الأمم المتحدة 8 ملايين أرملة بالعراق.. اعمال العنف ترمل 90 عراقية يوميا

قال تقرير للامم المتحدة نقلا عن مسؤولين عراقيين ومنظمات مدنية ان ما بين 90 الى 100 امرأة عراقية تترمل كل يوم نتيجة اعمال القتل والعنف الطائفي والجريمة المنظمة في العراق، ويقول مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية من جنيف، ان هذه الارقام قد تكون اقل مما هي في الواقع اذا اخذنا بنظر الاعتبار جرائم القتل الخفية التي يتعذر تسجيلها واحصاؤها.

لكن المكتب ينقل عن سجلات وزارة شؤون المرأة في العراق: ان هناك 300 الف ارملة في بغداد وحدها الى جانب 8 ملايين ارملة في مختلف انحاء العراق حسب السجلات الرسمية. وهذا يعني ان نسبة الارامل هذه تشكيل 35% من عدد نفوس العراق وانها تشكل نسبة 65% من عدد نساء العراق، وقد تشكل نسبة 80% من النساء المتزوجات بين سن العشرين والاربعين.

انها ارقام تعكس الكارثة العراقية بصورتها الحقيقية حين تترمل نساء العراق او يقتلن ايضا في الحياة نتيجة حرب طائفية دينية ملعونة تحرق الاخضر واليابس وتقطع شرايين الحياة في وادي الرافدين. واذا استمرت فان اقرب لقب للواقع يطلق على هذا البلد هو 'بلد الارامل'.

واذا استمرت هذه الحرب الكارثية التي بات مشعلوها يتبرأون من مسؤوليتهم عنها ان كانوا عرقايين ام عربا ام اميركيين وبريطانيين وغيرهم، فانها ستضيف كل عام مايفوق 35 الف ارملة اخريات الى جيل العراقيات المتشح بسواد الفاجة والغارق في بحر المأساة والضياع.

تقول ميادة زهير رئيسة رابطة حقوق المرأة في العراق: ان خسارة العشرات من ربات البيوت ازواجهن في اليوم الواحد ادت الى خفض مستوى معيشة العوائل العراقية، ودفع المزيد من النساء الارامل للبحث عن اي عمل دون جدوى للحصول على مصدر للعيش.

ان انعكاسات هذا الترمل الجماعي لنساء العراق ليست بالهينة، وهو مقبرة جماعية للنساء والرجال معا، وانعكاسات هذا الترمل تمتد الى جميع نواحي الحياة الاجتماعية، فمن فقر وعوز الى تدهور اسري واجتماعي الى فساد اخلاقي، الى جنوح وضياع للاسرة والاطفال في ظل دولة منهارة، وحكومة غائبة، وقيم ضائعة، واحتلال فشل في اعادة الحياة لهذا البلد المأسور بالاسلام السياسي.

ان الامم المتحدة والجامعة العربية ودولهما وكل المنظمات الانسانية في العالم مدعوة الآن للعمل على ايقاف نزيف الدم في العراق، انه ليس نزيف دم فقط. انه قطع للنسل وابادة جماعية ليس لها مثيل.

ويتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال:من يعيل أولئك النسوة اللواتي فقدن أزواجهن ومن يرحمهن ويشفق عليهن ونحن نعيش في مجتمع قبلي ازداد حدة بعد"حرب التحرير"؟.

عايدة شريف وكيلة وزير حقوق المرأة قالت:"إن المرأة العراقية عانت وتعاني الآن أكثر، وان عدد الأرامل يتزايد بنحو يبعث على القلق فمع هؤلاء النسوة أطفال فكيف سيتسنى لهن إعالتهم وهن اللواتي لم يخرجن يوما إلى العمل؟ واقصد في حديثي ربات البيوت اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من الأرامل".

وأضافت:"إن وزارتي المرأة وحقوق الإنسان قصرتا كثيرا بواجباتهما تجاه هؤلاء النسوة ولم تحركا ساكنا".

وأشارت إلى:"أن ثمانين امرأة عراقية ترملن أمس الأول فقط نتيجة أعمال العنف التي استهدفت القوات الأمنية والآمنين في بيوتهم".

وبينت ميسون احمد السبعاوي رئيسة جمعية الأرامل والأيتام وناشطة نسوية:"إن ما تمر به المرأة العراقية من ظروف قاهرة بعد فقدانها لمعيلها يجعلنا نقف عاجزين أمام عمق المأساة فهناك نسوة لديهن أطفال معاقون وعائلات اغلبها ترفض استقبالهن وأولادهن أما عائلة الزوج فتتنصل تماما من مسؤوليتها المشتركة مع الزوجة في تربية هؤلاء الأيتام وضغط الحاجة يولد أشياء كثيرة ومعروفة للجميع".

وبينت المحامية فائزة محمود:"في العراق لا توجد أية قوانين دستورية أو عائلية ولا حتى آلية سياسية لحماية المرأة الأرملة أو حتى التفكير بتحسين وتأمين حقوقها أو تمويلها بخدمات اجتماعية لها ولأيتامها لذلك لابد من سن قانون للأرامل يجعلهن يواجهن الحياة ويربين أولادهن بثقة عالية بالنفس ومن دون الحاجة إلى احد".

وتقول السيدة منال عباس:"فقدت زوجي الذي كان يعمل في إحدى المؤسسات الأمنية أثناء مواجهة في إحدى مناطق بغداد، صحيح إن راتبه الذي أتسلمه كل شهر من دائرته يحمي أطفالي من الفقر والجوع، ولكن الأطفال تزداد احتياجاتهم كلما كبروا، والمشكلة إن أهل زوجي لا يعيرون أهمية لهؤلاء الأطفال كونهم بنات فلم يرزقني الله بولد، وعندما اذهب إليهم يقولون لي بالحرف الواحد إن بناتك قد كبرن لذلك ينبغي عليك تزويجهن لتتخلصي من مسؤوليتهن".

وتضيف:"اسأل نفسي هل فعلا علي تزويجهن وهن لم يبلغن الثانية عشرة من أعمارهن أي ظلم هذا؟".

وأشارت عباس إلى أنها اكتفت فقط بإخراج بناتها من المدارس وتعليمهن الخياطة ليعلن أنفسهن من دون الحاجة إلى احد".

وتفيد خالدة عبد الكريم:"أنا ترملت منذ زمن بعيد عندما استشهد زوجي في الحرب العراقية الإيرانية واستطعت إنقاذ أطفالي الأربعة من الفقر والعوز وعشنا نأكل يوما ونصوم اثنين والحمد لله كبروا".

وتدمع عينيها وهي تضيف:"إن الكارثة وقعت عندما استشهد ولدي الكبير في أحد أحداث العنف التي شهدتها منطقتنا، مع العلم إن لديه طفلين وزوجته مازالت صغيرة، وأخاف عليها من هذا المجتمع الذي لا يرحم احد لذلك أنا اعمل في البيوت على الرغم من كبر سني واقف ساعات على تنور الخبز كي لا أشعرهم بعدم وجود والدهم، وقد طلبت من زوجة ابني أن تفكر جديا بالزواج لأنها صغيرة وحرام أن تبقى من دون رجل أما الأيتام فسأرعاهم إلى أن يأتي أمر الله وبعدها هو الذي سيتكفل بهم".

وتشير التقارير التي تحدثت في هذا الموضوع إلى أن:"عدد الأرامل يتزايد في العراق بسبب الحروب التي خاضها البلد والتي بدأت بالحرب مع إيران وحرب الكويت" ثم أحداث العنف التي تشهدها البلاد في ظل الاحتلال وقتل الكثير من الناس لمجرد الشبهة والشك وأبسط أنواع التهم والتفجيرات الإرهابية اليومية وهذا ما جعل عدد الأرامل ضخما في العراق مع عدد كثير جدا من الأيتام وهؤلاء الأرامل يعانين من الفقر.

وتوضح إحصائية لوزارة شؤون المرأة إن هناك ثلاثمائة ألف أرملة في بغداد وحدها، إلى جانب ثمانية ملايين أرملة في مختلف أنحاء العراق وهذا يعني إن نسبة الأرامل هذه تشكل 53 بالمائة من عدد نفوس العراق ونسبة 65 بالمائة من عدد النساء العراقيات وقد تشكل نسبة 80 بالمائة من النساء المتزوجات بين سن العشرين والأربعين.

قالت نوال ايوب التي فقدت زوجها خلال حرب الخليج عام 1991 وانضمت بعد ذلك الى مشروع منى "ليس لدينا ما يكفي من المال لكسوة أبنائنا... ليس لدينا رواتب ولا نجد أي إعالة. كيف يمكن أن نعيش؟."

وذكرت أزهار أن بعض الأرامل يقبلن أعمالا لم يكن ليفكرن فيها من قبل لولا الحاجة وتحدثت عن أرملة التقت بها في مدينة كربلاء كانت تعمل خادمة بالرغم من حصولها على شهادة جامعية. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق المرأة ان أُخريات اضطررن لبيع ممتلكاتهن أو الاعتماد على الإعانات التي يتلقينها من الاقارب.

قالت بثينة السهيل رئيسة جمعية الأسرة العراقية التي تساعد نحو 200 أرملة في بغداد "المشكلة الرئيسية التي تواجهها الأرامل هي الفقر... لدينا نساء ترك أولادهن المدارس للعمل من أجل إعالة أمهاتهم."

وعندما نفدت كل مصادر دخل سعاد حسين بعد موت زوجها انتقلت الى منزل والدها للعيش معه وأرسلت ابنها الى أحد أعمامه.وبعد ست سنوات ما زالت سعاد البالغة من العمر 40 عاما والتي سجلت اسمها أيضا في مشروع منى تبحث عن فرصة عمل.قالت سعاد "أنا أعاني... أريد العثور على فرصة عمل فحسب."

وتقول أرامل وجماعات إغاثة ان محنتهن تزداد سوءا بسبب عدم اكتراث الحكومة بهن.

وخلال سنوات حكم الرئيس السابق صدام حسين كانت الأرامل اللاتي قُتل أزواجهن في المعارك خاصة خلال الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات يتلقين عادة تعويضات من الحكومة وكن يحصلن في بعض الاحيان على أراض وتعليم مجاني لأولادهن.

ولكن هذه التعويضات بدأت تنفد بعد العقوبات التي فرضت على العراق في التسعينات مما جعل العراق يعاني من نقص شديد في الأموال.

وتقول الجماعات المدافعة عن المرأة ان الفساد المستشري والفوضى العامة في العراق الآن أديا الى تراجع الاهتمام بشؤون الأرامل.

وأشارت اخر المسوح السكانية التي نفذت في العراق من قبل وزارة التخطيط بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ومعهد الدراسات التطبيقية النرويجي الى ان الحروب التي خاضها العراق ادت الى انخفاض عدد الرجال بين 35 عاما الى 49 عاما عن النسبة المتوقعة وهي ما بين %12.6 الى%13.7 من اجمالي عدد السكان. كما اشارت البيانات الاولية والتي تم تجميعها من بيانات البطاقة التموينية الى ان نسبة الرجال انخفضت عن نسبة النساء بحوالي%20 عما كانت عليه قبل الحروب التى خاضتها العراق.

وتشير الاحصاءات الى ان مئات الالاف من الذين قتلوا خلفوا وراءهم 11% من نساء العراق ارامل يقمن بإعالة عوائلهن الان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعه 12/ايار/2006 -13/ربيع الثاني/1427