شركة هاليبرتون.. تاريخ حافل بالفساد المالي والفضائح المتكررة آخرها العراق

تتعرض هاليبرتون التي كان يرأسها نائب الرئيس الحالي ديك تشيني لفضائح واتهامات مستمرة، ويتهمها الكثيرون بالاستفادة من معاملة تفضيلية في تلقي عقود في العراق من قبل وزارة الدفاع الامريكية البنتاجون،  ومبالغة الشركة في قيمة ما تقدمه من خدمات هناك في فواتيرها للحكومة الأمريكية. وتتعلق آخر الاتهامات التي وجهت للشركة بإمدادها الجنود الأمريكيين في العراق (ما يقرب من 140 ألف جندي) بمياه ملوثة مصدرها مخلفات محطة لتنقية المياه، ويقول تقرير واشنطن ان الشركة نفت صحة مثل هذا الاتهامات مثلما نفت سابقا كل التهم التي وجهت إليها.

يقع المقر الرئيسي لشركة هاليبرتون Halliburton العالمية في مدينة هيوستن Houston في ولاية تكساس الأمريكية، ويصل إيرادها سنوياً إلى حوالي 20.46 بليون دولار، وتوظف لديها ما يزيد عن 95 ألف موظف وعامل في أكثر من 100 دولة. ولا ينحصر نشاط الشركة في بناء المنشآت النفطية وتقديم الخدمات والاستشارات الفنية لشركات إنتاج البترول والغاز الطبيعي فقط، بل تنقسم الشركة إلى مجموعتين هما مجموعة خدمات الطاقة التي توفر الدعم الفني والاستشاري في مجال التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي، ومجموعة KBR التي تختص بأعمال البناء والمقاولات وخاصة مصافي البترول ومواسير النفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى بناء مصانع البتروكيماويات.

تختص المجموعة الأولى التي يطلق عليها  Energy Services Group بأعمال مثل تقييم عمليات حفر الآبار، وتقديم الحلول والاستشارات الذكية، وتعظيم العائد وزيادة الإنتاج، وتحديث أنظمة السوائل البترولية، ولا تزال المجموعة ناجحة، وتدر كثيراً من الأرباح، وتنافس هاليبرتون في هذا المجال شركة شلومبرجر Schlumberger  العالمية.

المجموعة الثانية  كانت قد اشترت شركة براون أند رووت عام 1962، ثم ضمت إليها شركة درسر الصناعية في عام 1998، والتي كانت قد أشترت قبل عشر سنوات شركة إم دبليو كيلوج  في عام 1988، وهكذا أصبحت بعد ذلك من كبرى شركات البناء والمقاولات في العالم، بيد أن شراء هاليبرتون لهذه الشركة الآخيرة كلفها خسائر مادية كبيرة متعلقة بصناعة الأسبستوس، وبلغت قيمة الخسائر ما يقرب من 900 مليون دولار من عام 2002 وحتى عام 2004 لذلك عرض المحللون الاقتصاديون فكرة بيعه للجمهور، وقيمه البنك الألماني آنذاك بمبلغ 2.15 بليون دولار.

الهيكل الإداري لهاليبرتون

يضم مجلس الإدارة الحالي للشركة كل من روبرت كراندل  Robert Crandall، وكينيث دير Kenneth Derr، ومالكلوم جيليز Malcom Gilis، وديليو هويل Delio Howell، وراي هانت Ray Hunt ، وديفيد ليزر David Lesar، ولندس مارتن Landis Martin، وجاي بريكورت Jay Precourt ، وديبرا رييد Debra Reed.

في عام 1919 قام الزوجان ايرل وهاليبرتون بعدة محاولات لاستكشاف آبار بترول في مدينة بيرك بيرنت Burk Burnett في ولاية تكساس، ثم انتقلا للعمل في مدينة اردمور Ardmore  في أوكلاهاما Oklahoma، وقاما بتأسيس شركة هاليبرتون لبناء منشآت البترول الأسمنتية Halliburton Oil Well Cementing  عام 1920. وبعد مرور أربع سنوات اصبحت هاليبرتون كياناً كبيراً، وظهر اسمها في بورصة نيويورك عام 1948، ثم توسعت الشركة وضمت إليها عدة شركات أخرى مثل شركة Brown and Root  عام 1962، وشركة جيوسورس Geosource  عام 1982. وفي هذا العام كانت الطاقة العمالية للشركة آنذاك حوالي 115 ألف موظف وعامل، كما قامت الشركة بشراء شركة جيوفيزكال سيرفيس  Geophysical Services Incorporated عام 1988، ووصل عدد العاملين لديها عام 1991 حوالي 73 الف موظف وعامل.

ولشركة هاليبرتون علاقة قديمة بالجيوش وتوريد المستلزمات المعيشية لها، فخلال الحرب العالمية الثانية أنشأت شركة براون أند رووت محطة كريس نافال الجوية، وبنت عدداً من السفن الحربية لحساب الحكومة الأمريكية. وبعد حرب عاصفة الصحراء في الكويت عام 1991، استطاعت شركة هاليبرتون السيطرة على حرائق 320 بئر بترول في الكويت، كانت الجيوش العراقية قد اشعلتها. وفي فترة التسعينيات اتهمت الشركة بخرق المقاطعة التجارية الأمريكية لكل من العراق وليبيا، حيث قامت ببيع معدات تنقيب وحفر لهاتين البلدين، وبعد الاعتراف الصريح للشركة بالقيام بتلك الصفقة، تحملت الشركة غرامة قدرها 2.61 مليون دولار فقط.

كذلك زودت هاليبرتون القوات الأمريكية خلال حرب البلقان بكل مستلزماتها، غير أن أكثر نشاطاتها إثارة للجدل كانت تلك التي قامت بها في العراق قبل وبعد دخول القوات الأمريكية اليها.

في عام 1995 أصبح ديك تشيني Dick Cheney رئيسا لمجلس إدارة الشركة والمدير التنفيذي لها، وتقاعد عن هذا العمل عام 2000 ليحل محله السيد دافيد ليسر David J.Lesar.

وفي عام 2002 حصلت شركة هاليبرتون على عقد بقيمة 7 مليون دولار لبناء معتقل اكس راي X-Ray ، المعروف الآن بمعسكر غوانتانامو  Guantanamo camp، الواقع في كوبا، وخصصته الولايات المتحدة لاحتجاز الإرهابيين أو من يشتبه في كونهم إرهابيين من التابعين لمنظمة القاعدة على وجه الخصوص. ويضم المعتقل جنسيات مختلفة من حوالي 42 دولة، كما حصلت هاليبرتون على عدة عقود مقاولات وخدمات في العراق، تقدر بعدة مليارات من الدولارات.

وفي عام 2003، كانت شركة هاليبرتون تمارس أعمالها ومشاريعها في إيران رغم العقوبات الاقتصادية التي فرضت على دولة إيران. وفي سبتمبر 2005 فازت هاليبرتون بعقد إزالة المخلفات وآثار الهدم والدمار التي نجمت عن إعصار كاترينا، ونجحت الشركة في تقييم الوضع وكيفية إعادة بناء المنشآت البحرية الأمريكية الواقعة على خليج المكسيك والتي تلفت جراء إعصار كاترينا الرهيب.

ومن الجدير بالذكر أن هاليبرتون لديها حوالي 30 ألف موظف (غالبيتهم العظمى من العراقيين) يعملون في عقود الشركة المتعلقة بتوفير الإمدادات والتموين للقوات الأمريكية في العراق، من مياه وطعام وضروريات أخرى، وتستخدم الشركة في ذلك نحو 700 شاحنة، هذا بالإضافة إلى قيام الشركة بإعادة بناء بعض منشآت البنية التحتية النفطية العراقية.

الجدل حول أعمال هاليبرتون في العراق

أثار وجود هاليبرتون في العرق جدلاً كبيراً،  لأنها الشركة الأمريكية الوحيدة التي ذكرت صراحةً في شريط فيديو لأسامة بن لادن في أبريل عام 2004، الذي أكد فيه أن الحرب على العراق أدت إلى حصول الشركات الأمريكية الكبيرة مثل هاليبرتون على مكاسب وأرباح تقدر بملايين الدولارات.

ويعود هذا الجدل إلى الصلة التي تربط شركة هاليبرتون بنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، ورغم إنه ترك الشركة عام 2000 فأنه يحصل منها على معاش شهري يتراوح ما بين 50 إلى مائة الف دولار، مما يفسر محاباة الحكومة الأمريكية لشركة هاليبرتون بالتحديد، كما جاء على لسان الصحفي الأمريكي بيل جيرتز Bill Gertz ، الذي يغطي أخبار وزارة الدفاع الأمريكية في صحيفة واشنطن تايمز the Washington Times المحافظة.

ومن المتوقع أن تصل عائدات هاليبرتون من حرب العراق في نهاية 2006 إلى ما يقرب من 13 بليون دولار.

في الـ27 من يونيو 2005، قام الحزب الديمقراطي الأمريكي بتشكيل لجنة في الكونغرس لتقصي الحقائق واستجواب الموظفين المدنيين العاملين لدى هاليبرتون في العراق. وتم الاستماع لشهادات الكثيرين من العاملين بالشركة وتم توجيه أسئلة لهم حول الممارسات الخاطئة والتجاوزات التي ترتكبها شركة هاليبرتون في العراق، وقامت محطة سي سبان  C-SPAN3 التليفزيونية بتغطية أعمال اللجنة على الهواء مباشرة. وقال ميبيري Mayberry – أحد الموظفين العاملين لدى هاليبرتون في العراق – أن الشركة باعت أطعمة منتهية الصلاحية للجيش الأمريكي في العراق، كما أدعى أن الشركة ترسل الذين يقومون بإفشاء تلك الأسرار إلى منطقة الفلوجة، حيث يتعرضون لخطر الموت كل لحظة نظراً لضراوة وشراسة الأعمال العسكرية هناك.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  17/نيسان/2006 -18/ربيع الاول/1427