الذكرى الثالثة لسقوط صدام: السليمانية تعبرعن سعادتها وديالى تعيش الرعب اليومي والموصل مختلفة

جمعت مشاعر الفرح اهالي السليمانية بالذكرى الثالثة لسقوط تمثال الرئيس السابق صدام حسين التي تصادف اليوم الأحد مستذكرين مآسيهم التي عانوها في سنوات حكمه.

وأذ جمعت السعادة مشاعر الذين التقتهم (اصوات العراق) فقد تعددت اسبابهم ،فالسيد حكمت فائق من حلبجة (35 سنة) يستحضر في هذه الذكرى افراد اسرته العشرة الذين فقدهم في زمن نظام صدام ويقول "سقوط التمثال اعاد الى ذاكرتي عائلتي الذين قتلهم المجرم بالغازات الكيمياوية السامة سنة 1988 بمدينة حلبجة." استرد فائق انفاسه لبرهة ثم اضاف "سقوط الطاغية اشعرني بفرح غامر."

اما لقمان محمد من مدينة سيد صادق (30 سنة) فقال "دمر صدام مدينتنا مرتين، الأخيرة كانت سنة 1988 حيث تم تفجير بيوتنا بالديناميت، و عندما رايت التمثال ساقطا ضحكت من اعماقي و لا تزال نشوة الفرح باقية في نفسي."

وتعبر سوما حسين (26 سنة) من دربنديخان وهي ابنة احد شهداء المقاومة الكردية عن سرورها قائلة "كان حلما و قد تحقق مع اني كنت احبذ ان تسقطها القوى العراقية لا الدبابات الأجنبية."

وقبل ان يعبر عن مشاعره يتذكر الأسطة عباس سعيد من السليمانية ذلك اليوم حيث كان مع العمال ينظر الى التلفاز و" لدى رؤيتي للتمثال المنهار، قفزت من مكاني صائحا (هذا هو مصير الدكتاتور) و بت اردد بصوت عال (اين جيوش و فدائيي صدام؟)".

تنهد قليلا ثم اضاف "لقد كان يوما جميلا حقا."

احمد الحاج صابر (60 سنة) من قلع دزه الذي فقدزوجته و ثمانية من ابنائه اخرجهم جميعا من تحت الأنقاض و دفنهم بنفسه عندما قصف صدام مدينتهم بالقنابل العنقودية سنة 1974 و قتل من الأهالي العزل 350 شخصا قال "كان سقوط التمثال بمثابة سقوط تلك المظالم، اشعر بفرح عارم يغمرني."

وينسى السيد صدرالدين واحد عمر من كويسنجق (39 سنة) مشاهد حرق منزله وقتل ثلث افراد عائلته لحظة سقوط التمثال اذ قال "لدى مشاهدتي الحدث نسيت الغدر الذي لحق عائلتي و اكون اكثر سعادة اذا صدر حكم عادل بحق صدام حسين."

وبالرغم من هذه المشاعر التي ابداه الذين التقيناهم الا ان السليمانية تخلو من اية مظاهر للأحتفالات الرسمية بهذه المناسبة.

 لكن لمحافظة ديالى قصة اخرى فهي ليست استثناء مما يرزح تحت وطأته العراق ككل من عنف وانعدام أمن وتردي خدمات.. لكن أهلها لا يزالون يسترجعون من وسط ما تعرض له العراق منذ الغزو الامريكي عام 2003 بعدا انسانيا خاص المذاق بهم ... حميمية العلاقات التي تولدت بينهم وبين عائلات بغدادية.

محافظة البرتقال والغابات كان لها ولا يزال نصيبها من تدهور الأحوال على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبشكل خاص أحوالهم الأمنية.

قذائف الهاون والانفجارات تبطن نهارها كما هو نهار بغداد وليلها كليل الفلوجة مليء بالتوقع والمداهمات.

لكن أبناء ديالى مع حلول الذكرى الثالثة لدخول القوات الامريكية الى بغداد في التاسع من نيسان ابر يل 2003 يستذكرون كيف تحولت المحافظة الى ( مضيف ) كبير لاستقبال العوائل البغدادية التي فرت من الموت الذي كان يحدق بها في العاصمة بغداد .

الحاج عمر المندلاوي يقول لـ (أصوات العراق) "لم يخل بيت او قرية في المحافظة من احدى العوائل القادمة من بغداد هربا من الانفجارات والاطلاقات النارية التي كانت تعيشها بغداد يوم ذاك .. لقد كنا نشاركهم مساكننا وغذاءنا وحتى اموالنا ...وقد سرت بيننا الفة كبيرة رغم الأوضاع غير الأعتيادية التي كان يمر بها البلد."

تشاطره الرأي ام علي قائلة " كنا نستقبل العوائل التي نعرفها والتي لا نعرفها فقد كانت بعقوبة اقرب ملجأ للعوائل الفارة من الاحتلال آنذاك."

الهجرة ومشاركة المحنة ولدت ألفة بين الجميع كما تقول أم على "وقد حدث الكثير من الزيجات بين العوائل التي جمعها الخوف ولم يفرقها الاحتلال."

تصف أم على كيف كانت الحياة تسير في تلك الايام "لقد كنا نتعاون على توفير احتياجات عوائلنا كجلب المياه من الأنهر القريبة بعد انقطاع المياه عن المنازل وجلب الحطب من الغابات القريبة واستخدامه للطهي بعد ان نفذ الغاز والنفط من البيوت."

وتضيف "كانت اياما عصيبة وفوق كل هذا كان الهم واحدا وهو فقدان الأخوة الأباء في المعارك او عدم معرفة مصير ابنائنا آنذاك."

لكن ابتسامة تضيء وجهها وهي تقول "واليوم وبعد عودة العوائل لا زلنا على اتصال بكثير منهم."

لكن هذه الذكريات تتراجع أحيانا امام ما يشكو منه أهالي المحافظة.

السيد غنم نجيب يقول "لقد كانت محافظة ديالى تسمى بالمدينة البيضاء اما آلان فلا شيء فيها يستحق الذكر سوى الموت فهو الحقيقة الوحيدة ..الحكومة تحاسبنا لا لجريمة ارتكبناها سوى انتمائنا المذهبي..ولا يكاد يستثنى بيت في المحافظة من تعرض ابنائه للاعتقال والتعذيب ."

عبد الله الجبوري يرى أنه "منذ ثلاث سنوات لم نجن من الحكومة الغائبة الحاضرة سوى الأزمات فقد ادى اغلاق الشوارع المستمر في المحافظة الى تعطيل الكثير من العمال عن ممارسة اعمالهم لتوفي رلقمة العيش لأبنائهم وعوائلهم كما ان اسعار المواد الغذائية في تزايد مستمر..."

ويتساءل "هل يعقل ونحن محافظة الزراعة أن يصل سعر كيلو الطماطة (الطماطم) الى الف دينار وقنينة الغاز التي كان سعرها قبل الاحتلال لا يتجاوز 750 دينارا اصبح سعرها اليوم 15 الف دينار عراقي ومن الباعة المتجولين لعدم توفرها في محطات الوقود ناهيك عن ازمة البنزين والكاز وتوقف العديد من الشركات والمعامل التي كانت تعيل العديد من العوائل العراقية بسبب الوضع الأمني السيء جدا ."

اما السيدة باسمة قاسم فتقول انها لا تنسى ذلك اليوم الذي اقتحمت فيه قوات الشرطة العراقية المنزل واعتقلوا زوجها وسرقوا كما تقول اجهزة المنزل الأساسية حتى السيارة التي كانت تعيلهم أخذوها. وتضيف انه بعد اشهر تم الأفراج عن زوجها بعدما اكتشفوا انهم اخطأوا في اعتقاله ولم يرجعوا ايا من المسروقات .

وتردف قائلة "هذا المسلسل من الرعب والخوف يتكرر كل يوم لا سيما في بعقوبة فالاعتقالات مستمرة ...أتمنى أن لا يأتي الليل حتى لا يأتي معه غربانه الذين زرعوا في البيوت الرعب وفي قلوب الأطفال الخوف وعدم الامان."

اما في الموصل فقد شارك عشرات الطلاب من جامعة الموصل في الإعتصام الذي نظمه اليوم الأحد إتحاد طلاب الجامعة ،في الذكرى الثالثة لسقوط بغداد وإنهيار نظام الحكم السابق في العراق.

يقول الطالب أحمد أمير ، من الصف الرابع بكلية الآداب ،لـ ( أصوات العراق) " إنه اليوم السيء في حياة كل وطني.. فعندما يحتل العراق من قبل أمريكا ،فهل يحق لنا أن نحزن.. أم نفرح..؟ "

أما كارم هذال ، الصف الثاني بكلية إدارة وإقتصاد ،فيقول " لو كان صدام عادلا في حكمه.. ومراعيا لشعبه ،ما كانت الأساطيل الأمريكية فوق رؤوسنا ورأسه."

وتعتبر هالة ذ نون ،الطالبة بأكاديمية الفنون الجميلة ،أن اليوم " يوم الحرية" ،وتضيف قائلة

" عندما تصحو من كابوس جثم على قلبك ( 35 ) عاما ،وقتل أحبابك.. وفرق عنك أهلك وأصحابك ،فعلينا أن نشكر الله على خلاصنا من الطاغية."

الطالب مؤيد منعم عبد الله ،الصف الثاني بكلية العلوم ،كتب على الجدار " اليوم الحقيقي لفرحة العراقيين ليس ( 9\4 ).. بل يوم خروج الأمريكان من العراق."

وكتبت داليا بسام ،من قسم الحاسبات ،تقول " كل ماحولنا يوحي بالموت والدمار وحرب إستنزاف البشر ،وإذا كان الضحك على الذقون يلائمكم.. فهو بالتأكيد لايلائم الآخرين.. واللبيب تكفيه الإشارة."

ويسأل ناصر عبد الحليم ،الذي يدرس التربية وعلم النفس " لا أعرف لماذا تؤخذ الأمور بهذه البساطة.. وسؤالي للجميع هو : عندما احتلت فلسطين هل كانت هناك عطلة رسمية.. أم أن العطلات ظهرت بعد عام 2000 ( أي بعد إندلاع الإنتفاضة)..؟"

لكن سعيد جرجيس ، بالصف الثالث إعلام ،يرى أنه " لو لم تكن هناك عمليات مسلحة بعد (تحرير العراق).. لكنا الآن في حالة بناء للذات أولا ،وللمجتمع ثانيا."

وطوال الساعات الثلاث التي استمر خلالها الإعتصام ،أخذ الطلبة وبعض المواطنين الذين إنضموا إليهم في تبادل الآراء والتحاور حول معني هذا اليوم ( التاسع من نيسان إبريل ) لدى كل منهم ،وعن تشكيل الحكومة الجديدة التي طال مخاضها .

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء  11/نيسان/2006 -12/ربيع الاول/1427