قوات الامن العراقية هل تستطيع ان تأخذ مكان قوات الاحتلال؟

 يسير أفراد قوات الشرطة التي دربتها الولايات المتحدة معتدين بزيهم الجديد في شوارع هذه البلدة العراقية المتربة لكن عندما يتعلق الامر بالرصاص يضطرون أحيانا لتسول الصحفيين.

وبناء قوات أمن عراقية جديدة لمحاربة حملة مسلحة يقودها السنة جزء رئيسي من خطط واشنطن للسماح بانسحاب لاحق للقوات الامريكية.

وفي الحلة التي تقع على بعد 100 كيلومتر جنوبي بغداد انسحبت القوات الامريكية للخلفية تاركة قوات الامن والشرطة العراقية المجهزة تجهيزا سيئا مهمة التعامل مع مسلحين يهربون الاسلحة والاموال من خلال المنطقة المهمة استراتيجيا.

ويسلم كبار قادة الشرطة والجيش العراقيون بالواقع رغم اعتزازهم بعملهم ويقولون انهم لا يريدون أن تغادر القوات الامريكية العراق الان.

وقال العقيد علي حسن وهو قائد في الجيش مسؤول عن الحلة القريبة من موقع بابل ومن محافظة بابل العراقية التي سميت على اسم المدينة القديمة "انني لست من كبار أنصار رحيل قوات التحالف."

وتابع قائلا "القوات العراقية لا تزال يافعة. تحتاج الى مزيد من التدريب وما زلنا لا نملك طائرات أو مدفعية أو عربات مصفحة."

وقال الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الثلاثاء الماضي ان القوات الامريكية قد تبقى في العراق الى ما بعد انتهاء ولايته في يناير كانون الثاني عام 2009.

وانتهى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن مؤخرا الى أن الامر قد يكون كذلك.

وقال المركز ان التقدم الذي أحرز في تجهيز قوات الجيش العراقي والتي يقدر عددها بنحو 40 ألف جندي مثير للاعجاب مضيفا أنهم ليسوا جاهزين لخوض معارك. وأضاف أن القوات الاخرى وقوامها 65 ألف جندي لديها قدرات قتالية ضئيلة للغاية.

كما خلص المركز الى أن قوة الشرطة قوامها 88900 رجل لكنهم مجهزون تجهيزا سيئا خصوصا في المركبات والاتصالات.

ويعترف قادة الشرطة والجيش بالنقص المزمن في مستلزمات أساسية تعاني منه القوات التي كانت هناك ضرورة لبنائها من الصفر.

ومن بين 80 سيارة نقل وسيارة ركوب متاحة لنحو 820 جنديا تحت قيادة حسن هناك 40 عربة معطلة لنقص قطع الغيار. وعربات همفي المسلحة التي وعد بها الجيش الامريكي ستصل في يونيو حزيران.

وفي الاشهر الاخيرة كان لدى حسن وفرة في الوقود لكن هناك أوقات يتعين عليه فيها أيضا ان يدفع نقودا لشراء البنزين من السوق السوداء مثل غالبية العراقيين رغم أن العراق يجلس على واحد من أكبر احتياطيات النفط في العالم.

وبينما تتوافر بشكل واضح الذخيرة للبنادق ايه كيه 47 الموجودة في كل مكان في العراق هناك نقص في الطلقات من عيار تسعة ميلليمترات للمسدسات التي تستخدمها الشرطة وهناك نقص أحيانا في المسدسات نفسها.

ورغم النقص فان افراد قوات الامن والشرطة يعتزون بعملهم فيما يبدو. ويرتدي ضباط الشرطة زيا نظيفا ومهندما وأحذية لامعة. ويرتدي أفراد الجيش عتادا كاملا.

ووعد الجيش الامريكي بتقديم المزيد من العتاد حينما يستعد للانسحاب. وستبقى قوة صغيرة من الفرقة الامريكية 82 المحمولة جوا الموجود حاليا في الحلة في مكانها.

وقال الميجر ارنست بويد قائد المجموعة الاستشارية الامريكية "هذا مناخ يمكن أن يعرض دائما شخصا ما للخطر."

وتابع قائلا "مهمتي هي تزويدهم بالمواد المناسبة في تلك البيئة ليبقوا على قيد الحياة."

ولو سارت الامور كما هو مخطط لها فان قوات الجيش والشرطة العراقية التي تلقت تدريبات على ايدي الامريكيين ستعمل معا وتكسب الثقة في مدن مثل الفلوجة حيث يشتعل الصراع وتقاتل المسلحين بمفردها فيما تسحب واشنطن قواتها تدريجيا.

لكن بالحكم على المناخ السائد في تلك المدينة التي تقع غربي بغداد والتي كانت احد معاقل المسلحين فان هذه مجرد اضغاث احلام.

وتستشري الانقسامات بين قوات الجيش والشرط العراقية المنوطة بمهمة التأكد من عدم عودة المسلحين الذين لهم صلات بتنظيم القاعدة والموالين للرئيس المخلوع صدام حسين الذين استولوا على المدينة فيما مضى مما يثير تساؤلات بشأن فرص الاستقرار.

وخلال هذا الاسبوع اضرب افراد الشرطة ومعظمهم من العرب السنة عن العمل احتجاجا على ما وصفوه بتجاوزات يرتكبها الجنود من الشيعة. وعلى الرغم من عودة رجال الشرطة الى عملهم الا أن عدم الثقة لا تزال موجودة.

وقال نقيب في الشرطة طلب عدم نشر اسمه "الجنود هاجمموا بقالا في السابعة عشرة من عمره واقتادوه بعيدا عن المنطقة حيث عثر عليه ميتا بعدها بساعتين."

واضاف أنه تم اطلاق النار على الشاب بين عينيه فيما شقت معدته.

ولم يكن هناك سبيل للتحقق من صحة الواقعة لكن الحقائق نادرا ما تهم في ظل الفوضى السائدة في العراق حيث يكفي الحديث عن عمليات خطف او قتل لاذكاء اعمال العنف الطائفية.

واثار التصعيد في اعمال العنف منذ تفجير مزار شيعي يوم 22 فبراير شباط الماضي المخاوف من ان العراق على شفا حرب اهلية.

وقال مسؤول في الجيش العراقي في بغداد ان اي تجاوزات ترتكب في الفلوجة هي حوادث فردية.

واضاف "اذا كانت هناك تجاوزات فانها ترتكب من قبل افراد ولا تعكس سياسة الجيش العراقي. الجنود لديهم اوامر بالتعامل مع الناس باحترام."

ويأمل قادة العراق ومسؤولون امريكيون في أن تتمكن القوات الامنية من ارساء الاستقرار في البلاد بمفردها في نهاية المطاف. ويعتمد اي انسحاب للقوات الامريكية على قدرة القوات العراقية على مكافحة المسلحين من العرب السنة واعمال العنف الطائفية المستشرية.

وتمكنت القوات الامريكية من سحق الموالين لصدام والمسلحين الاسلاميين خلال عملية في الفلوجة عام 2004 نفذت بهدف إحلال الاستقرار في المدينة وتسليم السيطرة فيها للقوات الامنية لكن مشاعر الاستياء تجاه الجنود العراقية باقية وتنمو بمرور الوقت.

وقال علاء مجيد وهو تاجر هواتف محمولة "الجيش اغار على متجري قبل عدة ايام وقام بضربي وركلي...سرق نقودي والهواتف التي تركتها. اغلقت متجري لاني لا اريد أن اتعرض للسرقة مرة اخرى."

ويؤيد السكان افراد الشرطة الذين يقدر عددهم بنحو 1200 شرطي لان غالبيتهم من السنة ومن الفلوجة لكنهم يبغضون الجنود لانهم شيعة ومن بلدات اخرى وينظر اليهم على انهم مقربون من دولة ايران المجاورة التي كانت يوما ما العدو اللدود للعراق.

وقال نواف علوان (43 عاما) وهو رجل اعمال في المدينة "هم (الشيعة) اناس طائفيون ومعظهم يتحدث بالفارسية. نعتقد أن الامريكيين يتحلون بالرحمة اكثر منهم."

ويقول السكان ان الفلوجة الواقعة على بعد 50 كيلومترا غربي بغداد لا تزال تتعافى من الهجمات الجوية والبرية الامريكية التي استخدمت فيها المدفعية والدبابات في عام 2004 والتي حولت معظم المدينة الى انقاض.

وكانت الحكومة العراقية والجيش الامريكي يأملان في أن تمنع العملية المسلحين من محاولة الاستيلاء على بلدات اخرى لكن جنودا عراقيين يقولون ان المسلحين عادوا للتسلل للمدينة.

وبعيدا عن تجدد اعمال العنف فان السكان يشكون من انقطاع الكهرباء ونقص امدادات مياه الشرب وبطء عمليات اعادة الاعمار. لكن المشكلة الاكبر التي تواجههم فيما يبدو هي الجنود العراقيون المنوطون بحمايتهم.

وقال فهد سعدون (30 عاما) وهو مدرس "مادام الجيش العراقي في المدينة فلن ننعم بالامن أو نشعر بأي راحة. معظم الهجمات هم يشنونها لانهم لا يريدون رؤية اي استقرار هنا."

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 25/اذار/2006 -24/صفر/1427