الجعفري ينسحب نهائيا ويعتبر ان احتلال الموقع ليس غنيمة

يأمل الائتلاف الشيعي في العراق تقديم مرشح جديد لمنصب رئيس الوزراء الى الكتلتين الكردية والسنية يوم الجمعة في محاولة جديدة للخروج من الجمود بشأن تشكيل حكومة جديدة قبل اجتماع البرلمان.

واشار ابراهيم الجعفري الذي كان الاختيار الاصلي للائتلاف لشغل منصب رئيس الوزراء في كلمة اذاعها التلفزيون يوم الخميس انه مستعد للتنحي بناء على طلب من الائتلاف بعد ان رفض نداءات واسعة النطاق كي يستقيل على مدى عدة اشهر.

وانعش هذا التحرك الامال بالتوصل الى اتفاق بشأن حكومة وحدة وطنية تأمل واشنطن في ان تتيح فرصة تجنب الانزلاق الى حرب اهلية طائفية شاملة وان تجتذب المسلحين السنة الى العملية السياسية.

وكان الائتلاف الذي له أكبر كتلة في البرلمان قد قال انه سيجري تصويتا جديدا لاختيار مرشحه لكنه علق هذه الخطط خوفا من مواجهة تأخير جديد ومعارضة من تحالفات سياسية اخرى اذا لم يتم التشاور معها اولا.

وقال عضو كبير في الكتلة لرويترز "الائتلاف يريد الاتفاق على مرشح دون خوض تصويت اخر يمكن ان يتسبب في مزيد من التأخير."

وقال الدكتور الجعفرى رئيس الوزراء العراقى إنه راجع نفسه بشأن مسألة ترشيحه لرئاسة الحكومة وإنه "يتمنى التوفيق لخليفته."

وقال الجعفرى فى خطاب مرتجل مساء يوم الخميس بثته قناة (العراقية) الفضائية "لقد راجعت نفسى من أجل تقوية الائتلاف ومن أجل شد اللحمة الوطنية وشد آزر إخوانى جميعا."

وتابع "أوصيهم (إخوانى) من أى موقع من المواقع أن لا يفهموا أن احتلال الموقع غنيمة .. ولا يفهموا المسؤوليات والصلاحيات على أنها عملية نهم وإنما هى تضحية."

وزاد الجعفرى "الائتلاف اعتبره هدفا لى وليس وسيلة."

وتعهد الجعفرى مواصلة العمل بقوة من أجل العراق والعراقيين "عهد الله على انى سأواصل مسيرتى بقوة أشد وصلابة أكثر ."

وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء المنتهية ولايته الدكتور إبراهيم الجعفري ،اليوم الجمعة، إن عددا من الشخصيات السياسية بذلت جهودا مكثفة لإقناع الجعفري بالعدول عن قراره التنازل عن الترشيح لرئاسة الوزراء ،فيما أفاد المصدر أن السيد عبد العزيز الحكيم يفضل أن يكون البديل للجعفري ،(حال إصراره على موقفه) هو السيد علي الأديب .

وأوضح المصدر ،في تصريح لـ ( أصوات العراق) المستقلة ،أن الحجة التي تسوقها تلك الشخصيات للجعفري هي أن إختياره "جاء عن طريق الترشيح من داخل الإئتلاف.. وبطريقة عادلة ،ولا يمكن له أن يتنازل عن هذا الترشيح."

وكشف المصدر أن المحاولات "جاءت من حزب الدعوة الإسلامي والتيار الصدري وكتلة (مستقلون).. إضافة إلى جهات من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ،إلا أنها باءت جميعها بالفشل.. لأن الجعفري مصمم على قراره ،رغم حقه في الترشح."

وتأتي هذه المحاولات قبل يوم واحد من عقد جلسة البرلمان المقررة يوم ( السبت) ، والتي يفترض أن تحسم الكثير من الأمور المعلقة بالنسبة للترشيحات للمناصب الرئاسية الثلاث.

وفي سياق ذي صلة ،أشار المصدر إلى أن رئيس المجلس الاعلى للثورة الإسلامية السيد عبد العزيز الحكيم " يفضل أن يكون البديل للدكتور إبراهيم الجعفري ،في حالة رفضه العدول عن موقفه من التنازل عن الترشيح ،هو السيد على الأديب.. عضو قائمة الائتلاف العراقي الموحد والشخصية الثالثة في (حزب الدعوة) الذي يتزعمه الجعفري.

ولفت المصدر إلى أنه "من المحتمل أن يكون يوم ( السبت) هو يوم المفاجآت."

اختلفت حسابات البيدر الاقليمي والدولي مع حسابات الواقع العراقي بعد اعلان ابراهيم الجعفري انسحابه من الترشيح لرئاسة الوزراء، وانعكست الاراء داخل الكتل البرلمانية، حول هذا المتغير الجديد الى تأجيل لجلسة البرلمان. الخميس الى يوم الاحد المقبل.

واعتبرت مصادر عراقية مطلعة ان قرار الجعفري جاء بعد تدخل اشرف قاضي ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق لدى مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني والزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر للخروج من مأزق اعتراضات ثلاث كتل برلمانية على ترشيح الائتلاف العراقي الموحد للجعفري لمنصب رئيس الوزراء

لكن مسؤولين في حزب الدعوة الذي ينتمي اليه جواد المالكي والتلفزيون العراقي قالوا ان الائتلاف سيقدم المالكي على ما يبدو كمرشح جديد لمنصب رئيس الوزراء.

ولم ينظر من قبل للمالكي وهو مقرب من الجعفري زعيم حزب الدعوة كمرشح محتمل حيث ينظر اليه كسياسي طائفي سيواجه مشكلات لكسب ثقة الكتلتين السياسيتين السنية والكردية.

وعرض حزب الفضيلة الشريك الصغير في الائتلاف العراقي الموحد في وقت سابق يوم الجمعة أن يشغل زعيمه نديم الجابري منصب رئيس الوزراء.

ومن المقرر ان يجتمع يوم السبت البرلمان الذي لم ينعقد سوى مرة واحدة منذ انتخابه في ديسمبر كانون الاول حيث يتوقع ان يبدأ النواب باختيار رئيس للبرلمان ومجلس رئاسي يجب ان يقدم بدوره المرشح لمنصب رئيس الوزارء للتصويت عليه في البرلمان.

ورغم انه من المرجح ان يلقى الاتفاق المنتظر منذ فترة طويلة اشادة على انه انتصار للديمقراطية فليس هناك مرشح يمكن النظر اليه باعتباره زعيما شعبيا قويا يمكنه ان يتعامل مع العنف المستعر في العراق وانقاذ اقتصاد متعطش للاستثمار الاجنبي.

وتركت هذه الاوضاع بعض العراقيين بدون أمل.

وقال عادل عبد الامير (40 عاما) وهو استاذ جامعي في مدينة البصرة العراقية بجنوب البلاد التي يغلب الشيعة على سكانها ان التأخير يثبت ان التجربة الديمقراطية فشلت في العراق. واضاف انه يرى العديد من السياسيين الغير مناسبين لاي منصب.

وقال ان جوهر المشكلة ليس الجعفري نفسه وانما القضية الحقيقية هي ان جميع الشخصيات البديلة تفتقر الى الخبرة السياسية لادارة البلاد.

وتعول الولايات المتحدة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضفي الاستقرار على البلاد حتى تتمكن من سحب قواتها التي يبلغ قوامها 130 الف جندي في العراق.

ويتوقف الكثير على اداء القوات العراقية التي دربتها الولايات المتحدة بغرض تولى السيطرة على الامن في البلاد في نهاية المطاف.

ولا يتوقع ان يحدث هذا قريبا بينما يزداد انعدام الثقة الطائفي بين العراقيين حتى ان قوات الامن التي يهيمن عليها الشيعة ينظر اليها على انها جزء من الصراع الطائفي الدموي وليس الحل.

وقال عضو في الائتلاف العراقي الموحد الشيعي ان المنافسة على منصب رئاسة الوزراء اصبحت تنحصر بقياديين من حزب الدعوة الاسلامية هما جواد المالكي وعلي الاديب.

واوضح النائب حسن السنيد من حزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري لوكالة فرانس برس "تجري الان اجتماعات بين حزب الدعوة الاسلامية بشقيه والتيار الصدري" موضحا ان "هناك مرشحين من حزب الدعوة لمنصب رئاسة الوزراء هما جواد المالكي الذي يبدو اوفر حظا وعلي الاديب".

واضاف ان "المشاورات جارية حاليا مع اطراف من داخل وخارج الائتلاف حول هذين المرشحين ومدى مقبوليتهما لدى هذه الاطراف".

وتابع السنيد ان هذين المرشحين "سيطرحان في الساعة 16,00 بالتوقيت المحلي (00,12 تغ) من الجمعة على اللجنة السباعية التي تضم رؤساء الكتل السبع المكونة للائحة الائتلاف للنظر في هذين المرشحين مع الاخذ في الاعتبار رأي القوى السياسية العاملة على الساحة العراقية". واشار الى ان "ابراهيم الجعفري لا يتنافس في الترشيح مع هذين المرشحين".

واستبعد السنيد "اجراء عملية التصويت على المرشحين" معتبرا ان "المسألة يمكن حسمها من خلال عملية التوافق في اللجنة السباعية الجمعة ليتم عرضها صباح السبت على الهيئة العامة التي تضم الاعضاء ال130 في الائتلاف العراقي الموحد لبيان الرأي النهائي".

وردا على سؤال حول ما اذا كان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية سيقدم مرشحا لهذا المنصب قال السنيد "اتفقنا معهم انه في حال انسحاب الجعفري سيكون المرشح لمنصب رئيس الحكومة من حزب الدعوة".

وجواد المالكي (56 عاما) الرجل الثاني في حزب الدعوة الاسلامية من محافظة بابل (100 كلم جنوب). وقد غادر العراق بعد 1980 اثر حظر نشاط حزب الدعوة من قبل نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.

وشغل المالكي العديد من المناصب منها رئاسة اللجنة الامنية في الجمعية الوطنية العراقية والمتحدث الاعلامي باسم الائتلاف العراقي الموحد وهو من الذين دافعوا بشدة من اجل سن قانون مكافحة الارهاب في البرلمان العراقي. كما شغل منصب نائب رئيس هيئة اجتثاث البعث التي شكلها الحاكم الاميركي على العراق بول بريمر (2003-2004).

اما علي الاديب (62 عاما) فهو من مدينة كربلاء الشيعية المقدسة (110 كلم جنوب). وكان الجعفري اعلن انه على استعداد لقبول أي موقع اخر في الحكومة العراقية الجديدة في حال قرر الائتلاف العراقي الموحد الشيعي تكليف شخص اخر لمنصب رئاسة الوزراء.

ورفض الجعفري مرارا التنازل عن هذا الترشيح ما ادى الى تعثر تشكيل الحكومة المقبلة ايضا عند توزيع المناصب الرئيسية الاخرى.

ويتزايد الشعور بالإحباط لدى واشنطن بسبب عدم قدرة الزعماء العراقيين على تشكيل حكومة تضم الشيعة والعرب السنة والاكراد وينظر اليها على انها افضل امل لترويض المسلحين السنة ووقف العنف الطائفي وتجنب الانزلاق الى حرب اهلية.

ويقول منتقدو الجعفري انه زعيم ضعيف فشل في كبح العنف ودعم الاقتصاد خلال العام الذي قضاه في السلطة.

وفي إشارة الى مشاعر الاحباط المتنامية ازاء التأجيل قال الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء ان "العملية السياسية في العراق يجب ان تتم قريبا ونحن نعمل من اجل هذا الهدف."

وتزامنت الازمة حول تشكيل حكومة وحدة وطنية مع تصاعد في العنف دفع العراق الى شفا حرب اهلية بعد ثلاث سنوات من الغزو الذي قامت به القوات التي تقودها الولايات المتحدة.

وتلقي الولايات المتحدة التي لها 130 الف جندي في العراق باللوم في تزايد اعمال العنف على الفراغ السياسي.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 22/نيسان/2006 -23/ربيع الاول/1427