دعا رجال دين ودعاة مسلمون الجمعة الحكومة الدنماركية الى تقديم
اعتذارات رسمية في ما يتعلق بقضية الرسوم المسيئة للنبي محمد مع تقديم
حلول للخروج من الازمة التي سببت توترا بين كوبنهاغن والعالم الاسلامي
خلال مؤتمر الحوار الثقافي والديني في العاصمة الدنماركية.
وفي ختام المؤتمر الذي عقدته كوبنهاغن املا في تهدئة التوتر اوصى
رجال الدين والدعاة المسلمون خصوصا بانشاء معهد للحوار بين الدنمارك
والعالم الاسلامي.
وطالب رجال دين مسلمون من بينهم الداعية المصري عمرو خالد الدنمارك
بتقديم اعتذارات رسمية لاقرار المصالحة المنشودة وكسب ثقة العالم
الاسلامي.
وبتنظيمها هذا المؤتمر الذي استغرق يوما واحدا بمشاركة شخصيات
اسلامية معتدلة ومسيحية ونحو خمسين شابا من الدنمارك وبلدان الشرق
الاوسط تسعى كوبنهاغن الى اصلاح الموقف.
ودعا المشاركون المسلمون الى "تطوير المؤسسات الحكومية وغير
الحكومية الرامية التي تحسين اندماج الاقليات القومية والدينية في
البلدان المضيفة". ووضع هؤلاء الكرة في ملعب الحكومة الدنماركية التي
تسعى الى المصالحة مع العالم الاسلامي.
وبدأ المؤتمر بتوجيه الانتقادات الى حكومة اندرس راسموسن الليبرالية
المحافظة التي طولبت بتقديم اعتذارات رسمية لبدء عملية المصالحة.
واثار نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد في اكبر صحيفة دنماركية
"يلاندس بوستن" عاصفة شديدة من الاحتجاجات في البلدان الاسلامية ادت
الى مقاطعة المنتوجات الدنماركية.
وكان راسموسن اعلن مرارا انه "لا يحرر مقالات الصحف بالتالي لا
يمكنه الاعتذار باسمها" مذكرا بان "حرية التعبير هي حجر اساس
الديموقراطية الدنماركية".
من جانبه بدا الداعية الكويتي طارق السويدان الذي يشرف على قناة
"الرسالة" الاسلامية التلفزيونية الفضائية والمشارك في المنتدى اكثر
تطلبا. وقال "نريد ان تلتزم الحكومة الدنماركية بحوار مباشر مع مسلمي
الدنمارك ونطالب باعتذارات رسمية كما فعلت الحكومة النروجية". واضاف
"نريد ايضا تغيير قوانين الدنمارك والاتحاد الاوروبي: اما ان تكون
لديكم حرية التعبير للجميع بما في ذلك ما يتعلق بالمحرقة اليهودية
ومعاداة السامية او ان تغيروا القوانين لاحترام الرموز الدينية مثل
نبينا محمد".
واكد السويدان "لسنا غاضبين من الرسوم الكاريكاتورية حتى وان كان
الرسم الذي يمثل النبي بقنبلة في عمامته ويجعله يبدو مثل الارهابي
اهانة لا تغتفر. اننا غاضبون من الطريقة التي ادارت بها حكومتكم هذه
القضية". واضاف "رفض رئيس وزرائكم مقابلة سفرائنا ورفض الاعتذار كما
فعلت الحكومة النروجية" محذرا من انه اذا "لم تتم تلبية هذه المطالب
فان مقاطعة المنتوجات الدنماركية ستتواصل".
واعتبر ان العالم الغربي "ارتكب خطأ جسيما عندما لم يقدر عمق تمسك
المسلمين بنبيهم".
وسعيا لتهدئة الخواطر اكد الاسقف كارستن نيسن الذي قام بمهمة
للمساعي الحميدة الى القاهرة في شباط/فبراير خلال الاسبوع "نريد ان
يعرف العالم الاسلامي ان الدنمارك ليس بلدا معاديا للاسلام (..) نريد
ان يعرف العالم اننا نرغب في العيش بسلام مع المسلمين في الدنمارك
والعالم".
واثارت الرسوم التي نشرتها في باديء الامر صحيفة دنمركية العام
الماضي واعيد نشرها بعد ذلك في اماكن اخرى عاصفة من الاحتجاجات بين
المسلمين في بعض الدول مما اثر على صادرات منتجات الالبان.
وكانت الحكومة الدنمركية قد رفضت الاعتذار نيابة عن الصحيفة قائلة
انها لا تستطيع التأثير على الصحف التي تتمتع بحرية كاملة ولكنها
اعترفت بان العديد من المسلمين شعروا باهانة بالغة من الرسوم
الكاريكاتيرية المثيرة للجدل.
وقال السويدان وهو كويتي ان الحكومة النرويجية اعتذرت بعد ان اعادت
صحيفة نرويجية نشر الرسوم في يناير كانون الثاني.
وقال "لو انها (الحكومة الدنمركية) اعتذرت لما كانت المشكلة قد
حدثت."
وفي النرويج اعتذر رئيس تحرير مجلة ماجزنيت للمسلمين عن الاساءة
التي سببها لهم بنشر الرسوم الكاريكاتيرية بينما دافعت الحكومة عن حرية
التعبير لكنها عبرت عن اسفها للاساءة.
وعبر رجال الدين المسلمون عن تأييدهم لحرية التعبير ولكنهم اتهموا
العالم الغربي بتطبيق معايير مزدوجة.
وقال السويدان "نريد ان تتغير القوانين في الدنمرك والاتحاد
الاوروبي .. اما بالسماح بحرية التعبير للجميع بما في ذلك ما يتعلق
بالمحرقة النازية ومعاداة السامية واما بتغيير القانون لينص على احترام
الرموز الدينية مثل النبي محمد."
من جهته انتقد الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين
احسان اوغلو الاتحاد الاوروبي يوم الجمعة لما وصفه برده غير المرضي على
الغضب الذي اثاره نشر رسوم كاريكاتير تسيء للنبي محمد.
وذكر احسان اوغلو ان تعبير وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي عن الاسف
خلال اجتماع في بروكسل الاسبوع الماضي لان الرسوم اساءت للمسلمين لم
يكن كافيا.
وقال في مؤتمر صحفي في لندن "كنا نتوقع من الاتحاد الاوروبي ان
يعالج موضوع الرسوم بطريقة اكثر انصافا."
واضاف "يجب ان اقول اننا لسنا راضين عن نتائج اجتماع الاسبوع الماضي
في بروكسل. النتائج التي اعلنها الاتحاد الاوروبي لم ترق الى
توقعاتنا."
وادان وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي بقوة في بيان في 27 فبراير
شباط الهجمات التي استهدفت مواطني الاتحاد وممتلكات الدول الاعضاء فيه.
وأشار دبلوماسيون الى ان البيان تضمن انتقادات لرد فعل المسلمين
اكثر مما جاء في بيان اصدرته قبل ايام من ذلك الامم المتحدة وجامعة
الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة
يغلب المسلمون على سكانها.
واثنى احسان اوغلو اول امين عام لمنظمة المؤتمر الاسلامي يزور لندن
منذ تأسيس المنظمة قبل 37 عاما على مستوى التكامل بين المسلمين وغير
المسلمين في بريطانيا.
وقال "اعتقد بكل امانة ان وضع المسلمين هنا افضل كثيرا من وضع
المسلمين في اماكن اخرى. هذا يثبت ان النموذج البريطاني اكثر نجاحا من
نماذج اخرى."
وكانت تساؤلات قد ثارت العام الماضي بشأن تعدد الاعراق التقليدي في
بريطانيا في اعقاب تفجيرات لندن الانتحارية التي نفذها مسلمون ولدوا في
البلاد.
وذكر احسان اوغلو التركي المولود في مصر انه ناقش تفجيرات لندن
وتأثيرها على المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة في بريطانيا مع
وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ووزير الداخلية تشارلز كلارك.
وقال ان المسلمين "يشعرون انهم جميعا موضع شك. يتعين عدم تحميل
الطائفة الاسلامية كلها المسؤولية" عن التفجيرات. |