إنفجار مسجد براثا.. مشاهد مأساوية لواقع يزداد التهابا

أفاد مصدر في وزارة الصحة إن آخر محصلة لضحابا الإنفجارات الإنتحارية الثلاثة التي تعرض لها مسجد     (براثا) في بغداد ، هي ( 79 ) قتيلا و( 164 ) جريحا ،الأمر الذي دعا مجلس محافظة بغداد لتوجيه نداء إلى المواطنين للتبرع بالدم .

وأوضح مصدر في الجامع الشيعي أن المفجرين " كانوا يرتدون أحزمة ناسفة ،وفجروا أنفسهم في المسجد قبيل إنتهاء صلاة الجمعة."

وقال شاهد عيان رأى " إمراة منقبة ترتدي العباءة التقليدية ، تفجر نفسها في المدخل الرئيسي للمسجد لدى خروج المصلين."

وبين أن "واحدا ،على الأقل ،من المفجرين الآخرين كان يرتدي عباءة.. ومنقبا أيضا" ،مضيفا

أن الإنتحاريين " إرتدوا زي النساء.. كي يفلتوا من التفتيش الذي يخضع له الرجال في مدخل المسجد."

وأكد كلامه شاهد آخر قال "رأينا بأم أعيننا أكثر من 30 قتيلا في الإنفجار الأول عند المدخل

الرئيسي.. وهرع المواطنون لنقل المصابين ،وبينهم عدد كبير من النساء والأطفال ، مستخدمين ما وقع في أياديهم من وسائل.. وتحول المكان إلى بركة من الدماء".

وأشار إلى أن أحد الإنتحاريين "فجر نفسه في الممر الذي يصل بين الطريق العام والمدخل الرئيسي للمسجد ،والذي يخضع لعملية تأهيل.. تجعل مئات المصلين يضطرون إلى عبور هذا الممر الذي لا يتجاوز عرضه بضعة أمتار."

وتابع " أغلب القتلى والمصابين من الذين كانوا يقفون في طابور لاستلام جهاز الخلوي.. الذي يضعونه في أمانات المسجد بالقرب من المدخل".

وبين شاهد العيان أن الإثنين الآخرين "فجرا نفسيهما داخل حرم المسجد... حيث توجه أحدهما إلى مكتب خطيبه وأمامه النائب الشيخ جلال الدين الصغير ،في حين فجر الآخر نفسه عندما توجه المصلون من الداخل باتجاه المدخل الرئيسي لمعاينة ما حدث."

وقال إنه فور وقوع التفجير الأول ،سارعت عناصر الحماية الخاصة بالنائب الصغير ،القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ،إلى " تطويقه.. والتنحي به جانبا". ويقع مسجد ( براثا ) تحت إشراف المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، بزعامة السيد  عبد العزيز الحكيم ، ويحضر عدد من المسؤولين الشيعة (صلاة الجمعة) في المسجد..  الذي يعد من أبرز مساجد الشيعة في بغداد .

ويؤم الزوار مسجد ( براثا ) للتبرك بمكانته.. كونه أحد المقامات التي توقف بها الإمام (علي بن أبي طالب) ،وكذلك للتبرك والإستشفاء بماء البئر الموجود داخل المسجد.

ويعد الإعتداء الذي تعرض له مسجد ( براثا ) هو الثاني الذي يستهدف الشيعة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية ،حيث إنفجرت سيارة مفخخة يوم أمس ( الخميس) في مدينة النجف ،قرب مدخل مقبرة ( وادي السلام) ،ما أدى إلى مقتل عشرة أشخاص.. بينهم أربع نساء .

وروى مصور لوكالة فرانس برس في المكان قائلا «شاهدت امرأة ترتدي العباءة التقليدية تفجر نفسها في المدخل الرئيسي للمسجد لدى خروج المصلين، اما التفجيران الاخيران فقد وقعا في ساحة المسجد لدى توجه المصلين نحو موقع الانفجار الاول».

واضاف «رأيت بأم عيني اكثر من 30 قتيلا في الانفجار الاول على المدخل الرئيسي (...) وهرع المواطنون لنقل المصابين وبينهم الكثير من النساء والاطفال مستخدمين ما وقع في اياديهم من وسائل وتحول المكان الى بركة من الدماء».واصيب المصور بـ«شظية في اعلى ساقه اليمنى وهي عبارة عن كرة حديدية صغيرة وليست شظية قذيفة»حسب قول الطبيب له بعد انتزاعها.وتابع المصور «سادت حالة من الهلع في صفوف المصلين الذين تراكضوا في كل اتجاه لنقل القتلى والمصابين الى مستشفيات الكرخ والكرامة والكاظمية (ناحية الكرخ) ومدينة الطب (الرصافة)».

واكد ان «رجال الشرطة والجيش فرضوا طوقا على المنطقة حيث كان صراخ المصلين ونحيبهم مفجعا بعد معرفتهم بخسارة صديق او قريب لهم في التفجيرات».وقد غصت ردهات مستشفى مدينة الطب باشخاص يلهثون لمعرفة ما حصل لاقاربهم.

واكد ان «العديد من الجثث كانت محروقة ومشوهة».وفور وقوع التفجير الاول سارعت عناصر حماية امام وخطيب المسجد رجل الدين النائب جلال الدين الصغير الى «تطويقه والتنحي به جانبا».

وقال احد افراد فرق الاطفاء يدعى جواد قاسم وهو يمسك بأصبع مبتورة "هذا عمل خسيس. وينفطر قلبي في كل مرة ارى فيها هذه المشاهد الدموية."

والتقط مواطنون عراقيون اشلاء بشرية ووضعوها فوق اوان مسطحة.

واتهم امام وخطيب مسجد براثا جهات سنية بشن حملة «اكاذيب وتشويه»دفعت باتجاه «التحريض»على المسجد.

وقال رجل الدين والنائب المقرب من المجلس الاعلى لقناة «العربية»التي تبث من دبي «سبق لجريدة البصائر التابعة لهيئة علماء المسلمين وجريدة الاعتصام التي يشرف عليها عدنان الدليمي ان شنت حملة تشويه واكاذيب ضد مسجد براثا بدعوى ان فيه معتقلات لأهل السنة ومقابر جماعية لهم».

وقال ان «شيعة آل البيت هم المستهدفون ضمن هذه الحرب الطائفية القذرة التي تشن عليهم وسط سكوت العالم وتفرجه وكان ما يحصل لا يهز مشاعرهم».

  وقال مسؤول بالشرطة ان المفجرين كانوا يرتدون الزي التقليدي للمرأة الشيعية العراقية وهو الجلباب الاسود عندما فجر اثنان منهما نفسيهما داخل المسجد بينما فجر الثالث نفسه امام المسجد مباشرة.

وكان هذا اكبر هجوم انتحاري على هدف شيعي منذ نوفمبر تشرين الثاني عام 2005 وهو ايضا اسوأ هجوم على الاطلاق منذ الخامس من يناير كانون الثاني على الاقل عندما قتل مفجرون انتحاريون نحو 70 شخصا في الرمادي.

وقال شون مكورماك المتحدث باسم الخارجية الامريكية في بيان "من الواضح ان من ارتكبوا هذا هم الذين يريدون تقسيم العراق وتكريس الصراع الطائفي."

واضاف "سنتعاون عن كثب مع الحكومة العراقية لاتخاذ الاجراءات المناسبة لتعزيز الأمن من اجل المساعدة في الحيلولة دون وقوع مثل هذا النوع من الهجمات مستقبلا."

وفي نيويورك قال المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ان عنان ادان التفجيرات وقال انها تبين حاجة الزعماء السياسيين العراقيين الملحة "لحل خلافاتهم من اجل أفضل ما فيه خير البلاد."

وقال السفير الامريكي لدى العراق زالماي خليل زاد لهيئة الاذاعة البريطانية من بغداد قبل التفجيرات "اي حرب طائفية في العراق يحتمل ان تشارك فيها اطراف من المنطقة بالغة السلبية."

واضاف "هذا احتمال قائم اذا لم نبذل كل ما في وسعنا لنجعل هذا البلد ينجح."

ويواجه الائتلاف الشيعي في حال تخليه عن الجعفري ازمة داخلية بيد انه سيطيل امد الجمود الذي يعتري تشكيل الحكومة اذا ظل متمسكا به وهو مأزق لا تستطيع البلاد تحمله.

وتتزايد الضغوط على الائتلاف العراقي الموحد لتحقيق انفراجة مع رفض الساسة العرب السنة والاكراد العمل مع الجعفري.

وقال مصدر بارز في المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة لرويترز "من المؤسف انهم وضعوا انفسهم في وضع الخسارة المزدوجة." واضاف "الضرر لا يصيب الائتلاف العراقي الموحد فحسب بل ان البلد بأسره يخسر والعملية السياسية تخسر."

وفي النجف قال صدر الدين القبانجي المسؤول البارز بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في صلاة الجمعة انه يجب على الكتل السياسية بالعراق ان تسعى للحصول على المساعدة من رجل الدين الشيعي البارز اية الله علي السيستاني بشأن تشكيل الحكومة.

 وقال نبع محسن ان منزله يقع قبالة المسجد وانه عندما سمع الانفجار الضخم الاول هرع للتأكد من سلامة والده الذي كان يصلي.

واضاف انه عندما دخل المسجد وقع انفجار ضخم ثان وشاهد انفجارا ضخما وألسنة اللهب ثم فقد الوعي ولم يستعد وعيه الا في سيارة الاسعاف. وقال انه يريد ان يعرف مصير والده.

واستعارت امرأة مسنة هاتفا جوالا من احد الصحفيين للاتصال بابنها عبد الله الذي كان يصلي في المسجد. واجهشت المرأة بالبكاء بعد ان ظلت تتصل دون تلقي اي رد.

واثار الهجوم الذي وقع يوم الجمعة قرب مسجد براثا في بغداد وهو اشد تفجير انتحاري يستهدف شيعة منذ نوفمبر تشرين الثاني المخاوف بشأن انزلاق البلاد الى حرب أهلية شاملة في الوقت الذي دعت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا والامم المتحدة العراقيين الى توحيد الصف بسرعة.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد9/نيسان/2006 -10/ربيع الاول/1427