في معركة سياسية قوات امريكية كردية ترتكب مذبحة وتقتل مايقارب اربعين شخصا من جيش المهدي

بدأ شيعة عراقيون يوم الاثنين دفن 20 شخصا قتلوا بالرصاص في مسجد بالعاصمة العراقية بغداد في حادث وصفه بعض زعماء الشيعة بانه مذبحة ارتكبتها القوات الامريكية في العراق.

واتهم ساسة من الشيعة الذين يمثلون أغلبية في العراق القوات الامريكية بقتل 20 مصليا في مسجد ببغداد ولكن الشرطة العراقية وسكانا قالوا ان كثيرين قتلوا في اشتباكات عنيفة اندلعت بين مقاتلي ميليشيات الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر والقوات الامريكية.

ولم يعلق متحدثون عسكريون امريكيون على الاتهامات.

وقالت الشرطة العراقية ان القوات الامريكية اشتبكت مع ميليشيا جيش المهدي التابعة لرجل الدين الشيعي الراديكالي وقتلت 20 مقاتلا.

واتهم معاون بارز للصدر القوات الامريكية بقتل اكثر من 20 من المصلين العزل في مسجد المصطفى بعد ان قيدتهم. وقال حازم الاعرجي مساعد الصدر انهم لم يكونوا من افراد الميليشيا لكنهم من انصار جل الدين الشاب.

وفي موقف يوضح عدم ثقة بعض العراقيين في قوات الحكومة العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة قال مشاركون في جنازة اليوم ان ميليشيات جيش المهدي هي وحدها التي ستحميهم من الهجمات الطائفية.

وانتحب كثيرون وتعانقوا لدى وصول بعض النعوش.

وصرخ حميد طيب في غضب "لا احد يحمينا. لولا جيش المهدي لذبحنا في منازلنا."

وامتنع متحدثون عسكريون امريكيون عن التعليق على هذه الاتهامات ولكنهم اصدروا بيانا تحدثوا فيه عن غارة شنتها القوات العراقية الخاصة مع مستشارين امريكيين على مبنى لم يكن مسجدا في نفس المنطقة تقريبا. وقال البيان ان 16 مسلحا قتلوا.

وذكر البيان الامريكي ان العملية العراقية لم تشمل الاغارة على مسجد كما لم تلحق اي اضرار بمسجد.

ونظرا لتناقض التقارير وفرض حظر تجول خلال الليل في بغداد كان من المستحيل تحديد ما حدث.

وقال السيد فلاح حسن شنشل عضو مجلس النواب عن كتلة الائتلاف- التيار الصدري ان العملية العسكرية التي استهدفت المصلين في مسجد المصطفى في حي اور مساء امس هي" عملية همجية وحشية الهدف منها اثارة الفتنة و محاولة بائسة من جانب الاحتلال ومن يعاونه لجر التيار الصدري للقتال وتقويض العملية السياسية في البلاد."

واضاف في تصريح في مكتب الشهيد الصدر فرع الرصافة اليوم الاثنين ان السيد مقتدى الصدر دعا الى التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار وراء من يريدون ادخال العراق في حرب اهلية طائفية .

واوضح السيد شنشل ان قوات عراقية من فوج 36 حرس وطني شاركت قوات الاحتلال بالهجوم على مسجد المصطفى وشاركت باعدام المصلين , مشيرا الى ان غالبية عناصر هذا الفوج من الكورد " البيش مركة" . ولم يتسن الاتصال على الفور بمصادر كردية للتعقيب.

وتابع القول ان الحكومة العراقية المتمثلة برئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري بصفته القائد العام للقوات المسلحة لاعلم له بهذا الهجوم ومشاركة قوات عراقية فيه،

وطالب"شنشل" الحكومة العراقية بفتح تحقيق في هذا الامر وكشف ملابسات الحادث والتعريف بمن قاموا بهذا الهجوم , وكشف الدوافع الاساسية له.

وفي مستشفى الامام علي في مدينة الصدر حيث يرقد اثنان من جرحى الحادث وصف" أياد علي حسين" شقيق الجريح"سلام علي حسين "الحادث بالقول: " انه شاهد تلك القوات وهي تقتحم المسجد بينما كانت طائرات مروحية امريكية تحلق في سماء المنطقة وسرعان ما هرع للمسجد لانقاذ اخيه الا انه فوجيء بفتح النار من قبل عناصر الحرس الوطني باتجاهه وباتجاه من هرعوا لانقاذ المصلين وبقي مختبئا ينظر الاحداث عن بعد ."

وأضاف انه اخلى اخاه الجريح الى سيارة قريبة وشاهد عددا كبيرا من الجثث وعليها اثار تعذيب بعضهم يعرفهم من اعضاء حزب الدعوة تنظيم العراق الذي يتزعمه وزير الدولة لشؤون الامن الوطني الحالي السيد عبد الكريم العنزي .

مصدر طبي في المستشفى ذكر لـ(أصوات العراق) ان العيارات النارية التي التي اخرجت من اقدام الجريح سلام علي حسين هي من نوع عيارات بندقية " كلاشنيكوف" التي يستخدمها الحرس الوطني .

اما الجريح الاخر " محمد حسن"الذي بدا بوضع صحي افضل بعد اجراء العملية الجراحية له ليلة امس فيقول ل(أصوات العراق) انه اعتاد الصلاة في مسجد المصطفى وكان يصلي المغرب في المسجد بينما اقتحمت قوات امريكية تصحابها قوات عراقية وقامت بتكبيل عدد من المصلين ووضعهم في احدى غرف المسجد وقاموا بتعذيبهم ثم اعدامهم .

واضاف ان تلك القوات قامت برمي عشوائي داخل المسجد حيث قتل نحو عشرين من المصلين واقتادوا خمسة عشر اخرين الى جهة مجهولة معظمهم من التيار الصدري.

وأوضح الجريح ان مع تلك القوات عراقيين وعدد اخر يتحدث اللهجة اللبنانية يبدو انهم من المترجمين حيث يحملون السلاح .

ولم يكن هناك تأكيد مستقل على الفور لرواية الشاهد.

وذكرت السيدة غفران عضو مجلس النواب عن قائمة الائتلاف التي تزور الجرحى في المستشفى ان "هذا العمل الاجرامي لايدعو الى الشجب والاستنكار وتشييع الشهداء كما هو معتاد بل اننا نطالب الجانب الامريكي والسفير الامريكي في العراق ان يوضح ملابسات هذا الحادث وما هي المبررات ليطلع الرأي العام على هذه الاعمال ."

وطالبت عضو مجلس النواب الحكومة بأن لاتتوقف عند الادانة والاستنكار بل يجب عليها الضغط على القوات الامريكية للكشف عن هذه الجريمة البشعة - حسب وصفها-وتقديم العراقيين الذين شاركوا بهذه العملية الى العدالة لينالوا جزاءهم العادل .

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ان رئيس الوزراء شعر "بقلق عميق" واتصل بقائد القوات الامريكية في العراق الجنرال جورج كيسي الذي وعد باجراء تحقيق كامل.

ودعا الاعرجي الى الهدوء لكنه اتهم الولايات المتحدة ايضا بجر جماعة الصدر التي تتمتع بنفوذ له شأن الى الدخول في مواجهة حتى تعيق العملية السياسية.

وتصاعد التوتر واعمال العنف الطائفية بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي هيمنت على البلاد خلال حكم الرئيس السابق صدام حسين وفاقم من التوترات "فرق الاغتيالات" والميليشيات والهجمات على الاماكن المقدسة.

يأتي ذلك في وقت تكثف فيه واشنطن الضغط على الكتلة الشيعية الاسلامية الحاكمة لتشرك السنة في الحكومة كما تعتزم اجراءات محادثات مع ايران الشيعية لمحاولة كسر الجمود. ويخشى كثيرون ان اخفاق الخطة يمكن ان يغرق العراق في حرب اهلية.

وندد يوم الاحد سياسي مقرب من الجعفري بما سماه "سياسة العدوان" الامريكية. وفيما كان السياسي جواد المالكي يتحدث في قناة التلفزيون الرسمي عرضت لقطات لقتلى ذكرت القناة انهم لاقوا حتفهم أثناء الغارة على مسجد المصطفى. ولم تر في اللقطات اي اسلحة وهو ما أكده مقدم النشرة في القناة التي يهيمن عليها الشيعة.

ودعا المالكي الى اجراء تحقيق كامل في الواقعة.

وذكر السفير الامريكي لدى العراق زلماي خليل زاد يوم السبت ان الميليشيات الشيعية تمثل حاليا مشكلة مماثلة لما يمثله المسلحون السنة الذين واجهوا القوات الامريكية منذ غزت العراق. وقال "العراقيون الذين يقتلون بسبب عنف الميليشيات اكثر ممن يقتلهم الارهابيون."

وأضاف السفير الذي اتهم ايران بتمويل وتدريب ميليشيات ان الامر يحتاج "لاخضاعها للسيطرة".

وانتهت جولة جديدة من المفاوضات الرامية الى تشكيل حكومة دون تحقيق تقدم واضح. وذكرت مصادر شيعية ان هناك اتجاها متزايدا للضغط على الجعفري ليستقيل. وكان السنة والاكراد قد أعلنوا معارضتهم لتولي الجعفري رئاسة الحكومة لفترة ولاية ثانية.

كما تعتزم الولايات المتحدة اجراء محادثات مع ايران جارة العراق الشيعية التي لها نفوذ على الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد في مسعى للخروج من الازمة.

ورغم حل جيش المهدي رسميا بعد ان قتلت القوات الامريكية مئات من مقاتليه خلال اخماد انتفاضتين للميليشيا في عام 2004 الا انها ما زالت قوة ملموسة. كما اصبح الصدر بمساندة ايران على ما يبدو قوة يعتد بها في كتلة التحالف الشيعي الحاكم منذ الانتخابات التي اجريت في ديسمبر كانون الاول.

وقال مصدر طبي بمستشفى اليرموك انه رأى بعد انسحاب القوات الامريكية 18 جثة لعراقيين قتلوا في العملية.

وذكرت مصادر من الشرطة ان 20 من افراد ميليشيا جيش المهدي قتلوا في الاشتباكات التي دارت بالقرب من معقل الصدر في ضاحية مدينة الصدر الفقيرة.

وإتهم وزير الدولة العراقي لشؤون الامن القومي جنودا امريكيين وعراقيين بقتل 37 شخصا أعزل في هجوم على مجمع مسجد يوم الاحد.

وقال الوزير الشيعي عبد الكريم العنزي وهو حليف سياسي لرئيس الوزراء ابراهيم الجعفري ان جنودا امريكيين وعراقيين داهموا حسينية المصطفى خلال صلاة العشاء وقتلوا 37 شخصا.

واضاف بأن جميع القتلى كانوا عزلا مشيرا الى أن الجنود داهموا المسجد وقيدوهم ثم اطلقوا النار عليهم.

وتابع الوزير بأن الجنود لم يخلفوا أي جريح وراءهم.

وكان سياسيون شيعة قد قالوا في وقت سابق ان 20 شخصا قتلوا في المسجد. وجاء في رواية الجيش الامريكي عن الحادث الذي وقع يوم الاحد أن القوات العراقية الخاصة ومستشارين امريكيين قتلوا 16 "مسلحا" واعتقلوا 15 اخرين وافرجوا عن رهينة عراقية. ونفى الجيش مداهمة اي مسجد.

وابلغ وفد زائر من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي الزعماء العراقيين يوم السبت بأن صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد بيد ان الضغوط الامريكية الجديدة لم تنجح في دفع الساسة نحو التوصل الى اتفاق.

وسيؤدي المأزق السياسي الذي طال أمده مع تزايد اعمال العنف الى تراجع احتمالات تحقيق الاستقرار الذي تتوق واشنطن اليه على امل ان تتمكن القوات الامريكية من الرحيل عن العراق في نهاية المطاف.

وذكرت مصادر سياسية في التكتل الشيعي الرئيسي ان هناك اتجاه متزايدا للضغط على رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري كي يستقيل لإنهاء ازمة تشكيل الحكومة. وكان السنة والاكراد قد اعلنوا معارضتهم لتولي الجعفري رئاسة الحكومة لفترة ولاية ثانية.

وعندما سئلت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس عن تصريحات أدلى بها الرئيس الامريكي جورج بوش الاسبوع الماضي بان القوات الامريكية ربما تبقى في العراق ثلاث سنوات اخرى قالت ان عددا كبيرا من القوات سيغادر وفقا لما هو مقرر خلال العام القادم اذا سنحت الظروف.

وقالت رايس لشبكة فوكس التلفزيونية "اذا واصلت القوات العراقية التطور بالشكل الذي هو عليه... فمن المرجح تماما ان يتم خفض حجم القوات الامريكية خلال العام القادم."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 28/اذار/2006 -27/صفر/1427