المفكرات الإلكترونية البلوغز: صوت الديمقراطية الجديد في العالم

قال الصحفي ديفد كلاين، الذي شارك أخيراً في حوار على الإنترنت رعته وزارة الخارجية الأميركية: "لم أشاهد في حياتي شيئاً ينطوي على إمكانية تغيير وسائل الإعلام والسياسة جذرياً قدر انطواء ظهور كتابة المفكرات الشخصية الإلكترونية (البلوغنغ) عليها، أو قل بروز "صوت الشعب من خلال البلوغنغ."

وقد ناقش كلاين، وهو صحفي وبلوغر ومؤلف كتاب بعنوان "البلوغ! كيف تغير أحدث ثورة في وسائل الإعلام مجالات السياسة والثقافة والأعمال،" في حوار على الإنترنت في 20-24 آذار/مارس، وظيفة المفكرات الشخصية الإلكترونية في الساحة السياسية وموضعها بين وسائل الإعلام السائدة والتطورات التي شهدها ميدان البلوغنغ.

والبلوغز، أو سجلات الوقائع الإلكترونية، هي في الكثير من الأحيان مذكرات شخصية يدونها أصحابها على الإنترنت ويحدّثونها بشكل منتظم مضمنينها آراءهم وتعليقاتهم، ويمكن لمن يزورونها للاطلاع عليها الرد على الآراء المنشورة والتفاعل مع بعضهم بعضا. وهناك صفحات بلوغز لكل موضوع قد يخطر ببال الإنسان، من الطهو إلى المسلسلات التلفزيونية مروراً بكرة القدم والشؤون العلمية. وقال كلاين: "أعتقد أن هناك موقع بلوغ لكل أمر يتحمس له شخص ما، سواء كان ذلك الشيء جهاز الحاسوب أو الرياضة أو السياسة."

قال كلاين: "إن نظريتي الشخصية هي أن البلوغرز الذين يتناولون الأمور السياسية سيزيدون من إمكانية سماع أصوات وآراء جديدة لم تكن مسموعة من قبل واستقطاب جمهور إليها، وسيفسحون المجال أمام سيل من آراء جهات غير الحزبين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي) لتحظى بالأتباع." وأشار إلى أنه يمكن لأي شخص يملك القدرة على الوصول إلى الإنترنت أن يخلق صفحة خاصة به (بلوغ)، وأنه أصبح من الممكن بالتالي سماع آراء الناس العاديين الذين يشعرون أن لديهم ما يقولونه وأصبح لآرائهم تأثير.

وأضاف كلاين أن البلوغز، علاوة على كونها وسيلة لإسماع ونشر الآراء وإثارة النقاش والجدل، "أدوات تنظيم جماعي" مذهلة... يمكنها أن تحشد الناشطين السياسيين وأن تجمع التبرعات وتجند عامة الناس للقيام بعمل مشترك." وأشار إلى أن البلوغز الموضوعة في أميركا، مثل بلوغ DailyKos الليبرالية الاتجاه وبلوغ Powerline ذات الميول المحافظة، أثبتت مهارة فائقة في حشد صفوف من يشاركونها الرأي.

وفي حين أن البلوغز تستطيع تنظيم وحشد الناخبين والناشطين، إلا أن كلاين أعرب عن الاعتقاد بأنها لم تظهر أي فعالية بعد في تجاوز الانقسامات السياسية والتواصل مع الفريق الآخر. وأشار إلى أن صفحات البلوغ السياسية "تبشر المؤمنين" عادة، مثيرة نقاشاً حيوياً بين الملتزمين بمواقف إيديولوجية ثابتة، ولكنها ما زالت غير قادرة على إثارة حوار جديد حقيقي.

وقال: "أعتقد أن تأثير البلوغز السياسية ما زال، في معظمه، على هوامش السلطة. وما زال المال وآليات الأحزاب السياسية الكبيرة هما المهيمنان على الساحة. إلا أنهما، كما قلت سابقاً، لم يعودا يتمتعان باحتكار تام للسلطة والنفوذ والقدرة على التأثير. فقد قلب البلوغرز الموازين ما بين الآونة والأخرى." 

وقال كلاين إن البلوغز بدأت أيضاً في "قلب الموازين" في كيفية تغطية وسائل الإعلام للأخبار وتوزيعها. وقد فقد الكثيرون إيمانهم بنزاهة وإنصاف وسائل الإعلام وتكريسها نفسها لخدمة المصلحة العامة وبدأوا يتحولون إلى قراءة البلوغز بوصفها مصدراً للمعلومات والتحليلات والحقيقة. وأضاف: "إن الحقيقة الآن هي أن السياسة العامة والأخبار والمعلومات والخطاب القومي والدولي لم تعد مجالاً محصوراً بـ"المحررين والمراسلين وصناع السياسة والسياسيين المحترفين."

وتعمد وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والتلفزيون والبرامج الإخبارية إلى الاستشهاد، في الكثير من الأحيان، بمعلومات وردت في بلوغز تتسم بتوفيرها بشكل ثابت معلومات ذات مصداقية وتعليقات متبصرة. وقد أصبح للبلوغز حالياً تأثير في مجال تحديد المواضيع التي تختار وسائل الإعلام القومية والعالمية تغطيتها.

ولكن كلاين قال إنه رغم أن زخم البلوغز يتزايد إلا أنها ستبقى متممة لوسائل الإعلام التقليدية وعاملاً يعيد تشكيلها وصياغتها ولن تحل محلها أبدا. وأضاف: "في معظم الحالات، لا تستطيع البلوغز أن تحل محل التغطية الإعلامية المحترفة المتمرسة كالتي يقوم بها، على سبيل المثال، الصحفيون المتخصصون بشؤون الأمن القومي الذين يملكون الكثير من المصادر على أرفع المستويات،" ولن تحظى أبداً "بالثقة والمصداقية" التي تتمتع بها وسائل الإعلام الرئيسية. 

كيف تتطور البلوغز حاليا؟ قال كلاين إنه تم حتى الآن إنشاء حوالى 30 مليون موقع إلكتروني شخصي أو بلوغ. وهو يعتقد أن البلوغرز سينتظمون في نهاية الأمر ضمن ثلاث فئات رئيسية: "سيكتسب بعض البلوغرز مصداقية تضاهي تلك التي يحظى بها الصحفيون في وسائل الإعلام التقليدية، وسيتعين عليهم التقيد بنفس قواعد السلوك المهني تقريبا. وسيقنع آخرون بالكتابة بحماس عن هواياتهم واهتماماتهم، وسينظر إليهم القراء المتابعون لهم ليس على أنهم صحفيون وإنما على أنهم "خبراء" في الحقل الذي اختاروه. وأخيراً، لن يتعدى نشاط الكثير جداً من البلوغرز مجرد تسجيل سيل من الكلمات الفارغة ولن يثق بما يقولونه أو يلتفت إليه إلا قلة من الناس."

وقد أعرب كلاين عن أمله في أن تؤدي البلوغز إلى التقريب بين الناس ومساعدتهم بشكل أفضل على التفاهم والتفهم. وقال: "ما زال هناك الكثير من ممارسة "الخطابة" بدل "تبادل الأفكار،" مشيراً إلى أمله في أن يعزز البلوغنغ لدى نضوجه "مزيداً من التعاطف والإصغاء."

وقال كلاين إن لديه توقعات كبيرة في ما يتعلق بدور البلوغز في المستقبل في السياسة والإعلام والعالم. وأضاف: "ليس هذا مجرد أضغاث أحلام. إنني مقتنع حقاً، كما قلت في كتابي، أن البلوغنغ يساعد حالياً على التوصل أخيراً إلى خلق نوع العالم الذي طالما قيل لنا إنه الأفضل- عالم يكون فيه لكل شخص رأي وفرصة لإسماع ذلك الرأي...وذلك، في رأيي، هو الديمقراطية الحقيقية."

من جهته تساءل دان غيلمورمؤلف كتاب "نحن معشر الإعلاميين: صحافة شعبية محلية من الشعب وللشعب"، قائلا:

ما هي بالضبط البلوغز أو المفكرات الإلكترونية؟ لا يوجد تعريف واحد لها، ولكن أغلبها تشترك في ثلاثة أشياء على الأقل. فهي تتكون من مقالات قصيرة تنشر في المنتديات الإلكترونية. وتظهر هذه المقالات الإلكترونية بترتيب زمني عكسي – أي أن المقالات الأحدث تظهر في القمة. وتكون بها وصلات  ساخنة تنقل المتصفح إلى صفحات إلكترونية أخرى ذات علاقة.

وتعتبر المفكرات على الإنترنت وسيلة للمحادثة. إذ إن العديد من المفكرات الجيدة تسمح للقراء بنشر تعليقاتهم، وقد بات المدونون مغرمون بإرشاد الآخرين إلى أعمال بعضهم البعض لإبرازها ومناقشتها.

كما تعتبر أيضا وسيلة تحادث لأن أفضل المفكرات تكتب بصوت بشري مميز. ولو قارنا هذا بالمقالات التي تنشر في الصحف العادية النموذجية لوجدنا أن تلك المقالات قد كتبت طبقا لصيغة معينة وقرار من لجنة وليس من قبل شخص. إن الإنسانية التي تتسم بها المفكرات الإلكترونية تعتبر دفعا حيويا لهذا الشكل من التعبير.

كما يتحتم أن تُفهم المفكرات الإلكترونية في سياقها الأوسع، باعتبارها وكيلا للطرق المختلفة العديدة التي بات من الممكن لمستخدمي الإنترنت نشر أعمالهم بواسطتها على الشبكة (وبوسائط وصيغ مختلفة بما فيها التسجيل الصوتي والفيديو). وهذا يمثل جزءا من تطبيق الديمقراطية على أجهزة الإعلام، سواء منها الإنتاج أو التوزيع. وقد باتت الأدوات التي اعتدنا أن ننتج المحتوى الرقمي بواسطتها قوية جدا، في الوقت الذي غدت فيه رخيصة الثمن. فقد بات بإمكاننا أن نعرض أعمالنا على جمهور ربما كان عالمي النطاق. إذ إنه لا يوجد نظير في التاريخ البشري لهذا التطور.

وذكر مشروع بيو للإنترنت، وهي منظمة غير ربحية تجري دراسات على تأثير الإنترنت على الجوانب المختلفة في الحياة الأميركية، أن قراءة المفكرات الإلكترونية وكتابتها قد شهدا ارتفاعا ملحوظا. وأضاف أن أكثر من ربع سكان الولايات المتحدة يقرؤون المفكرات الإلكترونية، وأنه في الوقت الذي بقي عدد قراء المفكرات دون زيادة خلال العام 2005، إلا أن تغطية وسائل الإعلام قد جعلت المفكرات تشتهر بصورة أكبر من أي وقت مضى.

بدأت كتابة المفكرات الإلكترونية أولا في الولايات المتحدة. فقد كان ذلك متوقعا، على اعتبار أن الأدوات الأولى التي ظهرت على الإنترنت جاءت من مطوّري البرمجيات الأميركيين. لكنها ما لبثت أن أضحت ظاهرة عالمية. فالصين على سبيل المثال يوجد بها أكثر من 5 ملايين مدون (بلوغرز) وهذا هو تقدير تقريبي ونسبة منخفضة نسبيا بالنظر لعدد السكان. وقد بدأ المزيد والمزيد من أبناء الشعب الصيني بإطلاق المفكرات الخاصة بهم بالرغم من الرقابة التي تفرضها الحكومة (بمساعدة شركات التكنولوجيا). أما إفريقيا فإنها تحتل أدنى مرتبة في عدد المدونين على الإنترنت؛ وقال إثان زوكيرمان، المؤسس المشارك لمشروع الأصوات العالمية على الإنترنت في مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد إن أفضل التقديرات تشير إلى أنه لا يوجد سوى 10 ألف مدون (بلوغرز) على الانترنت في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وقال إن عدد كتاب المفكرات ينمو باطراد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث بلغ عدد الذين نشروا مدونات إلكترونية على الشبكة حوالي 50 ألف شاب وشابة.

وبين أكثر الدول بالنسبة للمدونين على الشبكة وأكثرها تحمسا، بعد الولايات المتحدة، هي فرنسا حيث يبلغ عدد كتاب المفكرات الإلكترونية (بلوغرز) فيها أكثر من مليوني مدون، بحسب ما ذكره المدير التنفيذي لشركة لويك لي ميور للبرمجيات. وقال إنه سيكون لهم تأثيرا عظيما. إذ قال إن ثلاثة من الوزراء قد دعوا بعض كتاب المفكرات لمقابلتهم؛ وقد شارك لي مير نفسه في واحدة من تلك الجلسات. ويذكر أن المفكرات قد أضحت واحدة من أهم وسائل التعبير في البلاد وأنها أخذت تثير بعض القلق في صفوف الصحافة السائدة.

لقد باتت العلاقة بين كتاب المفكرات الإلكترونية والصحفيين جديرة بالملاحظة. فقد قفز بعض المحترفين إلى كتابة المفكرات الإلكترونية بكل حماس ورفضها آخرون جملة وتفصيلا.

وقد بدأ ما يعتقد أنه أول موقع مفتوح للمدونات الإلكترونية أطلقه صحفي أميركي من وسائل الإعلام الجماهيرية في العام1999، عندما كانت برامج الاتصال بشبكة الإنترنت الخاصة بكتابة المفكرات لا تزال حديثة العهد. "وكنت أكتب عن التكنولوجيا، والمواقع المفتوحة التي ظهرت بالإضافة للعمود الذي كنت أكتبه في سان هوزيه ميركوري نيوز في سيليكون فالي بكاليفورنيا، ثم أصبحت كتابة المفكرات على الموقع المفتوح جزءًا أساسيا من عملي. لماذا؟ لأنه مكنني من المزيد من التحاور مع قرائي. فقد كنت أتعلم بسرعة، وأكتب عن التكنولوجيا في سيليكون فالي الذي يعتبر مركز لآخر ما تم التوصل إليه من صناعة التكنولوجيا الحديثة، وإجمالا فإن قرائي يعرفون أكثر مني في هذا المجال، وكان الموقع المفتوح للمدونات الإلكترونية يعد وسيلة أخرى للتعلم والاطلاع."

ومنذ ذلك الحين، أصبحت كتابة المفكرات الإلكترونية تتقاطع رويدا مع المؤسسات الإخبارية. وقد اكتشف مشروع بيو للإنترنت أن الصحفيين الأميركيين أكثر احتمالا لقراءة المفكرات على الإنترنت من عامة الشعب. وهذا متوقع، لأن البلوغز تقدم دورا يشبه نوعا ما الصحف التجارية التي تعتبر مصدر قيما للمادة التي يحتاج إليها المراسلين في عدد كبير من المجالات.

ولكن بالرغم من ذلك، فإن معظم الصحفيين المحترفين لا ينشرون مدونات إلكترونية على المواقع المفتوحة (بلوغز). إذ إن مثل هذا الشكل الذي يميل إلى تشجيع الصوت الشخصي، قد يبدو غير طبيعي نوعا ما بالنسبة للمحترفين الذين تدربوا على إبقاء مشاعرهم ومعتقداتهم الخاصة بعيدة عما يكتبونه ويذيعونه. أما كتاب مقالات الرأي فهم يمثلون استثناء واضحا لهذه القاعدة العامة، وقد برز العديد من  كتاب الأعمدة التجارية باعتبارهم الأفضل في هذا المجال، حيث سلطوا المزيد من الأضواء على القضايا التي يتناولونها في الصحف المطبوعة. وهذه الطريقة تناسب أيضا الصحفيين الذين يتناولون أنواعا أخرى من القضايا وخصوصًا الترفيه.

ويمكن أن تضيف المفكرات الإلكترونية شيئا جديدا على التغطية الإخبارية ألا وهو الشفافية. إذ يطالب العاملون في حقل الأخبار غيرهم بالشفافية، ولكنهم غير مستعدين لتطبيق هذه الشفافية على الأعمال الخاصة بهم. غير أن هذا الوضع يتغير نحو الأفضل، حيث باتت المفكرات الإلكترونية أداة مفيدة في تلك العملية. فعلى سبيل المثال يسلط الموقع المفتوح للمدونات الخاص بشبكة سي بي إس الإخبارية الأضواء على عمليات المذيع الخاصة.

وقد اتضح أن المفكرات الإلكترونية مناسبة تماما بشكل خاص للأخبار العاجلة، مثل الكوارث الطبيعية التي يتعطش القراء للحصول على كل جديد عنها. إذ حل الموقع المفتوح الخاص بالمفكرات الإلكترونية محل الصفحات الأولى لبعض الوقت. فقد أرغمت صحيفة نيو أورلينز بايكيون على هجر المبنى الخاص بها إلى السكان الآخرين للمدينة التي دُمرَتْ تقريبًا بفعل الإعصار كاترينا، وقد ساعدها الموقع المفتوح الخاص بالمفكرات الإلكترونية على إبقاء القراء على إطلاع حول ما يجري حيث أنه لم يكن بالإمكان إصدار العدد المطبوع.

وبالطبع لا تشكل مواقع المفكرات الإلكترونية التي يقوم بتحريرها صحفيون سوى نسبة مئوية صغيرة من العدد الكلي للمدونات الإلكترونية. فبعض المدونين يقومون بعمل عظيم بمفردهم حيث يتنافسون على جذب اهتمام القراء وعلى أن يحظوا باحترام المصادر. وقد أجرى بعض مواقع المفكرات الإلكترونية مقابلات مع بيل غيتس رئيس شركة ميكروسوفت العملاقة للبرمجيات. وقد أدرك مسؤولو الشركات التجارية الآخرون بأن كتاب المفكرات الإلكترونية الرئيسيين يمكن أن يشكلوا قناة ممتازة للتواصل مع عامة الشعب.

وحتما، حاولت بعض شركات الإعلام جذب أفضل المواهب من كتاب المفكرات الإلكترونية للالتحاق بها. فقد اشترت شركة أميركا أونلاين تايم وارنر موقعا مفتوحا للمدونات الإلكترونية اسمه ويبلوغز المحدودة، وهو موقع مفتوح بكتابة المفكرات حول موضوعات شتى مثل التكنولوجيا والسيارات وغيرها، بمبلغ 15 مليون دولار. ومن المحتمل عقد المزيد من هذه الصفقات.

وحتى لو حاولت المؤسسات الإعلامية الرئيسية كسب حركة كتابة المفكرات الإلكترونية، فلا يمكن أن تنجح. إذ إن الحاجز المالي للدخول في هذا السوق قد اقترب من الصفر بالفعل. فقد بات بإمكان أي شخص يتمتع بالموهبة ويتوفر له الوقت أن يكّون موقعا مفتوحا لكتابة المفكرات الإلكترونية – أو موقع للبث عبر الإنترنت أو سوى ذلك من المواقع الإعلامية – دون الحاجة إلى إنفاق أموال طائلة.

ومن المحتم أيضا أن ارتفاع عدد المواقع المفتوحة للمدونات قد أدى إلى إثارة الأسئلة والانتقادات حول الرغبة المتكررة لكتاب المفكرات على الإنترنت في الانطلاق شفهيا قبل الاستهداف. إضافة أن فكرة الإنصاف والإتقان ليست من صفات كتاب المفكرات الإلكترونية. ولكن في سوق الأفكار، عدم الدقة والأخطاء يبدو أنه يتم اكتشافها والإشارة إليها، وسمعة ترتفع وأخرى تسقط حول النوعية والجودة إلى درجة خطيرة. في أثناء ذلك، يتعلم قراء البلوغز إثارة الشكوك الملائمة حول ما يقرأونه على الإنترنت.

إن المفكرات الإلكترونية وأجهزة الإعلام الخاصة بالمواطن ذات العلاقة لن تتلاشى. فقد أضحت مكانا محررا لأصوات الشعب. فثمة حكمة قديمة للإعلام الأميركي تقول إن الصحافة الحرة تخص أولئك الذين يمتلكون صحافة. وها نحن جميعا قد بتنا في العصر الجديد للإعلام الرقمي نمتلك صحافة. وكلما كثرت الأصوات كلما كان ذلك أفضل.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 1/نيسان/2006 -2/ربيع الاول/1427