عمق الخلافات المحلية والاقليمية والدولية سيجعل تشكيل الحكومة العراقية مارثون طويل يستغرق اشهرا

أكد المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة عراقية جديدة «تؤمن الخدمات للناس وان تكون حكومة مبنية على أساس الكفاءة والنزاهة والشفافية»، وكان رئيس الحكومة إبراهيم الجعفري زار المرجع الأعلى في منزله في النجف، وهي الزيارة الأولى له منذ رشحته كتلة الائتلاف العراقي الموحد لتولي رئاسة الوزراء للمرة الثانية. كما زار باقي المراجع الدينية في النجف والمسؤولين في المحافظة واطلع على أحوال المواطنين هناك.

ولم تبدأ بعد مفاوضات رسمية لتشكيل الحكومة العراقية رغم مرور شهرين على الانتخابات التي فاز فيها التحالف الشيعي الشريك الرئيسي في الحكومة الحالية بالأغلبية تقريبا في البرلمان. وقد واجهت المحادثات الجارية بين الأحزاب السياسية العراقية عراقيل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة.

وتنبأ زيباري بان مفاوضات تشكيل حكومة ستستغرق وقتا أطول من الاشهر التي استغرقتها المفاوضات بعد انتخابات يناير 2005.

وقال زيباري في مقابلة مع وكالة رويترز، إن المناقشات لم تتطرق حتى الآن إلى توزيع الوزارات والمناصب وما إلى ذلك، مضيفا أن الأمر سيكون «أصعب» هذه المرة، وسيحتاج إلى صبر وتركيز وان «المفاوضات يجب أن تجرى بنوايا طيبة».

وقال وزير الخارجية إن تشكيل الحكومة بطريقة سليمة، أفضل في رأيه من الإسراع في تشكيلها. وان التحرك بسرعة أكثر من اللازم قد يؤدي إلى نتائج عكسية في ظل سعي الشيعة والأكراد للاحتفاظ بسيطرتهم مع إرضاء العرب السنة من اجل تهدئة المسلحين السنة.

وقال زيباري إن الجعفري الذي يرجح أن يحتفظ بمنصبه لانتمائه إلى اكبر كتلة في البرلمان، فشل في تحسين أحوال العراقيين الذين يرون أعمال العنف تمزق بلادهم.

كما أشار إلى أن الحكومة الحالية التي يسيطر عليها الشيعة والأكراد فشلت في تسوية وضع مدينة كركوك متنوعة الأعراق الغنية بالنفط في شمال العراق التي يطالب بها الأكراد عاصمة لدولة مستقلة مستقبلا.

ويحتمل أن تؤدي الخلافات بين التحالف الشيعي المهيمن إلى إصابة الحكومة الجديدة بالشلل كما يمكن أن يؤدي عدم حصول زعماء العرب السنة على سلطة كافية في الحكومة الجديدة إلى مزيد من أعمال العنف التي ينفذها المسلحون.

بدوره رفض رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري بغضب اليوم الثلاثاء التحذير الامريكي من قيام الحكومة الجديدة على أسس طائفية قائلا إن العراقيين لن يقبلوا تدخلا في شؤونهم.

وكان الجعفري يتحدث في مؤتمر صحفي بعد مباحثات مع وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي كرر الدعوة الامريكية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق. وقال رئيس الوزراء العراقي الذي يتسم عادة بالهدوء واللباقة الدبلوماسية ان العراق يعرف مصلحته.

واضاف للصحفيين "عندما يسألنا أحد ان كنا نريد حكومة طائفية فالاجابة هي كلا لا نريد حكومة طائفية.. لا لان السفير الامريكي يقول ذلك أو لانه يوجه تحذيرا... لسنا بحاجة لمن يذكرنا شكرا لكم."

وقال السفير الامريكي لدى العراق زلماي خليل زاد يوم الاثنين ان الولايات المتحدة التي قادت غزو العراق عام 2003 للاطاحة بصدام حسين تستثمر مليارات الدولارات في العراق ولا تريد ان تجد تلك الاموال توجه لدعم سياسات طائفية.

وردد سترو نفس المعنى مستخدما تعبيرات أقل حدة اذ قال عقب اجتماع مع الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم الثلاثاء ان نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية التي اجريت في 15 ديسمبر كانون الاول تظهر انه ليس بمقدور اي حزب أو طائفة عرقية أو دينية أن تهيمن وحدها على الساحة السياسية الجديدة في العراق.

وقال سترو "هذه لحظة حاسمة الان للشعب العراقي. لقد اجريت الانتخابات في 15 ديسمبر. ولدينا الان النتائج النهائية المصادق عليها. وما تظهره هو انه ليس بمقدور اي حزب أو تكتل عرقي أو ديني أن يهيمن على الحكومة في العراق."

واضاف "ومن ثم فهذا يعطي دفعة اضافية لما يقول العراقيون لنا انهم يريدونه.. وهو حكومة وحدة وطنية تضم جميع العناصر المختلفة في المجتمع العراقي."

واثارت مشاركة العرب السنة في الانتخابات الامل في ان تؤدي العملية السياسية السلمية الى وضع حد لنشاط المسلحين من السنة غير ان انماط التصويت توحي بان الاقتراع تم على اسس طائفية وليس على اساس برامج سياسية او اقتصادية للمرشحين.

وقد بات التوتر الطائفي المتصاعد واضحا باطراد في الشوارع حيث كثيرا ما تلقى جثث اخترقت رؤوسها اعيرة نارية.

واكد سترو ان بريطانيا تعمل على النهوض بالديمقراطية في العراق حيث قتل الالاف من افراد قوات الامن والمدنيين في تفجيرات وحوادث اطلاق للنار.

واضاف "المجتمع الدولي وخصوصا من قاموا منا بدور في تحرير العراق مهتم... بأن ينعم العراق بالرخاء والاستقرار والديمقراطية."

وقبل ساعات من ادلاء سترو بتصريحاته قالت الشرطة العراقية ومسؤول في مكتب سهيلة عبد الجعفر وزيرة المهاجرين والمهجرين انها نجت يوم الثلاثاء من هجوم على ركبها باستخدام قنبلة على جانب طريق.

وفي استمرار لحوادث العنف الكبيرة التي تجددت يوم الاثنين بعد فترة من الهدوء النسبي قالت مصادر بالشرطة العراقية ان 21 شخصا قتلوا يوم الثلاثاء وجرح 25 اخرون في انفجار سيارة ملغومة في سوق بمنطقة أبو دشير في جنوب العاصمة بغداد.

وقال محافظ كربلاء عقيل الخزالي يوم الثلاثاء انه اوقف كل صور التعاون مع القوات الامريكية لان افرادا من القوات الامريكية استخدموا كلابا مدربة الاسبوع الماضي في تفتيش مبان حكومية.

من جهته قال الرئيس العراقي جلال الطالباني يوم الثلاثاء ان القوى السنية والشيعية التي فازت في الانتخابات البرلمانية الاخيرة قد تجتمع قريبا لبحث قضايا الاختلاف التي تواجه تشكيل الحكومة المقبلة.

وكشفت تصريحات الطالباني المقتضبة التي ألقاها في مؤتمر صحفي عن استمرار وجود اختلاف كبير بين القوى السنية والشيعية المعنية بتشكيل الحكومة والتي لم تلتق حتى الان على الرغم من مضي ما يقرب من شهرين على إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة.

وقال الطالباني في المؤتمر الصحفي الذي عقده في بغداد مع وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الذي يزور البلاد حاليا ان مباحثات تشكيل الحكومة العراقية مستمرة حاليا "وهناك خطوات جيدة الى الامام وهناك اتفاقات ولقاءات مشتركة من عدة اطراف."

ولمح الطالباني الى امكانية عقد اجتماع قريب بين الاطراف السنية والشيعية الفائزة في انتخابات ديسمبر كانون الاول الماضي البرلمانية قائلا ان مثل هذا الاجتماع قد يكون كفيلا بحل نقاط الخلافات التي تعترض سبيل تشكيل الحكومة.

وقال الطالباني "يوجد امل في ان يجتمع الطرفان (السني والشيعي) مع التحالف الكردستاني لبحث القضايا التي تخص تشكيل الحكومة."

ولم يعلن الرئيس العراقي عن الموعد المتوقع ان يلتقي فيه الطرفان.

واضاف الطالباني ان النقطة الاساسية والمهمة التي تسعى كل الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة للتوصل اليها الان هي "الاتفاق على برنامج الحكومة (المقبلة) وآلية مواصلة الحكم في الفترة القادمة وهناك خطوات ايجابية تبشر بالخير."

شبكة النبأ المعلوماتية -الأربعاء 22  /شباط /2006 -23 /محرم الحرام/1427