تجارة الرقيق تزدهر من جديد.. وتصب في تجارة الجنس

تقوم بعض المنظمات اللاربحية والخاصّة حول العالم بدور فعّال في لفت انظار الحكومات الى عمليات الاتجار بالبشر، كما انها تمارس دوراً رئيسياً في تقديم الخدمات الضرورية إلى الضحايا، هذا ما يقوله أحد كبار المسؤولين الاميركيين حول قضية الاتجار بالبشر العالمية.

وكان السفير جون ميلر، كبير مستشاري وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الاتجار بالبشر قد قال في حديث ادلى به في الثالث من مايو/ايار الحالي ان القانون الاميركي لحماية ضحايا الاتجار بالبشر لم تتم الموافقة عليه في العام 2000 لولا الدعم الذي لقيه من المجموعات الدينية ومجموعات النساء التي لفتت انتباه الكونغرس الى القضية.

 وقال السفير ميلر "ان المنظمات غير الحكومية كانت سباقة جداً في متابعة القضية بالمقارنة مع الحكومات في العالم. وان هذا امر لا جدل فيه." واضاف ميلر ان تنفيذ "البنود الثلاثة" التي تتعلق بقضية الاتجار بالبشروهي: المقاضاة القانونية والحماية والمنع - يتطلّب"دوراً كبيراً للمنظمات غير الحكومية، وخصوصاً بند الحماية." وقال السفير ميلر انه ومن خلال السفر حول العالم واجتماعه بالناجين والضحايا والمنظمات غير الحكومية والمسؤولين الحكوميين، وجد ان المنظمات الخاصة "تقوم بالعمل الاكثر فاعلية."

 واضاف ميلر "ان سياستنا هي ان نتعاون مع المنظمات غير الحكومية المحليّة وخصوصاً المنظمات الصغيرة منها والتي تمارس العمل فعلياً على الأرض." وقال ميلر ان الولايات المتّحدة تدعم 266 برنامجا في 101 بلد حول العالم.

 وكان ميلر يتحدثامام المشاركين في برنامج بعنوان "الاتجار بالبشر – يوم نتعلّم منه الدروس" الذي نظّمه مجلس العلاقات الخارجية بالتعاون مع الصندوق العالمي للنساء وذلك في اطار الجهود الهادفة الى توسيع وتعميق العمل لمواجهة الاتجار بالبشر. وقد سبقت البرنامجحلقة دراسية امتدت ليومين حول تهريب البشر حضرتها اكثر من 30 منظمة دولية.

وقال ايزوبيل كولمان، مدير السياسة الخارجية وبرنامج المرأة في مجلس العلاقات الخارجية، إن هناك "اجماعا واسعا على ان الاتجار بالبشر هو عمل فظيع ويجب الحد منه، هذا في الوقت الذي توجد فيه خلافات قوية حول الكيفية التي سيتم بها تنفيذ ذلك."

وتقول كافيتا رامداس، امينة الصندوق العالمي للنساء انه "في العديد من الحالات فإننا نفترض ان [الاتجار بالبشر] يصب في خدمة تجارة الجنس، وذلك بالتركيز على اولئك الذين يخفقون في رؤية الانتهاكات الشنيعة لحقوق الانسان على حد سواء والتي تستمرّ في المجالات الاخرى مثل الاعمال القسرية والعبودية واعمال السخرة."

وتقول نيها ميسرا، المنسّقة العالمية للمركز الاميركي للبرنامج الدولي لمكافحة الاتجار بالبشر لغرض العمل، انه من المهم جداً اعتبار الاتجار بالبشرعلى أنه إحدى قضايا العمل في الأساس. وتقول ميسرا: "سواء تم تهريب شخص ما للعمل في تجارة الجنس او للعمل كعامل محلي، فإن بداية الامر ما هي في الحقيقة الا قضية عمل." وتتابع ميسرا قائلة: "اننا نتحدّث عن الناس الذين يبحثون عن عمل. فبسبب الطريقة التي يتبعونها فإنهم يصبحون عرضة للتهريب والاستغلال." وتتابع ميسرا قائلة: "عندما يترك شخص ما بيته فإنه يجب عليه ان يدرك اي طريق يجب ان يسلكه للانتقال من مكان الى اخر،وكذلك الطريق الذي يؤدي الى حصوله علىعمل. ان هذا الامر صعب وهو في الغالب ينتهي بوضع العمّال في خطر." وميسرا، التي عادت مؤخرا من اندونيسيا حيث كانت تدير مشروعا تابعاً للمركز حول الاتجار بالبشر، مدحت وزارة الخارجية الأميركية لتسليطها الضوء على قضية الاتجار بالبشر وعملها على زيادة وعي وادراك العالم لمجال وعمق المشكلة.

واشارت جيوتي سانغيرا، المستشارة حول قضايا الاتجار بالبشر في مكتب المفوضية العامة لحقوق الانسان التابع للامم المتّحدة، الى انه ليست النساء والفتيات فقط هن اللواتي يتعرضن لعمليات الاتجار، بل ان الاولاد الصغار والرجال هم ايضا عرضة لها. وقالت سانغيرا ان منظمة العمل الدولية ذكرت مؤخرا في تقاريرها انّ 80 بالمئة من عمليات التهريب في اوكرانيا وبولندا هي من الرجال. وتابعت قائلة: "في اسيا وافريقيا نرى الاولاد الصغار.... الذين يتم تهريبهم للعمل في قطاعات الزراعة والصناعات الممنوعة واعمال البناء." وقالت سانغيرا ايضاً انه "في الوقت الذي يستمر فيه تسليط الضوء على الاتجار بالبشر لخدمة قطاع الجنس فقط، فإنه يجب علينا ان ننظر الى القطاعات الاقتصادية الاخرى حيث يوجد استغلال للعمال وظروف عمل شبيهة بالعبودية. وان اوضاع اولئك الذين يجيئون من مجتمعات بدائية واقلّيات هي اسوأ بكثير من ذلك. فالتمييز يجعل الشخص اكثرضعفا."

 وقد وصفت آن جوردان، مديرة مبادرة منع الاتجار بالبشر، المهرّبين على انهم جميعاً "استغلاليون على حد سواء."تقول جوردان، ان كلمة التهريب هي تعبير خادع لانها تعطي الانطباع بأن اولئك الذين يتم نقلهم الى مسافات بعيدة الى العبوديّة هم فقط الضحايا. واشارت جوردان الى ان الناس يمكن ان يصبحوا ضحايا للعبوديّة حتى في مجتمعاتهم او مناطق سكنهم الاصلية. وتابعت بقولها ان "هناك ادراكا على مستوى جميع دول العالم بأنه يجب علينا جميعاً ان نعالج كلّ هذه الانتهاكات." وتقول آن جوردان، وهي محامية متخصّصة في قضايا حماية حقوق الأشخاص الذين يتم تهريبهم ومؤسسة شبكة الحرية، وهي شبكة مختصة بمكافحة الاتجار بالبشر في جمع انحاء اميركا، إنّ الامان والحماية هي امور مهمة بالنسبة للضحايا مثلها مثل معاقبة المهرّبين تماماً. وتتابع جوردان قائلة: "يجب ان يشعرالضحايا بالامان، والسيطرة على حياتهم، وخصوصا الشعور بالامان بعد ادلائهم بشهاداتهم" ضدّ المهرّبين. وتابعت أنه "في أغلب الأحيان، يعامل القانون الضحايا على انهم شهود يمكن التخلص منهم بعد ادلائهم بشهاداتهم."

وقال أعضاء اللجنة المجتمعون انّ اوروبا واسيا كانتا الاكثر نشاطاً في معالجة قضية تهريب البشر والتعامل معها. أما كانت افريقيا واميركا اللاتينية واميركا الوسطى فكانت متخلفة لناحية ادراك المشكلة ومقصرة كذلك في وضع البرامج ومعالجة القضية. وقد اجمع اعضاء اللجنة على انّه من المهم جداً ان يتم اجراء المزيد من الاتّصالات بالمنظمات الجديدة في تلك المناطقلكي تتمكن المنظمات غير الحكومية في المناطق الاخرى من افادتها من الدروس التي يمكن للمنظمات الجديدة من خلالها القيام بأعمال بدون تكرار نفس الاخطاء السابقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 10/ايار/2006 -11/ربيع الثاني/1427