فنانون عراقيون.. فرشاة الرسم أقوى من القنابل

في دولة العراق حيث تدمر تفجيرات السيارات الملغومة وجرائم الخطف وقطع الرؤوس حياة كثيرين ما زالت شهية البعض مفتوحة للفن.

فقد استقطب معرض أقيم مؤخرا في صالة خاصة للفنون التشكيلية في بغداد مجموعة صغيرة من خبراء الفن الذين تجمعوا في ليلة لتأمل الرسومات ومناقشة مفاهيم الفن وهم يحتسون عصير الفواكه ويأكلون كعك الشوكولاتة.

وتقول نادية ياس (36 عاما) وهي واحدة من الفنانين المشاركين في المعرض ان الفن في بغداد هذه الايام اكثر من مجرد هروب من الواقع بالاستغراق في الخيال وأضافت "نعتقد أن ألواننا ستهزم الظلمة وتضيء شمعة... نعرف أن هناك بعض الناس الذين يريدون منعنا من هذا لكننا سنمضي قدما."

وتجسد ياس في واحدة من لوحاتها الملك حمورابي ملك بابل القديمة ممسكا بقميص غارق في الدماء وهو يقف على ضفاف نهر الفرات. ويرمز حمورابي عند العراقيين لماضي البلاد العريق.

وقالت ياس "حمورابي سيزيل الغمة عن العراق."

كان الكثير من صالات الفنون التشكيلية قبل سقوط الرئيس المخلوع صدام حسين عام 2003 تنبض بالحيوية في بغداد تلك المدينة التي لها باع طويل في مجال الفن.

ووصلت بعض اللوحات التشكيلية العراقية إلى أسواق اوروبا في الثمانينات غير أن صدام فرض حظرا على تصديرها فيما بعد قائلا إنها جزء من التراث الوطني العراقي.

أما الآن فمعظم صالات الفنون التشكيلية في بغداد مغلقة بعد أن عم العنف المدينة وفر عدد كبير من الفنانين من العراق.

وقال فنانون شبان في معرض الفنون التابع للجمعية الثقافية بوسط بغداد إنهم يتمتعون بحرية أكبر للتعبير عن أنفسهم بعد سقوط صدام.

لكنهم يقولون ايضا ان لوحاتهم اكثر تجهما وقتامة لانها تعكس الصراع الذي يعانيه العراق الان.

وقال محمد سامي وهو مشارك آخر في المعرض "هذه اللوحات سجل لما يجري خارج هذه القاعة حيث حطم العنف انسانيتنا."

وتظهر في رسوماته خيول هزيلة واشباح تخوض في أنقاض.

واقامة المعارض الفنية في بغداد هو كمصارعة طواحين الهواء تقريبا حيث تبقي التفجيرات والميليشيات المتجولة معظم سكان بغداد داخل بيوتهم ويتملكهم الخوف في بعض الاحيان إلى حد عدم الخروج لشراء الطعام ناهيك عن زيارة المعارض الفنية.

حين سقطت بغداد في أيدي قوات الولايات المتحدة الغازية لم تسلم كلية الفنون الجميلة الواقعة في نهاية الشارع الذي توجد به صالة عرض الجمعية الثقافية من عصابات السلب والنهب.

لكن فادية ياس شقيقة نادية وهي أيضا فنانة ترى أن اقامة المعرض في حد ذاتها طريقة لمكافحة الفوضى.

وتضيف "هذا أسلوبي في هزيمة الظروف السيئة...نظمت اكثر من ستة معارض وفزت بجائزتين فيما مضى."

وقال الزوار القلائل الذين تحدوا الخوف من القتل أو الاختطاف ان تأمل اللوحات والاعجاب بها هو عزاء لهم بعيدا عن صفارات الانذار والقوافل العسكرية في بغداد.

وقال شام حسن (57 عاما) "انا سعيد جدا بوجودي هنا. هؤلاء الفنانين الشبان جعلوني أشعر أنه ما زالت هناك حياة...أعتقد أنه برغم الالم سنظل نبحث عن مثل هذه اللحظات حيث لا تزعجنا الضوضاء."

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427