العراقيون في الذكرى الثالثة للحرب يحملون القوات الامريكية تردي الاوضاع الامنية

بدأ العراقيون يومهم يوم الاحد في الذكرى الثالثة للحرب بتبادل الرسائل الاعلانية التي تبحث عن عراقهم الجريح.

الرسائل الاعلانية تصوير صادق لما يعانيه العراق من وضع أمني متأزم يتمثل بمشاهد وأنباء القتل التي أصبحت من مفردات حياتهم اليومية سواء بالسيارات المفخخة التي تستهدف الاطفال والكبار على السواء او القتل الطائفي (على الهوية ), وحتى القتل العشوائي احيانا , مما يجعل العيش في العراق شبه مستحيل.

اكتفت السفارة الامريكية في تصريح لـ (أصوات العراق) باداء تفاؤلها فيما يتعلق بمستقبل العراق السياسي.

العراق في الذكرى الثالثة للغزو الامريكي يواجه خطر نشوب الحرب الاهلية في الوقت الذي يعاني فيه وبشكل واضح من تردي الامن على الرغم من تصريحات القادة الامنيين بانهم يلقون القبض يوميا على عشرات "الارهابين ".

العديد من العراقيين يعبرون عن امتعاضهم وقلقهم من سوء الاوضاع الامنية ويشيرون الى الفرق الواضح بين ما كان عليه الوضع الامني قبل الاحتلال الامريكي وما هو عليه الان ملقين بمسؤولية القسم الاعظم من تدهور الوضع الامني على عاتق الاحتلال الامريكي وان كانوا حملوا الاحزاب السياسية المسؤلية ايضا.

حيدر نجم ( 29 عاما) مواطن عراقي عكس ما يشعر به كثير من العراقيين عندما قال لـ(أصوات العراق) المستقلة "ان الوضع الامني في العراق سيء جدا بعد مرور ثلاث سنوات على الاحتلال."

وتابع "لقد استبشرنا خيرا بمجيء القوات الامريكية التي انقذتنا من حكم مستبد دكتاتوري كان يجثم على صدور العراقيين الا ان تفاؤلنا لم يستمر. "

واعرب عن اعتقاده ان السبب في سوء الاوضاع الامنية في العراق هو تعدد الاحزاب والسياسة الامريكية الخاطئة في العراق.

حيث قال "ان تعدد الاحزاب العراقية التي يمتلك كل واحد منها اتباعا يقومون بعمليات معينة هو جزء من تدهور الوضع الامني. "

مضيفا "والسياسة الامريكية الخاطئة في العراق التي تتمثل بعدم تسليم الملف الامني للعراقيين قد اسهمت وبشكل فعال بتدهور الوضع الامني. "

واستدرك قائلا "الا انني لست مع خروج القوات الامريكية الان من العراق كون العراق اصبح بؤرة للارهاب ولا يمكن السيطرة عليه من قبل القوات العراقية وحدها لكنني مع تسليم الملف الامني للعراقيين."

الموصليون بدورهم لا يرون فيما يبدو أي نور في نهاية النفق قد يوحي بمستقبل ما الى حد أن أحدهم يرى أن اليوم أفضل من الغد وينظرون الى الحكم في بلدهم وكأنه "جمعية يستلمها شخص في بداية كل شهر" بل يصل الأمر بأحدهم الى حد الترحم على أيام صدام حسين.

ابراهيم محمد علي طبيب يقول " فقط سأتحدث ضمن اختصاصي ولن اتطرق الى مواضيع اخرى. لقد زادت حالات الاصابة بالتشوهات وبالاورام السرطانية بشكل مخيف وباعداد هائلة وذلك بسبب استخدام الاسلحة ومن ثم اصابة الاجنة بتشوهات خلقية هذا ما جنيناه من الحرب وستولد اجيال تحمل جينات مشوهة."

المدرس ممدوح عبد الستار (48 عاما) هاجسه الامن والغذاء ويرى ان أمرهما لا يعني أصحاب السلطة والمال "المحافظ له حمايته الخاصة والاغنياء يستطيعون شراء الاسلحة اما الغالبية فليس لهم الا الله حاميا لهم. لم نكن نفكر بغلق ابواب دورنا قبل احتلال الامريكان للعراق. لقد ضاع كل شيء. بكل تأكيد كان الوضع افضل "

واضاف لأصوات العراق"كانت لنا حصة غذائية نعتبرها مجانية لانها كانت تكفينا طوال الشهر بمبلغ 250 دينارا فماذا يفعل الفقير الان وماذا يفعل العاطل.. فالبطون المملوءة لاتفكر بالبطون الجائعة."

بالنسبة لسالم محمود (27 عاما )خريج اداب انجليزي وعاطل عن العمل الامر محسوم " سابقا كانت الدولة مسؤولة عن تعيين الخريجين بل ويسمى بالتعيين المركزي لم يكن هناك عاطل عن العمل اما الان فعدد العاطلين يقدر بمئات الاف بالاضافة الى منتسبي بعض الوزارات التي حلها بول بريمر.. كيف تريدون ان نعطي فرقا بين الوضع قبل الاحتلال وبعد الاحتلال ونحن جياع بلا عمل بلامورد بلا كرامة.. لقد شبعنا من الحديث عن هذا الموضوع."

لايرى انيس كريم كاسب (34 عاما) في كل ما يحدث سوى أنه مهزلة كما يقول لأصوات العراق " مهزلة خلف مهزلة , صدام يخرج من الحفرة , بعدها الحكم في العراق يكون شهريا وكأنه جمعية يستلمها شخص في بداية كل شهر ثم رؤساء قادمون على ظهور دبابات. انها اجندة امريكية ومسرحية بفصول طويلة ومملة ثم تبعها فصل الدستور المرفوض وبعدها الانتخابات المزورة والحصيلة سقوط ضحايا وجثث متناثرة وعوائل مشردة واحساس بأن اليوم هو افضل من غد. "

البصرة بوابة العراق الى الحروب

قدر هذه المدينة ان تكون بوابة لكل الحروب التي خاضها العراق.. موقعها الجغرافي القريب من ايران والقريب من الكويت حيث تعتبر الشريط الحدودي الجنوبي للعراق جعلها في الخط الدفاعي الاول والخاسر الاكبر من كل الحروب التي خاضها العراق منذ مطلع الثمانينات وحتى الان.

بعد دخول الامريكان واسقاط نظام صدام حسين في التاسع من نيسان ابريل عام 2003 توقع البصريون ان تكون هذه اخر حروبهم.. لكن الحسابات كانت مخيبة لامالهم.

في الذكرى الثالثة للاحتلال ودخول القوات تستقبل هذه المدينة ذكرى الحرب وهي بعد ان لملمت جرح حرب ينتابها هاجس خوف من اشتعال نار أخرى.

آراء الناس على طرفي نقيض.. البعض سعيد بما طرأ من تحسن خصوصا من الناحية الاقتصادية.. والبعض الاخر مسكون بالقلق من تقسيم العراق دويلات بين الشيعة والسنة والاكراد.

وكل يرسم الصورة ربما بالشكل الذي كان يتمنى أن تكون عليه حتى وان اضطر الى اغماض عينيه عن الواقع المعاش.

"انها بداية لمرحلة ديمقراطية تحررية من استعباد مرير" هكذا يرى المواطن مازن عاشور علي من اهالي البصرة( 39 عاما) ويعمل موظفا في قطاع الصناعة بالبصرة.

ويضيف "لقد تحسن الوضع الاقتصادي مباشرة بعد السقوط من خلال زيادة رواتب الموظفين، بامكاننا الان العيش كباقي البشر بعد ان باع الموظف اثاث بيته ايام النظام السابق ".

ويضيف عاشور "على الرغم من وجود قوات اجنبية فإن البصريين والجيش البريطاني كلاهما بمعزل عن الاخر ".

ويضيف عاشور ان العلاقات الاجتماعية في البصرة بين الطوائف المختلفة علاقة حميمة ولا سيما بين السنة والشيعة تصل الى المصاهرة والتزاوج بينهما.

ويتابع "الامر ينطبق على المسيحيين والصابئة الموجودين في البصرة، وان الجميع يمارسون طقوسهم الدينية بحرية ".

اما المواطن رحيم سالم عبدالله وهو صاحب محل لبيع الادوات الاحتياطية للسيارت في البصرة وعمره 47 عاما فلا يرى الصورة من هذه الزاوية.

يقول "انها ذكرى مؤلمة ومخزية للعراقيين يوم دنس الاجانب هذا البلد الطاهر. "

واضاف " ما الذي جنيناه من دخول الامريكان لبلدنا سوى القتل الجماعي والسلب والنهب في وضح النهار" ويتساءل" هل هذه هي الديمقراطية والحرية.. كان صدام حاكما غير عادل ولكن هل يجب علينا ان نقبل بظلم اشد واعظم ".

يتساءل رحيم "مالذي حصل لينقسم العراق.. الاكراد بالشمال.. والشيعة بالجنوب والسنة في غرب العراق.. هل سابقا عندما كنا نسافر الى اربيل كنا نمنع لاننا شيعة مثلا؟ وهل كان الكردي عندما يعمل بالبصرة يقتل؟ الان لماذا لا ارى اكرادا هنا في البصرة؟"

ويضيف " لقد اصبح الاطفال يتكلمون عن الطائفية ويعرفون هذا سني وهذا شيعي ".

ثم يستحضر المواطن البصري رحيم سالم ذكرياته عن الحرب فيقول "يوم احتل العراق قتل صديقي نعمان على جسر الزبير في اول دخول البريطانيين ".ويتابع " هذه هي ذكرى الحرب بالنسبة لي.. لا شيء يفرحني حتى الان بل بالعكس كل يوم يزداد حزني والمي ".

اما في كركوك فقد اتفقت آراء رجال دين ومواطنين على ان القوات الاجنبية تتحمل مسؤولية تردي الامن في العراق.

حيث قال الشيخ مصطفى كمل،وهو امام وخطيب باحد جوامع كركوك: إن دخول القوات الاجنبية ترتب عليه تردي الاوضاع الامنية في عموم العراق، كما تتحمل هذه القوات مسؤولية الانفلات الحاصل في البلاد"، مشيرا الى ان معظم العراقيين كانوا يتصورون ان تلك القوات سوف تجعل العراق بعد رحيل النظام السابق جنة عدن ولكن العكس اصبح هو الصحيح."

وتابع ان "ما هو مطلوب من هذه القوات هو فرض السيطرة الامنية وتقديم وتوفير الخدمات المختلفة ولكن ما حدث حدث، ولكل حادث حديث."

ثم تساءل الشيخ مصطفى"واود ان اسأل..أليس بإستطاعة هذه القوات بسط الامن في ايام اذا ارادت هي ذلك."

ومن جانبه، قال القس لويس ساكس كبير اساقفة الكلدان في كركوك إن "هذه القوات حين دخلت الى العراق ظن الجميع بان العراق سيشهد تغيرا في كافة الاصعدة.. وانا اقول ان تلك القوات اتت الى العراق ليس باسم الدين وانما لتغير واقع المنطقة."

واضاف "ونحن في العراق عشنا جنبا الى جنب مع كافة القوميات والديانات ولم نعرف يوما ماهو الفرق بين الجميع."

وقال إن "المهم في هذا كله ان ينظر المسلم العراقي الى المسيحي العراقي كأخ..وكذلك ينظر المسيحي الى المسلم كأخ والجميع ينظر الى الآخر على انهم عراقيون..وهذا الامر سيبعد ظهور اي تفرقة اوطائفية في هذا البلد..ويجب على الجميع ان يعملوا وفق هذا المعيار."

فيما يقول الاب "صليوا رسام" راعي كنيسة مريك العذراء إن "تردي الاوضاع الامنية في العراق يقع الجزء الاكبر منه على عاتق القوات الاجنبية التي دخلت العراق فكيف تأتي تلك القوات وتسقط العاصمة بغداد في عشرة ايام ولاتستطيع قوة عظمى من فرض وبسط الامن في هذا البلد."

واشار الى ان تردي الوضع الامني يستتبعه التردي في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية الى جانب هجرة الكثير من العوائل بسبب هذه الاوضاع الى دول الجوار."

أما المواطن محمد عبدالله (23 عاما) فيقول إن كل ما يشهده العراق الآن هو بسبب تردي الوضع الامني لان الوضع الامني يعتبر هو القاسم المشترك بين جميع الاعمال وترتبط به ارتباطا مباشرا."

وتابع قوله إن "فتح الحدود على مصاريعها لدخول اجانب الى العراق هو السبب الرئيسي في هذا التدهور."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين20/اذار/2006 -19/صفر/1427