|
يعرف الاعلاميون وكواليسهم معنى رهبة (المايكرفون) ورهبة الكاميرا
وما يقع من خلالها من احراج أوتلكؤ قد يسبب اكثر من قطع في التسجيل،
وقد يوقع المتحدث في مطب الانسياق في الحديث حتى يصل به الامر الى (قعر
اللاشعور)، كما يصف ذلك السر ياليون، فيبوح بمكنونات نفسه، خصوصاً من
كان في ريبة من امره حول ما جرى ويجري في العراق، لا سيما من يحاول
تبرير الاشياء على هواه ونزعاته الصدامية او الطائفية المريضة؟ بعدما
تنفس الواقع عن فرج وفجر عراقي جديد، يعلن عن معيار منطقي وديمقراطي
حقاً في الاعتراف بحقيقة المكونات التي احتواها وادي الرافدين،
ومستويات الظلم الطائفي والسياسي الذي كانت ترزح تحته، عبر معادلات
ومفارقات ظالمة كان الغرض منها اللعب على المنطق والاستخفاف بحقوق
الانسان التي دعت اليها كل المواثيق الدولية والانسانية فضلاً عن كونها
مصداق من مصاديق كافة الاديان السماوية، وهي محاكات لعقيدتنا الاسلامية
فليس بقليل ان تجد في تراث الائمة الاطهار(ع) قد اسست قواعد حقوق
الانسان قبل ان تنسب الى(جان جاك روسو) صاحب نظرية العقد الاجتماعي.
وعودة الى رهبة (الكاميرا) وبالرغم من خلود حسني مبارك في كرسيه
لاكثر من ربع قرن، واعتياده على الوقوف امام الكاميرات طوال تلك السنين،
وقد حفظ العراقيون والعرب بعض لازماته، فأنه اكد انتقاله العاجل من
مراهقة سياسية لم تنضج في ما يبدو، كحال الكثير من الحكام العرب، قياساً
بالزمان والمكان والاقران الاجانب، الى خرف الشيخوخة،بعدما دغدغت
مشاعره محاورته الحسناء من قناة العربية الفضائية، مما افقده وقارة
السياسي وموقعه في لب السياسية العربية، لينفلت لسانه بأمور خطيرة جداً
تمس شغاف قلوب الطائفة المهمة والأكبر في المكون العربي، وهم الشيعة
وتاريخهم وتراثهم، واتهامهم بعدم ولائهم لاوطانهم، والغريب حقاً ان
يطلق هذا الاتهمام من حاكم القاهرة وهو يعلم يقيناً أنها كانت عاصمة
الدولة الفاطمية(الشيعية) وهم الذين بنوها، ومن ازهرها الشريف اشرق نور
الاسلام المحمدي على تلك القصاع، والتأريخ يشهد على من اقام هذا المسجد
وهو ( جوهر الصقلي) وزير المعز لدين الله الفاطمي، وإن كنت مسلماً كما
تزعم فأنت تعلم يقينا مقام السيدة زينب لدى ابناء مصر االعروبة، وتعلم
أي حسين يهيم شرفاء مصر بمقام رأسه لديكم، فما بالك بمن احتوت ارضه
واقعة الطف ومراقد شهداء الطف وانفاس الحسين وتربته واحفاده الذين
توارثوا العلم والفقاهة والفصاحة والصبر او الجهاد ضد ظلم حكام الجور
وانت احدهم قطعا ياسيد حسني ؟!
بالتأكيد فإن السيد حسني مبارك يعلم بمكانة الازهر وشيوخه،ويفترض به
الا يفتي بما يخالف منطقهم، ولحد الآن تشير مواقف الدكتور الشيخ محمد
طنطاوي الى حرصه الشديد على الدم العراقي، وعلى وحدة الشعب ويتألم
كثيراً لما يحاول الصداميون والتكفيريون الى جر البلاد الى فتنة طائفية
قد تشعل بنارها كل الوطن العربي، وقد اشاد بالكثير من المناسبات بمواقف
اتباع اهل البيت ومراجعهم العظام وبوطنيتهم التي لا احد يزايد عليها
وقد شهدت لهم بذلك،فهم ابناء ثورة العشؤين التحرريية ضد الاستعمار
البريطاني، في الوقت الذي،استسلم عبد الرحمن النقيب وطائفته للمناصب
التي جاءت على حساب حقوق العراقيين،وتلك هي اسس المأساة العراقية التي
نعيش آثامها اليوم.
وبالقدر الذي ينبغي لاهل السنة من الاقرار بمركزية الازهر الشريف في
الفتوى برغم ظهور الفوضى في هذا الجانب، فان كل قلوب وعقول الشيعة في
العالم تهفو وترنو الى النجف الاشرف وحوزته العلمية والمرجعيتة الدينية
التي تدين لها كافة ابناء المذهب فضلاً عن احترامها من قبل الامم
الاخرى،وقد صبرت وتحملت الكثير من جور النظام البعثي وقدمت المئات من
العلماء الشهداء الذين هم تراث للبشرية وليسوا ملك طائفة معينة،وذلك
مبرر كافي لاهل المنطق والعدل في ان ينصفوا الشعب العراقي لا ان يقفوا
مع العاصين والقتلة والتكفيريين .
فلمن ولاء الشيعة برأيك يا حسني؟ وانت تعرف بلاشك ان جميع اصول
مراجعنا (السادة) هي عربية علوية هاشمية تنتمي الى نسل آل الرسول سواء
كانوا في العراق او في ايران او في الهند او الباكستان، ويفاخر اقرانك
من الحكام العرب وخصوصاً(الملوك) بانهم من نسل بني هاشم، وبذلك تخضع
شرعية كل الحكام المسلمين الى مصدر واحد وهو ولاؤنا لمذهب اهل
البيت(ع).
ومع ذلك تعترف بان الشيعة في العراق يبلغون65% من الشعب العراقي
بجانب الكرد الذي تقدر نسبتهم 25% من مجموع الشعب فكم بقي للسنة
والديانات من غير المسلمين على حد رايك؟!
بعملية حسابية بسيطة تعرف ان اكثر من 90% من الشعب العراقي ليس
عراقيين!! وان اكثر من ستة ملايين شيعي مصري ليس مصرياً وان القاهرة
عاصمتهم وانت فرعوني وليس عربي وان من قتل شيعة مصر معروف وانتم تدينون
بالولاء له كحال بعض فقهاء مذاهبكم وهم من الاعاجم، وما زال مثقفيكم
وجهالكم يرطنون بالمفردات التركية التي سادت عليكم عدة قرون، وانصهرت
آثاركم بها فصارت اهم معالم مصر، وبالفرنسية وغيرها، فيما يذعن كل
الشيعة الى مرجعيتنا النجفية اينما وجدو ولا يفصلهم عنا حد ولا حدود .
ومعلومة اخرى لعلك لاتعرفها وقد عرفها اعداء العراق قبل اصدقائهم،هي
ان النجف فاتيكان الشيعة على حد وصف زلماي خليل زاد الافغاني الامريكي.
اخيرا هل اطلعت على ديباجة الدستور العراقي الجديد، وما نصت عليه
حصرا،باننا شعب وادي الرافدين،وانت تعرف حدود هذا الوصف الذي هو قطعا
اكبر من الرسوم الجغرافية لخاطة العراق الحالية،لان حضارتنا وصلت الى
كل حدود الدنيا التي كانت معروفة في عصر فجر السلالات،ولعلك لاتعلم ان
بابل موطن النبي ابراهيم(ع) قبل ان يهاجر الى الحجاز، وان النبي نوح(ع)
قد استوطن جنوب العراق،وان العراق موطن العديد من الانبياء
والمرسلين،فكيف يدور بخلدك ان تفتري على اهل العراق وتطعن بوطنيتهم
وولائهم مع غيرهم من الشيعة في العالم لاوطانهم ؟!
* السويد
[email protected] |
