تجاذبات القوى السياسية العراقية والصراع الدولي الاقليمي يقود العراق نحو الحرب الاهلية

(وكالات): في تجمع الملايين من الشيعة في مدينة كربلاء يوم الاحد للاحتفال بأربعينية الامام الحسين في ظل حراسة امنية مشددة في الوقت الذي قال فيه سياسي عراقي بارز ان البلاد تعيش بالفعل حربا اهلية.

وقال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي الذي كتب مقالا في الذكرى الثالثة لغزو العراق ان الانسحاب من العراق الان سيكون بمثابة تسليم "المانيا ثانية الى النازيين" بعد انتهاء الحرب عام 1945.

وفي بغداد مازال القادة الشيعة والسنة والاكراد يحاولون تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد اكثر من ثلاثة اشهر من الانتخابات مما يثير مخاوف من ان اي فراغ سياسي سيكون في مصلحة المسلحين ويغذي العنف.

ووافقت ايران على اقتراح عراقي باجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن استقرار العراق.

وايد الرئيس العراقي الكردي جلال الطالباني يوم الاحد دعوة وجهها زعيم شيعي عراقي لاجراء محادثات مع ايران التي تتهمها واشنطن بالتدخل في الشؤون العراقية. وكان الطالباني يتحدث في مؤتمر صحفي وبجواره زعماء من الشيعة والسنة.

وقال الطالباني الذي هون من مخاوف بأن مثل هذه المحادثات قد تعمق الانقسامات بين الاطراف السياسية انه أحد الذين يؤيدون المحادثات واشار الى ان مشكلة العراق اصبحت مشكلة دولية.

ويساور العرب السنة بالفعل شكوكا عميقة من العلاقات القوية التي تربط بين ايران واقرانها الشيعة الذين يقودون الحكومة في بغداد.

وفي طهران قال مسؤول بالحكومة الايرانية "وافقنا على البدء في محادثات مع امريكا حول العراق وبصفة خاصة بشأن تحديد جدول زمني لرحيل القوات المحتلة."

وعبر رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي عن تشاؤمه من المستقبل قائلا ان العراق يقترب من "نقطة اللاعودة" على طريق يفضي الى صراع عسكري شامل.

وكان علاوي وهو شيعي علماني اختير لرئاسة الحكومة الانتقالية تحت الاشراف الامريكي في عام 2004 قد فشل في وقف اعمال المسلحين وحذر من ان العراق قد دخل بالفعل في الحرب الاهلية.

وقال علاوي لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "للاسف أننا في حرب أهلية. نحن نفقد يوميا في المتوسط 50 أو 60 شخصا في كل أنحاء البلاد ان لم يكن أكثر. ان لم تكن تلك حربا أهلية فان الله وحده يعلم ما هي الحرب الاهلية."

غير ان السفير الامريكي في العراق زلماي خليل زاد تحدث بصراحة عن تجنب نقطة اللاعودة بعد ان دفع تفجير مرقد شيعي في سامراء في الشهر الماضي البلاد بشكل اقرب من اي وقت مضى الى حرب اهلية كاملة.

واحتشدت جموع من الزوار في الطرق الى كربلاء وهم يرفعون الاعلام ويمارسون الشعائر بمناسبة اربعينية الامام الحسين.

وباستثناء قذيفة مورتر سقطت بالقرب من مراب سيارات ولم تتسبب في سقوط قتلى او جرحى فان المناسبة التي تبلغ ذروتها ليل الاثنين اتسمت بالهدوء. ولكن الانفجار كان عامل تذكير بالمفجرين الانتحاريين من السنة العرب الذين حولوا احتفالات شيعية سابقة الى اعمال عنف.

ويشعر زعماء عرب وغربيون بالقلق من انه اذا انهار العراق فان اعمال العنف الطائفية ستنتقل الى كل انحاء الشرق الاوسط وسيمتد اثرها الى اوروبا والولايات المتحدة.

وتراقب واشنطن عن كثب الجوار الاستراتيجي للعراق والذي يضم بعض الحلفاء المقربين وبعض الاعداء الالداء.

فايران الشيعية لديها طموحات نووية كما تعرضت كل من السعودية والاردن السنيتين الى حملات مميتة من القاعدة للاطاحة بالحكومات العربية الموالية للغرب.

واستجابت ايران لنداءات الزعيم الشيعي العراقي عبد العزيز الحكيم يوم الخميس والتي طالبها فيها باجراء محادثات مع واشنطن لكن بعض المسؤولين العراقيين يبدون تشككا ويعتقدون انها ربما تكون حيلة لتحويل الانتباه عن ازمة ايران النووية مع الغرب.

وحذر رامسفيلد من ان العواقب ستكون جسيمة اذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق سريعا.

وكتب رامسفيلد في صحيفة واشنطن بوست قبل الذكري الثالثة لبدء غزو العراق في 20 مارس اذار 2003 "ادارة ظهورنا لعراق ما بعد الحرب الان سيكون في الوقت المعاصر اشبه بتسليم المانيا مرة اخرى للنازيين بعد الحرب."

وقال الرئيس العراقي جلال طالباني في ختام لقائه ممثلين عن الكتل البرلمانية الاحد ان "الحرب الاهلية غير واردة في العراق" موضحا ان المحادثات اقرت تشكيل مجلس امن وطني لاتخاذ القرارات المهمة في مجلس الوزراء.

واوضح طالباني للصحافيين ان "الحرب الاهلية غير واردة. لا يمكن للشعب العراقي ان يقبل بها (...) الاوضاع كانت متشنجة مررنا بصعوبات لكن وعي القيادات وشعورها بالمسؤولية (..) يحبط محاولات من يريدون اثارة الفتنة".

واضاف "نحن بعيدون عن الحرب الاهلية ونسير باتجاه الوفاق الوطني الشامل وتشكيل حكومة وحدة وطنية قريبا (...) نحن في العراق متفقون على تعزيز قوات الامن والشرطة والجيش لنكون قادرين على توديع قوات التحالف في اقرب فرصة".

وشارك في المحادثات عدنان الباجه جي من القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ورئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي وامين عام الحزب الاسلامي العراقي طارق الهاشمي ورئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك وحسين الشهرستاني من الائتلاف العراقي الموحد.

واكد طالباني من جهة اخرى "اتفقنا على تشكيل هيئة للامن الوطني داخل مجلس الوزراء تضم ممثلي جميع الكتل وتشرف على تحقيق الامن وكل ما يتعلق بالامن الوطني في العراق".

وقال الشهرستاني ان "تركيبة الهيئة ستكون من مجلس الرئاسة (الرئيس ونوابه) وهيئة رئاسة البرلمان وهيئة رئاسة الوزراء ورؤساء الكتل والاحزاب في البرلمان مع مراعاة نسبة المقاعد النيابية".

وقال الطالباني "مررنا باوضاع صعبة كانت الاوضاع في البلاد متشنجة ولكن وعي القيادات وشعورها بالمسؤولية ووعي الشعب العراقي بوطنيته ووحدته وتاكيده على حماية بلاده جعلنا نكون بعيدين عن اتون حرب اهلية الان".

واكد طالباني "اننا نتجه الى التوافق الوطني الكامل والشامل لتشكيل حكومة وحدة وطنية في القريب العاجل".

بدوره ناقش المجلس الاعلى للثورة الاسلامية مشروع تشكيل جبهة وطنية لمواجهة الارهاب ودعم العملية السياسية معلنا في الوقت نفسه بان الاسراع في تشكيل الحكومة يعد مطلبا شعبيا مهما.

وقال بيان صادر عن المجلس الاعلى "ان الايام المقبلة ستشهد مباحثات موسعة وجادة باتجاه الاسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية".

واشار البيان الى "ان هناك اجتماعات مهمة لرؤساء الكتل البرلمانية والقوى السياسية وصل بعضها الى اكثر من ثلاثين شخصية تناولت مختلف القضايا التي تشهدها الساحة العراقية".

واوضح البيان بان "هناك رؤى مختلفة ومتقاربة في هذا الاتجاه وان هناك ضغوطا شعبية وسياسية تحث باتجاه الاسراع بتشكيل الحكومة".

وقال " ان مباحثات اللجان السياسية المشكلة بخصوص متابعة العملية السياسية وما يتعلق بها من معنى الحكومة الوطنية والجهات المتالفة التي تشكل الحكومة المقبلة شملت معنى التوافق وصلاحيات ومديات مجلس الامن الوطني وان هذه المباحثات ستاخذ شكلها النهائي خلال هذه الايام وستعرض على رؤساء الكتل من اجل البت فيها ".

كما اشار الى ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية تناول في اجتماعه " مشروع الجبهة الوطنية لمواجهة الارهاب ودعم العملية السياسية وكيفية تفعيلها بوصفها اولوية في هذه المرحلة فضلا عن مناقشة الافاق الايجابية من دعوة رئيس المجلس الاعلى لفتح الحوار المباشر بين الجمهورية الاسلامية وواشنطن بما يصب في مصلحة الشعب العراقي المحروم والاسهام في انهاء معاناته ".

من جهتها قالت مجموعة القوى السياسية العراقية المنضوية تحت تكتل جبهة "مرام" انها تستنكر "موضوع الحوار الامريكي الايراني حول العراق."

ووصف بيان صادر عن الجبهة يوم الاحد هذه المواقف "باللامسؤولة" وقال ان مجموعة القوى السياسية العراقية "والخيرين في هذا البلد يعتبرون ان مثل هذا التصرف بعيد عن المنطق وتترتب عليه املاءات تضر بمصلحة العراق والعملية السياسية."

وتشكلت جبهة مرام وهو الاسم المختصر لمجموعة القوى الرافضة للانتخابات العراقية بعد الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي جرت منتصف ديسمبر كانون الاول الماضي وتضم جميع القوى السياسية العراقية باستثناء الائتلاف الشيعي والتحالف الكردي.

وقررت المجموعة الابقاء على هذه الجبهة والعمل سويا وفق رؤى سياسية مشتركة.

وكان الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم وجه دعوة الى ايران يوم الاربعاء الماضي للدخول في حوار مع امريكا لبحث نقاط الخلاف بينهما حول العراق.

واثارت هذه الدعوة التي ايدها في وقت سابق الرئيس العراقي جلال الطالباني ردود افعال عكسية من قبل اطراف سياسية عراقية قسم منها من داخل الائتلاف الشيعي نفسه.

وتخشى اطراف عراقية ان تؤدي هذه الدعوة الى اضفاء صبغة شرعية على التدخل الايراني في العراق.

وتتهم الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان تقودان التحالف الدولي في العراق ايران بالتدخل في الشأن العراقي.

ويرى مراقبون ان ايران قد تستغل نفوذها وهيمنتها من خلال تدخلها في الشأن العراقي باتجاه الضغط على امريكا من اجل تسوية المشاكل التي تواجهها بخصوص ملفها النووي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين20/اذار/2006 -19/صفر/1427