بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب العراقيون خائفون ومتشائمون

بعد مرور ثلاث سنوات على غزو القوات الامريكية للعراق واطاحتها بصدام حسين لم يعد يشغل العراقيين سوى أمر واحد.. البقاء على قيد الحياة.

وقال محام من بغداد يخشى ان تنشر وسائل الاعلام اسمه "كل يوم أشعر أنني أنتظر في طابور الموت."

وقبيل يوم 20 مارس اذار ذكرى الغزو سألت رويترز عشرات العراقيين ان كانت الحياة أفضل الان أم أسوأ مما كانت قبل الغزو. أغلبهم بدا متشائما أو على أفضل تقدير حائرا اذ حلت مخاوف جديدة محل المخاوف القديمة.

والبرلمان الذي اجتمع لاول مرة يوم الخميس أمامه مهمة صعبة.

وقال رجل الاعمال عادل حسين (45 عاما) في البصرة قلب صناعة النفط في جنوب العراق "فيما يتعلق بالامن كانت الحياة أفضل من قبل... ولكن من الناحية الاقتصادية الان أفضل بكثير."

وفي مدينة كركوك النفطية الشمالية التي تشهد أعمال عنف قال العامل علي سلمان "قبل الحرب... كان التعذيب والقتل يحدثان في السر. الان يجري ذلك علنا. معنى الحرية اختلف. اليوم أنت حر في ان تعيش وحر في أن تقتل غيرك."

وتبدد بدرجة كبيرة التفاؤل الحذر الذي نتج عن الانتخابات التي تمت في سلام اذ اختلف الساسة على تشكيل حكومة وحدة وطنية ودفعت سلسلة من أعمال العنف الطائفية العراق الى شفا حرب أهلية.

وأودى صراع طائفي شرس بحياة أكثر من مئة شخص في بغداد في الايام الثلاثة الماضية.

ومن المنطقة الشمالية التي يهيمن عليها الاكراد الهادئة نسبيا مرورا بالغرب الذي يقطنه سنة متمردون والشوارع التي يظللها الخوف في بغداد ذات التنوع الطائفي الى معاقل الشيعة في الجنوب التي كانت تعاني قمع صدام يشعر الجميع بالقلق من اراقة الدم اليومية.

وتحدث أغلب من سألتهم رويترز عن العنف الذي قتل عشرات الالوف ومس أغلب الاسر في البلاد. والكثيرون متشائمون مثل المحامي الذي تحدث في بغداد بعد أن قتل مسلحون أحد أفراد أسرته في هجوم طائفي بعد تفجير مزار شيعي يوم 22 فبراير شباط الماضي.

وتساءل حمد فرحان عبد الله (57 عاما) وهو مزارع من منطقة جنوبي بغداد حضر الى مشرحة المدنية يبحث عن جثة شاب من أسرته يخشى ان يكون سقط ضحية لفرق اعدام "أين هي الديمقراطية الجديدة؟ لماذا يحدث ذلك لنا؟"

وقالت ثناء اسماعيل وهي مدرسة (45 عاما) من مدينة الديوانية الجنوبية التي تقطنها أغلبية شيعية "شبح الموت يطاردنا في كل مكان...أنا مصابة بالسرطان وأحتاج لعلاج في بغداد لكن الوضع الامني ساء واضطررت للغياب عن بعض جلسات العلاج."

ويتعارض التشاؤم السائد الان وسط مناخ جديد من التوترات الطائفية مع نتائج دراسة كان قد أعدها مركز اوكسفورد ريسيرش انترناشنال في أكتوبر تشرين الاول ونوفمبر تشرين الثاني أظهرت أن العراقيين متفائلين بشكل عام بشأن حياتهم ومستقبلهم.

لكن الاجابة على سؤال "هل حياتك أفضل الان أم أسوأ مما كانت عليه في عهد صدام" ليست بسيطة.

فهناك على سبيل المثال أعداد أكبر بكثير من السيارات على الطرق منذ أن ظهرت مدخرات الافراد بعد انهاء العقوبات التي كانت تفرضها الامم المتحدة على البلاد. لكن هناك نقصا في الوقود كما ارتفعت اسعاره في بلد يسبح فوق بحر من النفط لكنه يضطر لاستيراد البنزين.

وفي عهد صدام كان الناس يعيشون في خوف من أن يطرق الباب في الليل. وفي عهد الديمقراطية الجديدة التي ترعاها الولايات المتحدة مازال الناس يخشون الطرق على الباب لكن الزائر الان قد يكون أي شخص من مجموعة متنوعة من فرق القتل الطائفية بعضهم من افراد قوات الامن.

وقال نعيم كدوم (33 عاما) وهو عاطل من الديوانية "لم يعد للحياة معنى في الوقت الراهن ومصيرنا مجهول... لا أتوقع اي تحسن وأشعر بتشاؤم ازاء ذلك."

ويتفق العراقيون على أن زيادة الاجور منذ الغزو وانتهاء العقوبات الاقتصادية الصارمة التي استمر عشر سنوات جعلت البعض يعيش في حالة مادية أفضل وملات الاسواق بالبضائع الاستهلاكية لكن انقطاع التيار الكهربائي باستمرار يجعل استخدام هذه البضائع أمر صعب.

وقال علاوي الزبيدي بائع ملابس في النجف المدينة الشيعية المقدسة "لا أتصور كيف لا تقدر أمريكا العظمى على اصلاح الكهرباء."

ويقول مسؤولون أمريكيون ان محافظات البلاد وعددها 18 محافظة تصل اليها الكهرباء بمعدل 13 ساعة يوميا في المتوسط وهي زيادة كبيرة على مستويات ما بعد الحرب مباشرة لكن بغداد التي كانت تحظى باهتمام كبير من قبل شهدت تراجعا.

واستثمرت واشنطن أكثر من 20 مليار دولار في البنية الاساسية التي قوضتها العقوبات لكن الاحصاءات التي أصدرها المفتش العام الامريكي المختص بشؤون اعادة إعمار العراق في فبراير شباط الماضي أظهرت أن المياه والصرف الصحي والكهرباء أقل من مستوياتها قبل الحرب.

وقال عليم محمود (46 عاما) الذي يبيع الشاي والقهوة قرب مطعم في بغداد "اذا كانت الحياة كريمة بنسبة واحد بالمئة من قبل فهي الان صفر."

وشكت كريمة حسين (46 عاما) ربة بيت في بغداد قائلة "بلدنا في حال سيئة من الفوضى الان. فقدنا أمننا."

وقال العديد من الذين استطلعت اراؤهم انهم كانوا يشعرون بأمان أكبر في عهد صدام. والمثير للدهشة ان يكون من بينهم سكان من المناطق الشيعية التي عانت من قمع وحشي على مدى ثلاثة عقود حكم فيها صدام البلاد.

وقالت حميدة حسين ربة بيت وهي ذاهبة للتسوق في مدينة النجف الجنوبية التي سحق فيها جيش صدام بالدبابات والطائرات الحربية انتفاضة شيعية ضعيفة افتقرت للسلاح عام 1991 "الامن والحياة بشكل عام كانا أفضل في عهد صدام."

وقالت نجاة حميد (32 عاما) من كربلاء "الوضع في العراق مأساوي. لا أحد يضمن أمنه عندما يخرج."

فقط في المنطقة الشمالية التي يهيمن عليها الاكراد والتي لم تشهد تقريبا أعمال العنف السائدة في بقية ارجاء البلاد بدت توقعات الناس أكثر تفاؤلا.

قال عماد أحمد (45 عاما) وهو فني من اربيل عاصمة المنطقة التي يسيطر عليها الاكراد "الحياة بعد صدام أفضل... زادت فرص العمل لي ولكثيرين غيري."

لكن المذيعة التلفزيونية سارة عبد الواحد (36 عاما) من مدينة دهوك الكردية قالت انها تشعر بالارتباك امام تنوع التهديدات في العراق الجديد نتيجة لحالة عدم التيقن.

وأضافت مشيرة الى صدام "قبل الحرب كانت الحياة أفضل لان جميع العراقيين بمن فيهم الاكراد كان لهم عدو واحد... الان هناك أكثر من عدو ولم نعد نميز العدو من الصديق."

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 17/اذار/2006 -16/صفر/1427