هجمات تجتاح بغداد مع محاكمة صدام تظهر التحديات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد

أبرز وقوع هجمات صاروخية جديدة وانفجارات والعثور على عدة جثث لأشخاص اعدموا فيما يبدو بأنحاء العراق يوم الاحد التحديات الامنية التي تواجه رئيس الوزراء المكلف جواد المالكي وهو يحاول تشكيل حكومة جديدة.

واجتاحت موجة من التفجيرات بغداد يوم الاثنين وأسفرت عن مقتل ثمانية على الاقل واصابة ما يقرب من 80 في حين استمعت هيئة المحكمة التي تنظر قضية الرئيس السابق صدام حسين الى تقرير ذكر ان توقيعه كان موجودا على وثائق تربطه بمقتل 148 شيعيا.

وجاءت التفجيرات في الوقت الذي يعمل فيه رئيس الوزراء المكلف جواد المالكي على تشكيل حكومة يشارك فيها الشيعة والسنة والاكراد في محاولة لانهاء العنف الطائفي الذي يهدد العراق بالانزلاق الى حرب اهلية.

وامام المالكي اربعة أسابيع لاختيار مجلس وزراء وتشكيل حكومة ينظر اليها على انها الوسيلة الوحيدة لوقف العنف الطائفي.

ويتعين على البرلمان التصديق على ترشيحات المالكي للمناصب الوزارية وعلى اختياره هو شخصيا من قبل الرئيس جلال الطالباني لرئاسة الحكومة.

وسيكون اختياره لوزير الداخلية اختبارا رئيسيا لقدرته على القيادة والتوحيد حيث ان هذه الحقيبة من أكثر المناصب حساسية نظرا للماضي الذي عانى منه الكثير من العراقيين في عهد صدام والحاضر الذي يهيمن عليه انعدام الاستقرار والعنف.

وقال وائل خميس وهو رجل اعمال يبلغ من العمر 44 عاما "لا نريد شيئا اكثر من الامن ومجتمع امن يمكننا ان نعيش فيه ونربي اولادنا في امان."

وأضاف "رغم كل ما حدث لا زلت اعتقد ان بوسعنا ان نبدأ بداية جديدة وننسى الماضي اذا ما بدأت الحكومة الجديدة بداية طيبة خالصة بتشكيل مجلس وزراء بعيدا عن المصالح الطائفية والميليشيات."

وتابع بقوله "كل ما نملكه الآن هو الامل والحلم بحياة افضل. والحكومة القادمة هي فرصتنا الاخيرة. اتمنى لو استطعت ان اخرج بأسرتي في نزهة بالسيارة دون خوف."

ورحب زعماء العالم وسياسيون عراقيون باختيار المالكي الشيعي لرئاسة الحكومة بعد أربعة أشهر من الجمود السياسي ولكنهم دعوه الى ضم جميع الاطياف العرقية والدينية في أول حكومة ذات ولاية كاملة بعد الحرب.

وتضغط الولايات المتحدة وحلفاؤها على الزعماء العراقيين من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية للمساعدة في الحيلولة دون انزلاق البلاد الى أتون حرب أهلية.

ويتعين على المالكي مواجهة التمرد المسلح الذي يحظى بدعم أقلية العرب السنة وعمليات إراقة الدماء الطائفية التي اندلعت بعد تفجير مزار شيعي. وكان السنة يتولون مقاليد السلطة تحت حكم صدام حسين ولكن الاغلبية الشيعية هي التي تتولى الحكم حاليا.

وقتل مئات العراقيين واضطر أكثر من 65 ألفا الى النزوح عن ديارهم منذ التفجير الذي وقع في فبراير شباط. وتقول واشنطن ان ضحايا العنف الطائفي الان يزيدون عن عدد ضحايا التمرد.

وأمام المالكي شهر لتشكيل حكومة ويتعين أن يحصل هو وفريقه على ثقة البرلمان.

وقال اياد علاوي أول رئيس وزراء عراقي معين بعد الحرب ان التأخير في تشكيل حكومة لمدة اربعة اشهر أصاب العراقيين بالفعل بخيبة أمل وقوض الديمقراطية الوليدة.

وأضاف علاوي في بيان ان من المهم أن تتشكل الحكومة الجديدة بسرعة خلال أيام وليس أسابيع. ومضى يقول ان الشعب العراقي لن يتفهم أو يقبل مزيدا من التأخير.

وقال زالماي خليل زاد سفير الولايات المتحدة في العراق ان الانفراج سيقود مع مرور الوقت الى تحسين في قدرة العراق على ضمان امنه ويسمح للولايات المتحدة بتخفيض عدد جنودها الذي يصل الان الى نحو 130 الف جندي.

ولكن في الشارع يقول العراقيون ان اختيار رئيس وزراء وحكومة ما هو الا الخطوة الاولى على طريق طويل للسلام. وبدا ان رد الفعل على صعود المالكي يتباين حسب الانتماءات الطائفية.

وقال سليم الجبوري وهو استاذ في جامعة ديالى ببعقوبة يوم الأحد "التغلب على أزمة تشكيل الحكومة لا يعني حل كل الازمات السياسية في العراق."

وأضاف "أمام المالكي ما يكفي من القضايا للتعامل معها.. الاحتلال.. تدخل دول المنطقة.. الميليشيات المسلحة والاحتجاز غير المشروع."

وتحث واشنطن المالكي على ضمان أن يكون وزراؤه أكفاء وأقوياء وأن يوحدوا صفوف الشعب.

وقال خليل زاد للصحفيين في الشمال الكردي "نريده ان يشكل في اقرب وقت ممكن حكومة جيدة وقوية."

كما يتعين على المالكي وهو من الشخصيات التي لها نفوذ من وراء الكواليس والذي ساعد في تشكيل سياسة البلاد بعد الحرب انقاذ اقتصاد البلاد الغنية بالنفط والتي تعاني من نقص حاد في الاستثمارات الاجنبية نتيجة الاضطرابات.

وسيكون اختياره لوزير الداخلية من الاختبارات الفعلية للمالكي بعد أن اتهم زعماء من السنة الوزارة التي يسيطر عليها الشيعة بغض الطرف عن فرق اعدام تستهدف السنة. ولكن الوزارة تنفي ذلك.

وقال السيد عباس البياتي ،عضو مجلس النواب عن قائمة الإئتلاف العراقي الموحد ،يوم الإثنين إن توزيع الوزارات في الحكومة المزمع تشكيلها "سيكون حسب نظام النقاط والإستحقاق الإنتخابي."

وأوضح البياتي ،في تصريح لوكالة أنباء ( أصوات العراق) المستقلة اليوم ،أن" توزيع الوزارات

في الحكومة المقبلة ،التي يترأسها الأخ جواد المالكي سيتم حسب نظام النقاط التي تحظى بها كل قائمة.. وكذلك الإستحقاق الانتخابي."

وأشار إلى أن حصة الائتلاف "ستبقى في معظمها.. لكنها ستكون أقل من النصف بقليل ، والتغييرات ستطرأ على الوزراء.. وليس الوزارات."

وأضاف "قد يحتفظ الإئتلاف بغالبية وزاراته الحالية.. لكنه سيفقد وزارة أو وزارتين."

وبين البياتي أن الإئتلاف "ما زال يصر على الوزارات السيادية التي أدارها في الحكومة السابقة ،ومن بينها: الداخلية والمالية والنفط.. وكذلك الوزارات الخدمية."

وشدد على أن "رئيس الوزراء المكلف هو من سيقوم باختيار أفضل المرشحين للوزارات" ، لافتا إلى أنه "يحق لرئيس الوزراء المكلف أن يرفض المرشحين ،إذا رأى أنهم لا ينسجمون مع الفريق.. أو ليسوا بالمستوى والكفاءة المطلوبة."

وأشار البياتي إلى أن الإئتلاف "باشر يوم ( الأحد) نقاشا حول توزيع الوزارات." وتابع "ستكون العملية على مرحلتين ،حيث تبدأ الأولى مع الكيانات الأخرى لتحديد عدد وزارات الإئتلاف.. وستكون الثانية لتوزيع الوزارات المخصصة للإئتلاف."

وختم البياتي تصريحاته بالقول إن "مجموعة المستقلين ( التي ينتمي إليها) ترغب فى الحصول على وزارات خدمية ،من أجل العمل على رفع المشكلات التى يعانى منها المواطنون.. وتحقيق الأفضل لهم."

واقرت الحكومة الاميركية بانه ما زال يتحتم القيام بالكثير من اجل وضع حد للعنف في العراق بالرغم من التقدم المتمثل بتعيين رئيس وزراء جديد بعد مأزق سياسي استمر اكثر من اربعة اشهر.

واجرى الرئيس الاميركي جورج بوش الاثنين اتصالات هاتفية برئيس الوزراء الجديد جواد المالكي والرئيس جلال طالباني ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني.

وقال بوش في كلمة القاها امام جنود من مشاة البحرية (المارينز) والبحرية في قاعدة توينتيناين بالمز بكاليفورينا "قلت لهم انهم يتحملون مسؤوليات كبيرة تجاه شعبهم".

واضاف "انهم يتحملون مسؤولية تحسين حياة الرجال والنساء بمعزل عن معتقداتهم ويتحملون مسؤولية دحر الارهابيين. انهم يتحملون مسؤولية توحيد البلاد واعتقد انهم سيتوصلون الى ذلك".

ورأى بوش ان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة سيكون "محطة مهمة على الطريق الذي يقودنا الى النصر في العراق" و"ضربة قوية الى الارهابيين الذين يسعون لالحاق الضرر بنا". وقال ان "الديموقراطية في العراق ستكون نموذجا مهما للشعوب التي تتطلع الى الحرية".

واشاد بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس السبت بتعيين رئيس الوزراء الجديد معتبرين انه "مرحلة مهمة" نحو تشكيل حكومة جديدة.

لكنهما اقرا بانه ما زال يتعين القيام بالكثير قبل التوصل الى وقف اعمال العنف نظرا الى الوضع الميداني سواء بالنسبة للميليشيات الشيعية او الحركات المسلحة السنية او "فرق الموت".

وقال بوش ان "الحكومة الجديدة تتحمل مسؤولية نشر الاعداد المتزايدة من قوات الامن العراقية للتغلب على الارهابيين والمتمردين وفرض السيطرة على الميليشيات".

اما رايس فرأت ان تشكيل قوة امن على اساس غير طائفي يجب ان يكون "في طليعة اولويات" رئيس الوزراء الجديد الذي يتعين عليه تشكيل حكومة في مهلة ثلاثين يوما.

من جهته اعتبر السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد ردا على اسئلة شبكة "سي ان ان" الاحد ان العراق "بحاجة الان الى شخص قادر على توحيد البلاد" واصفا المالكي بانه "وطني عراقي" و"زعيم قوي وصاحب عزيمة".

وقال ان رئيس الوزراء العراقي الجديد "زعيم قوي وصاحب عزيمة وقد اعلن عن مواقف متشددة ضد الارهابيين والمتمردين والبعثيين ايضا".

واقر وزير الداخلية العراقي جبر صولاغ اخيرا بوجود "فرق موت" داخل بعض فصائل القوات الامنية.

ورأى بوش الذي تراجعت شعبيته كثيرا ولا سيما بسبب الحرب في العراق ان هذا التقدم السياسي يندرج ضمن الاستراتيجية الاميركية للخروج من العراق التي تقوم على تشكيل قوات امنية عراقية قوية قادرة على تولي مهام حفظ الامن. وقال السبت انه سيكون في وسع القوات الاميركية الانسحاب "مع تبلور دور العراقيين".

ووصفت رايس جواد المالكي الذي يحل محل ابراهيم الجعفري بانه شخص "يمكن التعامل معه" ومدافع كبير عن سيادة بلاده.

غير انه ليس هناك في الوقت الحاضر ما يشير الى انه سيتمكن من النجاح حيث فشل الجعفري وهو مساعده في حزب الدعوة الشيعي.

وردا على امكان دمج الميليشيات المسلحة في قوات الامن وهو ما دعا اليه جواد المالكي قالت رايس انه يتعين بحث هذا الموضوع "بشكل مفصل اكثر".

وعددت ادارة بوش الى جانب الامن تحديات اخرى ما زال ينبغي الاضطلاع بها في العراق وبينها اعادة بناء البنى التحتية وتوفير الخدمات الاساسية والانتاج النفطي ومكافحة البطالة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 25/نيسان/2006 -26/ربيع الاول/1427