جيش عراقي قوي مستعد لانقلاب عسكري في حال اندلاع الحرب الاهلية.. هل هو خيار بريطاني امريكي؟

قال قائد كبير بالجيش الامريكي يوم الجمعة ان قوات الامن العراقية ستسيطر على نحو 75 بالمئة من اراضي العراق بحلول نهاية الصيف ارتفاعا من 50 بالمئة تسيطر عليها في الوقت الراهن وذلك مع تسليم القوات الامريكية مزيدا من المسؤولية للقوات العراقية كي يتسنى لها خفض اعدادها.

وتطوير قدرات القوات الامنية الحكومية العراقية التي تدربها الولايات المتحدة عنصر مهم في خطط واشنطن في العراق التي تدعو الى تولي القوات العراقية السيطرة على مزيد من الاراضي بما يتيح للولايات المتحدة خفض قواتها هناك وقوامها في الوقت الراهن 133 الف جندي.

وقال اللفتنانت جنرال بيتر تشياريلي ثاني اكبر قائد عسكري أمريكي في العراق ان الخطة تتضمن تسليم السيطرة الى القوات العراقية البالغ قوامها حاليا 240 الف فرد على نحو 75 في المئة من اراضي العراق بحلول "نهاية الصيف".

وقدم تشياريلي جدولا زمنيا اكثر طموحا مما فعل الرئيس الامريكي جورج بوش في كلمة القاها يوم الاثنين وقال فيها ان القوات العراقية ستسيطر على غالبية اراضي العراق بحلول نهاية عام 2006.

وامتنع تشياريلي قائد الفرقة المتعددة الجنسيات في العراق والمسؤول عن قيادة العمليات اليومية عن الادلاء بمزيد من التفاصيل عن الجدول الزمني كما لم يذكر اي مناطق بالتحديد ولا ما اذا كان بينها المناطق التي يغلب السنة على سكانها وهي مركز اعمال العنف الدامية.

وقال تشياريلي ان القوات العراقية تسيطر حاليا على "اقل من 50 في المئة" من اراضي العراق.

وقال للصحفيين في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) من خلال مؤتمر تلفزيوني عبر الاقمار الصناعية من العراق "اعتقد ان كل المؤشرات تفيد باننا سننجح في هذا" في اشارة الى الخطة الرامية لتسليم السيطرة على ثلاثة ارباع الاراضي العراقية الى قوات عراقية بحلول نهاية الصيف.

واضاف "لكنني لا اريد ان اكون محددا بدرجة تقيدني."

وجاءت توقعات تشياريلي وسط تزايد قلق الامريكيين في استطلاعات الرأي ازاء الحرب التي ساهمت في تراجع شعبية وبش.

وقال الرئيس الامريكي في كلمته يوم الاثنين الماضي "مع دخول مزيد من افراد الشرطة والجنود العراقيين الاكفاء في الصفوف سيتسلمون المسؤولية عن مزيد من الاراضي ليتولى العراقيون السيطرة على اراض اكثر مما يسيطر عليه التحالف بحلول نهاية 2006."

وذكر بوش انه مع تولي العراقيين السيطرة على مزيد من المناطق فستصبح القوات الامريكية اكثر تفرغا لتدريب القوات العراقية ومطاردة الهاربين امثال زعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي. واضاف "مع نهوض العراقيين ستتراجع امريكا والتحالف."

واثنى تشياريلي على اداء الجيش العراقي في مواجهة اعمال العنف الطائفي في اعقاب تفجير المسجد الذهبي في سامراء احد اهم اربعة مزارات شيعية في العراق في 22 فبراير شباط. بينما كان تقييم المسؤولين الامريكيين للشرطة العراقية اكثر تحفظا.

لكن ما زالت هناك تساؤلات بشأن قدرة القوات العراقية على العمل بشكل مستقل عن القوات الامريكية وبشأن ولائها ومدى تسلل المسلحين الى صفوفها.

وقال تشياريلي ان العراق أقرب حاليا فيما يبدو للانزلاق الى حرب أهلية من أي وقت منذ الغزو الذي قادته القوات الامريكية عام 2003 .

وأضاف "احتمال نشوب حرب أهلية ربما يكون أكبر اليوم مما كان عليه في أي وقت خلال الاعوام الثلاثة الماضية. غير انني اعتقد اننا ما زلنا بعيدين عن حدوث هذا."

وقال تشياريلي ان تصوير حجم اعمال العنف الطائفي في الاونة الاخيرة في التقارير الاخبارية كان مبالغا فيه. وقال ان تلك الاعمال تزايدت في اعقاب تفجير المسجد في سامراء لكنها "تراجعت".

واعرب عن اعتقاده بان بعض الهجمات في الاونة الاخيرة شنها موالون لتنظيم القاعدة في العراق بزعامة الزرقاوي "بحيث تبدو طائفية" في بلد يسوده التوتر بين الشيعة والسنة.

وقال "لا شك عندي في ان الجانبين يتعرضان لاعمال انتقامية تنفذها مجموعة من الافراد. بعضهم قد يكون من المسلحين وربما يكون بعضهم مجرد شبان غاضبين ينفذون مثل تلك الهجمات المروعة. انا لا اريد باي حال التهوين من شأن هذا العنف."

من جهته قال وزير الدفاع البريطاني جون ريد يوم الجمعة ان هجوما شنته القوات العراقية والامريكية هذا الاسبوع للقضاء على المسلحين شمالي بغداد يظهر القوة المتنامية لجيش العراق الجديد.

وقال ريد الموجود في بغداد للاجتماع مع الزعماء العراقيين للصحفيين "هذه العملية يقودها العراقيون. عملية بمثل هذا الحجم والنطاق لم تكن ممكنة قبل 12 شهرا."

ووصف مسؤولون عسكريون امريكيون العملية التي يشارك فيها 1500 من القوات العراقية والامريكية و50 طائرة هليكوبتر بانها اكبر هجوم جوي منذ عملية جوية مماثلة جرت بعد الحرب مباشرة قبل ثلاث سنوات.

ويتوقف سحب القوات الامريكية والبريطانية من العراق على تحسين قدرات الجيش العراقي في مواجهة المسلحين وعمليات القتل الطائفية.

وقال ريد يوم الاثنين ان بريطانيا تخطط لخفض قواتها بنحو 800 فرد او بنسبة 10 في المئة خلال الشهور القليلة المقبلة مع تسليم القوات البريطانية مسؤوليات اكبر للقوات العراقية.

لكنه قال يوم الجمعة انه في حين تولت القوات العراقية كثيرا من المهام التي كانتت تقوم بها في السابق قوات تقودها الولايات المتحدة فان هذه القوات لا يمكنها بعد تولي المسؤولية كاملة في اي من محافظات العراق الثماني عشرة.

واضاف "هذا سيعتمد على الاحوال على الارض... مستوي تهديد المتمردين وقدرات القوات العراقية" وقوة الحكومات المحلية حكومة بغداد.

واشار الي ان لجنة من العراقيين واعضاء التحالف الذي تقوده امريكا ستجتمع الشهر المقبل لتقييم التقدم وان كان ذلك يتوقف على تشكيل حكومة عراقية.

ودعا ريد الزعماء العراقيين الى تشكيل حكومة وحدة وطنية "في اقرب وقت ممكن". ومن المقرر ان يجتمع الوزير البريطاني مع الرئيس جلال الطالباني ورئيس الوزراء ابراهيم الجعفري يوم السبت.

وقال ريد عدة مرات ان الجيش العراقي تتزايد قوته مضيفا انه يضم 240 الف جندي مع 59 كتيبة قادرة على قيادة عمليات.

وحذر وزير الدفاع البريطاني جون ريد يوم السبت من أن تأخير تشكيل الحكومة العراقية أكثر من ذلك سيسمح للمسلحين باستغلال الازمة ويدعم حملتهم لزعزعة استقرار البلاد.

وقال ريد للصحفيين قبل عقد سلسلة من الاجتماعات مع الزعماء السياسيين في العراق "الارهاب يريد الفراغ".

لكنه اضاف ان التحرك بسرعة زائدة يمكن أن يأتي بنتيجة عكسية في العراق حيث يهدد كل تحرك سياسي بتأجيج التوترات الطائفية التي دفعت العراق الى حافة هرب أهلية.

وقال "لا فائدة من الاستعجال وتشكيل حكومة غير مناسبة."

وقال ريد "بمرور الاسابيع والشهور وجدنا .. انه في جميع المناطق الاخرى بما في العالم بما فيها حالتنا في ايرلندا الشمالية .. ان الفراغ السياسي يتيح لاصحاب النوايا الشريرة ومن يلجأون للعنف والارهاب الفرصة لملء هذا الفراغ."

وقال القادة العراقيون إن الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر كانون الأول ستدعم الاستقرار لكنهم لم يشكلوا حكومة على الرغم من مرور ثلاثة أشهر وتسبب الجمود السياسي في تاخر مساعي القضاء على أعمال المسلحين الذين يغلب عليهم العرب السنة .

وسئل ريد الى أي مدى بريطانيا مستعدة للضغط على الحكومة العراقية لتحسين سجلها في مجال حقوق الانسان فرد قائلا انه ينبغي النظر بموضوعية لهذه القضية الحساسة.

واضاف انه لا ينبغي المقارنة بين ماوصفه بحالات إساءة معاملة فردية عقب الحرب في العراق والقمع في ظل نظام صدام حسين.

وقال ريد "العالم لا يتغير بين عشية وضحاها من فساد وحشي شديد كما كان الحال في عهد صدام الى (سجل) رائع وخال من الشوائب لحقوق الانسان."

وتابع "في عهد صدام كانت الدولة تغطي على كل حالات انتهاكات حقوق الانسان. الان يتم الكشف عنها."

وشنت القوات البريطانية في جنوب العراق حملة ضد رجال شرطة خارجين عن القانون في البصرة اتهموا بالقتل والفساد وتنفيذ مخططاتهم السياسية والمالية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 19/اذار/2006 -18/صفر/1427