الافارقة وهم في الطريق الى أوروبا: وداعا سأعود بجيوب ممتلئة بالذهب.!!

كان ماساير نيانج يدعو الله أن يقبض عليه عندما انتشله حرس الحدود الاسباني وهو يجاهد ليتنفس وسط الامواج العاتيه قبالة سواحل شمال افريقيا. ومثل الاف المهاجرين الذي يحاولون دخول "اوروبا المحصنة" بشكل غير مشروع كل عام اختبأ نيانج (24 عاما) وهو طالب سنغالي بين عربات قطارات البضائع وضربه رجال الشرطة وأطلقت عليه النار خلال محاولاته المتكررة للخروج من افريقيا.

وبدأ حلم نيانج بالعثور على عمل لاعالة أسرته يتبدد وسط المياه الباردة ليلا قبالة الحدود شديدة الحراسة بين المغرب وسبتة وهي جيب تسيطر عليه اسبانيا وأحد نقاط الانطلاق على طريق الهجرة الى أوروبا. وقال نيانج في داكار عاصمة السنغال بعد أن قبض عليه مرارا في المغرب وتم ترحيله في نهاية الامر "هذه المرة كنت أريد أن يقبض علي لانني تصورت أنني سأموت." وأضاف نيانج الذي لا يستطيع السباحة "كانت هناك أمواج تقذف بي الى الاعماق كل مرة أصعد فيها الى السطح. الرياح الشديدة كانت تجرفني." وينزل ألوف من المهاجرين بشكل غير مشروع على السواحل الجنوبية لاوروبا كل عام في زوارق متهالكة ومكدسة. وتقول منظمات غير حكومية ان آلافا غيرهم يقتلون أثناء المحاولة. وعادة ما يكونون شبانا متعلمين يغامرون بحياتهم سعيا وراء أسلوب الحياة الاوروبي ويتوقع الكثيرون ان يواجهوا فقرا مدقعا وتفرقة عنصرية في أوروبا لكنهم ببساطة يأملون في كسب ما يمكنهم تحويلة لاعالة أسرهم.

وكان نيانج يريد أن يصبح طبيبا أو صيدليا لكن والده توفي بعد أن انهى دراسته الثانوية. ومع عدم توافر فرص عمل في السنغال قالت أسرته انه يتعين عليه أن يقطع الطريق الى أوروبا. وحاول على مدى ثمانية أشهر الوصول الى سبتة فقطع يديه على الاسلاك الشائكة على الحدود وكاد يغرق مرتين عندما حاول السباحة حولها مرتديا حلة غطس وأنبوبا داخليا لاطار سيارة ليبقيه طافيا باعهما له مغربي كان يساعده على الهجرة. وفي كل مرة كان حرس الحدود يقبض عليه ويلقي به على الحدود المغربية الجزائرية القاحلة على أمل ألا يحاول مرة أخرى. لكنه في كل مرة كان يعود للتسلل وسط عربات قطارات البضائع. وبعد ان أضاع مبلغ ثلاثة الاف يورو (3600 دولار) تركها والده للاسرة على مهربين وعدوه بعبور امن للحدود اقتحم الحدود في نهاية الامر مع مئات غيره من الافارقة في أكتوبر تشرين الاول الماضي عندما أرسلت مدريد والرباط قوات الى الحدود. وقال نيانج وهو جالس على أرض غرفته الخالية الا من حشية وجهاز تلفزيون تعلوه الاتربة "عندما حاولنا الهجوم بالقوة أطلق الحراس النار علينا. وتحولت لحرب." وأضاف "أفضل ان أموت جوعا على أن أكرر هذه المحاولة."

وحذر الاتحاد الاوروبي من أن الهجرة غير المشروعة تشكل "قنبلة موقوتة" ويريد بعض المسؤولين ان تكافح قوة مشتركة من رجال الامن وحرس السواحل والشرطة تهريب المهاجرين. وشهدت ايطاليا ارتفاعا بنسبة 50 بالمئة في عدد المهاجرين الافارقة هبطوا على شواطئها من زوارق العام الماضي في حين انقذت زوارق الانقاذ الاسبانية ما يقرب من ستة الاف في البحر.

وقال اليوني تيني أمين عام المنظمة الافريقية للدفاع عن حقوق الانسان التي تتخذ من السنغال مقرا لها "اصبح شعار الشبان في أفريقيا هو هاجر او فلتمت." وأضاف "هناك أمهات يبعن حليهن ليتمكن ابناؤهن من الذهاب. انه فشل كبير لسياسات التنمية في افريقيا."

وقد قتل 11 مهاجرا على الاقل برصاص الحرس او توفوا في اكتوبر في سبتة ومليلية وهو جيب اخر تسيطر عليه اسبانيا.

وكان نيانج ضمن مئات اعتقلتهم القوات المغربية وتم اقتيادهم الى الصحراء وتركهم هناك. وقالت منظمة أطباء بلا حدود ان المجموعة كانت تضم نساء حوامل وأطفالا. ويرجع بعض الساسة الاوروبيين ارتفاع عدد المهاجرين الافارقة الى المجاعة في حين يقول عمال اغاثة ان المدنيين الذين يفرون من الحروب في السودان أو جمهورية الكونجو الديمقراطية يقطعون طرقا خطرة عبر الصحراء الكبرى طلبا للجوء السياسي. لكن الحرب والامراض ليست هي كل شيء. ويقول خافيير جابالدون منسق أطباء بلا حدود في المغرب "من بين الهاربين من دول جنوب الصحراء الاذكى والامهر في قراهم. وطالبو اللجوء يمثلون الاقلية". وأغلب الافارقة المختبئين في طنجة والرباط أو في غابات محيطة بالحدود بحثا عن فرصة للتسلل لاوروبا يأتون من السنغال ومالي ونيجيريا وغينيا والكاميرون وهي دول لا تعاني من صراعات كبيرة أو مجاعات.

ولكن ما يدفع الغالبية للمخاطرة بحياتهم للوصول الى فرنسا أو ايطاليا او اسبانيا هو الافتقار الشديد للفرص في غرب افريقيا حيث يبلغ معدل البطالة في بعض الاحيان 50 بالمئة وتقل أعمار أكثر من ثلثي السكان عن 30 عاما. وتقول كلمات أغنية (الخروج) التي تغنيها فرقة دارا جيه أشهر فرقة سنغالية لموسيقى الهيب هوب "وداعا يا اسرتي يا وطني يا اصدقائي يا اشقائي سأعود بجيوب ممتلئة بالذهب." ولا يرغب سوى القلة في البقاء أكثر من عامين يكفيان لادخار المال من العمل في مصنع للعودة وبدء حياة أفضل في الوطن.

 

ويقول عبدو مالال ديوب وزير المغتربين السنغاليين "عندما يعودون يعاملون كملوك. يبنون أفخم المنازل في داكار ويقودون أفضل السيارات." وأضاف "لكن عندما ترى أين يقيمون في باريس ودورات المياة المشتركة والارض المغمورة بالقمامة وفي بعض الاحيان يقيم ثلاثة في غرفة صغيرة... ليتمكنوا من ادخار المال لارساله لديارهم." ويقدر ديوب أن هناك نحو ثلاثة ملايين سنغالي يقيمون في الخارج غالبيتهم بشكل غير مشروع ويحولون نحو 300 مليار فرنك افريقي (560 مليون دولار) سنويا عبر القنوات الرسمية وحدها. وبالنسبة لنيانج الذي يعمل حاليا بائعا جائلا يشتري الاسطوانات المدمجة المقلدة ويبيعها فان المغامرة انتهت. وقال "من الصعب ان تعيش في مكان لا تحظى فيه بالاحترام وحيث هناك تمييز عنصري وحيث تسأل دائما عن أوراق اقامتك." وتابع "اذا كان لدي الخيار وكانت أسرتي في حال أفضل لاخترت التعليم. الطب أو الصيدلة. كان هذا حلمي."

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 14  /شباط /2006 -15 /محرم الحرام/1427