اليوم العالمي للصحافة: العراق الاصعب على الصحافيين في العالم

اعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية في تقريرها السنوي ان العام 2005 كان الابشع على الصحافيين في العالم منذ عشر سنوات حيث قتل 63 منهم على الاقل اضافة الى خمسة متعاونين مع وسائل الاعلام كما تعرض 1300 صحافي للاعتداء او التهديد.

وقالت المنظمة في تقريرها الذي نشرته على هامش اعمال اليوم العالمي السادس عشر لحرية الاعلام ان هذه الارقام هي الاعلى منذ عام 1995 عندما "كانت المجموعات الاسلامية في الجزائر تهاجم كل من لا يدعمها". وقال التقرير ان اكثر من ثلث سكان العالم يعيشون في دول لا توجد فيها صحافة حرة.

 ومنذ مطلع العام الجاري قتل 16 صحافيا وستة متعاونين مع وسائل الاعلام كما ان 120 صحافيا و56 معارضا ينشطون عبر الانترنت يقبعون في السجون حاليا لاسباب لها علاقة بما يكتبونه. وجاء في التقرير ان "الافلات من العقاب في افريقيا ليس صدفة مأساوية بل هو القاعدة" مذكرا بمقتل الصحافي نوربرت زونغو في بوركينا فاسو عام 1998 والصحافي ديدا هيدارا عام 2004 في غامبيا. وتابع التقرير ان "دولا تقمع بشكل منتظم الصحافة من دون اي رادع" كما يحصل في اريتريا وجمهورية الكونغو الديموقراطية ورواندا. وشهدت القارة الاميركية عام 2005 مقتل سبعة صحافيين ومتعاون واحد مع وسائل الاعلام. وتعتبر كوبا ثاني اكبر سجن للصحافيين في العالم بعد الصين ويعاني الصحافيون في كولومبيا من القمع على هامش حرب اهلية مشتعلة في هذا البلد منذ اربعين عاما الا ان المكسيك تجاوزت كولومبيا العام الماضي في عدد التجاوزات بحق الصحافيين. وفي البيرو وهايتي تعتبر التهديدات والاعتداءات عملة رائجة وحتى الولايات المتحدة لم تكن بمنأى عن التضييق حيث سجنت الصحافية جوديت ميلر من نيويورك تايمز لانها رفضت الكشف عن مصادر معلوماتها.

واعتبر التقرير ان آسيا "تعاني من السلطوية". في النيبال جسد الملك جيانيندرا "كل الحقد الذي يعتمر في نفوس بعض رؤساء الدول ازاء حرية الصحافة" كما هو الحال في كوريا الشمالية وبورما والصين. وخص التقرير الهند بلفتة خاصة في تعزيزها للديموقراطية ووصفها بانها "المارد الاسيوي لحرية الصحافة". اما الفيليبين التي شهدت مقتل سبعة صحافيين فأتت في المرتبة الثانية بعد العراق على لائحة الصحافيين القتلى حسب توزيعهم على بلدانهم. ويشير التقرير الى تدهور شروط عمل الصحافيين في دول الاتحاد السوفياتي السابق خصوصا في اوزبكستان وبيلاروسيا وروسيا واذربيجان.

وفي الاتحاد الاوروبي وخصوصا في فرنسا وايطاليا وبلجيكا وبولندا شهد العام 2005 "عددا مرتفعا من المداهمات والاستدعاءات شملت صحافيين طلب منهم الكشف عن مصادر معلوماتهم الى الشرطة". وحققت الدول التي انضمت اخيرا الى الاتحاد الاوروبي تقدما "كبيرا". وعدد التقرير في المجال تشيكيا والمجر ودول البلطيق ومالطا وسلوفاكيا وسلوفينيا التي وصفت بانها باتت "ملاذا آمنا" للصحافيين. وبالنسبة الى المغرب العربي والشرق الاوسط اعتبر التقرير ان "حرية الصحافة وسلامة الصحافيين تتعرضان لضغط شديد" في هذه المنطقة.

وبمقتل 27 صحافيا في عام 2005 في هذه المنطقة من العالم بينهم 24 في العراق كان الشرق الاوسط الاصعب على الصحافيين في العالم. اما ايران فوصفها التقرير بانها "اكبر سجن للصحافيين في الشرق الاوسط".

وقالت المنظمة من مقرها في باريس في تقريرها السنوي ان اكثر من 1300 من العاملين في الاعلام هوجموا او تعرضوا للتهديد في العام الماضي وأودع اكثر من 100 في السجن. وللعام الثالث على التوالي ظل العراق اشد الدول خطرا وقتل هناك 74 صحفيا واعلاميا منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس اذار 2003 مما جعله اسوأ الصراعات دموية بالنسبة للصحافة منذ الحرب العالمية الثانية. وقال تقرير المنظمة "العنف ضد الصحفيين اصبح امرا معتادا في بنجلادش والفلبين ونيجيريا والمكسيك ولا يلقى عقابا." وقال "السجن هو السلاح المفضل للحكام الشموليين لإسكات الصحفيين. والصورة كما هي من عام الى عام ولا تزال الصين وكوبا واريتريا واثيوبيا وايران وبورما هي الدول التي تسجن اغلبية الصحفيين." وقالت المنظمة ان كثيرين من الصحفيين في دول مثل تونس او ايران يتحولون الى مواقع الانترنت عندما يتعرضون للرقابة لكن هذه ايضا يتم حجبها. وقالت "وتفخر وزارة الاعلام الايرانية بأنها تحجب الان مئات الالاف من مواقع الانترنت خاصة تلك التي تتعامل بأي شكل مع الجنس وايضا التي تقدم اي نوع من الانباء المستقلة." وقالت المنظمة انها وسعت قائمتها "لمفترسي حرية الصحافة" في عام 2005 كي تشمل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد "الذي اطلق تصريحات مثيرة للفوضى فور توليه السلطة وارغم صحفا اصلاحية على الاغلاق."

وبالنسبة لأوروبا وامريكا الشمالية قالت المنظمة ان معركة الدفاع عن سرية المصادر الصحفية كانت اكثر الحاحا مما مضى وقالت ان التفتيش المتكرر لمنازل صحفيين ومكاتبهم في عدد من الدول الاوروبية يثير الانزعاج. وقالت "تركيز ملكية وسائل الاعلام حتى ولو كان لايبدو له تأثير حتى الان على حرية وتنوع الاعلام فانه سيكون من بواعث قلقنا في المستقبل." وقالت ان استقلال وسائل الاعلام الايطالية كان مهددا من حقيقة ان رئيس الوزراء المنتهية ولايته سيلفيو برلسكوني يمتلك او يسيطر بطريقة غير مباشرة على عدة محطات تلفزيونية. ومع ذلك قالت المنظمة ان عام 2005 شهد ايضا بعض التحسن في حرية الصحافة بعد ان اصبحت وسائل الاعلام اكثر حرية في الهند وبعض دول امريكا الوسطى واقليم اتشيه الاندونيسي. وقالت "الخلاف حول الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد في الصحف الدنمركية في سبتمبر يعد علامة على ان الناس مهتمون جدا بحرية التعبير." وقالت المنظمة "تعريف (حرية التعبير) يختلف في احيان كثيرة من قارة الى اخرى لكن الخلاف اثبت انه لا يوجد احد لا يبالي بهذه القضية. وتحول حرية التعبير الى قضية يفيد الجميع بلا استثناء."

وكذلك نشرت المنظمة التي تدافع عن الصحافة لائحتها السنوية لالد اعداء الصحافة في العالم ضمت 37 اسما بينهم اثنان من القادة العرب هما الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الاسد. ودخل هذه اللائحة السوداء خمسة اسماء جديدة هي: رئيس الوزراء الاثيوبي ميليس زيناوي والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والمجموعات المسلحة للتاميل في سريلانكا وزعيم الميليشيات الكولومبية دييغو فرناندو مورييو بيخارانو وزعيم القوات المسلحة الثورية في كولومبيا راوول راييس. اما الاسماء الاخرى ال32 والتي كانت العام الماضي على هذه اللائحة السوداء فمن ابرزها الرئيس الكوبي فيديل كاسترو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني هو جينتاو والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ ايل والزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الاسد. وجاء في التقرير "اكانوا رؤساء ام وزراء ملوكا ام مرشدين روحيين زعماء حرب او زعماء منظمات اجرامية ان اعداء الصحافة هؤلاء قادرون على سجن او خطف او تعذيب وكشفت لجنة حماية الصحافيين ان كوريا الشمالية تبقى الدولة التي تتعرض فيها الصحافة لرقابة صارمة تليها بورما وتركمانستان وغينيا الاستوائية وليبيا.

وقالت المنظمة ومقرها نيويورك في تقرير نشرت فيه لائحة باسماء "الدول العشر الاكثر فرضا للرقابة" ان "كوريا الشمالية تبقى الدولة الاكثر فرضا للرقابة في العالم" ولا يوجد فيها صحافيون مستقلون "مع الاحتفاظ بالوظائف في الاذاعة والتلفزيون للصحافيين المؤيدين للحكومة". والدول الخمس الاخرى التي وردت في اللائحة هي اريتريا وكوبا واوزبكستان وسوريا وبيلاروس. وفي ليبيا لا توجد صحافة مستقلة وفي بورما يخشى الاشخاص التوقيف في حال فاجأتهم الشرطة وهم يستمعون الى اذاعة "بي بي سي". ويحتل الرئيس في تركمانستان وغينيا الاستوائية شاشة التلفزيون بشكل شبه مستمر. واعتبرت المنظمة ان "رقابة الدولة هي احد التهديدات الاكثر خطرا التي يواجهها الصحافيون في العالم" وهي تتطلب مراقبة وسائل الاعلام ومضايقة الصحافيين وتعرضهم للعنف وتمنعهم من الدخول الى شبكة الانترنت.

وقالت مدير المنظمة آن كوبر ان "الناس في هذه الدول معزولون عن باقي العالم من قبل حكام مستلطين يكمون وسائل الاعلام" معتبرة ان "الممارسات التي تقوم بها هذه الحكومات غير مقبولة".

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 4/ايار/2006 -5/ربيع الثاني/1427