الشيعة العراقيون يتماسكون رغم التوترات

(رويترز) - تفرض المعارك الساخنة حول تشكيل حكومة ائتلافية جديدة في العراق ضغوطا على تماسك الائتلاف العراقي الموحد المهيمن على السياسة في العراق الا أن الائتلاف صمد الى الان أمام الاختبار.

فتأثير السلطة الدينية لاية الله علي السيستاني أكبر مرجعية شيعية في العراق وتأثير الحكومة الايرانية كما يقول البعض يضمنان وحدة في المصالح في أن يكون للثقل الديموجرافي الشيعي تأثير في النظام السياسي الذي ترعاه الولايات المتحدة.

ويطرح عمر المرجعية الشيعية وحالته الصحية علامة استفهام بالنسبة للمستقبل الا أن كبار المسؤولين في الائتلاف هنأوا أنفسهم أمس الجمعة على تجاوز عاصفة شديدة والحفاظ على وحدة تجعلهم أكبر قوة سياسية في البلاد.

وفي مواجهة ضغوط هذا الشهر من السنة والاكراد كي يسحب ترشيح ابراهيم الجعفري لرئاسة الوزراء في الحكومة الائتلافية تعرض الائتلاف لمفاجأة وانقسام حول كيفية مواجهة تلك الضغوط مما أدى الى تأجيل انعقاد البرلمان في هذا الاطار.

الا أن الائتلاف انتقل الى وضع هجومي بعد أيام من الجدل الداخلي ووقف خلف الجعفري محذرا الاكراد والسنة بان يتوقفوا أو فانهم سيواجهون خطر الاعتراض على مرشحيهم لشغل مناصب كبيرة من قبل الشيعة الذين يسيطرون على عدد مقاعد في البرلمان قريب من الاغلبية.

وسلم رضا جواد التقي أحد كبار المسؤولين في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وهو الاكبر بين 18 حزبا تشكل الائتلاف العراقي الموحد بأن وحدة الائتلاف تتعرض لضربات من وقت لاخر مما يضعها في موضع اختبار.

الا أنه أصر على أنه لا توجد انقسامات داخل الائتلاف في الوقت الحالي على الاقل.

ويرى مراقبون ان تماسك الائتلاف يرجع الى السيستاني وان الفضل يرجع له في توحيد الاحزاب الشيعية المتنافسة لخوض أول انتخابات تجرى بعد الحرب في يناير كانون الثاني 2005.

وقال حازم النعيمي استاذ العلوم السياسية في بغداد "انه السيستاني. هو الوحيد القادر على أن يحافظ على تماسك الائتلاف."

ومضى يقول ان السيستاني انشأ الائتلاف "وسيواصل العمل على ضمان ألا ينقسم. انه حلم شيعي تحقق."

وهيمن الائتلاف على الانتخابات التي جرت في ديسمبر كانون الاول الماضي بحشد أصوات الناخبين الشيعة مما أثار سخط المنتقدين ضمن الاقلية العربية السنية التي كانت تهيمن على السياسة في العراق والساسة العلمانيين الذين يقولون ان التوجه الديني للائتلاف العراقي الموحد زاد بدرجة كبيرة من حدة التوترات الطائفية.

وقال مسؤول كبير في الائتلاف "السيستاني قال لنا بوضوح ان ما نحن مختلفون بصدده ليس مهما. وحدة الائتلاف هي المهمة .. يجب أن نتماسك ككتلة واحدة مهما يكن."

وتشير مصادر داخل الائتلاف وقريبة منه الى أن قاعدتي سلطة رئيسيتين تطورتا خلف هذه الوحدة هما المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم من ناحية ومن ناحية أخرى حزب الدعوة بزعامة الجعفري والتيار الذي يتزعمه الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر.

وظهر أوضح دليل على الانقسام داخل الائتلاف في الشهر الماضي عندما فشل الائتلاف في التوصل الى اجماع على مرشحه لرئاسة الوزراء في الحكومة الائتلافية الاوسع التي أعلنت كل الاحزاب السياسية في العراق التزامها بالانضمام اليها بضغوط من الولايات المتحدة.

وتطلب الخروج من الطريق المسدود اجراء اقتراع بين اعضاء الائتلاف في البرلمان تمخض عن اضطراب عندما فاز الجعفري بدعم حاسم من الصدر وبفارق صوت واحد على مرشح المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي.

وفي علامة على قوة الأواصر التي تحافظ على وحدة الائتلاف قاوم المجلس الأعلى اغراءات استغلال المعارضة السنية والكردية للجعفري لتقلب موازين تلك الهزيمة والتخلي عن الرجل الذي شغل منصب رئيس الوزراء المؤقت على مدار العام الماضي.

وقال مسؤول كبير في الائتلاف إن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة كانا على خلاف في الأسبوع الماضي بشان تأخر انعقاد أول جلسة للبرلمان منذ الانتخابات. وفضل حزب الدعوة التأجيل رغم مهلة دستورية واضحة كي يعزز الجعفري دفاعاته.

وقال المسؤول "في النهاية طلبنا التأجيل لأن قرارنا يجب أن يكون موحدا." وتراجع الرئيس العراقي جلال الطالباني وهو كردي وسينعقد البرلمان الجديد متأخرا لمدة أسبوع في 19 مارس آذار الجاري.

وقال جواد المالكي وهو عضو كبير في حزب الدعوة الذي يتزعمه الجعفري "الجعفري مرشحنا وسيظل. لن نغيره ولن تكون هناك أي إعادة للانتخابات لاختيار مرشح آخر."

وقال التقي من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية إن من الأسباب الرئيسية لتماسك الائتلاف الحاجة لتجنب إضعاف الصوت الشيعي في مواجهة الكتل الأخرى الموحدة كالأكراد وكذلك إحساس بأن للشيعة وهم قوة مهيمنه في جنوب العراق مصالح مشتركة.

لكنه استطرد قائلا "ويظل آية الله السيستاني هو الدافع الرئيسي كذلك. إنه يريد ويتمنى ان يظل الائتلاف موحدا."

ويرى كثير من زعماء الشيعة أن الائتلاف حماية لهم بعد عقود من القهر ابان عهد صدام حسين والحكام السنة السابقين عليه كما يرون انهم سيحتفظون بالسلطة طالما ظل الائتلاف موحدا.

وقال أحد زعماء حزب الدعوة "الائتلاف حاجة شيعية إنه الاساس الذي يعتمد عليه الشيعة لتمثيل مصالحهم."

وقال زعيم آخر إن الشيعة سيخسرون إذا تفكك الائتلاف. ومضى يقول إن انهيار الائتلاف "سيكون نهاية لقوة الشيعة في العراق."

كما يرى بعض المراقبين في اسلوب عمل الائتلاف العراقي الموحد بصمات لحكام إيران الإسلاميين الشيعة الذين وفروا مأوى لكثير من زعمائه الذين هربوا من حكم صدام وهو عامل يثير كثيرا من الشك في الائتلاف بين العرب السنة.

قال النعيمي "من مصلحة إيران أن تكون هناك كتلة شيعية قوية وأن يحكم شيعة موالون لها العراق المجاور."

كما يشير مسؤولون حزبيون الى إنقسام ديني عميق في الاتئلاف العراقي الموحد لكنه لا يهدد في الوقت الراهن دور السيستاني.

وبينما يستمد حزب الدعوة وآخرون التوجه والنهج من رجال الدين في النجف فإن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أقرب إلى التفكير الإيراني. لكن مسؤولين كبار قالوا إن الكل يقبل بالقيمة الانتخابية للاحتشاد وراء السيستاني.

وقال أحدهم "نعرف جيدا ان علينا أن ننصت للمرجعية في النجف لأنها تعطينا مصداقية بين الناس."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/اذار/2006 -11/صفر/1427