الحكومة المنتظرة في عيون العراقيين بين اليأس والتفاؤل

تباينت آراء مواطنين عراقيين مع قرب تشكيل الحكومة فمنهم من تفاءل وتوقع ان يشهد البلد استقرارا امنيا وانتعاشا اقتصاديا بعد اعلان التشكيل وبعضهم الآخر أبدى تشاؤمه.

المتشائمون قالوا في أحاديث للوكالة الوطنية العراقية للأنباء (نينا): إن الوضع سيزداد سوء ولن يتغير شيء مادامت الحكومة شكلت على اساس طائفي وان من يأتي من الوزراء سيطبق برنامج الكتلة التي ينتمي اليها حتى لو كان مستقلا فسيكون بالاسم فقط، في حين قال المتفائلون:إن البلد سيشهد استقرا كبيرا على وفق البرنامج الذي أعلنه رئيس الوزراء المكلف نوري كامل المالكي.

وقال علاء فاضل الموظف في وزارة الصحة:"لا اعتقد إن البلد سيستقر ولن يتغير شيء فالوزراء هم من الكتل السياسية التي فازت في الانتخابات إذ سيبقى المشهد كما هو من قتل على الهوية وخطف وابتزاز". وأضاف:"إنني أرى، من خلال متابعتي لحركة السوق، أننا مقبلون على تضخم في الاموال والسلع بسبب عدم وجود خطة وضوابط لاستيراد السلع". وأشار فاضل إلى:"أن الموظفين يتسلمون رواتبهم ناقصة كل شهر بسبب كثرة الاستقطاعات وتنوعها، فكيف سيتسنى لنا تلبية احتياجاتنا واحتياجات عائلاتنا؟". في حين رأى رشيد علي العبيدي الموظف في وزارة الزراعة:"ان الخير مقبل على العراق لان رئيس الوزراء نوري المالكي لديه خطط كبيرة وسيسعى جاهدا لجعل الوضع الأمني والمعاشي للمواطن العراقي مستقرا لأنه عراقي وعانى كثيرا من الغربة".

وقال:"أجد إن المشهد السياسي سيتطور نحو الاحسن على الرغم من اليأس الذي ينتابنا الان بسبب الاوضاع الامنية المتردية بسبب الخطط المعادية التي تسعى إلى تشويه الأشياء الجميلة التي تنتظرنا".

وبين حيدر ابراهيم الموظف في وزارة الإسكان: "كنا قبل اكثر من سنة في مخاض عسير حتى تشكلت الحكومة السابقة بعد طول مماطلة جر وعر وعند التشكيل ازدادت المفخخات والاعتقالات العشوائية والقتل على الهوية، هذا سني وذاك شيعي والاخر كردي". وقال:"لا اعتقد أننا سنشهد استقرارا في الاوضاع الامنية والمعاشية واعتقد ان الحكومة ومجلس النواب سيكون اجتماعات فقط وفضائح على شاشات التلفزة والمواطن هو الضحية".

وقالت أم حسين موظفة خدمة:"إن الشعب اعتاد على هذا الوضع ولن يستطيع التخلص منه بسهولة ولن نرى الاستقرار يعود إلى عراقنا مادامت هنالك أحزاب تسعى لتكريس الطائفية بين أبناء الشعب الواحد وحتى الوزراء الذين سيأتون سيسعى كل واحد منهم إلى مصالحه الشخصية التي تشغله اكثر مما يشغله المواطن العراقي ووضعه المعاشي والامني، الاحزاب والمنظمات والحدود المفتوحة تقتل اولادنا وترمل بناتنا وتيتم اطفالنا فهل من حكومة تسيطر على كل ذلك وتنسى انتماءاتها الحزبية والطائفية والعنصرية الضيقة؟، أنا شخصيا لا اعتقد أن شيئا من ذلك سيحصل".

وأشارت سهير محمد سامي الموظفة في وزارة الثقافة الى:"اننا نستبق الاحداث لماذا لانرى المستقبل الذي ينتظرنا بتفاؤل؟". وأجابت بنفسها عن تساؤلها:"إن السبب يعود لاولئك الذين نغصوا علينا فرحة تشكيل الحكومة بالمفخخات والعبوات الناسفة واثارة البلبلة في بعض المناطق التي كانت آمنة والقتل العشوائي، ان مجرد التفكير بان وزارتي الدفاع والداخلية ستتخلصان من وزيريها السابقين المعروفين بانتماءاتهما يجعلنا نتفاءل لذا اعتقد أن المقبل للعراق أفضل بكثير من الذي مضى".

وقالت ازدهار نوري الطالبة الجامعية:"نحن نتفاءل خيرا برئيس الوزراء نوري المالكي ونعتقد اننا سنرى تغييرا للأفضل على الرغم من كل مايدور حولنا الان من أحداث". وأضافت:"إن العراق سيتعافى وسيتخلص من كل الادران التي علقت به خلال السنوات الثلاث الماضية". وبادرنا لؤي منير طالب دكتوراه بالقول المأثور:"إن من الأفضل لنا التفكير بمغادرة البلد والعودة اليه بعد ان يستقر لاننا لا نضمن هل سنبقى الى الغد من دون قتل أو اعتقال وماذا سيحدث والأحداث السيئة التي تتوالى علينا تجعلنا نموت خوفا من المقبل من الأيام فما الذي يقصده رئيس الوزراء من تسليم ملف الداخلية والدفاع إلى مستقلين؟ هل سيكونون بعيدا عن أحزابهم؟ اعتقد أنهم لو فعلوا ذلك سيقتلون هل سيقولون لا؟ هل سيفكرون بمصلحة الشعب ويتناسون من وقف معهم حتى وصلوا الى كراسي السلطة في العراق؟ إن هذا ضرب من الخيال". وبين متفائل ومتشائم مازال النظر إلى الحكومة الجديدة هناك اناس لم يرجحوا اي من الرأيين مكتفين بالقول: لننتظر ونرى،وكأنهم بذلك يتركون ذهنهم مفتوحا على كل الاحتمالات ،وبعضهم يفضل ان نطلق عليه "المتشائل".

وعاد أبو كريم إلى منزله بعد انتهاء دوامه في دائرته، وعندما رأته زوجته بادرته القول:"لقد قالوا في التلفاز أن الحكومة ستعلن خلال اليومين المقبلين". فأجابها أبو كريم:"لقد سمعت هذا الأمر وأنا في الدائرة لكن هناك أمرا أخر هو أن القوات الأمريكية أعلنت قرب اعتقال الزرقاوي". فالحكومة وتشكيلها والوضع السياسي في العراق وأخبار الانفجارات والاغتيالات وغيرها من المواضيع التي تتعلق بالوضع السياسي باتت ألان تأخذ الحيز الكبير من أحاديث العائلات العراقية التي تتباين وجهات نظرها بشأن الأحداث التي يشهدها العراق.

مواطنون وباحثون مختصون في علم الاجتماع والنفس قالوا لوكالة (نينا): "إن عدم الاستقرار السياسي وتأثيره على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في حياتنا اليومية غطى على الأحاديث التي تتداولها الأسر في ما بينها على مواضيع أخرى". وقال علي حامد موظف حكومي:"أن الحالة المأساوية التي نعيشها من قتل ودمار التي سببها الفراغ السياسي الذي يعيشه العراق جعلتنا نتابع تلك المواضيع ونهتم بها لعل انفراج تلك الأزمات السياسية يساعد على تخليصنا من ذلك الوضع المأساوي".  وقال وليد ناظم مدرس متقاعد:"إن اغلب الأحاديث التي تدور في بيوتنا هي عن المفخخات التي تنفجر في هذه المنطقة أو تلك والجثث المجهولة الملقاة على قارعة الطريق والمناصب الوزارية للقوائم والوضع العراقي برمته". وأضاف:"أن تلك الأمور جعلتنا ننسى المواضيع الأسرية الجميلة التي يجب أن تعيشها الأسرة بعد أن شاع الخوف والترقب في حياتنا اليومية".

وأشار إلى:"أن ما نمر به جعلنا ننسى أن نعرف ما يحتاجه أولادنا إذ أننا نعيش الكارثة حتى ونحن في داخل منازلنا ". وأوضح:" كنت دائما أتابع مستوى أولادي الدراسي إلا أن الأوضاع أنستني حتى هذا الجزء المهم من حياتنا نتمنى استقرار الأوضاع لتعود حياتنا إلى سابق عهدها بعد أن هجرناها".

المختصون في علم الاجتماع وعلم النفس كانت لهم وجهة نظر تؤيد ما ذكره المواطنون وكما جاء على لسان الدكتورة سناء العباسي أستاذة علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية التي قالت:"إن ما يشيع من مواضيع تعم في أي مجتمع يمكن أن تعزى إلى الظروف الداخلية والخارجية التي يعاني منها وتأثيرها على التركيبة الاجتماعية والبناء الاجتماعي". وأضافت:"إن إشاعة هذه المواضيع داخل الأسر وبالتالي في المجتمع العراقي سببها أن المواطن يتفاعل بنحو يومي مع الأحداث التي تشكل بناء المجتمع لغرض إشباع حاجاته حتى لو بصورة وقتية".

وقال سعد صبيح كاسب:"لم يبق في العراق شيء نتكلم عنه سوى تلك الأمور إذ أننا في كل يوم نشاهد الانفجارات والتي عندها يتم التحدث عن الزرقاوي وتنظيم القاعدة واستغلالهما لحالة الفراغ الأمني لتنفيذ إعمالهم الإجرامية فكيف لا تكون محور أحاديثنا ومناقشتنا وهي في صميم حياتنا ". أما الدكتور فاضل شاكر الساعدي أخصائي علم النفس في جامعة بغداد فأشار إلى:" أن لكل مجتمع ظرفا خاصا يعيش فيه والمجتمع العراقي عانى وما يزال من ظروف صعبة وحروب ومشكلات اقتصادية تجعل ظهور تلك المواضيع وتداولها بشكل متواتر أمرا طبيعيا". وأضاف:"أن حالة التحول من نظام حكم يعتمد على القسوة إلى أنظمة حكم ديمقراطية مثلما حدث في العراق جعلت المواطن العراقي في حالة من التخبط فانعكست هذه الحالة على شخصيته وأصبح في حالة قلق مستمر مما جعل لتلك المواضيع وسيلة لإنهاء حالة القلق هذه".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 13/ايار/2006 -14/ربيع الثاني/1427