كردستان: هي حرب حرية العراق فهل تحققت الحرية؟

خارج اقليم كردستان قد يختلف التصنيف فيما يتعلق بالعمل العسكري الذي قادته الولايات المتحدة وحلفاؤها في التاسع عشر من آذار مارس 2003 لكن الامر ليس كذلك في كردستان.. فهو حرب حرية العراق.

لكن هل الصورة في الاقليم بعد ثلاث سنوات من الحرب وردية بمثل ما قد يوحي به التصنيف؟

قبل سقوط نظام صدام حسين في التاسع من نيسان ابريل 2003 كان اقليم كردستان يعيش شبه معزول عن العالم.. كان هناك الحصار الذي يفرضه عليه النظام وكانت هناك محدودية التعامل مع دول الجوار العراقي التي كانت تتعامل مع الادارة الكردية في الاقليم بكل حذر بسبب وجود المشكلة الكردية في تلك الدول ايضا كايران وتركيا وسوريا وأخيرا محدودية التعامل مع العالم الخارجي الذي كان يتم الوصول اليه عبر هذه الدول الثلاث.

بعد حرب" حرية العراق" وسقوط النظام السابق في بغداد انفتحت الابواب امام شعب كردستان ليشارك في جميع مجالات الحياة في العراق وذلك بالمشاركة الفعالة في العملية السياسية في العراق وتولي مناصب سيادية بعد ان كانوا محرومين من ذلك والمشاركة في عملية كتابة الدستور العراقي.

الاتصال المباشر بالعالم الخارجي أصبح متاحا من خلال افتتاح مطارين دوليين في كل من اربيل والسليمانية، وبدأت الاستثمارات تظهر في كردستان ومعها الشركات الوافدة ويشهد الاقليم حركة عمرانية واسعة.

السؤال الذي يطرح نفسه هو الى اي مدى استفاد مواطنو الاقليم من هذا الانفتاح؟ وهل استطاعوا الحصول على كامل حقوقهم في العراق التي ناضلوا من اجلها لسنوات عديدة؟

السيد روميوا هكاري رئيس حزب بيت النهرين الديمقراطي (حزب مسيحي– اشوري) في كردستان العراق يقول ان مشاركة شعب كردستان في الانتخابات التي جرت في العراق وكذلك في عملية صياغة الدستور العراقي الدائم وتولي مناصب سيادية في العراق ومن بينها منصبا رئيس الجمهورية ووزير الخارجية خطوة مهمة نحو بناء اسس الديمقراطية في العراق.

هكاري يقول لـ (أصوات العراق) ان العراقيين حققو انجازات كبيرة ولكنه يتحدث أيضا عن أن العديد من ابناء جلدته من( الاشوريين والكلدان والسريان) الذين عاشوا كما يقول لمئات السنين في مدن بغداد والبصرة والموصل وكركوك اضطروا الى ترك ديارهم بسبب الارهاب الذي يتعرضون له.

ويضيف هكاري " تعرضت مئات الشابات المسيحيات الى القتل والاغتصاب وقتل خلال الثلاث السنوات المنصرمة المئات من شبابنا بسبب انتمائهم الديني واضطر العديد منهم الى ترك ديارهم والتوجه نحو مدن اقليم كردستان العراق او التوجه نحو اوروبا."

لا يختلف السيد كرخي نجم الدين التي بارماك (رئيس الحركة الديمقراطية التركمانية في كردستان) في ان العراق حقق انجازات كبيرة خلال هذه السنوات "الا ان التدخلات الكثيرة في الشأن العراقي تعرقل سير العملية السياسية.. بسبب هذه التدخلات لانستطيع ان نقول انه في المستقبل القريب ستشكل حكومة الوحدة الوطنية في العراق."

غير انه حتى مع وجود مشكلات سياسية لا يرى كما قال لأصوات العراق ان ايام حكم النظام السابق كانت أفضل فهذه المشكلات قابلة للحل كما ان "الارهاب الموجود في العراق لا يهدد اثنية او طائفة بمفردها وانما يهدد جميع العراقيين بدون استثناء.. التهديد الموجود لايهدد فقط التركمان انما يهدد كل من يؤمن بالعراق الفيدرالي الديمقراطي التعددي."

السيد محمد فرج القيادي في الاتحاد الاسلامي الكردستاني ينظر الى ماحدث في العراق بعد ثلاث سنوات على بدء حرب حرية العراق على أنه حدث هام "ما حدث كان هاما على المستويين الداخلي والخارجي في هذا البلد" ويسلم في الوقت نفسه بأن "هناك عوائق وموانع امام سير العملية السياسية منها الارهاب والوضع الامني المتدهور وخلخلة الوضع السياسي مابين الفرقاء السياسيين وتفشي الفساد في دوائر الدولة وعدم وجود الخدمات المطلوبة للمواطنين والبلد الذي لايزال تحت سيطرة المحتل."

لكنه يقول انه "مع كل هذه المشاكل الاّ ان العيش بحرية لايساويه شيء ونحن استعدنا حريتنا برحيل النظام العراقي السابق."

ويشير الى انه كانت هناك في كردستان تجربة لاكثر من اثني عشر عاما من الحياة السياسية والعملية السياسية والادارية ونوعا ما كان مستقلاً وبعد 2003 حدثت تطورات في الحياة السياسية والقانونية والدستورية تمثلت في مشاركة مواطني الاقليم في العملية السياسية في العراق.

ويضيف أن "الوضع في كردستان مرتبط بالوضع في العراق لان ميزانية الاقليم تأتي من بغداد وكل مايصيب العراق من فشل وفساد اداري ينعكس سلبا على الوضع في اقليم كردستان."

فاقليم كردستان لم يسلم من هجمات "الارهابيين" بعد حرب حرية العراق حيث استهدف العديد من العمليات المدن الكردية وفقد العديد من مواطنيه أرواحهم وكان اكبرها عندما فجر انتحاريان نفسيهما في قاعة الاحتفالات في مقري الحزبين الكرديين الرئيسيين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في الاول من شباط والاول من عيد الاضحى المبارك في 2004 مما أدى الى مقتل اكثر من مائة شخص اغبهم من القياديين في الحزبين وفي الادارة الكردية.

كما انعكس الوضع العام في العراق أيضا على ارتفاع الاسعار وعدم استقرارها وارتفاع ثمن وايجار العقارات وشحة الوقود وهي أزمات لم تكن موجودة من قبل.

يقول الصحفي خليل بارزاني "ماذ نفعل بالمطارات اذا لم نتمكن من السفر. في السنوات الثلاث التي مرت علينا ارتفعت الاوضاع المعيشية بشكل لايطاق وهذه المطارات فقط لفئة معنية."

ويضيف " توافد الشركات اثر بشكل كبير على ارتفاع ايجار المنازل وكذلك العقارات."

اما المواطن سالار كامل فيقول" ان الازمة التي نعاني منها في الوقود لم نعان منها ايام كان النظام العراقي السابق يفرض حصارا مشددا على الاقليم ولم يكن بسمح بوصول الوقود اليه."

الجانب الاعلامي والثقافي طرأت عليه تغيرات خلال هذه السنوات فبعد ان كانت المنشورات والاصدارات الكردية ممنوعة في بغداد اصبح لها مكاتب رئيسية فيها ومع سقوط النظام العراقي السابق بدأ الحزب الديمقراطي الكردستاني باصدار جريدة التاخي في بغداد ونقل الاتحاد الوطني الكردستاني المقر الرئيسي لجريدته ( الاتحاد) الى بغداد وبدأت القنوات الاعلامية الاخرى بفتح مكاتب لها اوتعيين مراسلين لها في بغداد.

ولكن مع هذا التطور تقول الاعلامية والصحفية سروة عبد الواحد ان التغيير الذي حصل خلال الثلاث السنوات المنصرمة ليس في المستوى المطلوب وتضيف " الاعلام الكردي متمثل في الاحزاب الكردية في الاقليم ولا ارى اي تغيير واضح طرأ عليه سوى نقل الاحداث التي تجري في بغداد خلافا لما كان عليه في السابق."

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 21/اذار/2006 -20/صفر/1427