هل البحث عن القاعدة المختفية سر الزيارة الى المغرب العربي؟

قال وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد في ختام جولته على مدى ثلاثة ايام في المغرب وتونس والجزائر انه يرى "احتمالا ضئيلا للغاية" بأن يكون تنظيم القاعدة أو اي تنظيم مماثل له موطيء قدم في دول المغرب العربي الثلاث التي زارها.

وقال رامسفيلد للصحفيين عقب اجتماعه مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في القصر الملكي في جبال اطلس "اعتقد ان كل دولة من هذه الدول هي مثال للدول في كونها اتخذت كثير من الخطوات لإظهار ان بمقدورها العيش بسلام وان تتعامل بنجاح مع مشكلة التطرف." وردا على سؤال بشأن ما اذا كان بمقدور تنظيم القاعدة انشاء موطيء قدم له في المنطقة قال "اعتقد ان كل دولة من هذه الدول تدير شؤونها الداخلية بطريقة تجعل ذلك احتمالا ضئيلا للغاية."

والتقى رامسفيلد بالعاهل المغربي وغيره من المسؤولين المغاربة في ختام جولته التي استمرت ثلاثة ايام للمنطقة وهي الجولة الاولى له خلال وجوده في منصبه. وشهدت الدول الثلاث التي زارها رامسفيلد حوادث خاصة بالعنف المتطرف في الاعوام الاخيرة. ولكنه اعرب عن ثقته في قدرتها على التعامل مع هذه المشاكل الان.

وللولايات المتحدة علاقات قديمة مع المغرب فالمغرب اول بلد اعترف باستقلال الولايات المتحدة وتربطه بالولايات المتحدة أقدم معاهدة صداقة تعود للعام 1783. ويسعى المغرب لتطبيق سياسة مزدوجة للتعامل مع الراديكاليين الاسلاميين. فقد قمعت السلطات المتشددين منذ التفجير الانتحاري الذي وقع في الدار البيضاء عام 2003 وفي الوقت نفسه يسعى لمحاربة الفقر بتبني خطة لإلغاء الاحياء الفقيرة التي هي منبت التشدد.

وقال مسؤول دفاعي بارز يرافق رامسفيلد ان الولايات المتحدة تنسب الفضل للعاهل المغربي لإدارته "دولة معتدلة". وأضاف "نحث المغرب هو الاخر على التفكير بإجراء اصلاحات سياسية." وتابع ان التوترات بين المغرب والجزائر بسبب الصحراء الغربية ما زالت حجر عثرة في طريق التعاون الاقليمي.

وسئل رامسفيلد عن مدى قلقه من أن تضم الصحراء الغربية جماعات متشددة فقال "في رأيي.. هذا مرجح بصورة اكبر في مناطق اخرى" مشيرا الى "أماكن كبيرة غير محكومة" في دول غير محددة يمكن ان تكون تربة خصبة لإنبات التشدد.

وفي حوار نشرته يوم الاثنين يومية "الصحراء المغربية" المقربة من الاوساط الرسمية قال رامسفيلد ان بلاده تعمل "مع شركائها وحلفائها بكل عزم من اجل الحيلولة دون انتشار هذا النوع من المناطق المهددة للأمن." ولكنه اضاف "ستعمل القاعدة وكذا من يعمل في دائرتها على محاولة التحكم في مناطق خارج دائرة القانون رغبة منها في خلق قواعد جديدة للعمليات. وهذا ما وقع بالذات مع طالبان في افغانستان." وأشار الى انه مرتاح للتعاون مع دول المغرب العربي في مجال مكافحة الارهاب "انني مرتاح لمستوى التعاون مع المغرب ومع كل بلدان المغرب العربي وشركائها الاوربيين... وبما انه من غير المستحب الحديث عن بعض التفاصيل العملية والحساسة المرتبطة بهذه الحرب..استطيع رغم ذلك القول اننا حققنا نجاحات مضطردة من خلال تفكيك خلايا ارهابية.." وخص بالذكر احباط محاولة الهجوم على البواخر في مضيق جبل طارق في يونيو 2002.

 وقبيل وصول رامسفيلد وصل جاك سترو وزير الخارجية البريطاني الى المغرب يوم الاثنين لبحث مكافحة الارهاب والاصلاحات السياسية والاقتصادية بهذا البلد. وأثناء زيارته وهي الاولى للمغرب وتتزامن مع زيارة وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد قال سترو انه يتوقع زيادة مطردة في التبادل التجاري بين المغرب وبريطانيا. وقال مسؤولون بريطانيون لرويترز ان لندن تحرص على تطوير علاقاتها الثنائية مع الرباط التي تعتبرها بريطانيا والولايات المتحدة حليفا كبيرا في الحرب على الارهاب. ووسط مخاوف من ان يكون تنظيم القاعدة يحاول حشد التأييد في المنطقة لحربه على الولايات المتحدة والغرب أبدي سترو تأييده للحملة التي تشنها الحكومة المغربية على خلايا متشددين اسلاميين مشتبه بهم. وتشعر لندن وواشنطن بقلق خاص تجاه ملاذات في الصحراء يستخدمها متشددون من الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تعمل من الجزائر.

وقال سترو في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المغربي محمد بن عيسى بعد لقائه بالملك محمد السادس بقصره قرب فاس "بحثنا عددا كبيرا من القضايا سواء ما يتعلق بالسياسة العامة للتعاون في مجال مكافحة الارهاب أو بشكل محدد كيف نتعامل مع مشكلات معينة." ورفض سترو الخوض في تفاصيل.

وكثف المغرب حملته على المتشددين منذ مقتل 45 شخصا في هجمات انتحارية بالدار البيضاء هزت البلاد عام 2003 . وتسعى الحكومة في الوقت نفسه لمكافحة الفقر بخطة للتخلص من الاحياء العشوائية التي تعتبر أرضا خصبة للمتطرفين.

وتعمل بريطانيا كذلك على ابرام اتفاقات مع دول شمال افريقيا ومنها المغرب فيما يتعلق بترحيل المشتبه بتورطهم في الارهاب. وابرمت بالفعل اتفاقات من هذا النوع مع ليبيا والاردن لكن المسؤولين يقولون انه لن يتم ابرام اتفاق مع المغرب خلال هذه الزيارة. وبمقتضى قوانين حقوق الانسان تحتاج بريطانيا لضمانات من الدول بأن المرحلين لن يساء معاملتهم في بلادهم. وعطل قضاة في الماضي عمليات ترحيل استنادا الى غياب هذه الضمانات.

وتأتي هذه الخطوة في اطار اجراءات لشن حملة على أفراد يشجعون أو يغضون الطرف عن أعمال عنف أو يساعدون ارهابيين بعد تفجيرات يوليو تموز الماضي في العاصمة البريطانية لندن.

وتأتي هذه الزيارات المتزامنة في ظل انعدام اي اثر لزعماء القاعدة رغم مرور اكثر من اربع سنوات على هجمات سبتمبر

وقال بورتر جروس مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.أي.ايه) العام الماضي ان لديه فكرة جيدة عن موقع ابن لادن ولكن بعد اكثر من اربع سنوات من وقوع هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة وبالرغم من العمليات العسكرية واعتقال قياديين بارزين مازال ابن لادن والظواهري هاربين.

ولا يقول مسؤولون امريكيون اكثر من انهم يعتقدون ان ابن لادن والظواهري في مكان ما في المناطق القبلية الجبلية التي تمتد لاكثر من 800 كيلومتر على طول الحدود الباكستانية الافغانية.

وقال مسؤول امريكي في مجال مكافحة الارهاب "نعتقد انهما في منطقة الحدود ولكن لا يمكننا التصريح باكثر من ذلك لاسباب واضحة" مضيفا ان الرجلين يتنقلان بين اماكن مختلفة طوال الوقت.

وظهر احدث تصريح لابن لادن يوم 19 يناير كانون الثاني في تسجيل صوتي كما ظهر الظواهري في شريط فيديو يوم 30 يناير كانون الثاني. ويأمل مسؤولون في ان تسهم الرسالتان في القاء بعض الضوء على مكانيهما.

وقال عدة مسؤولين ان استخدام الظواهري لشرائط مصورة عالية الجودة نسبيا واستخدام ابن لادن شرائط صوتية متوسطة الجودة يقود للاعتقاد بان الرجلين لا يملكان نفس الامكانات للوصول الى اجهزة تسجيل عالية الجودة. كما يتساءل بعض الخبراء عما اذا كان ابن لادن مريضا ولا يريد الظهور في شريط مصور حتى لا يكشف عن اي ضعف واضح في هيئته.

وقال مسؤول امريكي اخر في مجال مكافحة الارهاب "كون ابن لادن سجل شريطا صوتيا قد يشير الى انه في مكان اكثر انعزالا كما يوحي شريط الظواهري المصور بانه على صلة أقرب باجهزة القاعدة الدعائية."

ورفض المسؤول ان يوضح ما اذا كان هذا يعني ان الظواهري يعيش في منطقة حضرية او على مقربة من منطقة حضرية.

وشككت مؤسسة ستراتيجيك فوركاستنج وهي مؤسسة استخبارات خاصة في نظرية انعزال ابن لادن قائلة ان اشاراته خلال التسجيلات الى تفاصيل احداث معاصرة تقلل من احتمال "انعزاله في احد الكهوف".

واستطردت المؤسسة في تقرير حديث "ما لم تكن هناك كتيبة من المراسلين تنقل له التقارير... فيبدو ان ابن لادن يتابع قنوات التلفزيون الفضائية وشبكة الانترنت على الارجح. اذا في المكان الذي يختبيء به توجد كهرباء ودرجة ما من الاتصال بالعالم الخارجي."

ويقول مسؤولو استخبارات باكستانيون ان الظواهري على الاقل مازال بصورة شبه مؤكدة في مناطق قبائل البشتون التي تقع على الحدود الطويلة بين افغانستان وباكستان وهي مناطق تسمح تضاريسها باخطار المتشددين باي تحركات برية لقوات الامن قبل وقت طويل من وصولها.

وفي الوقت الذي تمكن فيه ابن لادن والظواهري من ايصال اكثر من 12 شريطا مصورا وصوتيا الى محطات تلفزيونية عربية في الخليج منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 فان السلطات لم تتمكن من تعقب اثر الشرائط لتحديد موقع ابرز رجلين مطلوبين في العالم.

ويقول عدة مسؤولين في مجال الاستخبارات في الولايات المتحدة واوروبا وباكستان ان ابن لادن ومساعده يختبئان على الارجح في موقعين مختلفين. وطلب كل المسؤولين عدم الكشف عن اسمائهم لحساسية الموضوع.

وقال مسؤول اوروبي في مجال مكافحة الارهاب "يبدو انه من غير المرجح ان يختبيء الاثنان في نفس المكان طوال الوقت لانه عندها سيضربان بصاروخ واحد او في غارة جوية واحدة."

واضاف ان اختيار ابن لادن لاستخدام الشرائط الصوتية قد يعني ببساطة انه يتجنب الخطر الاضافي المتعلق بتسجيل وتهريب الاشرطة المصورة. وقد يكون هذا ايضا جزء من استراتيجية موضوعة بعناية للعمل في الخفاء حيث "يمكنك سماع صوته ولكنك لا ترى وجهه".

ومضى قائلا "لا اعتقد انه (مكان اختباء ابن لادن) كهف . أرى بدلا من ذلك بعض الغرف الخلفية في منزل كبير في ضاحية كثيفة السكان او ما شابه ذلك."

"بوش.. اتعرف اين انا". كانت هذه كلمات ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة بعد اسامة بن لادن التي قالها الشهر الماضي متهكما على الرئيس الامريكي جورج بوش بعد ان فشلت ضربة جوية امريكية في باكستان في استهدافه واوقعت ضحايا مدنيين.

شبكة النبأ المعلوماتية -الخميس 16  /شباط /2006 -17 /محرم الحرام/1427