ما هو مستقبل العراق بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب لإسقاط صدام.. ؟

*خبير فرنسي: العراق محكوم عليه بحرب أهلية لا نهاية لها..

* يقترح بعض الخبراء الاستراتيجيين اجهاض تفجر العنف بالتوصل الى انفصال سلمي

*عندما يبدأ اثنان من قطاع الطرق في قتل أناس بسبب دينهم.. فهذا أمر سييء... ولكن عندما تنضم اليهم الطائفة بالكامل .. فأنا لست متأكدا من وجود أي أمل.

 

 في الذكرى الثالثة من بدء الحرب لاسقاط صدام الذي قادته الولايات المتحدة للعراق تتراوح التوقعات حول مستقبل العراق بعد ثلاث سنوات من الآن بين القاتمة والغامضة.

واجتمع البرلمان مكتمل الولاية لاول مرة فيما كان ينبغي له أن يكون الانجاز الاكبر للعملية السياسية التي تدعمها الولايات المتحدة والتي بدأت بالاطاحة بصدام حسين. غير أن الطريق المسدود الذي وصلت اليه مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية عرقل جهود منع نشوب حرب أهلية.

وقال أحد الزعماء السنة "اننا بحاجة أولا الى أن نرى ما اذا كانت البلاد يمكنها ان تظل متماسكة خلال السنوات الاربع القادمة قبل أن نقلق بخصوص ما اذا كانت الحكومة ستبقى طوال تلك المدة."

وتسببت الهجمات الانتقامية الطائفية منذ تفجير مزار الامام علي الهادي في سامراء في 22 فبراير شباط في افساد الاجواء السياسية.

والهدف هو تشكيل حكومة ائتلافية يمكنها البقاء ولاية كاملة من أربع سنوات من أجل بناء اجماع وقوات أمن يمكنها تولي السيطرة دون انتظار مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة.

ويأتي في مقابل ذلك حرص أعداء أمريكا على ابقائها متورطة في العراق وتنافس الجماعات العرقية والطائفية على الثروة النفطية ربما بدعم من قوى اقليمية متنافسة.

ويمكن قراءة الخطوات المترددة التي اتخذت هذا الاسبوع نحو اجراء محادثات بين الولايات المتحدة وايران بخصوص العراق على أنها مؤشر يبعث على الامل أو محاولة يائسة لتجنب نشوب أزمة اقليمية قال عنها زالماي خليل زاد سفير واشنطن لدى بغداد انها ستجعل أفغانستان تبدو "كلعب طفل" بالنسبة للعراق.

ويرى متفائلون أن حكومة وحدة وطنية قد تجدي نفعا. ويعتقد كثير من المحليين أن الحياة ستتحسن قليلا. لكن البعض يرى أن كارثة تلوح في الافق.

وقال بيير جان لويزار الخبير في شؤون العراق بمجلس (سي ان ار اس) البحثي الفرنسي التابع للدولة "اعادة البناء محكوم عليها بالفشل."

وأضاف "العراق محكوم عليه بحرب أهلية لا نهاية لها."

وبالنسبة لاخرين فان الشيء الوحيد المؤكد هو عدم اليقين.

وقال المحلل السياسي وليد الزبيدي ان أحدا لا يمكنه التنبؤ بما سيبدو عليه العراق في ثلاثة شهور ناهيك عن ثلاث سنوات. وأشار الى أن توقيت انسحاب القوات الامريكية هو أحد الامور المجهولة الكبرى.

ويمكن أن يتفق العراقيون على أن الاحتلال بغيض غير أن كثيرين يقولون أيضا ان القوات التي تقودها الولايات المتحدة تمنع عنفا أشد سوءا.

وترى جوديث يافي المحللة السابقة بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه) والتي تعمل حاليا بكلية الدفاع الوطني الامريكية ان تغيرا قريبا لا يلوح في الافق. وقالت "أرى أن الوضع الحالي .. التمرد والعنف... سيستمر خلال الفترة المنظورة القادمة. لا أعرف كم ستكون هذه الفترة."

ويتوقع هينر فيورتيج الذي يعمل بالمعهد الالماني لدراسات الشرق الاوسط أربعة تصورات قد تكون متساوية بطريقة أو بأخرى.

وتتراوح تلك التصورات بين حال أفضل تؤدي فيه الخطة الامريكية الى وضع أسوأ بالفعل تجتمع فيه حرب أهلية مع "حرب حضارات" بالوكالة بين المسلمين والامريكيين الذين يقاتلون في العراق.

وقال "قد تنجح جهود اعادة الاعمار. لا يزال هناك احتمال... لم يتوقع كثير من المحللين اجراء انتخابات أو صياغة دستور... ولكن ذلك تحقق."

ورغم ذلك قال فيورتيج "الخيار الثاني هو الحرب الاهلية. وأصبح هذا الخيار أكثر احتمالا خلال الاسابيع القليلة الماضية."

وخيار اخر قد يكون جديدا وهو "دكتاتورية" شيعية محتملة.

واثار هذا الاحتمال أيضا تشارلز تريب المؤرخ البريطاني المتخصص في العراق والذي تساءل حول العدد الكبير من "المؤيدين لحكم القلة" التابعين لاحزاب في بغداد والذين يمكنهم السيطرة على أنصار وزعماء في المحافظات.

وقال "الكثير سيتوقف على العلاقة بين الاثنين."

واضاف أن الاحزاب السياسية ضعيفة وأن الرهان في العاصمة سيعتمد على ما اذا كان الانصار المحليون سيحترمون تعهدات زعمائهم بخصوص الامن وامدادات النفط أو غيرها من القضايا.

واذا لم يحدث ذلك فهناك امكانية لان تسود الفوضى وأنشطة زعماء حرب محليين.

ومع تحذير المؤسسة الدينية الشيعية من أن الضعف بدأ يطال نفوذها الكابح لانصارها أخذ كثير من العراقيين يعدون أنفسهم لما هو أسوأ حيث بدأوا في تسليح أنفسهم والفرار من الاحياء التي يشعرون فيها بأنهم أقلية بل والخروج من البلاد بأسرها اذا أمكنهم ذلك.

ورغم الاستثمارات الامريكية الهائلة الا أن قوات الامن العراقية الجديدة لم يتم تجربتها ويتوقع البعض أن تتفرق في اتجاهات عرقية وطائفية في مواجهة صراع شامل.

وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات الشهر الماضي "الحرب الاهلية قد تؤدي الى تفكك الدولة في الوقت الذي يكثف فيه الاكراد والسنة والشيعة عملية تبادل السكان... ذلك قد يتسبب في خسائر بشرية مرعبة."

ودعت المجموعة الدولية الى تعديل الدستور الذي تم تمريره العام الماضي وهو ما أيده دبلوماسيون أمريكيون ضمنا. ويرفض السنة الفقرات التي تنص على الحكم الذاتي الاقليمي ويقولون انها قد تؤدي الى استئثار الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب بنفط العراق.

ويقترح بعض الخبراء الاستراتيجيين اجهاض تفجر العنف بالتوصل الى انفصال سلمي. غير أن كثيرين يرون أن أي تقسيم يذهب الى ما هو أبعد من الدولة الاتحادية التي ينص عليها الدستور سيثير اضطرابات.

وقال دبلوماسي أوروبي في بغداد "اذا كان العراق انقسم في غضون ثلاث سنوات الى ثلاث دول فانه خلال خمس سنوات سينقسم الى خمس دول أو عشر ."

وقال يافي "لا يمكن الدفاع عن (فكرة) الاجزاء... انها وصفة لحرب أهلية. لا أرى أن أيا من الاطراف مستعد للتنازل."

وقال المحلل السياسي الكردي خالد صالح ان الاكراد المحصورين في أرض مغلقة والمحاطين بعداءات من تركيا وايران وسوريا لن يحاولوا في الوقت الحالي اقتطاع نفط كركوك والانفصال عن العراق.

وقال ان الزعماء الاكراد سيحاولون بقدر الامكان التوصل الى حل للحفاظ على وحدة العراق.

وفي الوقت الذي يصارع فيه العراقيون ومرشدوهم الامريكيون لايجاد صيغ للم شمل العراق يقول البعض ان العراقيين انسحبوا بالفعل كثيرا جدا الى تجمعات خائفة من بعضها البعض لتقرير مصير مشترك.

وقال لويزار الذي قضى فترة في العراق العام الجاري "كلما زاد الوقت... كلما زادت صعوبة الحل لان الدماء أريقت... هذا موقف لا يبعث على الامل حقا."

واحدى القصص الشخصية من بين الكثير من أمثالها توضح ذلك.

فقد قتل قريب شيعي لصحفي عراقي في مدينة الفلوجة بالرصاص على يد مسلحين في هجوم طائفي هذا الاسبوع. واستغرق الامر أياما لدفنه بسبب المسؤولين المحليين الذين أعاقوا اجراءات الدفن وبسبب الطاقم الطبي الذي لم يخف وجهات نظره المناهضة للشيعة.

وقال الصحفي "عندما يبدأ اثنان من قطاع الطرق في قتل أناس بسبب دينهم.. فهذا أمر سييء... ولكن عندما تنضم اليهم الطائفة بالكامل .. فأنا لست متأكدا من وجود أي أمل."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 19/اذار/2006 -18/صفر/1427