الكرة في ملعب الائتلاف ومسيرته الحالية قد تؤدي الى نهايته وضياع مصالح شيعة العراق 

دخلت العملية السياسية العراقية مرحلة حرجة وتوقفت عند مسألة ترشيح الدكتور ابراهيم الجعفري ومطالبة بقية الكتل مرشح الائتلاف لمنصب رئيس الوزراء بالتنحي، وتحرك الأئتلاف العراقي باتجاه طرح مرشح جديد يحظى بقبول الجميع خصوصاً الكتل السياسية المنضوية تحت رايته.

فقد قال السيد رضا جواد تقي عضو الائتلاف العراقي الموحد بأن وفد حزب الدعوة تلقى رسالة من قيادي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية مفادها بأن النواب الذين يمثلون المجلس الاعلى لن يصوتوا للدكتور الجعفري لهذا المنصب في حالة ترحيل موضوع الترشيح لقبة البرلمان واكد تقي ان هذه الرسالة سبق ان نقلها الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية وعضو الائتلاف العراقي الموحد خلال اجتماعه بالجعفري الاسبوع الماضي. 

وابلغ مصدر من داخل الائتلاف ”الصباح الجديد“ أن الأئتلاف يحث الخطى بصورة واسعة من اجل الخروج من المأزق الذي يعيشه حالياً وما سببه من تأخير في تشكيل الحكومة، الأمر الذي انعكس بالسلب على مجمل الوضع العراقي.

واضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: أن قيادات الأئتلاف تعيش حالة من الاجتماع الدائم للوصول الى صيغة توافقية تمكن من الحفاظ على وحدته التي باتت مهددة لانقسام أعضائه الى تيارين أحدهما يدعو الى تنحي الدكتور الجعفري عن الترشيح والاخر يرى أن تغيير هذا الترشيح يعد اخلالا بالعملية الديمقراطية التي جاء عبرها ترشيح الجعفري.

وبين أن قيادات الأئتلاف التي تطالب بتغيير الترشيح قبل انعقاد البرلمان وتسمية مرشح يحظى بقبول جميع الفرقاء السياسيين، تستند الى ان الذهاب الى البرلمان والأمور باقية على حالها ان يؤدي الى رفض البرلمان لترشيح الجعفري وبالتالي سيكون رئيس الجمهورية مضطراً الى تكليف الكتلة البرلمانية الثانية من حيث عدد المقاعد لتقديم مرشحها، وعندها سيخسر الأئتلاف هذا الحق الذي اكتسبه من خلال الانتخابات على وفق آليات الدستور.

وأوضح: أن الضغوط السياسية الداخلية والخارجية التي يتعرض اليها الأئتلاف بشأن تغيير ترشيح الدكتور الجعفري من جهة وتمسكه بالترشيح جعلت الاطراف السياسية المنضوية تحت خيمة الائتلاف امام خيارات محددة وصعبة تهدد وحدة الأئتلاف، خصوصاً بعد أن نأت المرجعية بنفسها عن هذا الصراع مكتفية بتوجيه هو تشكيل حكومة وطنية تنقذ البلاد من الوضع المتأزم الذي تعيشه رافضة تفضيل مرشح على حساب آخر.

وأضاف الى أن هذا الأسبوع سيكون حاسماً لجميع القوى السياسية العراقية لأن من شأن دعم الاتفاق والتوافق سيؤدي الى بروز مشاكل قد تؤدي الى تدمير العملية السياسية برمتها.

لذا يتوجب على هذه القوى وخصوصاً الائتلاف ان يتوصلوا الى حلول واقعية ومنطقية تمكنهم من تشكيل الحكومة.

وفي نفس السياق أجمعت جميع الكتل السياسية من التحالف الكردستاني وجبهة التوافق والقائمة العراقية وجبهة الحوار على ان الكرة الآن في ملعب الأئتلاف ويجب عليهم ان يتوافقوا على مرشح يحظى بقبول جميع الأطراف،لأن كل الامور المتعلقة بتشكيل الحكومة متوقفة على من هو المرشح النهائي للأئتلاف، خصوصاً وأنه تم الأتفاق على الآليات والنظم والهيئات التي ستعتمد لقيادة الحكومة.

بدوره أبدى رئيس الوزراء د. ابراهيم الجعفري يوم الأربعاء استعداده للتخلي عن ترشيحه لرئاسة الوزراء في حال طلب الشعب منه ذلك أو في حال أجمعت كلمة الكتل السياسية بالطريقة القانونية في البرلمان على رفض ترشيحه.

وقال الجعفري في مؤتمر صحفي عقده إثر ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء "أنظر للموضوع من زوايتين استعدادي الشخصي، والبحث عن الالية التي تقرر ذلك ولا أتردد في أن أتخلى.. إذا قرر شعبي فأستجيب ".

واعترف الجعفري بوجود خلاف بين مكونات الائتلاف العراقي الموحد بشأنه قائلا " لم يعد خافيا وجود خلاف بين مكونات الائتلاف ، هناك اختلافات في وجهات النظر شقت طريقها."

وتساءل الجعفري عن الالية التي سيتم بها التصويت حول ترشيحه " عندما تجتمع كلمة الكتل السياسية بالطريقة القانونية في البرلمان , فأنا أتنحى وهذا ثابت أخلاقي عندي قبل أن يكون ثابتا سياسيا."

وبين الجعفري وجود لبس في موضوعة التوجه للبرلمان للحسم بقوله " مجلس الرئاسة يحتاج لثلثي أصوات البرلمان، أما رئيس الوزراء فيصوت عليه كجزء من تشكيلة الحكومة " معربا عن أيمانه بأن "المعضلات تحل عندما تطرح للبرلمان."

وحول الأنباء عن أعطاء وعود للتيار الصدري بمناصب عسكرية قال الجعفري " اسمعوها بالحرف الواحد ، ليس لدي اتفاق مع جيش المهدي بأن يكون ضمن الحرس.".

كما أعلن رئيس الوزراء أن بغداد ستشهد خلال الأيام القادمة اللقاء الاميركي –الايراني المرتقب بمشاركة الطرف العراقي ،وقال " اللقاء بالنسبة لنا مكسب ،لدينا ثالوث في التعامل وهو نحن والاخر الاقليمي (ضلع واحد ) , نحن والاخر الدولي ( ضلع ثاني ) ،والاقليمي والدولي (ضلع ثالث ) ".

وقلل الجعفري من أهمية ما تردد عن وجود اتفاق بين الجانب الاميركي والكتل البرلمانية وبعض مكونات الائتلاف العراقي الموحد (الذي ينتمي اليه الجعفري ) لعزله ، بقوله "أنا أسمع كما تسمعون ،وكما عودنا الاعلام فإن أخبارهم غير دقيقة " مضيفا "ولو صحت فانها لاتحرك فيّ شيئا ...".

وفي مؤتمر صحافي آخر عقده في بغداد يوم الخميس جدد الجعفري تمسكه بترشيحه للمنصب لكنه استدرك قائلا «سأتنحى إذا طلب مني البرلمان ذلك».

وأشار الى انه عندما تجتمع كلمتهم - في اشارة الى الكتل السياسية - بطريقة قانونية في مجلس النواب للتنحي سأتنحى.. موضحا ان الائتلاف العراقي الموحد قد اختاره كمرشح لرئاسة الوزراء «وقد استجبت».

وقال «لو ان البرلمان رفض التصويت على شخصي فسأقبل ذلك بكل امتنان، مؤكدا انه ليس لديه اية اتفاقات مع اي جهة او كتلة او جيش المهدي حول تولي منصب رئيس الوزراء. لقد جئت بيد خالية وليس باتفاقيات مسبقة حتى تكون حكومة قوية لأن اي حكومة قوية تعني ان رئيس الوزراء لا يكون مكبلا باتفاق مع هذا او ذاك».

واعرب عن اعتقاده في ان "الوحدة الوطنية ليست قرارا يتخذ بل انه امر اخلاقي قبل كل شيء وان الشعب العراقي هو الذي يمنحنا هذه الوحدة من خلال مايقوله وما يتصوره".

وحول ما اذا كان ثمة اتفاق مسبق بين الدكتور الجعفري والتيار الصدري اوضح الجعفري قائلا " ليست لدي اية اتفاقات مسبقة مع اي طرف من الاطراف لا التيار الصدري ولا التيار العربي السني" مضيفا "انني جئت بيد خالية وغير مكبلة باية اتفاقات مسبقة حتى تكون الحكومة حكومة قوية".

واشار الى ان " الحكومة القوية من سماتها ان لايكون رئيس وزرائها مكبلا مسبقا بالاذعان لهذا او ذاك".

واعلن الجعفري صراحة بانه لم يعد التيار الصدري باي وزارة لقاء تأييد ترشيحه غير انه اكد في الوقت نفسه على انه ينظر الى التيار الصدري من منطلق ان له قواعد وميليشيا و"يجب استيعابهم سياسيا" كما للاحزاب الاخرى مليشيات .

واجاب على سؤال حول اتفاقات بين الاميركيين وبعض القوى السياسية ضد ترشيحه قائلا انه لا يهتم بذلك لانه مؤمن الديمقراطية وان ترشيحه تم بالطرق الديمقراطية .

وقال "انا اتحرك بمعادلة ديمقراطية ادافع عنها واتمسك بها وساقبل بما يقرره الشعب العراقي بالنسبة لهذا الامر".

واكد الجعفري وجود خلافات بين قوى الائتلاف على ترشيحه بين المؤيدين والرافضين له مشيرا الى ان العراق الجديد يسمح لكل شخص بان يدلي برايه.

وقال "ان هناك رئيسا للائتلاف هو الحكيم وناطقا باسمه هو جواد المالكي وهما يعبران عن الموقف الرسمي له اما الاراء الاخرى فهي شخصية تعبر عن مواقف اصحابها فحسب" .

وقال " ان الشعب هو الذي اختارني واذا غير موقفه فاني ساستجيب له" ولكنه اشار الى عدم وجود نص دستوري يتيح التصويت على رئيس الوزراء بمفرده في مجلس النواب مؤكدا ان التصويت سيكون على الحكومة التي يشكلها رئيس الوزراء.

وفيما يتعلق بحقيبتي الدفاع والداخلية اكد الجعفري " انه لايمكن تكليف وزراء ينتمون لاحزاب لها مليشيات" مشددا الحرص على ابعاد الحقيبتين عن "الحالة الطائفية والحزبية الضيقة" لانهما يجب ان يكونا في خدمة كل العراقيين.

ونفى ان يكون هناك استرجاع للملف الامني من قبل الاميركيين في بعض مناطق بغداد مشيرا الى ان هناك فقط استعانة بالقوات الاميركية عندما تستدعي الحاجة كما نفى وجود اي تحرك عسكري امريكي في النجف.

وافاد بان عملية الهجوم على حسينية المصطفى في بغداد الاسبوع الماضي تؤكد قيام قوة عراقية بها بمساعدة القوات الاميركية موضحا ان التحقيق يتركز الان حول اسباب هجومها وما اذا كان ذلك مبرر لوجود مسلحين بداخلها.

واقر بوجود خرق امني بوزارة الداخلية لكنه اشار الى اعتقال عدد من المشبوهين موضحا "ان الوقت في هذا المجال سياخذ مداه للتخلص من ظاهرة اختراق للاجهزة الامنية".

وقال ان الهدف تهجير العوائل من مناطق سكناها يهدف الى اشعال حرب اهلية موضحا ان ثلثي العوائل هذه التي وصل عددها الى حوالي اربعة الاف عائلة هم من الشيعية ومؤكدا ان التهجير شمل مناطق سنية وشيعية.

ورحب الجعفري بالحوار الاميركي -الايراني معبرا عن الرغبة في تحسين العلاقات مع دول الجوار كلها ومع واشنطن وقال ان الدعوة له كانت عراقية موضحا انه سيجري في بغداد خلال ايام قليلة مقبلة.

واعلن عن انه سيتم خلال الايام القليلة المقبلة عقد اجتماع امريكي -ايراني في العراق و(هو مكسب بالنسبة لنا).

واضاف الجعفري "نحن لنا ثالوث في العلاقات السياسية يتمثل بالاخر الاقليمي والاخر الدولي ونحن نتمنى ان يتعامل الطرفان بشكل ايجابي خلال الاجتماع لان هذه العلاقة تؤثر وتتأثر فينا".

واكد انه "منذ البداية كنا نتمنى ان تتحسن العلاقات بين دول العالم الكبرى ودول الجوار الجغرافية سواء كانت سوريا او ايران او تركيا او السعودية او الكويت لانها دول نرتبط معها بحدود مشتركة".

واشار الجعفري الى "ان الشيء المهم في هذا الامر هو ان هذا الاجتماع جاء بمبادرة عراقية اذ ان السيد عبد العزيز الحكيم هو الذي دعا اليه".

والواضح (ان الأئتلاف يواجه مأزقاً حقيقياً عنوانه الجعفري. ستكون انعكاساته واثارة على العراق ككل خاصة بعد تهديد الصدريين بالانسحاب من العملية السياسية اذا ما اقصي عن منصبه وما تتخذه ميلشيات المهدي في استعدادات للقتال والتمرد وهو ما يضعه امام مجموعة الاحتمالات التي هي (اولاً تمسكه بالترشيح وبالتالي المزيد من الانشقاق وتعمق وتعقيد الوضع برمته) او (ان يتوافق على مرشح اخر). 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/نيسان/2006 -9/ربيع الاول/1427