تقرير أمريكي عن العراق يقدم تقييما كئيبا للأوضاع ويرى الوضع في ست محافظات خطير و حرج 

خلص تقرير داخلي للسفارة الامريكية عن محافظات العراق في يناير كانون الثاني الماضي الى ان استقرار منطقة بغداد الاستراتيجية يمثل مبعث قلق خطير.

وقال التقرير المكون من عشر صفحات ويرجع تاريخه الى 31 يناير كانون الثاني أي قبل ثلاثة اسابيع من تفجير مسلحين لمزار شيعي دفع بالعراق الى حافة حرب اهلية ان المحافظة تسودها أعمال الترهيب واغتيال المسؤولين العموميين وقوات الامن عراقية والمدنيين.

ووضع التقرير الذي حصلت عليه صحيفة نيويورك تايمز ونشرته يوم الاحد على موقعها على الانترنت تقويما لمستويات الاستقرار في كل من محافظات العراق الثماني عشرة وفقا لطريقة حكمها واوضاعها الامنية والاقتصادية.

ووجد التقرير ان ست محافظات بشمال غرب العراق يغلب السنة على سكانها تعاني وضعا امنيا "خطيرا" مع معاناة محافظة الانبار الصحراوية المتمردة من مشاكل امنية واقتصادية "حرجة".

وتعد هذه المناطق قلب التمرد المسلح للعرب السنة الذي يستحوذ على وسط العراق.

ورأى التقرير ان الامن في تسع محافظات شيعية جنوبية "مستقر" او "معتدل" فيما عدا محافظة البصرة الغنية بالنفط والتي تضم ثانية كبرى مدن العراق.

وقال التقرير عن المدينة التي تسكنها اغلبية شيعية انها تشهد "مستوى عاليا من نشاط الميليشيات بما في ذلك اختراق قوات الامن المحلية. والتهريب والنشاط الاجرامي مستمر بلا هوادة."

ووجد التقرير ان المنطقة الكردية الهادئة نسبيا والتي تتمتع بقدر من الحكم الذاتي مستقرة من ناحية الحكم والامن والاقتصاد.

وعن المدينتين الشيعيتين المقدستين في الجنوب وهما النجف وكربلاء يقول التقرير ان الحكومة المحلية مستقرة لكنه يحذر من تزايد النفوذ الايراني.

ويقول "الحكومة تؤدي عملها وتتحسن. غير أنه يبدو أن هناك ارتباطا متزايدا مع الحكومة الايرانية. والسكان المحليون قلقون من نفوذها المتزايد."

وحذر التقرير ايضا من "نفوذ قوي ومتزايد لحزب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" على مجلس محافظة بغداد.

والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية واحد من اقوى الاحزاب الاسلامية الشيعية وهو متهم بأن له روابط وثيقة بالنظام المعادي للولايات المتحدة في طهران. ويتهم السنة العرب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية بالتغاضي عن وجود فرق اعدام من رجال الميليشيات. وهو اتهام ينفيه الحزب.

لكن التقرير يرى أنه على الرغم من مستوى العنف المرتفع فان بغداد التي يعد استقرارها امرا حاسما بالنسبة لتقدم البلاد كلها لديها "اقتصاد يتطور ببطء" و"حكومة تؤدي عملها غير أنه تشوبها بواعث قلق."

وشدد التقرير على انقسام العراق حسب خطوط عرقية او دينية محذرا من الصدامات الطائفية والعرقية حتى في المناطق التي يعتبرها المسؤولون الاميركيون هادئة. واوضحت الصحيفة انها حصلت على هذا التقرير من مسؤول حكومي في واشنطن قال ان هذه الوثيقة السرية "تقدم معلومات اكثر واقعية عن الوضع في العراق من التقارير الاخيرة لكبار ضباط الجيش". واعد الوثيقة من عشر صفحات دبلوماسيون وعسكريون اميركيون في بغداد وتحمل تاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2006 اي قبل ثلاثة اسابيع من تفجير قبة مسجد سامراء الشيعي الذي ادى الى اندلاع اعمال عنف طائفية. واوضح السفير الاميركي السابق في العراق دنيال سبيكهارد للصحيفة ان عملية تحديث للتقرير ابقت على النتائج بدون تغيير.

وتركز الوثيقة التي تحمل عنوان "تقرير حول استقرار المحافظات" على النفوذ المتزايد للاحزاب الشيعية الموالية لايران والميليشيات الشيعية المتنافسة في الجنوب والاشتباكات بين العرب والاكراد في مدينتي الموصل وكركوك في الشمال.

 وصنفت المحافظات العراقية حسب ثلاثة معايير هي: الحكومة والامن والاقتصاد. وصنفت محافظة الانبار (غرب) التي يشكل السنة غالبية سكانها في فئة الاوضاع "الحرجة". اما بغداد ونينوى وصلاح الدين وديالى (وكلها في وسط البلاد) والتأميم (شمال) فالوضع فيها "خطير". واعتبرت البصرة في الجنوب منطقة سلام بينما رأى التقرير ان المحافظات الكردية الثلاث الشمالية "مستقرة".

وقد رفعت وزارة الخارجية الأمريكية أول تقرير رئاسي عن الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي في العراق الى الكونغرس، يتناول الاجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لاكمال مهمتها «بنجاح» هناك. وأشار التقرير الى ان هناك تقدما يتم احرازه على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من تصاعد العنف الطائفي الذي أججه تفجير «المسجد الذهبي» في سامراء في 22 فبراير الماضي لتعميق الانقسامات بين الطوائف العراقية وداخل القيادة السياسية لاشعال حرب أهلية. وأضاف التقرير ان القيادات العراقية سواء السياسية أو الدينية تصدت لهذه المحاولات ودعت الى انهاء الاضطرابات الطائفية وتحرير قوات الأمن من انحيازها لطوائفها وولائها للميليشيات.

ورصد التقرير عددا من الشواهد على تحسن الاقتصاد العراقي على الرغم من محاولات الارهاب عرقلة مسيرته حيث أشار الى أن الاقتصاد العراقي نما من 18.9 مليار دولار عام 2002 الى 33.1 ملياراً عام 2005 لكنه كشف عن أن عمليات البناء تواجه تحديات أمنية خطيرة رفعت كلفة المشاريع من الناحيتين المادية والبشرية.وتعهدت الادارة الأمريكية في تقريرها بأن تنجح في اعادة تأهيل مشروعات المياه وخدمات الصرف الصحي وتطعيم الأطفال ضد الأمراض.

وقال التقرير انه بحلول 20 مارس الماضي كانت قوات التحالف قد فرغت من تدريب وتجهيز أكثر من 11000 جندي وبحار وطيار عراقي ومن تدريب وتجهيز مايزيد على 89000 من قوات الشرطة يعملون جنبا الى جنب الآن مع نحو 41700 من قوات الشرطة الوطنية، او ماكان يعرف سابقا باسم «الأمن الخاص». وقال التقرير ان اجمالي عدد القوات المدربة لدى وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين قد بلغ الآن نحو 240000 جندي.

 وقال التقرير انه ليس هناك من سقف لعدد وحدات القوات المسلحة العراقية التي يمكن اعتبارها مستعدة للعمل بشكل مستقل دون مساندة من قوات التحالف قبل أن يتم البدء في تخفيض القوات الدولية وقال التقرير ان وزارتي الدفاع والداخلية مازالتا تواجهان تحديات من ناحية الأداء المؤسسي بما في ذلك العمليات الادارية والبرمجة ووضع وتخطيط الميزانيات والتمويل ودعم العمليات.كما تواجه هاتان الوزارتان مشكلة في كيفية التيقن من أن التسلسل القيادي فيهما لايتأثر بنفوذ العناصر الاجرامية أو الولاء للميليشيات المسلحة وأضاف ان الحكومات المحلية والقطرية في العراق تواجه مشاكل كبيرة بعضها ناجم عن تمركز الهيكل المركزي للسلطة لفترة طويلة في بغداد وعدم امتلاكها سوى لسلطات محدودة في ظل النظام السابق.

من ناحية ثانية قالت صحيفة «نيويورك تايمز»  ان وزارة الخارجية الامريكية ذكرت في مسودة تخطيط انه يجب على الولايات المتحدة الا تبدأ على الفور برنامج اعمار كبيرا بعد أي حروب في المستقبل مثل تلك الحرب في العراق.

وجاء في وثيقة التخطيط التي اشارت اليها الصحيفة ان الاولويات الاولى يجب ان تكون اقامة بيئة امنة ومستقرة وان تبدأ عملية مصالحة سياسية.

وقال مسؤولون انه بخلاف ذلك فان واشنطن وأي حكومة محلية يتم تشكيلها ستعاني على الارجح من عواقب سياسية كبيرة من خلال تقديم وعود لا يمكن الوفاء بها. وأنفقت الولايات المتحدة أكثر من 20 مليار دولار على اعادة بناء البنية الاساسية في العراق لكن تعين استخدام نسبة كبيرة منها لسداد تكاليف الامن للاشخاص والمشروعات مما ادى الى تحويل مبالغ مخصصة لمشروعات الصرف الصحي ومعالجة المياه ومرافق اخرى. ونقلت الصحيفة عن اندرو ناتسيوس الذي كان مديرا للوكالة الامريكية للتنمية الدولية حتى يناير قوله عن العراق «من المحتم ان تفشل». ونقلت الصحيفة عن ناتسيوس وبعض المسؤولين في البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية قولهم في وقت سابق ان برنامج الاعمار الواسع النطاق لا يمكن ان ينجح في بيئة معادية.

وقال جيمس جيفري المنسق بشأن العراق بوزارة الخارجية الامريكية لصحيفة نيويورك تايمز «بالتأكيد لم نفعل كل ما كنا نأمل فيه في الاصل». ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير لم تكشف عن اسمه قوله انه كانت توجد مخاوف من ان فشل برنامج الاعمار سيفرض تهديدات خطيرة على المسؤولين في الحكومة العراقية الجديدة بمجرد تشكيلها وقال المسؤول «سيصبحون عرضة لشكاوى وعداء لعدم قدرتهم على توفير الكهرباء أو المياه النظيفة». وقال الرئيس السابق لمكتب الاعمار واشاعة الاستقرار بوزارة الخارجية الذي اعد الخطة الجديدة ان المشكلة «في جانب منها ذاتية.. لقد جئنا وقلنا اننا سنجدد البلاد من جديد». وقالت الصحيفة ان الخطة الجديدة تقضي بأن تقيم الولايات المتحدة اولا النظام والامن العام ثم تشجع الانشطة الاقتصادية على نطاق صغير مع الترويج للمصالحة السياسية. ونقلت الصحيفة عن رئيس للمكتب حتى فترة قريبة «اذا لم يتم هذا فان المجتمع سيتفكك في مرحلة ما».وقالت الصحيفة انه سيتم بعد ذلك اقامة البنوك والاحزاب السياسية والمؤسسات الاخرى ويعقب ذلك المؤسسات الاعلامية الاخبارية ومؤسسات المساعدات الخاصة والجماعات المدنية.وقال ذلك المسؤول ان الاعمار الفعلي يبدأ «فقط عندما يصبح متناسبا مع الاولويات».

واضاف «لكن القدرة على بناء بنية اساسية على نطاق واسع قبل ان تقيم النظام والامن تكون منعدمة لانه سيتم نسفها».وقالت الصحيفة انه تم التشاور مع مسؤولي البنتاغون في صياغة الخطة الجديدة مشيرا الى مسؤولين من الخارجية الامريكية كمصادر. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 10/نيسان/2006 -11/ربيع الاول/1427