التهديدات الطائفية تجبر 30 ألف عراقي على النزوح

قالت الحكومة العراقية يوم الاربعاء ان أعمال العنف الطائفية تسببت في نزوح أكثر من 30 ألف عراقي كانوا ضحايا لمسلحين هددوهم بالرحيل أو القتل وذلك منذ تفجير مرقد الامام علي الهادي في سامراء الشهر الماضي.

وأثار الهجوم على المرقد في 22 فبراير شباط هجمات انتقامية ودفع العراق نحو الحرب الاهلية. وعثر على مئات الجثث لضحايا العنف الطائفي ملقاة في الشوارع وكان الكثير منها مقيدا وبدت عليها علامات التعرض للتعذيب.

وهيأ العنف أيضا الساحة لأزمة انسانية محتملة. فقد اضطرت الاف الاسر الى الفرار من منازلها بعد تلقيها تهديات بالقتل بسبب انتماءاتها الطائفية.

وقدر ستار نوروز المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين عدد الذين اضطروا للنزوح بسبب المسلحين أو المتشددين الاسلاميين الذين يسعون لتطهير مناطق من الشيعة بنحو 33 ألف شخص.

وقال نوروز ان مجلس الوزراء خصص 500 مليون دينار (340 ألف دولار) لمساعدة الاسر التي ابعدت عن ديارها في أنحاء العراق.

ويعني ذلك تخصيص نحو 10 دولارات لكل فرد.

وعبرت منظمة الهجرة الدولية ومقرها جنيف يوم الاربعاء عن قلقها وقدرت عدد النازحين في العراق بنحو 30 ألفا وقالت ان معاناتهم لن تتراجع ما دام العنف الطائفي مشتعلا.

وقالت دانا جريبر مسؤولة المراقبة وإعادة الاندماج بمكتب منظمة الهجرة الدولية في عمان "العراق يمر حاليا بمرحلة محفوفة بمخاطر بالغة والامن يتدهور باستمرار. والى أن تستقر الاوضاع الأمنية سيتواصل اجبار الناس على النزوح بسبب العنف الطائفي."

وأكثر عمليات النزوح للعراقيين تكون من بغداد الى محافظات شيعية في الجنوب مع تزايد التدفق باتجاه النجف التي تضم حاليا 1200 أسرة انتقلت بعيدا عن ديارها بنحو 160 كيلومترا.

وقال رجل ذكر اسمه الاول فقط وهو سعد ان العشرات من المسلحين السنة داهموا حي اللطيفية الذي يسكنه بجنوب بغداد وقتلوا أخويه. واصيب بالصدمة بعدما علم أن بعض المهاجمين كانوا جيرانا له بالفعل.

واضاف "كانوا جيراني. انني أعرفهم.. كانوا يلقون علينا السلام في النهار ويقتلوننا في الليل." وكان يتحدث داخل مبنى كان مهجورا ويضم حاليا نحو 300 نازح.

وقالت جريبر ان منظمة الهجرة الدولية كانت تدير خلال الاسبوعين الماضيين أربع عمليات طارئة لتوزيع المواد الغذائية وغيرها في أربع محافظات لمساعدة النازحين.

وأضافت أن أغلب عمليات النزوح كانت من بغداد ومحافظة الانبار السنية ومحافظة ديالا التي يسكنها خليط من السنة والشيعة بينما كانت محافظة النجف تستقبل تدفقا للنازحين. غير أنها أكدت أن النزوح بات مشكلة في عموم العراق.

وقالت "انها مشكلة في أنحاء البلاد.. وليست مقصورة على محافظة بعينها."

وقال جبر كامل رئيس جمعية الهلال الاحمر المحلي ان نحو 750 شخصا نزحوا الى مدينة السماوة في الجنوب.

وقال رحيم عبد الامير وهو شيعي من منطقة الاسكندرية بجنوب بغداد انه ذهب الى هناك مع أسرته المكونة من 12 فردا بعدما ظهر مسلحون سنة وأمروهم بالمغادرة.

وقال "جاءوا الى بيتي وطلبوا مني أن أغادر المنطقة والا قتلوني مع كل أسرتي. وبمجرد مغادرتنا المنزل قاموا بتفجيره."

وهذه الأرقام رغم كبرها لا تشكل نزوحا ضخما للناس في العراق، لكن إذا ما استمر التوتر الطائفي فإن هناك خشية من أن ترتفع هذه الأرقام أكثر.

ويقول محلل شؤون الشؤق الأوسط في بي بي سي انه حيث ان بغداد كانت المدينة التي تذوب فيها الطوائف المختلفة فان الرحيل عنها بهذا الشكل يعتبر ظاهرة ملفتة للانتباه.

وقد نزحت العائلات السنية الى منطقة تعرف "بالمثلث السني"، أما الشيعة فقد نزحوا الى الجنوب كالنجف مثلا.

ويقول محللنا ان تفشي الطائفية في العراق هو ظاهرة حديثة ولكن يصعب التنبؤ بكيفية السيطرة عليها، حيث تأتي من القاعدة، ففي ظروف انعدام الأمن ربما رأى الناس في الميليشيات المحلية القائمة على أساس طائفي القوة الوحيدة التي تستطيع حمايتهم.

وكذلك تنبع الطائفية من القمة، من القادة السياسيين الذين اكتشفوا ان بامكانهم كسب الكثير من الولاء الطائفي، ربما أكثر مما لو توجهوا نحو الوحدة الوطنية كما يقول محللنا.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 31/اذار/2006 -1/ربيع الاول/1427