الدكتور محمد حسين الأعرجي يستذكر رحلته مع الجواهري في جامعة كربلاء

خاص بشبكة النبأ/ شكري الملك

في اصبوحة أدبية متميزة اقامتها كلية التربية في جامعة كربلاء للباحث الدكتور محمد حسين الاعرجي، عرَّج فيها الضيف الباحث على سيرته الشخصية مع شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري رحمه الله.

 وتطرق في جانب منها الى بعض خصوصيات الجواهري وطبيعة شخصيته الميالة الى الغضب السريع والرضا الأسرع وتقلبات مزاجه بين حال وحال، خاصة عندما كان برفقة الجواهري في مدن الغربة كالجزائر وسوريا وبراغ وغيرها من المدن وكذلك تحدث الدكتور الأعرجي عن التدفق العاطفي الذي يتمتع به شاعرنا الراحل ودور ذلك في خلق عبقريته الشعرية المتفردة وقال الباحث بهذا الصدد (ان العاطفة الجياشة لدى الجواهري استطاعت ان تجعل منه شاعرا عصريا على الرغم من لغته الشعرية الجزلة).

وقد حضر هذه الاصبوحة عدد من المثقفين والادباء والاساتذة الأكاديميين وجمع من طلبة الجامعة، حيث بدأ الدكتور مهند حسين بتقديم الباحث الضيف واستعرض بشكل سريع حياة الجواهري ومواقفه الوطنية المعروفة وقرأ عددا من قصائده ذائعة الصيت ومنها( أتعلم أنت أم لا تعلم...... بأن جراح الضحايا فم) وكذلك (حييت سفحك عن بعد فحييني........ يا دجلة الخير يا أم البساتين) ومقطع من قصيدة (يا أم عوف عجيبات ليالينا.......يقصينا اهواءنا القصوى ويدنينا) وغيرها من القصائد الخالدة للجواهري.

ثم بدأ الباحث بحديثه عن السنوات الطويلة التي جمعته بالجواهري وعن المواقف المهمة التي اطلع عليها بشكل مباشر وهو برفقة الشاعر ومنها ذكر للجمهور حادثة تؤكد الشخصية العاطفية الصادقة لشاعرنا الراحل حيث سرد الباحث الاعرجي هذه الحكاية عن صديقه الجواهري قائلا:

( كنت معتادا عندما أنهي عملي في جامعة الآداب ببغداد أن أمر يوميا على صديقي الجواهري في بيته الكائن بحي القادسية ببغداد، وفي أحد الايام دخلت بيت الجواهري ووجدته ينتحب بشدة لدرجة انني لم أجرؤ على سؤاله عن سبب هذا البكاء، وبعد نصف ساعة تقريبا من البكاء المتواصل للجواهري توقف ثم قال لي: لم تسألني لماذا أبكي؟ فقلت له: لم أجرؤ على ذلك، ثم سألته عن سبب بكائه فقال: لقد سمعت خبر وفاة القارئ عبد الزهرة الكعبي في الاهواز الآن، وأضاف قائلا: كيف تريدني ان لا ابكي بهذه الطريقة عن هذا الرجل الذي نقل لي صورة استشهاد الرضيع بين يدي الحسين – ع- وكأنها تحدث أمامي مباشرة عندما كنت استمع اليه وهو يقص لنا مقتل الامام -ع-) وأضاف الباحث قائلا:

( كان الجواهري رحمه الله يكن محبة لا توصف للامام الحسين-ع- ويختصر فيه محبة ومواقف أهل البيت –ع- وتضحياتهم على طريق الحرية).

بعد ذلك تحدث الباحث الاعرجي عن امكانية المقارنة بين تجربتي بدوي الجبل الشاعر السوري المعروف وبين الجواهري وقال( كان الجواهري لا يعترف بشاعر آخر سوى بدوي الجبل).

 ثم عرج الباحث عن الفرق بين شعر الشاعرين من الناحية الفنية، واكد على ان بدوي الجبل يستخدم اللغة عبر آفاقها الجمالية في حين يقربها الجواهري الى الواقع أكثر فتتسم بشيء من الجفاف اللغوي الجزل وهذه السمة غير موجودة في لغة بدوي الجبل.

بعد فتح مقدم هذه الحوارية باب الحوار لجمهور الحاضرين مع الدكتور الاعرجي واسهم فيه عدد من الادباء والاكاديميين وطلبة الجامعة، حيث تمنى القاص علي حسين عبيد، على الباحث ان يستعرض المواقف الفريدة في حياة الجواهري بدلا من التركيز على الجوانب الفنية في شعره وقال (اننا نستطيع ان نعرف فنية الشعر للجواهري من خلال كتب الباحثين الكثيرة كما في كتابكم الموسوم- الجواهري دراسات ووثائق- ولكن نتمنى بصفتك الصديق الملازم للجواهري ان تطلعنا على المواقف الفريدة في شخصية وحياة الجواهري المثيرة للجدل).

 كذلك شاركت عدد من الطالبات في هذه الحوارية التي اتسمت بالمواقف الطريفة والحس الفكاهي الذي كان يشيعه الجواهري في الاجواء التي يحضرها، وكذلك اطلع الباحث جمهور الحاضرين على جوانب مهمة من مواقف الجواهري الشعرية والوطنية التي تميز الشاعر فنيا عن غيره في نظم الشعر وخصوصيته المفعمة بالتدفق العاطفي حيث جعل منه شاعرا معاصرا يكتب شعره بلغة مماثلة للغة المتنبي والبحتري وأبي تمام الذين غادرونا قبل اكثر من الف عام.

شبكة النبأ المعلوماتية-الأربعاء 26/نيسان/2006 -27/ربيع الاول/1427