رامسفيلد في زيارة مفاجئة للعراق لدعم رئيس الوزراء الجديد وإنقاذ نفسه من الاقالة

في مسعى لاظهار التأييد للقيادة الجديدة في العراق أوفد الرئيس الامريكي جورج بوش وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الى بغداد يوم الاربعاء في زيارة مفاجئة بعد أيام قليلة من اختيار السياسي الشيعي جواد المالكي لمنصب رئيس الوزراء لدعم جهوده لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

ووصل رامسفيلد الى العاصمة العراقية على متن طائرة شحن عسكرية في أول زيارة له للعراق في عام 2006 . وعطلت اجراءات الامن المشددة حركة المرور في بغداد. وصرحت مصادر في الشرطة ان ذلك يرجع جزئيا الى زيارة رامسفيلد وايضا الى شريط فيديو غير مسبوق لابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق والذي هدد فيه بشن هجمات جديدة.

وضغطت واشنطن الحريصة على سحب قوات امريكية من العراق مع اقتراب انتخابات الكونجرس في نوفمبر تشرين الثاني على القادة العراقيين طوال اربعة اشهر ومنذ اجراء الانتخابات العراقية لتخطي الانقسامات الطائفية والعرقية لتفادي نشوب حرب اهلية في البلاد.

واضافة الى التطورات على الساحة السياسية العراقية فان رحلة رامسفيلد تأتي بينما يدرس قادة عسكريون امريكيون خفض عدد الجنود الامريكيين في العراق في الاشهر القادمة. ويوجد حاليا حوالي 133 ألف جندي أمريكي في العراق.

واشار رامسفيلد في وقت سابق من هذا الاسبوع الى ان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تعتزم التقيد بخطط لخفض حجم الوجود العسكري الامريكي لكنه لم يقدم أرقاما محددة أو جدولا زمنيا.

وتظهر استطلاعات الرأي تقلص تأييد الامريكيين للحرب في العراق التي مضى عليها ثلاث سنوات والتي تسهم أيضا في هبوط شعبية بوش.

وتعرض رامسفيلد نفسه لعاصفة من الانتقادات من ستة جنرالات متقاعدين طالبوا باستقالته متهمين اياه بعدم الاكتراث بنصائح القادة العسكريين وارتكاب اخطاء استراتيجية في العراق.

وقال ايريك راف السكرتير الصحفي للبنتاجون للصحفيين المسافرين مع رامسفيلد "السبب في ذهابنا الى العراق هو أن هذا وقت مهم جدا... والرئيس طلب منا أن نذهب لاظهار التأييد لهذه الحكومة الجديدة."

وحثت الولايات المتحدة المالكي الذي رشحه الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق لمنصب رئيس الوزراء على تشكيل مجلس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن. ورغم ان الانتخابات جرت في ديسمبر كانون الاول الماضي الا ان الزعماء العراقيين اتفقوا الاسبوع الماضي فقط على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة بعد أربعة أشهر من المشاحنات السياسية وتصاعد العنف الطائفي وهجمات المسلحين.

ومن المنتظر أن يركز رامسفيلد في محادثاته مع المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي كلف الاسبوع الماضي على انهاء المأزق الذي اغضب واشنطن.

ويجتمع رامسفيلد مع المالكي في وقت لاحق من زيارته للعراق التي تستمر يومين واجتمع فور وصوله مع الجنرال جورج كيسي قائد القوات الامريكية في العراق وقادة عسكريين اخرين. ورفض رامسفيلد وكيسي خلال مؤتمر صحفي الحديث عن الجدول الزمني لسحب القوات الامريكية من العراق.

وقال كيسي ان تكليف المالكي "خطوة هامة" وانه كقائد للقوات الامريكية في العراق يسير على طريق اعادة بعض من قواته وقوامها 133 الفا الى الوطن هذا العام.

ومن جانبه رفض رامسفيلد الانتقادات التي وجهت الى قدرات القوات العراقية الجديدة التي دربتها الولايات المتحدة والتي تأمل واشنطن ان تسلمها مسؤولية الامن.

وقال رامسفيلد في المؤتمر الصحفي "حجر الزاوية التالي" هو ان يشكل المالكي حكومة من "اناس اكفاء .. اناس يدركون أهمية ادارة الوزارات لا على اساس طائفي" ويكونوا قادرين على محاربة الفساد في شتى أنحاء البلاد.

لكن السفير الامريكي في العراق زالماي خليل زاد الذي قاد جهود واشنطن لدفع الساسة نحو التوافق طالب الامريكيين بالاستعداد لفترة بقاء أطول في العراق والشرق الاوسط.

وقال لصحيفة لوس أنجليس تايمز "علينا ان نتقبل ولو على مضض فكرة ان نساعد هذه المنطقة على ان تصير منطقة عادية.. بنفس الطريقة التي ساعدنا فيها أوروبا واسيا في عهد اخر.. والان علينا ان نركز على هذه المنطقة من باكستان حتى المغرب."

وصرح وزير الدفاع الامريكي بانه يتوقع ان تجري الولايات المتحدة محادثات مع الحكومة العراقية الجديدة بشأن وضع القوات الامريكية في العراق والعلاقات العسكرية بين الجانبين.

ولم تبرم الولايات المتحدة مع العراق الاتفاق المعتاد بشأن وضع القوات الذي يحدد الوضع القانوني لاي قوات اجنبية لدى الدولة المضيفة. وغزت الولايات المتحدة العراق عام 2003 .

وتطرق الحديث في المؤتمر الصحفي الى القدرات المتنامية لقوات الامن العراقية التي تدربها الولايات المتحدة والى توليها المسؤولية الامنية في مناطق متزايدة من العراق.

وقال رامسفيلد "انهم يزيدون من قدراتهم كل يوم كما توقعنا ان يحدث. والرافضون والمنتقدون الذين يحاولون دوما التقليل من مستوى هذه القوات والاساءة الى سمعتها هم في خطأ بين."

وسُئل وزير الدفاع الامريكي عما اذا كان يفكر في الابقاء على قوات في العراق للتصدي لايران فقال رامسفيلد "حجم قواتنا هنا سيعتمد على الاوضاع على الارض وعلى المناقشات مع الحكومة العراقية التي ستتبلور مع الوقت."

وصرح رامسفيلد بان نجاح العراق "سيمثل فشلا من وجهة النظر الايرانية." وترتبط ايران بعلاقات وثيقة مع الشيعة العراقيين الذين يهيمنون على الحكم الان.

وتعرض رامسفيلد نفسه لعاصفة من الانتقادات من جنرالات متقاعدين طالبوا باستقالته متهمين اياه بعدم الاكتراث بنصائح القادة العسكريين وارتكاب اخطاء استراتيجية في العراق.

وسُئل رامسفيلد (73 عاما) عما اذا كانت هذه الزيارة ستكون زيارته الاخيرة للعراق كوزير للدفاع فرد باقتضاب قائلا "لا."

وقال السناتور جون وورنر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي ان لجنته ليس لديها متسع من الوقت للاستماع الى جنرالات متقاعدين يدعون لاستقالة دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي لكنه ترك الباب مفتوحا لعقد جلسة استماع في وقت لاحق.

وصرح وورنر بانه سيتخذ قرارا بشأن سماع شهادة منتقدي سياسة رامسفيلد في حرب العراق "في المستقبل القريب" لكنه قال انه ليس بوسعه ان يضع ذلك في جدول أعمال اللجنة الا بعد عطلة الكونجرس في يوم تكريم قتلى الحروب في اواخر شهر مايو ايار القادم.

وبعثت السناتور الديمقراطية هيلاري كلينتون رسالة الى رئيس لجنة القوات المسلحة الاسبوع الماضي دعت خلالها وورنر الى عقد جلسة استماع يشهد فيها "هؤلاء الجنرالات المتقاعدون الى جانب جنرالات متقاعدين لهم وجهات نظر اخرى" بشأن سياسات وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في العراق.

ودافع الرئيس الامريكي جورج بوش الذي تدنت شعبيته كثيرا بسبب حرب العراق عن وزير الدفاع ورفض الدعوة الى تنحيته.

وتعالت الاصوات المطالبة باستقالة رامسفيلد بعد ان تحدث عدد من الجنرالات المتقاعدين ومن بينهم بعض قاد القوات الامريكية في العراق علنا ضد رامسفيلد في الاونة الاخيرة واتهموه بالعجرفة وتجاهل مشورة قادته الميدانيين.

وقالت هيلاري وهي عضو في لجنة القوات المسلحة في رسالتها "من خلال الاستماع الى جنرالات متقاعدين ومسؤولي ادارة لهم دراية مباشرة بجهود التخطيط يمكن للجنة ان تضمن ان نتعلم من التجارب السابقة ونعد بشكل أفضل عملياتنا المستقبلية."

وقالت السناتور الجمهورية سوزان كولينز عضو اللجنة التي انتقدت رامسفيلد من قبل انها لا تعتقد ان عقد جلسة لسماع شهادة الجنرالات المتقاعدين هي فكرة جيدة.

وقالت لرويترز "لست مستريحة لدعوة جنرالات سابقين للوزير للاستقالة لاني اعتقد ان هذا يثير تساؤلات حول الانضباط في الجيش.

"ولا اعتقد ان عقد جلسة استماع بشأن استمرار الوزير رامسفيلد في منصبه سيكون مفيدا. هذا ليس قرارنا هذا قرار الرئيس."

وفي هذا السياق قدمت مجموعة من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قرار يدعو الرئيس جورج بوش الى ابلاغ قادة العراق أنه يتعين عليهم أن يفوا بالمواعيد التي حددوها لأنفسهم لتشكيل حكومة كشرط لإبقاء القوات الامريكية هناك.

ومن المتوقع أن يقترع مجلس الشيوخ على المشروع في الايام القادمة مع مناقشته مشروع قانون للانفاق الطاريء قيمته 106.5 مليار دولار لتمويل الحرب في العراق وافغانستان وجهود الاغاثة في منطقة ساحل الخليج الامريكي التي دمرها الاعصار كاترينا.

وقال السناتور كارل لفين ان التعديل "سيضع مجلس الشيوخ يسجل رسميا موقفه في حث الرئيس للمرة الاولى على أن يربط بشكل محدد استمرار وجود القوات الامريكية بوفاء العراقيين بالمواعيد التي حددوها لانفسهم."

ويتبنى لفين وهو ديمقراطي بارز بلجنة القوات المسلحة مشروع القرار مع سوزان كولينز العضوة الجمهورية والعضو الديمقراطي جارك ريد.

وعارض السناتور جون وورنر رئيس لجنة القوات المسلحة بالمجلس وهو جمهوري المشروع قائلا انه "قد يساء تفسيره" وقد يبطيء قوة الدفع السياسية التي تحققت في العراق في الايام القليلة الماضية.

وحدد الزعماء العراقيون لانفسهم مهلة 30 يوما لتشكيل حكومة واربعة أشهر لتعديل الدستور لجعله وثيقة أكثر توحيدا للبلاد.

ويقاوم الجمهوريون وفي مقدمتهم البيت الابيض فرض أي جدول زمني لبدء سحب القوات الامريكية في العراق البالغ قوامها 130 ألف جندي قائلين ان ذلك لن يؤدي سوى الى إذكاء العنف.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 27/نيسان/2006 -28/ربيع الاول/1427