان وجود "متسللين" اجانب يفدون عبر الحدود من ايران يزيد الوضع تعقيدا لكنه امتنع عن الافصاح عما اذا كان يعتقد إنهم ايرانيون.

وقال المالكي وهو من حزب الدعوة أحد الاحزاب المشاركة في الائتلاف العراقي الموحد ان ما يحدث في البصرة له عدة ابعاد.

والاطراف الرئيسية من الائتلاف التي تخوض الصراع على السلطة في البصرة هي منظمة بدر وحزب الفضيلة والحركة التي يقودها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وفي اشارة إلى صراع علني بين محافظ البصرة وقائد شرطتها في ظل حوادث قتل يومية واتهامات واسعة النطاق بالفساد والضلوع في انشطة الجريمة المنظمة قال المالكي انه لا يمكن إلقاء اللوم في اي شيء يحدث على "الارهابيين".

واضاف أن هناك بعدا قبليا وهناك العصابات الاجرامية المنظمة التي تخطف الناس وتقتلهم وهذه هي أخطر عنصر في الازمة.

وتابع ان هناك متسللين يهدفون الى تعقيد الاوضاع في البصرة لانها شريان النفط في العراق.

وقال انه سيعمل على المصالحة بين القبائل والشخصيات الدينية والاحزاب السياسية الى جانب زيادة الوجود الامني لردع المجرمين.

وقال إن السفر إلى البصرة ضروري لايجاد حلول مشيرا إلى أن الازمة هناك ليست مستعصية الحل ومؤكدا ان مساعي الحكومة ستكون كافية لايجاد حلول مقبولة لجميع الاطراف المعنية.

هذا وتحولت الصراعات الحزبية الى حرب على حقول النفط الحيوية في الجنوب حيث قال مسؤول بارز بالحكومة في بغداد لرويترز "الوضع في البصرة يبعث على القلق. انه يتوتر على نحو متزايد." واضاف المسؤول "قد يتحول الى صراع مسلح علني بين جماعات شيعية اذا لم يحل."

وتعد البصرة جائزة كبيرة لكل الاحزاب لان حقولها النفطية باتت فعليا مصدر الدخل الوحيد للعراق. وتقع القوات البريطانية في وسط الصراع الحزبي وتواجه ايضا عداء من الجانب الاخر للحدود القريبة في ايران. وتتبادل الاطراف المتنافسة التي تسيطر على الميليشيات الاتهامات بالفساد والجريمة المنظمة ويرتبط بعضها بالشرطة وقوات امن اخرى رغم ان مسؤولين محليين اصروا علانية الاسبوع الماضي على ان الهدوء قد عاد الى المدينة. ويشكك في ذلك الزعماء السياسيون في بغداد. وقال بهاء الاعرجي عضو البرلمان والشخصية البارزة في الحركة السياسية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ان المشكلات هي خليط من اشياء عديدة وتتضمن تعقيدات قبلية واجتماعية تؤثر على العملية السياسية. وقال ان التدخل الايراني ووجود الاحتلال يجب ان يؤخذا ايضا في الاعتبار. وحركة الصدر وجيش المهدي التابع له من بين الاطراف الاساسية في المدينة التي تهيمن عليها الشيعة. وقال الاعرجي ان الشرارة قد تتحول الى حريق اذا لم يتم التوصل الى حل. واضاف ان الامر كله يعتمد على كيفية تعامل الحكومة مع الموقف. وتابع انه لم يتم التوصل الى حل حتى الان واذا لم يحدث فسوف يتفاقم الامر. واصدر الطالباني وهو كردي بيانا حث فيه المالكي على ارسال مسؤولين كبار الى البصرة لتهدئة الموقف. وقال انه يجب ان تخول لهم صلاحيات واسعة منها حق التفويض في اقالة وتعيين مسؤولين. وقال مسؤولون ان المالكي يأمل ان يرأس بنفسه وفدا يمثل جميع الفصائل الشيعية الى البصرة. وستشارك جماعة سنية ايضا. وعبر سياسيون سنة وجماعات دينية عن رد فعل يتسم بالذعر لمقتل رجال دين سنة بالقرب من المدينة. وقال مسؤولون شيعة اخرون ان الحكومة تدرك جيدا حجم المشكلة وتحاول ان تحلها في اقرب وقت ممكن لمنع انتشارها الى بغداد. وقالوا ان كتلة الائتلاف الشيعي بأسرها تخاطر بحدوث مشكلات كبيرة اذا خرج التشاحن بين الفصائل الشيعية عن نطاق السيطرة. ووصف رضا جواد التقي العضو البارز بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية الصراع بانه سياسي لكنه قال ان الفصائل دخلت في حوار لانهائه. والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وجناحه المسلح بدر من اللاعبين الكبار في البصرة الى جانب حزب الفضيلة الذي ينتمي اليه المحافظ. وحذر مصدر قريب من حزب الفضيلة الاسبوع الماضي بان الحزب قد يوقف صادرات النفط. وقال التقي ان البصرة اصبحت اكثر هدوءا في الايام الماضية وقال ان المالكي ومسؤولين اخرين يهدفون الى انهاء حالة التوتر للابد. وقال ان الامل معقود على نجاحهم.

هذا وكان حزب الفضيلة قد رفض الانضمام إلى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وهو غير راض عن اختيار حسين الشهرستاني وزيرا للنفط.

وقال مصدر سياسي شيعي رفيع قريب من الحزب "الفضيلة مسيطر على الوضع" محذرا من أن عمال صناعة النفط الموالين للحزب قد يقومون باضراب تباطوء عن العمل لعرقلة الصادارت.

وجعلت معارك النفوذ بين الاحزاب الاسلامية الشيعية المسيطرة في العراق من ثاني أكبر مدنه ساحة قتال للمليشيات المتنافسة تاركة القوات البريطانية المسؤولة اسميا عن البصرة تأمل في أن يكون بمقدور الحكومة الجديدة فرض النظام أخيرا.

وبدلا من ذلك يهدد حزب الفضيلة الذي يسيطر على منصب المحافظ وأجزاء من صناعة النفط المحلية بقلب الطاولة على بغداد عن طريق قطع شريان السيولة النقدية عنها.

وقال المصدر السياسي الشيعي "من يملك البصرة يملك احتياطيات النفط. انها بوابة الخليج... انها أغنى مدينة في العالم. ان لها موقعا استراتيجيا فلماذا يتنازل عنها أي شخص."

وقال مسؤول نفطي عراقي بارز "المشكلة الامنية في البصرة والفساد وفرق الموت ما هي الا صراع نفوذ بين مليشيات ومافيا تديره أحزاب في الائتلاف العراقي الموحد."

ويهيمن حزب الدعوة المنتمي له المالكي وجماعة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وأتباع رجل الدين مقتدى الصدر على الائتلاف في بغداد. ورفض الفضيلة الانضمام الى الحكومة عندما انتزع المالكي وزارة النفط منه لصالح مستقل هو حسين الشهرستاني.

ومن جانبه تعهد الشهرستاني بتركيز السيطرة على النفط في بغداد وتضييق الخناق بشدة على الفساد وتهريب النفط الذي يقول مسؤولون انه مستشر في حقول النفط الجنوبية.

وقال المسؤول النفطي "الفضيلة يهدد بأنهم يريدون رسوما." وأضاف "ما لم يحصلوا على رسوم فان بمقدورهم وقف الصادرات. هذه مشكلة وأزمة بالغة الخطورة."

وتدر صادرات النفط عمليا كل عائدات الحكومة العراقية وفي ظل تعطيل أعمال التخريب للصادرات من الحقول الشمالية فان مرفأ البصرة النفطي هو بالاساس مصدر الدخل الوحيد للعراق.

وهيمنت على السياسة في المدينة نزاعات مريرة حول السلطة واتهامات بالفساد والجريمة المنظمة بين المحافظ محمد الوائلي من حزب الفضيلة ورئيس الشرطة فضلا عن أحزاب شيعية أخرى ورجال دين.

لكن المصدر السياسي قال ان تلك المسائل تخفي وراءها جدول أعمال أوسع يرجع في أخر الامر الى السيطرة على النفط.

وقال "الصراع الحقيق مخفي تحت السياسة."

ومضى يقول "هناك معارك محلية وخارجية للسيطرة على البصرة. محليا المعركة بين الفضيلة ومجموعات أخرى واقليميا بين ايران وقوى أخرى مثل البريطانيين.

"سيؤثر هذا على قطاع النفط. الائتلاف اختار شخصا يفتقر الى الخبرة لكي يصبح وزيرا للنفط بدلا من شخض من الفضيلة. هذا أغضب الحزب.

"عمال الفضيلة سيقومون بالحد الادنى من العمل للوفاء بالاحتياجات المحلية البالغة من 400 ألف الى 500 ألف برميل يوميا. بالنسبة للصادرات وزيادة الانتاج... دع الوزارة تتعامل مع هذا."

وقال وكلاء شحن يوم الجمعة ان عمليات تحميل النفط لم تشهد أي تعطيل.

ولا تقتصر الاهمية الحيوية لمحافظة البصرة على صادرات نفط العراق ولكن تتعداها الى احتياجاته المحلية من الوقود بسبب المصفاة الموجودة بها وامدادات الغذاء باعتباره تضم ميناءه الوحيد وكونها أرضا زراعية خصبة.

من جهته نفى السيد جابر خليفة جابر نائب الأمين العام لحزب الفضيلة الإسلامي وعضو مجلس النواب ما نشرته بعض وسائل الاعلام من أن الحزب سيعرقل عمل وزارة النفط أو يمنع الصادرات النفطية بسبب نفوذه في البصرة وشركة نفط الجنوب.

وقال جابر في تصريح لـ (أصوات العراق) إن "هذه التصريحات عارية تماما عن الصحة."

وأضاف أن " ما يتردد في هذا الشأن هو جزء من الحملة الموجهة ضد حزب الفضيلة."

وأوضح أن " كل شيء يضر بمصلحة الدولة والحزب له حرمة مطلقة لدينا وأن الجهات التي تشيع مثل هذه التصريحات هي نفس الجهات التي سعت لابعاد حزب الفضيلة عن وزارة النفط."

وأكد جابر أن "حزب الفضيلة سيكون فاعلا وداعما للحكومة ، وسيساهم في تدعيم وزارة النفط ولن يتخلف عن أي نوع من الدعم لهذه الوزارة المهمة في حياة العراقيين ومستقبلهم."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 1/حزيران /2006 -3/جمادي الاول/1427