حكومة الامتحان الدستوري

المحامي طالب الوحيلي

عندما اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق، ابتدأ العد التنازلي لتشكيل الحكومة العراقية المنتخبة بعد اقرار الجميع بالعملية السياسية، واعتراف بعض الاطراف المعارضة لسقوط صدام بجدية هذه الآلية في فرض النظام السياسي الجديد، من خلال مبادئ الدستور الدائمي الذي امتاز عن غيره من الدساتير العراقية والعربية بكونه كتب من قبل لجنة منتخبة من اغلبية الشعب.

فضلاً عن اقراره عبر استفتاء شعبي عام شارك فيه اكثر من سبعين بالمئة من سكان العراق بين مؤيد له ورافض، فانحسر الموقف لصالح اكثر من ثلثي الشعب الامر الذي يجب ان يذعن فيه الرافضون للدستور لرأي تلك الاكثرية، والركون الى جادة الصواب، لكن المزري في الامر ان يستمر مسلسل القتل وقطع الرؤوس على الهوية بل على السحنة والاسم، ويتطورالامر الى هدم وتهجير اسر او احياء باكملها لاسباب طائفية، بعد ان هيمن التكفيرون والصداميون على بعض المدن في المنطقة الغربية وهم يؤسسون لفيدراليتهم او لولاياتهم الخاصة بهم بالرغم من اعلامهم الرافض للفدرالية وخصوصاً فدرالية الوسط والجنوب التي اسس لهما الدستور كوسيلة ادارية متطورة كفيلة بتوفير ارقى السبل لبناء عراق موحد يستثمر كافة ثرواته في خدمة الشعب العراقي وتطلعاته..

التردي الامني هو السبب الوحيد لهذا التصعيد الارهابي الذي عرفت طبيعته المذهبية شاء اولئك معارضون ام ابوا سواء كانوا معارضين ديمقراطيين ام غيرهم، ومع ذلك فانهم جندوا انفسهم للدفاع عن عناصر الارهاب، بل حتى على المجرمين العاديين وكأن تطبيق القانون هذه الايام صار (جريمة) ترتكب بحق الذباحين والعابثين بالارواح الطاهرة، انهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها بسبب المداهمات ضد زمر ارهابية ضالعة بجرائم يندى لها جبين الانسانية وهم متلبسون وفي جعبهم ادلة دامغة على ارتكابهم لتلك الجرائم.

 بل ان بعضهم من المشاهير بالذبح والاغتصاب وغير ذلك من الجرائم التي يندى لها جبين الانسانية خزياً وعاراً ومع كل تلك المصائب يقول قائلهم ان الوزير الفلاني طائفي والحكومة كذا طائفية وهم يعلمون يقيناً ان الطائفية في ذهن وعقل كل من يقتل ويستبيح حرمة الدم والقانون ويروج ويدافع ويحرض على ذلك..

 ومنهم من يظهر على شاشات التلفزة متفاخراً بذلك ممجداً دون اكتراث بحزب البعث مشيداً بتأريخه الدموي وما انجزه للشعب العراقي في سني حكمه(الذهبي) بل انه لا خلاف بين حزبه وحزب البعث سوى بالشكليات، فكيف يتسنى لهذا السياسي ان ينعت نفسه بانه ممن كرس نفسه لخدمة العراق!! واي عراق هذا الذي يتقاذفه هذا وامثاله؟!

اننا لنستحي ان نشير الى اسمه فلماذا لا يستحي من الشعب العراقي الذي قذف به حزب البعث في آتون الحروب والخراب وبحار الدماء وهذا الواقع البائس؟! وكان الاجدى به محاكمة البعث عن كل جرائمه بدلاًمن محاربة الشعب الذي طالب بتفعيل قرار اجتثاث البعث الصدامي والاولى اجتثاث فكره وعقيده ايضاً .

لقد شهد العالم الكثير من التجارب السياسية، وقد اقر بكل احترام بحق الشعوب في تقرير مصيرها خصوصاً اذا كان ذلك عبر تصويت واستفتاء وانتخاب حقيقي لا لبس فيه ولا ايهام، وقد اكدت الوقائع انفراد العراق عن غيره من تلك التجارب بامرين، اولهما صدقية التجربة الديمقراطية كممارسة ونتائج واقرار شعبي لا مثيل له وقد كان ذلك مثار اعجاب العالم بقياداته المختلفة.الامر الذي دعى جورج بوش الى التحدث عنه كتجربة سياسية عالمية نعتها بالثورة الارجوانية!

 اما الامر الثاني فهو محاولات تخطي هذه الممارسة وما اسفرت عنه، والاستخفاف بها وبالاستحقاق الانتخابي، وبكافة ما اثمر عنها من دستور دائم ومن برلمان يفترض ان يقرر على وفق الدستور شكل الحكومة وتكويناتها التي تتبنى مسؤولية ادارة البلاد تحت رقابة مجلس النواب وصلاحياته في محاسبتها اذا ما اخطأت او قصرت، حيث عرفت برلمان العالم معنى المعارضة البرلمانية التي تضفي على الحياة السياسية حيوية وتمدها بالنشاط لغرض واحد هو تطور البلاد حيث البقاء للاصلح وليس لمن تمرس بقتل ابناء الشعب وتجويعه وتخريب لبناه الفوقية والتحتية ..

فهل سينجح سياسيونا بهذا الامتحان الدستوري ،ذلك سؤال نترقب الاجابة عليه،وعندها نعلم أي دستور قرءنا واي قانون نريد..

[email protected]

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 4/نيسان/2006 -5/ربيع الاول/1427