|
وصف امام في محور النزاع بشأن نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي
محمد الدنمرك يوم الجمعة بأنها دولة ودودة فيما سعى الدنمركيون
والمسلمون الى اصلاح العلاقات.
وتحدث الامام أبو لبن الذي قاد الحملة ضد الرسوم الى مئات من
المصلين في مسجد كوبنهاجن وأشاد بالدنمرك واصفا اياها بأنها بلد متسامح.
وقال أبو لبن للمصلين "بصفتي مسلما فانني مدين بشدة لهذا البلد."
وساعد أبو لبن على تنظيم جولة لوفد للشرق الاوسط حيث قدم ملفا عن
الاهانات الدنمركية المزعومة للمسلمين.
وأضاف "أكرر هذا بلد طيب ومتسامح". وعبر أبو لبن عن تأييده لحرية
التعبير لكنه قال ان استخدامها يجب أن يكون باحترام.
واعتذرت صحيفة يولاندس بوستن التي نشرت الرسوم الكاريكاتيرية للنبي
محمد لاول مرة عن الاساءة للمسلمين لكن ليس عن نشر الرسوم وقررت اعطاء
رئيس تحرير القسم الثقافي الذي كلف احد رسامي الصحيفة بعمل الرسوم
اجازة.
وتقرر اعطاء فليمنج روز اجازة بعد أن اشار الى أنه سيسعده بنشر رسوم
كاريكاتيرية ايرانية تسخر من محارق النازي.
وفي الايام الاخيرة قال بعض الدنمركيين ان نشر الرسوم كان خطأ وأنهم
يريدون الاعتذار للمسلمين وتحديدا من يعيشون في الدنمرك وعددهم 180
ألفا.
وقرر خمسة من الشبان الدنمركيين يوم الاحد الماضي أن ينشئوا موقعا
على الانترنت ليظهروا أن الكثيرين في البلاد يدركون غضب الجالية
الاسلامية واحباطها بسبب الرسوم.
وقال نيكولاي لانج أحد مصممي الموقع "للقضاء على الاجحاف من المهم
اظهار ان الدنمركيين أبعد ما يكونون عن العداء لاسلام."
وأضاف "نحن كثيرون ممن نعتقد أنه بامكاننا أن نعيش معا ونحترم ثقافة
وهوية بعضنا البعض."
وتابع لانج أن عدد الدنمركيين الذين دخلوا على الموقع لارسال بطاقات
اعتذار الكترونية ارتفع من 500 يوم الاربعاء الى اكثر من 8500.
وجاء في بطاقة اعتذار كتبتها يين بالسجارد من شمال كوبنهاجن "أرجوكم
أخبروا أصدقائكم المسلمين..نحن نتفهم غضبكم. أظهرت صحيفة يولاندس بوستن
جهلا بالثقافات الاخرى."
وكتبت فريا مادلين بانج كريستنين من كوبنهاجن "سلام لكم جميعا..شعب
الدنمرك يريد السلام. لذا ان كانت الحكومة لا تستطيع القول انها اسفة
فسنقولها نحن..اسفون."
وتشير غالبية الدنماركيين (58%) باصابع الاتهام الى رجال الدين
المسلمين في الدنمارك وتعتبرهم المسؤولين الرئيسيين عن اتساع حجم
النزاع حول الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد في العالم الاسلامي حيث
اتهموا بتعميم معلومات خاطئة.
وبحسب استطلاع اخير نشرته شبكة "تي في 2" التلفزيونية الوطنية مساء
الخميس فان 22% من الدنماركيين اعتبروا ان صحيفة "يلاندس-بوستن" هي
المسؤولة عن تفاقم الازمة لانها نشرت الرسوم المثيرة للجدل في
ايلول/سبتمبر.
ويعتقد 11% من الدنماركيين ان حكومات دول الشرق الاوسط هي السبب في
حين اعتبر 5% فقط ان مسؤولية الازمة تقع على الحكومة الدنماركية.
وفي ما يتعلق برجال الدين يشير الدنماركيون خصوصا الى وفدين يمثلان
27 جمعية مسلمة في المملكة توجها في كانون الاول/ديسمبر الى مصر ولبنان
للحصول على دعم لاحتجاجهم على الاساءة للنبي محمد ولوصف المناخ المعادي
للاسلام المخيم في الدنمارك.
وتتهم الحكومة وغالبية النواب ووسائل الاعلام وفي طليعتها صحيفة
"يلاندس-بوستن" هذين الوفدين بتعميم معلومات خاطئة بحق الدنمارك مثل
رسوم مهينة لم تنشر ابدا او شائعات عن احراق المصحف في شوارع كوبنهاغن.
وقال رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن "ان شرح الازمة
الدبلوماسية الحالية يتلخص في جزء مهم منه بان البعض ينشرون روايات
خاطئة حول الدنمارك".
وحول موجة العنف المناهض للدنمارك منذ اسبوع في الشرق الاوسط قال
راسموسن في حديث مع "هيرالد تريبيون انترناشونال" في عددها اليوم
الجمعة "لدينا متطرفون دينيون يستغلون الوضع ويؤججون النار عبر مواصلة
اجندتهم الخاصة (..) ان هدفهم هو زعزعة استقرار الوضع في كل المنطقة".
وتعتبر الجالية الاسلامية بقيادة الامام التقليدي النافذ احمد ابو
لبن بمثابة المسؤولة عن هذه الجولة في الشرق الاوسط.
وكان رجال الدين الغاضبون من صمت السلطات الدنماركية ازاء
احتجاجاتهم حملوا معهم ملفا من 43 صفحة يتضمن الرسوم الكاريكاتورية
الاثني عشر اضافة الى ثلاث صور فوتوغرافية ارسلت الى مسلمين دون تحديد
اسماء الجهات المرسلة. وتمثل الصور مشاهد اباحية تسيء الى المسلمين.
وكان المسؤول عن الصفحات الثقافية في الصحيفة فليمينغ روز اعرب عن
استيائه وقال "لقد قاموا بالتلاعب بالصور عبر دفع القارىء الى الاعتقاد
ان هذه الرسوم ظهرت في يلاندس-بوستن وهذا ليس صحيحا".
وادى الكشف عن هذه الامور في وسائل الاعلام الدنماركية في الايام
الاخيرة الى فقدان رجال الدين كل مصداقية بعد ان كانوا يحظون بتقدير.
ولاحظت وزيرة اللاجئين والمهاجرين ريكي هفيلشويج الاربعاء "من الواضح
اليوم ان الائمة (رجال الدين) لم يعودوا الاشخاص الذين نمحضهم ثقتنا
اذا اردنا ان تسير عملية الاندماج في الدنمارك".
ويؤيد 82% من الدنماركيين كلام الوزيرة بحسب هذا لاستطلاع ذلك انهم
باتوا مقتنعين ان رجال الدين المسلمين يعرقلون اندماج المهاجرين في حين
قال 6% انهم يسهلونه.
وادت هذه الازمة الى ردود فعل عدائية من جانب قسم من السكان حيال
المسلمين. وهكذا فان ستة من اصل عشرة دنماركيين يؤكدون انه بات لديهم
نظرة سلبية حيال الاسلام اثر هذه الازمة بحسب الاستطلاع.
وهذا ما يفسر تقدم حزب الشعب الدنماركي (يمين متطرف) الذي يحتل
المرتبة الثالثة في البرلمان مع ارتفاع نسبة شعبيته الى 14,5% من
الاصوات بحسب استطلاع نشر في الثاني من شباط/فبراير وهي اعلى نسبة له
منذ خمسة اعوام.
وقالت الحكومة الدنمركية انها لا تستطيع الاعتذار بالنيابة عن
صحيفة حرة ومستقلة.
وأبلغ فليمنج روز شبكة سي.ان.ان. الاخبارية يوم الاربعاء انه يفكر
في نشر الرسوم الكاريكاتورية الايرانية المقترحة للمحرقة. ورفضت
الصحيفة في وقت لاحق مثل هذه الخطوة واعتذر روز لاقتراحه لها.
وقال كارستين يوستي رئيس تحرير صحيفة يولاندس بوستن لصحيفة
برلينجسكي تيدندي "هيئة التحرير طلبت من فليمنج روز القيام باجازة لان
لا أحد يستطيع فهم نوع الضغط الذي يتعرض له. "
ونشرت صحيفة "يلاندس-بوستن" الدنماركية على موقعها على الانترنت
"الصيغة الجديدة" باللغة العربية لرسالة الاعتذار التي وجهتها الى
المسلمين لكنها اكدت انها لم تغير نهجها ازاء هذه المسالة.
بدورهم طالب مسلمو الدنمرك بتوقف المظاهرات بشأن رسوم مسيئة للنبي
محمد، فقد استمع فرضان خاتمي وهو حلاق ايراني الاصل الى انباء
المظاهرات المعادية للدنمرك في شتى أنحاء العالم الاسلامي هذا الاسبوع
وهو واثق من أمر واحد هو أن العنف ينبغي ان يتوقف.
وشعر فرضان شخصيا بالاهانة بسبب الرسوم التي تسخر من النبي محمد
ويقول انه يشعر بالتمييز في شوارع كوبنهاجن يوميا لكنه يرى أن
الاحتجاجات العنيفة يجب ان تتوقف.
وأضاف وهو يحلق شعر أحد الزبائن في محله بحي يسكنه كثير من المسلمين
في كوبنهاجن "الحرائق والحجارة تدفع بالامور الى حد ما كان ينبغي ان
تصل اليه."
لكنه ينحى باللائمة في الوقت ذاته على الدنمركين والاعلام الدنمركي
لتجاهلهم مشاعر المسلمين الدينية ويرى أن المظاهرات لها ما يبررها.
ويقول "لدي وظيفة منذ قدمت للدنمرك قبل 26 عاما لكن اذا سرت في
الشارع فلا أزال مجرد مهاجر."
ويشاطر كثير من مسلمي الدنمرك البالغ عددهم 180 ألفا خاتمي رأيه فهم
يرون رغم غضبهم من الرسوم أن المظاهرات تجاوزت الحد بميلها الى العنف.
ورغم شعورهم بوطأة التمييز العنصري في بلد تتخذ حكومته اجراءات للحد
من الهجرة فهم يخشون أيضا على مستقبلهم ولا يريدون أن تتصاعد
الاحتجاجات بلا ضابط فتضعهم في مرمى النيران المتبادلة.
وقالت نجاة العوارجي (26 عاما) وهي عاملة في مسرح ساعدت على تنظيم
مسيرة يوم الاحد تدعو الى حل سلمي للازمة ولمزيد من الحوار ان العداء
للمهاجرين يتصاعد "منذ عامين على الاقل".
وأضافت "الرسوم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير. المسلمون ملوا من
توجيه الانتقادات لهم في الدنمرك. لا يمكنك أن تستمر في انتقاد مجموعة
ما وتتوقع ألا يبدر منها رد فعل."
وينحو كبار الائمة الدنمركيين خلال الصلاة منحى تصالحيا اذ يشددون
على مشاعر الامتنان التي يكنها كثير من المسلمين للدنمرك لكنهم يؤكدون
في الوقت ذاته ان من واجب المسلمين رفض اي هجوم على نبيهم.
ولا يزال بعض زعماء المسلمين غير راضين عن اعتذار الصحيفة الدنمركية
التي نشرت الرسوم في بادئ الامر لكنهم يدينون كذلك العنف المتصاعد.
وقال أحمد عكاري المتحدث باسم التجمع الاسلامي في الدنمرك "أريد أن
أظهر في التلفزيون على الهواء مباشرة مع رئيس الوزراء. أريد أن أوضح
موقفنا من العنف... في الوقت الراهن كل شيء مبهم وفي ظل الاحباط يهان
الناس وتحرق السفارات."
ويطالب حزب مناهض للمهاجرين متحالف مع الحكومة بطرد مجموعة من
الائمة غير ان ثمة جماعات أخرى مقتنعة بأن الاسلام والديمقراطية
الدنمركية ليسا متعارضين.
وتعتزم عدة جماعات اسلامية تنظيم مظاهرة يوم الثلاثاء في اورهوس
ثاني أكبر المدن الدنمركية تضامنا مع الدنمرك واحتجاجا على الهجمات على
البعثات الدنمركية.
وقال رابح ازاد أحمد عضو الجمعية المتعددة الثقافات "نأمل أن يحضر
الاعلام الاجنبي حتى يرفع بعض الضغط عن الدنمرك."
ويعارض نافع سلمانوفسكي مقاطعة المسلمين للدنمرك ويقول ان المسلمين
في الدنمرك يفهمون قوانين حرية التعبير لكنهم يعتقدون أن نشر الرسوم
كان أمرا يفتقر للحساسية الا ان المقاطعة والهجمات على السفارات ليس من
شأنها سوى ان تؤدي لتدهور الوضع وينبغي للدنمرك ألا ترد بالمثل.
وقال "ليس من المجدي استخدام الضعوط الاقتصادية مثل عدم استيراد
نفطهم على سبيل المثال لان هذا لن يؤدي الا لتدهور الامور. امل ألا نرى
المزيد (من هذه الافعال) الان لمصلحة المسلمين والدنمركيين على
السواء." |
