العراق: هدوء بعد العاصفة هل يسبق العاصفة؟

بعد أسبوعين من الترنح على شفا حرب أهلية بدأ العراق يشهد نوعا من الهدوء.

لكن رغم التصريحات الرسمية المطمئنة عن ان الازمة انتهت وانه يجري الاعداد لتشكيل حكومة وحدة وطنية الا أن الزعماء العراقيين يبدون أكثر قلقا بكثير في أحاديثهم الخاصة من احتمال انهيار الدولة.

وقال مسؤول كبير بالحكومة من الذين يتحدثون علنا عن الفرص الجيدة لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تضم الشيعة والسنة والاكراد "الامور تبدو متوترة للغاية."

وقال عن العنف بين السنة والشيعة الذي قتل فيه المئات بعد تفجير مزار شيعي مقدس في سامراء يوم 22 فبراير شباط الماضي "تخطينا التهديد المباشر باندلاع حرب أهلية شاملة الاسبوع الماضي لكن ذلك لا يعني أن الامر انتهى."

وأضاف "الاوضاع على الارض لا تبدو جيدة. الناس خائفون والكثير من الدم اريق. انتهى الامر فقط الى أن يحدث الهجوم الكبير التالي. والافتقار للثقة يتزايد."

ويحاول الزعماء العراقيون تحت ضغط من الدبلوماسيين الامريكيين تشكيل حكومة ائتلافية بدعم من جميع الاحزاب المشاركة في البرلمان الجديد الذي سيعقد أولى جلساته يوم الاحد المقبل منذ الانتخابات التي جرت يوم 15 ديسمبر كانون الاول.

لكن السنة والاكراد وغيرهم يجاهدون لحمل الحكام الشيعة على التخلي عن رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري فان مدى انعدام الثقة تبدى في هجوم صريح على بعض الحلفاء الايرانيين الشيعة من جانب الزعيم السني طارق الهاشمي وهو من ابرز المرشحين لتولي رئاسة البرلمان.

فقد اتهم الهاشمي طهران يوم الاثنين باثارة حرب أهلية بهدف السيطرة على جنوب العراق الشيعي الغني بالنفط واستغلال ميليشيات من شيعة العراق للقيام بذلك وقال انها تهدف كذلك الى احباط الطموحات الامريكية.

وقال الهاشمي لرويترز ان اللاعب الرئيسي في العراق هو ايران التي تريد اثارة الفوضى للامريكيين في العراق.

وتابع انهم اذا تحكموا في حرب أهلية ووجهوها الى الجنوب سيسقط جنوب العراق تحت الهيمنة الايرانية.

وشكا زعيم سني اخر طلب عدم نشر اسمه من أن واشنطن تتعامل في العراق كذلك وعينها على ايران.

وقال "ايران والولايات المتحدة يسويان خلافاتهما على أرض العراق. الامريكيون لا يريدون ترك العراق وايران لا تريد ان تنتقل المعركة الى أراضيها."

وأضاف "هذا يعقد الجهود لحل مشكلاتنا."

وخطر ان تستدرج القوى الاقليمية لحرب في العراق بين السنة والشيعة وبين العرب والفرس يقلق العراقيين الذين يسعون لوضع نهاية للتوترات التي ظهرت في الفترة الاخيرة.

والسرعة التي انتشر بها العنف في الاسبوعين الماضيين تركت احساسا عميقا بالقلق بين الزعماء وبين المواطنين العاديين اذ رد الشيعة الذين قاوموا لفترة طويلة استفزازات مقاتلين سنة مثل افراد تنظيم القاعدة بشن هجمات انتقامية على السنة.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي على مدى بضعة أيام واتفاق الزعماء من الطوائف المختلفة على الدعوة لضبط النفس الا ان الناس تدرك تماما أن المئات ماتوا.

فالاسر تترك منازلها الان اذ تشعر انها مهددة فيها والاحياء المختلفة شكلت دوريات ويدور الحديث الان عن انقسام بغداد نفسها طائفيا.

وبالنسبة لبعض الساسة الذين يتفاوضون على تشكيل الحكومة لم يعد الامر يتعلق بما اذا كانت هذه الحكومة الائتلافية ستتمكن من البقاء لمدة أربع سنوات حتى حلول موعد الانتخابات المقبلة قدر ما يتعلق بما اذا كانت الدولة نفسها ستصمد هذه الفترة.

وقال سياسي سنى اخر "نحن اولا نحتاج لمعرفة ما اذا كانت الدولة ستتماسك لاربعة أعوام مقبل قبل ان نقلق على ما اذا كانت الحكومة ستستمر لهذه الفترة."

وأضاف "قد لا تكون هناك دولة بحلول هذا الوقت. قد تكون هناك دويلات صغيرة... انا اتحدث عن انقسام فعلي."

وقال سياسي شيعي بارز على صلة بالحكومة الانتقالية ان الحديث عن حرب أهلية وشيكة في غير موضعه وأضاف "الامر يعتمد على ماذا تقصد بحرب أهلية... لكن بقدر ما أرى فاننا بالفعل في حرب أهلية غير معلنة."

وفشلت الاقلية السنية بفارق ضئيل العام الماضي في وقف اقرار الدستور الذي يوفر قدرا كبيرا من الحكم الذاتي الاقليمي داخل دولة فيدرالية. لكن الية عمل هذه الفيدرالية لم تحدد بعد وهي مهمة رئيسية تواجه البرلمان الجديد ونقاش قد يصل الى حد تحديد مدى قدرة العراق على البقاء.

ويتمتع الاكراد بحكم ذاتي واسع النطاق في شمال البلاد منذ انفصالهم عن حكم صدام حسين السني في عام 1991. والان يطالب الكثيرون من الاغلبية الشيعية بالوضع نفسه في جنوب العراق.

ويعارض السنة في الشمال والغرب والذين يسيطرون على القليل من موارد العراق النفطية هذا النظام الفيدرالي.

ويرى احد المسؤولين البارزين ان الامل ضعيف ويقول "ادعو الله أن يحفظ العراق."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 8/اذار/2006 -8 /صفر/1427