رايس وسترو في العراق لتشكيل الحكومة والائتلاف سيطرد قاسم داوود لمطالبته بتنحي الجعفري

قامت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية البريطاني جاك سترو بزيارة مفاجئة الى بغداد يوم الاحد لحث الزعماء العراقيين على تشكيل حكومة جديدة وتجنب قيام حرب أهلية.

وجاءت الزيارة بعد يوم من دعوة أعضاء من التحالف الشيعي الحاكم الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري عليه علنا وانضمامهم الى مطالب بتنحيه عن منصبه لتحسين فرص انهاء الازمة السياسية.

وابتسمت رايس بفتور وبدا عليها عدم الراحة أثناء مقابلتها للجعفري وتبادلهما التحيات أمام المصورين في مستهل محادثاتهما التي تناولا فيها سقوط الامطار في بغداد وهو أمر نادر الحدوث.

وقال الجعفري "هذه علامة طيبة...أنا متأكد أن بامكانك ملاحظة الفارق لانك تحضرين كثيرا للعراق."

ويواجه رئيس الوزراء مطالب متزايدة بالتنحي للمساعدة على تشكيل حكومة ليس من الاحزاب الكردية أو السنية فحسب بل من داخل الائتلاف العراقي الموحد الذي ينتمي اليه.

وقال مكتب الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم الأحد ان الرئيس اطلع رايس وسترو على تفاصيل العملية السياسية العراقية والمفاوضات والمشاورات الجارية بين رؤساء الكتل البرلمانية الهادفة الى تشكيل حكومة عراقية.

وقال بيان صادر عن مكتب الرئيس العراقي الطالباني يوم الأحد تسلمت رويترز نسخة منه ان الطالباني اجتمع في مقر رئاسة الجمهورية مع رايس وسترو وبحثا "تفاصيل العملية السياسية والتقدم الحاصل فيها والجهود الحثيثة التي يبذلها رؤساء وممثلو الكتل السياسية الرئيسية الرامية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية."

واضاف البيان ان الطالباني اطلع الوزيرين على "تفاصيل المفاوضات والمشاورات الجارية بين رؤساء وممثلي الكتل البرلمانية وما تمخض عنها من نتائج لاسيما تلك المتعلقة بالاتفاق على تشكيل المجلس السياسي للامن الوطني واللجنة الوزارية للامن الوطني بالاضافة الى البرنامج السياسي للكتل المؤتلفة لتشكيل الحكومة المقبلة."

وتفجرت أعمال العنف الطائفية منذ تفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في الشهر الماضي مما أشعل أعمالا انتقامية ودفع بالعراق الى حافة الحرب الاهلية. وظهرت المئات من الجثث للعراقيين في الشوارع وحمل الكثير منها اثار التعذيب.

وقالت رايس للصحفيين الذين رافقوا الوزيرين قادمين من بريطانيا "حقيقة أننا سنجري تلك المباحثات مع القيادة العراقية دليل على مدى الاهمية التي نوليها لتشكيل حكومة وحدة وطنية."

ويقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون ان تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الانتخابات التي أجريت في ديسمبر كانون الاول أمر حيوي لتجنب حرب شاملة بعد خمسة أسابيع من أعمال عنف طائفية.

ووصلت رايس الى بغداد ومعها سترو بعد يوم من زيارة شمال غرب انجلترا.

وقال سترو "نحن ملتزمون ازاء العراق ولكننا في حاجة الى أن نرى تقدما وهذا في مصلحة الجميع."

وجاءت جهود الوزيرين بعد زيارة في الشهر الماضي قام بها أعضاء كبار في مجلس الشيوخ حثوا الساسة العراقيين المتناحرين على أن ينحوا خلافاتهم جانبا وأن يتوصلوا الى اتفاق.

وقالت رايس "هذا وقت اختبار بأكثر من طريقة للامة العراقية وللشعب العراقي. انهم في حاجة الى حكومة يمكنها التصرف بالنيابة عنهم في وقت اختبار مثل هذا."

وجاء التحرك ضد الجعفري الذي أعلنه صراحة أحد الزعماء وكرره اخرون في الوقت الذي أجرت فيه الاحزاب أحدث جولة من المحادثات يوم السبت حول تشكيل ائتلاف كبير يضم الاكراد والسنة والذين يصرون بشدة على رفض الجعفري.

وبالرغم من أن مسؤولين عراقيين قالوا إنهم توصلوا الى اتفاق حول تشكيل لجنة أمنية وطنية تهدف إلى تقاسم المزيد من المسؤوليات بين الطوائف المتناحرة في العراق لم تظهر دلائل ملموسة على احراز تقدم حول أعضاء الحكومة الجديدة.

ويقول مسؤولون إن هذا لا يمكن أن يحدث قبل التوصل لاتفاق حول الذي يشغل منصب رئيس الوزراء وهو من غير المرجح أن يتم ما دام الجعفري موجودا.

ويساور مسؤولون أمريكيون وبريطانيون القلق من أن يؤدي ذلك الى زيادة فراغ السلطة واذكاء العنف الذي أصبح أكثر تعقيدا في الوقت الذي ينتظر فيه العراقيون أول حكومة لها ولاية كاملة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا للاطاحة بصدام حسين عام 2003.

وهناك تداخل بين المسلحين السنة والعصابات الاجرامية مما يعمق من الازمة الامنية التي تواجه البلاد.

وقال دبلوماسي أمريكي ان "تحليل" واشنطن هو أن الجعفري لم يكن أداؤه طيبا في اثنين من أهم المعايير لرئيس الوزراء وهما قدرته على توحيد العراقيين وكفاءته كزعيم. ولكنه قال للصحفيين "ليس لدينا شخصية مفضلة بعينها."

ونفى تصريحات من زعماء شيعة بأن الرئيس جورج بوش طلب منهم مباشرة التخلي عن ترشيح الجعفري.

وقال قاسم داود العضو البارز بجماعة مستقلة ضمن الائتلاف العراقي الموحد لرويترز يوم السبت انه يدعو الجعفري لاتخاذ خطوة شجاعة وضرب مثال يحتذى بالتنحي عن منصبه.

ورفض مساعد كبير للجعفري هذه الدعوة على الفور.

وحصل الجعفري على ترشيح الاتئلاف الشيعي في انتخابات داخلية في فبراير شباط بفارق صوت واحد على مرشح أكبر حزب في الائتلاف بمساعدة من رجل الدين مقتدى الصدر المدعوم من ايران.

ولكن مسؤولين كبارا في الائتلاف طلبوا عدم نشر اسمائهم قالوا ان أربعا من بين سبع جماعات رئيسية داخل الائتلاف تريد الان الغاء هذا الترشيح لفترة ثانية ما لم يقنع الاحزاب السنية والكردية خلال يوم او اثنين بالتخلي عن رفضها العضوية في حكومة تحت رئاسته وهو أمر شبه مؤكد.

وكثفت الولايات المتحدة التي ترغب في اعادة الهدوء الذي سيتيح لها البدء في سحب قواتها من الضغوط على تشكيل ائتلاف الذي ينظر له على أنه مسألة حيوية لانهاء أعمال العنف الطائفية التي أسفرت عن مقتل الالاف منذ تفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في الشهر الماضي.

وبشكل غير معلن انقلب زعماء منافسون للجعفري داخل الائتلاف عليه ولكن الدعوة التي أطلقها الزعماء يوم السبت كانت أول موقف معلن ضد الجعفري الذي يقول منتقدوه انه اخفق في القضاء على العنف وتعزيز الاقتصاد في السنة التي قضاها رئيسا للوزراء.

كما ينظر البعض لاعتماد الجعفري على الصدر المدعوم من إيران بشيء من الشك.

وانطلق العشرات من مؤيدي الجعفري في شوارع بغداد يوم السبت ونظموا جنازة وهمية حاملين نعشا كتب عليه "الديمقراطية".

وذكرت تقارير اعلامية ان الرئيس الاميركي جورج بوش يسعى الى العثور على بديل للجعفري لكن رايس وسترو شددا على انهما لن ينحازا الى اي طرف في لعبة الوصول الى السلطة.

وقال سترو "نعترف ونحترم اي شخص ينبثق كقائد (...) فاهتمامنا منصب على ان يحققوا تقدما من اجل هذا". وتأتي هذه الزيارة بينما يجري القادة العراقيون محادثات شاقة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وترفض رايس تحديد موعد للعراقيين لينجزوا عملهم لكنها قالت ان الوقت مناسب لمهمة تأتي من الخارج لدعم الجهود التي يبذلها السفير الاميركي زلماي خليلزاد من اجل تضييق الفجوة بين الطوائف. واضافت "من المهم وجود رسائل من واشنطن من وقت الى اخر ومن لندن حول وجوب تشكيل الحكومة".

بدوره أكد عضو مجلس النواب من الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي أن "ترشيح إبراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء أمر محسوم منذ وقت سابق، وأن الائتلاف العراقي سيقدم ضمانات لبقية الكتل البرلمانية فيما يخص المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية."

وقال البياتي ان "إختيار الجعفري أمر تم حسمه في وقت سابق، وبصورة ديمقراطية، وآليات متفق عليها."

وأضاف "سنذهب لبقية الكتل البرلمانية ونتحاور معهم ونستمع معهم وإذا اتفقنا على الاوراق بخصوص حكومة الوحدة الوطنية، فان الجعفري سيتحرك في إطار هذه الاوراق."

وأشار إلى أن أصرار تلك الكتل على موقفها من تغيير الجعفري "سيجعل البلد في أزمة لكون الائتلاف الكتلة الأكبر في البرلمان وترشيح رئيس الوزراء من حق الائتلاف."

وبين عضو الائتلاف العراقي عن الحزب الاسلامي التركماني أن "الائتلاف سيقدم الضمانات الكافية لبقية الكتل حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية."

وأعرب البياتي عن تفاؤله لهطول الأمطار بشكل غزير في بغداد اليوم معتبرا أياها بادرة خير.

وسقطت أمطار غزيرة على بغداد منذ فجر اليوم أدت الى عرقلة السير في شوارع بغداد وتوقف العمل في معظم مرافق الحياة.

وقال السيد بهاء الأعرجي عضو مجلس النواب عن الائتلاف العراقي الموحد ومن التيار الصدري إن اجتماع مكونات الائتلاف العراقي الموحد المقرر عقده ظهر اليوم سيكون "لايصال رسائل واضحة للكتل البرلمانية من أن مرشح الائتلاف لرئاسة الوزراء هو إبراهيم الجعفري."

وأضاف الاعرجي "لقد حسمنا أمرنا ومرشحنا الوحيد هو الجعفري، والاجتماع المقرر ظهر اليوم سيكون لايصال رسالتنا الى الكتل البرلمانية، حيث ستجتمع اللجنة السباعية للائتلاف لهذا الموضوع." وتابع الاعرجى قائلا "أيضا سيتم مناقشة المناصب السيادية."

وجدد موقف التيار الصدري بتمسكه بترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء.

وحول التصريحات التي أدلى بها أمس قاسم داود عضو البرلمان عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد، ومناشدته الجعفري بالتنحي قال الاعرجي " قاسم داود يعبر عن موقفه الشخصي وهو لم يكن قيادي في الائتلاف بل دخيل أراد إحداث فجوة في الائتلاف."

وأوضح أن هناك لجنة قد تشكلت للتحقيق مع داود في هذا الامر، ملمحا إلى إحتمال طرده.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 3/نيسان/2006 -4/ربيع الاول/1427