سامراء الجميلة في معاجم الجغرافية

اعداد: قسم المتابعة

تتناقل الأخبار الوثيقة والموثّقة عن مدينة (سامراء) بالعراق في عدة معاجم جغرافية ومنها المعجم الجغرافي مع مسرد عام والمعنون: (كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار) لمؤلفه محمد بن المنعم الحميري[1] والتي تستمد بعض معلوماته هذه المادة الانترنيتية.

اسم (سُرَّ من رأى) هو الاسم التاريخي العتيد الذي تفرّد بإطلاقه عليها من دون سائر مدن العالم، ففي البدء كانت هي مدينة قد بناها (سام بن نوح) لأول مرة وجاء الخليفة العباسي المعتصم بالله بعد دهور من خرابها وتخريبها ليضع حجر الأساس لإعادة وتجديد بناءها وتعتبر سامراء ثاني مدينة من مدن فترة حكم العباسيين بعد بغداد وقد ساهم في تشييد بناء سامراء وتوسيعها عدة خلفاء عباسيين توالوا على الحكم لزهاء قرن ونصف من الزمان وكذكر مصادر التاريخ أن ثمانية خلفاء من بني العباس كان لهم الدور الرئيسي في المساهمة ببناء سامراء وهم على التوالي:

(المعتصم بالله، الواثق بالله، المتوكل بالله، المنتصر بالله، المستعين بالله، المعتز بالله، المهتدي بالله، والمعتمد بالله).

ومن أخبار تخطيط مدينة سامراء هندسياً أن المعتصم بالله الخليفة العباسي المبادر ببناء سامراء الجديدة أنه أطلع على اختطاط المسجد الجامع إذ سمي بالجامع الكبير وجعل قربه صفوف الأسواق بحيث أصبحت كل تجارة فيه مستقلة عن الأتجار في أماكن متفرقة فمحلات الأقمشة باصطفاف واحد ومخازن الحبوب في جانب والصناعات اليدوية كالحدادون والنجارون بجانب آخر وسوق الخضار في جانب وهكذا... وجاء هذا النظام في بناء سامراء الجديدة غراراً على ما كانت عليه أسواق بغداد العاصمة الأولى للعباسيين.

وامتازت سامراء في نموذجها المشيد حديثاً بشوارع واسعة وأبنية عريضة كانت تخللها بين كل عدة بنايات حوانيت ومقاهي وحدائق صغيرة وكانت بعض الخانات تقوم بمهام الفندقة بالنسبة للزائرين القادمين إلى سامراء.

ومما يذكر أن سقي الماء لسكان المدينة وغير ذلك من استعمالات الماء كانت الرؤيا لها قد حددت كانت تنقل في قرّاب على الجمال والبغال والحمير من نهر دجلة القريب بسبب كون الآبار المحفورة لم تكن صالحة للشرب لنسبة الملوحة العالية فيها.

أما فيما يخص منازل سكان المدينة فقد كان موقعها يأتي على سعة تلك المنازل واصطفافها الهندسي الموحد خلف المحلات التجارية الآنفة ويوصل إليها عبر ممرات هي أزقة المدينة. هذا في حين استكمل بناء جسر يربط شرق المدينة بغربها على نهر دجلة وكان لزراعة النخيل في المدينة التي جلبت سائر نواحي وسط وجنوب العراق ما جمّل المدينة خصوصاً وأن بقاع منها كانت قد طعمت بأشجار أخرى غدت بها سامراء وكأنها عروس الأشجار.

وكانت وجوه الناس مستبشرة بفرحة مدينتهم الراقية بعد أن غدت محط اهتمام كل من زارها حيث امتازت شبابيك أبنيتها المتنوعة باعتمادها الغالب على الزجاج الملون أما قصر الخليفة المعتصم المسمى بـ(الجوسق) فقد كان أحد آيات البناء العراقي الحضاري الممزوج بنماذج تشابه شناشيل بغداد.

ومن خلاصة إعادة بناء مدينة سامراء على يد الخلفاء العباسيين التي امتازت أكثر من غيرها بصناعة القراطيس (مجموع قرطاس) بحيث كانت تكفي الحاجة الذاتية للعراق بمجمله. وإذا كان على مستوى الفهم في المعنى اللغوي أن مفردة (سُرَّ) ما يعني السرور بمعناه الواسع فإن ظاهرة سرور المجتمع السامرائي حينذاك بمدينتهم كانت أمراً يدعوا مجتمعات أخرى للتفكير أيضاً لدرجة ممكن إثارة سؤال متوقع حولها ويذكر الشاعر البحتري في أحد قصائده مثل هذا التقييم إذ يقول:

أخليت منه البد وهو قراره

                             وتركته علماً بساّمراء

ومما يمكن الإعراب عنه لغلاء منزلة سامراء في نفوس العراقيين على مختلف مذاهبهم الإسلامية وأعراقهم القومية أن ارتفاع العتبات والمنائر الذهبية لمرقدي الإمامين العسكريين علي بن محمد والحسين بن علي عليهما السلام في سماء سامراء بالعصر الحديث ما يمكن أن يضفي للناظرين شعوراً عظيماً بضرورة إبداء تقديس متواصل للمرقدين الشريفين لأنهما يمثلان أحد أهم رموز أبناء الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.


([1]) حقق الكتاب الآنف د. إحسان عباس وقد أصدرت طبعة الثانية مؤسسة ناصر للثقافة 1980 ويقال أن مؤلف الكتاب محمد الحميري توفي سنة 900م.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 15/اذار/2006 -14/صفر/1427