الحرب الأهلية في العراق تفتح ابواب الجحيم على الدول المجاورة

بعد ثلاث سنوات من التحذير من أن غزو العراق سيفتح أبواب الجحيم في الشرق الاوسط أصبحت الدول المجاورة للعراق تخشى من أنها قد تجر الى حرب أهلية تخيم أشباحها على البلاد.

يقول محللون انه في الوقت الذي تزيد فيه أعمال العنف بين الشيعة والسنة حدة فان الحكومات في تركيا وايران ودول عربية مجاورة تضع خططا لمنع قيام أي صراعات طائفية أو عرقية في أراضيها والاضرار بالتوازن السياسي المحلي.

كما أنها تفكر في أثر الحرب المحتمل على تحول ميزان القوى بالمنطقة والذي تخشى منه المملكة العربية السعودية بالفعل بسبب زيادة النفوذ السياسي لايران التي تسكنها أغلبية شيعية.

قال المحلل الكويتي جاسم السعدون "اذا اندلعت حرب في العراق فستصبح ساحة معارك يتورط فيها الجميع بالمنطقة...كل جيران العراق مذنبون بالتدخل في شؤونه لتحقيق مكاسب سياسية."

ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بالرئيس العراقي صدام حسين حذر عدد من المسؤولين العرب من قيام حرب أهلية في العراق حيث أصبح الشيعة الان يسيطرون على الحكومة والقوات الامنية كما يسيطر المقاتلون من السنة على أجزاء كبيرة من البلاد.

وبما أن العراق يسكنه أغلبية من الشيعة فان العراق بعد التخلص من صدام حتما ستربطه علاقات وثيقة مع ايران. ويقول محللون ان طهران قد تستغل نفوذها الكبير على الحكومة الجديدة المدعومة من الولايات المتحدة كورقة ضغط في نزاعها مع الغرب بشأن برنامجها النووي.

ويعتقد بعض الدلوماسيين الغربيين أنه من أجل مواجهة تزايد النفوذ الشيعي في العراق تغاضت السعودية والاردن عن تدفق مبالغ كبيرة على المسلحين السنة هناك.

وهم يقولون ان المؤسسات الخيرية التي يديرها متطرفون اسلاميون وجماعات دينية تمول القتال الدائر في العراق. ويستندون أيضا الى تقارير عن ان الحكومات تبحث تسليح عشائر سنية هناك.

تريد تركيا منع الاكراد من اقامة دولة كردية في العراق في حين أن سوريا التي تحاول الابقاء على بعض من نفوذها بالمنطقة تواجه اتهامات أمريكية بأنها تنقل الاسلحة والمقاتلين عبر الحدود.

قال دبلوماسي غربي "ربما نكون نشهد لبنانا اخر وهذا مرعب بشدة" في اشارة الى الحرب الاهلية التي دارت في لبنان من 1975 الى 1990 والتي كانت لها جذور طائفية ولكن الدعم الخارجي للفصائل المتناحرة كان من بين الاسباب أيضا.

ويسود القلق في السعودية والكويت اللتين تضمان أقلية شيعية من أن قيام الحرب الاهلية في العراق ستسبب انقساما داخل مجتمع كل منهما وستكون مبررا لزيادة من ينضمون الى صفوف القاعدة ومن هم على شاكلتها.

أما البحرين المجاورة التي يقودها السنة والتي شهدت اضطرابات مؤخرا بين الاغلبية الشيعية المتأثرة بايران فانها لا تقل قلقا.

قال محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر ان السعودية هي أكثر الدول العربية عرضة للخطر.

وأضاف "انها مسألة حدود مباشرة لذلك فلن يتركوا أي شيء للصدفة. سيبذلون قصارى جهدهم للقضاء على نفوذ الشيعة."

والمملكة هي أكبر مصدر للنفط في العالم والمنطقة الشرقية وهي المنطقة الرئيسية المنتجة للنفط تسكنها أغلبية شيعية.

ويرى الان مونرو وهو سفير بريطاني سابق في السعودية ان المملكة تريد الحيلولة دون انقسام العراق بأي ثمن.

وأضاف "انهم قلقون من أن تؤدي (حرب اهلية)...الى احياء كل صور الخطط من جانب دول مجاورة" في اشارة الى ايران. وقال "وحدة العراق هي الهدف الاسمى في العقل السعودي. سيفعلون كل ما في وسعهم لتعزيز الاستقرار."

كما أن أي صراع طائفي يمكن أن يستدرج الاردن وسوريا المجاورين اللذين تسكنهما أغلبية سنية وهما من أشد المدافعين عن وحدة العراق الوطنية.

وقال ممدوح العبادي وهو نائب أردني بارز ووزير سابق "اذا قامت حرب أهلية على نطاق واسع في العراق بين السنة والشيعة فان شرارتها ستطول كل المنطقة خاصة الاردن وسوريا."

وأضاف "سينتهي بنا الحال الى التحيز لان أغلب سكان بلدينا من السنة."

وبما أن العقل العربي ما زال يعي جيدا الحرب الاهلية في لبنان قال محللون ان من غير المرجح أن تتدخل الحكومات العربية عسكريا.

وقال عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي "ولكنهم لن يبذلوا أيضا مجهودا يذكر لمنع الناس من التوجه للقتال في العراق للحيلولة دون قيام صراع طائفي في الداخل."

وقال مسؤول سعودي ان العرب الذين يحاربون القوات الاجنبية في العراق يمكن أن يكونوا أكثر خطورة من أسامة بن لادن والرجال الذين حاربوا القوات السوفيتية في أفغانستان.

اذ أن هؤلاء المقاتلين يمكن أن يعودوا الى أوطانهم ويحولوا معركتهم الى الحكومات المدعومة من الولايات المتحدة التي تحارب القاعدة بالفعل.

قال المحلل الكويتي السعدون "لا يمكن لجيران العراق السماح بقيام حرب اهلية ليس حبا في العراق وانما من منطلق الدفاع عن النفس...يدرك أغلبهم أن الذين يشعلون الحرب الاهلية سيحترقون بها أيضا."

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 16/اذار/2006 -15/صفر/1427