انقراض النخيل في العراق: بعد ثلاث سنوات من منعها طائرات رش المبيدات تعاود العمل

تساند القوات الامريكية جهودا عراقية لانعاش انتاج التمر على أمل ان تستعيد البلاد أحد الموارد الرئيسية للدخل الامر الذي قد يوفر فرص عمل ويساعد في نزع فتيل القتال والصراع الطائفي الدائر هناك. وفي مختلف ارجاء العراق تحلق الان طائرات هليكوبتر يقودها طيارون من شرق اوروبا لرش النخيل لقتل حشرات تفسد المحصول في محاولة لتغيير الاتجاه الهابط منذ عقود في هذا القطاع الذي كان ذات يوم يقدم 30 بالمئة من احتياجات العالم من التمور.

وترافق طائرات بلاك هوك المروحية الامريكية الطائرات السوفيتية الصنع اثناء افراغها لحمولتها من المبيدات فوق زراعات النخيل على ضفاف نهر الفرات في قلب منطقة ما بين النهرين القديمة قرب حصن بابل حيث تعلم الانسان الزراعة لاول مرة. وهذه هي المرة الاولى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد في عام 2003 للاطاحة بالرئيس صدام حسين التي يشهد فيها هذا البلد الذي تمزقه الصراعات ويضربه الفقر عملية رش مبيدات على هذا النطاق الواسع قبيل موسم جمع التمر في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال اسعد ابو جلال محافظ النجف جنوبي بغداد ان العراق كان ذات يوم اكبر منتج للتمور لكن الصراعات دمرت الكثير من النخيل. وكان يشير الى الحرب العراقية الايرانية بين عامي 1980 و1988 وحرب الخليج عام 1991. وقال متحدثا من داخل قاعدة عسكرية امريكية تحت شمس حارقة يوم الجمعة ان استخدام المبيدات مهم لانعاش القطاع مضيفا ان الانتاج انخفض عما تنتجه الدول المجاورة. وقال ابو جلال ان من شأن ذلك تحسين الدخول وتوفير فرص عمل وكان يقف بجوار ثلاث طائرات متقادمة من طراز مي-2 السوفيتية الصنع هبطت لتوها بعد اتمام مهمتها على مشارف مدينة النجف وهي مهم خطرة في هذا الوقت في العراق.

ويقول مسؤولون عراقيون وأمريكيون ان التنمية الاقتصادية مهمة للحد من العنف وبناء عراق مستقل اذ ان الفقر والبطالة يغذيان الغضب العام والاستياء الذي يؤجج القتال الدائر ضد الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة.

وقال اللفتنانت كولونيل روبرت سورز من الجيش الامريكي "عندما يكون الناس غير راضين فانهم يميلون بدرجة أكبر لمعارضة الحكومة ومساندة المقاتلين." وكان العراق الذي يفخر بالارض الخصبة بين نهري الفرات ودجلة واحدا من أكبر مصدري التمر في العالم وهو غذاء اساسي في الشرق الاوسط منذ العصور القديمة. لكن الحروب والافتقار للاستثمارات والاهمال خفض القطاع الى مجرد ظل لما كان عليه في السابق فانخفض اجمالي الانتاج أكثر من 90 بالمئة عن وقت ذروته في الخمسينات عندما كان هناك 30 مليون نخلة في العراق. ودمرت الطائرات التي كان صدام حسين يستخدمها في رش النخيل اثناء حرب عام 2003 ونهب اللصوص المبيدات. والان تقوم شركة خاصة تعين طيارين من مولدوفيا وبلغاريا برش نحو 150 فدانا حتى 15 من يونيو حزيران وهو أفضل وقت لقتل الحشرات التي تهدد التمر. والتحليق على مستوى ارتفاع الاشجار في بلد مليء بالبنادق والاسلحة الاكثر فتكا أمر ينطوي على خطورة كبيرة.

ويقول مايك دوجلاس رئيس شركة سكايلينك اريبيا ومقرها دبي مقدرا تكلفة المشروع الذي تموله الولايات المتحدة بنحو ثمانية ملايين دولار "انه امر خطر. الناس تغامر بحياتها بقيامها بذلك."

وفي كربلاء توقفت حملة مكافحة دوباس النخيل بسبب إصابة طائرة زراعية في كربلاء فقد قال مدير زراعة كربلاء المهندس آمال الدين الهر إن حملة مكافحة مرض دوباس النخيل توقفت بسبب إصابة إحدى طائرات رش المبيدات الزراعية باطلاقات نارية من قبل مجهولين.

وذكر إن الطائرة أصيبت يوم الجمعة الماضي في منطقة اليوسفية شمال محافظة بابل باطلاقات نارية من قبل مجهولين أثناء عودتها من كربلاء إلى قاعدتها دون ان يسفر الحادث عن إسقاطها .

وبين إن الطائرة هي من ضمن 7 طائرات خصصتها وزارة الزراعة إلى محافظة كربلاء أربع منها مروحية تقوم برش المبيدات الزراعية لمعالجة أمراض النخيل التي تأخرت معالجتها لمدة ثلاث سنوات .

وذكر الهر إن الحملة التي بدأت في الخامس من الشهر الجاري قد كافحت 25 ألف دونم من أصل 82 ألف دونم تمثل المساحة الكلية المزروعة بالنخيل في المحافظة .

وأشار الى " إن القوات متعددة الجنسية تتحكم بحركة الطائرات على الرغم من قيام محافظة كربلاء بتوفير مطارات آمنة لهذه الطائرات ، لكن تلك القوات تصر على أن تكون حركة الطائرات الزراعية باتجاه كربلاء من محافظتي بابل والنجف."

وقال المهندس آمال الدين الهر مدير زراعة كربلاء إن عدم مكافحة الحشرات التي أصابت النخيل مثل حشرة الدوباس خلال السنوات الثلاثة الماضية أدى إلى انخفاض انتاجية نخيل المحافظة البالغ عدده أكثر من مليوني نخلة الى أقل من النصف.

وأضاف الهر أن الأمراض أدت كذلك إلى موت أكثر من 500 نخلة نتيجة لتكون وسط بيئي لنمو الفطريات جراء عدم المكافحة ومنع وصول الطائرات التي تقون بعمليات المكافحة إلى العراق ومنها كربلاء لعدة أسباب منها ما هو خارج الإرادة العراقية.

وأشار إلي أن عوامل كثيرة خارجية ساهمت في تعطيل مكافحة المرض مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في منتوج التمور في كربلاء التي كانت تصدر إلى المدن العراقية ودول العالم.

وتابع "وأصبحت (كربلاء) اليوم تستورد التمر بعد تدني الإنتاج الذي وصل في بعض البساتين إلى اقل من 40% عما كانت تنتجه في عام 2002."

وأعرب الهر عن اعتقاده بأن الحملة التي تشهدها بساتين كربلاء بعد وصول أربع طائرات وبدء حملة المكافحة في الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي ستقضي على المرض، إلا إن الوقت ما زال مبكرا لعودة إنتاجية النخيل إلى ما كانت عليه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/ايار/2006 -16/ربيع الثاني/1427