السياسة الخارجية التركية تكشف عن أسلمة الحزب الحاكم للدولة

لم يهتم روبرت ويكسلير عضو الكونجرس الامريكي باختيار ألفاظه بعناية خلال زيارة لانقرة الاسبوع الماضي حين أدان قرار تركيا في فبراير شباط استضافة قادة من حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس).

وقال في لقاء حضره أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم ومسؤولون بوزارة الخارجية ان هذه الدعوة "زادت من قوة معارضيكم وأضرت أصدقاءكم."

وجاءت تصريحات ويكسلير بعد نحو شهرين من زيارة قادة حماس لتركيا لتسلط الضوء على التداعيات المستمرة لزيارة أثارت غضب اسرائيل والولايات المتحدة وقلق الاتحاد الاوروبي والكثير من الدبلوماسيين الاتراك كما أثارت شكوكا بأن الحزب الحاكم يريد اضفاء طابع اسلامي على السياسة الخارجية التركية.

ودافع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وله جذور في الاسلام السياسي عن القرار بوصفه محاولة دافعها النوايا الطيبة لتضييق الهوة بين اسرائيل والفلسطينيين الذين أوصلوا حماس الى الحكم من خلال انتخابات ديمقراطية.

وقال ويكسلير عضو الكونجرس من الحزب الديمقراطي الذي يعمل منذ فترة طويلة على تعزيز العلاقات بين واشنطن وأنقرة "لا أستطيع بأي حال من الاحوال أن أتخيل كيف يمكن لهذه الزيارة أن تفيد المصالح التركية."

وبالرغم من أن تركيا يغلب على سكانها المسلمون فانها كانت دائما متمسكة بشدة بالانتماء للمعسكر الغربي على تعاقب حكوماتها منذ بدء الحرب الباردة وتطبق نظاما سياسيا علمانيا وهي عضو في حلف شمال الاطلسي وبدأت العام الماضي محادثات للانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي.

وتتمتع أنقرة أيضا بعلاقات أمنية وتجارية وثيقة مع اسرائيل لهذا كانت دعوة تركيا لمنظمة ترفض حق اسرائيل في الوجود وتصنفها واشنطن والاتحاد الاوروبي على أنها جماعة "ارهابية" بمثابة صدمة لاسرائيل.

وأثارت الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس حنق الغرب هذا الاسبوع حين وصفت تفجيرا انتحاريا في تل ابيب نفذته حركة الجهاد الاسلامي بأنه دفاع عن النفس.

وأدانت وزارة الخارجية التركية الهجوم بشدة.

ويرى بعض المحللين أن زيارة حماس مثال واضح على ان اردوغان الذي يستمع لاراء مستشاريه اكثر من وزارة الخارجية التركية التي تتبنى موقفا حذرا مستعد لتقوية العلاقات مع العالم الاسلامي ولو على حساب تقويض تحالفات أنقرة التقليدية.

وقال علي تكين مدرس العلاقات الدولية بجامعة بلكنت بأنقرة "من المؤكد أن السياسة الخارجية تأخذ طابعا اسلاميا اكثر تحت قيادة هذه الحكومة."

وأضاف "يبدو أن اردوغان ينافس ليكتسب شعبية اكبر من القادة العرب في الشرق الاوسط وهذا تكتيك خطير."

وقال محللون ان زيارات أردوغان للدول الاسلامية زادت عن زياراته لاوروبا في الاونة الاخيرة.

وأثار اردوغان دهشة الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي خلال حضوره اجتماعا للجامعة العربية في السودان بصفة مراقب حين رفض الاتهامات الغربية لحكومة الخرطوم بأنها متورطة في ممارسة ابادة جماعية في اقليم دارفور.

ويرى البعض أن تزايد اتصالات اردوغان مع العالم الاسلامي ما هو الا نتيجة لمحنة تركيا مع الاتحاد الاوروبي. واتهمت تركيا الاتحاد بأنه غير منصف في التعامل معها خاصة فيما يتعلق بقضية قبرص الشائكة.

وكتب ايهان سيمسيك في صحيفة (ذا نيو اناتوليان) الصادرة بالانجليزية "كلما يفقد حزب العدالة والتنمية الامل بالعملية الجارية مع الى الاتحاد الاوروبي يزيد اهتمامه ومشاركته في الشرق الاوسط."

ويقول محللون ان أردوغان ما زال بحاجة الى الاتحاد الاوروبي لتحديث القوانين والمؤسسات التركية والحفاظ على استمرار تدفق الاستثمارات الغربية الى اقتصاد تركيا المزدهر غير أنه لا يهتم كثيرا بهذا الامر.

وينزع اردوغان الى تجسيد تركيا على انها جسر بين الغرب والعالم الاسلامي وانها تعمل على تجنب "صدام للحضارات".

ولتركيا التي كانت تحكم ذات يوم معظم الشرق الاوسط في عهد الامبراطورية العثمانية أسباب قوية وعملية للاهتمام بجاراتها المسلمات حتى ايران وسوريا المناهضتين للغرب.

ويقول محللون ان حزب العدالة والتنمية ربما يكون فقد ثقة الاسرائيليين الى الابد وهي ثقة ضرورية اذا أخذ الحزب على محمل الجد كوسيط أمين للسلام في الشرق الاوسط. ويضيفون أن اردوغان ربما يبالغ في تقدير حجم تركيا على الساحة الدولية.

وقال دبلوماسي بالاتحاد الاوروبي يتخذ من أنقرة مقرا له "من الواضح أن طموحاتهم في السياسة خارجية بعيدة تتجاوز اوروبا لكنهم الان يحاولون لعب دور اكبر من حجمهم."

وقال جنجيز اكتر من جامعة باهسيسيهير باسطنبول ان زيارة حماس هي مثال على "قلة خبرة" حزب العدالة والتنمية.

وحزب العدالة والتنمية هو ائتلاف فضفاض من الليبراليين والوطنيين والاسلاميين وتشكل قبل بضعة أشهر فقط من فوزه في الانتخابات العامة عام 2002. ولا يتحدث معظم الوزراء بما فيهم اردوغان أي لغات أجنبية ولديهم خلفية عن السياسة الاقليمية.

وأضاف اكتر "أرى انتهازية وافتقارا شديدا للحنكة اكثر مما أرى أجندة اسلامية."

ويرى اكتر ومحللون اخرون في تحركات السياسة الخارجية التركية الاخيرة رغبة من اردوغان في التأثير في ناخبيه من أصحاب التوجه الاسلامي حيث تستعد تركيا لاجراء انتخابات العام القادم.

وتشير استطلاعات للرأي الى أنه قد يكون محقا. وأظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن الاتراك يرون في الولايات المتحدة التهديد الاكبر للامن القومي.

واعتبر عدد كبير من المشاركين في استطلاع الرأي اليونان عضو الاتحاد الاوروبي مصدر تهديد كبيرا ايضا للامن القومي التركي بينما لم يعتبر عدد يذكر جارات تركيا من الدول الاسلامية ايران وسوريا والعراق مصادر تهديد للامن القومي التركي.

شبكة النبأ المعلوماتية-االجمعة 21/نيسان/2006 -22/ربيع الاول/1427