تونس تحتضن مؤتمر دولي لحوار الحضارات في ظل توتر ديني بسبب رسومات مهينة   

 

بدأت يوم الاثنين بالعاصمة التونسية أعمال مؤتمر الحضارات والثقافات الانسانية من الحوار الى التحالف بمشاركة شخصيات دولية بارزة منها عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية ومهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق.

ودعا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في افتتاح المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام الى ضرورة تجاوز التناقضات بين الحضارات الاسلامية والغربية. وقال "حان الوقت لنتجاوز معا ثنائية التعارض بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب ونتخلص من سوء الفهم المتراكم بين الجانبين." ويأتي هذا المؤتمر الذي يجتذب العديد من المفكرين والساسة العرب والغربيين في وقت تتزايد فيه احتجاجات المسلمين بعد نشر صحيفة دنمركية رسوما كاريكاتيرية مسيئة للرسول محمد.

وأقر بن علي بأن "صورة العرب والمسلمين تأثرت كثيرا بفهم خاطئ لحضارتهم وثقافتهم ودينهم". وألقى باللائمة على الجماعات الاسلامية المتطرفة قائلا "هذا الفهم الخاطئ تغذى في أغلب الاحيان بسلوك متطرف وعنيف من بعض الجماعات والتيارات المحسوبة داخل المجتمعات -مجتمعاتنا- على ديننا الاسلامي." واعتبر بن علي أنه لا توجد "اجناس راقية وأخرى متخلفة... وحضارات عليا وحضارات سفلى".

ومن جهته انتقد عبد العزيز التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) أسلوب الدول الغربية في التعامل مع الحضارة الاسلامية. وقال "الدول الغربية التي كانت تأوي الارهابيين أصبحت تهاجمهم بعد أن تعرضت مصالحها للضرب." وجدد التويجري احتجاجه على الرسوم المسيئة للرسول قائلا "انه من المؤسف ونحن نعقد مؤتمر حول حوار الحضارات أن ترتفع مشاهد العداوة والكراهية ضد ديننا الاسلامي الحنيف وينال من كرامة النبي الكريم." واعتبر أن مثل هذه التصرفات قد تدمر جهود بناء علاقات أفضل بين الاسلام والغرب". وأكد أن "حصول مثل هذه السلوكات غير الاخلاقية والمنافية تتطلب تظافر الجهود لاشاعة قيم التسامح ومواجهة هذه الاعمال العدوانية التي تثير الاحقاد."

وعمت العالم الاسلامي موجة عارمة من الاحتجاجات والدعوة لمقاطعة المنتجات الدنمركية بعد اصرار الحكومة الدنمركية على عدم الاعتذار عن هذه الرسوم بدعوى عدم تدخلها في حرية التعبير.

وشدد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الاثنين على ضرورة "تجاوز ثنائية التعارض بين الشرق والغرب" وعلى تكثيف التواصل فى نطاق المساواة بعيدا عن اي اقصاء عرقي او فكرى او ديني او سياسي.

وجاء كلام الرئيس التونسي في افتتاح ندوة دولية تحت عنوان "الحضارات والثقافات الانسانية من الحوار الى التحالف" التي تنظمها المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في العاصمة التونسية على مدى ثلاثة ايام.

وقال زين العابدين "حان الوقت لتجاوز ثنائية التعارض بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب للاعتراف بالمضمون الاخلاقي والانساني الذي تتسم به الحضارات والثقافات والديانات".

وابرز الرئيس التونسي "حتمية تكثيف التقارب والتواصل والتعاون والتضامن في نطاق المساواة وبعيدا عن كل اقصاء عرقي او فكري او ديني او سياسي".

ودعا "العرب والمسلمين الى التقدم للاطراف المقابلة بمبادرات واقتراحات بناءة من شأنها ان توفر للجميع آفاقا رحبة للتحرر من رواسب الماضي الاستعماري ومن مظاهر الحيف والتهميش وازدواجية المعايير".

واشار بن علي الى "عدم تكافؤ حوار العرب والمسلمين مع الغير فى الوقت الراهن بالنظر الى تاثر صورتهم بفهم خاطىء لحضارتهم وثقافتهم ودينهم مما افرز عدة تصرفات ومواقف تصدم مشاعرهم".

ولاحظ بن علي "ان هذا الفهم الخاطىء قد تغذى في اكثر الاحيان بسلوك متطرف وعنيف من بعض الجماعات والتيارات المحسوبة على الدين الاسلامي القويم وهو منها براء".

واكد بن علي من ناحية اخرى على ان "لا وجود لاجناس راقية واجناس متخلفة لان الرقي والتخلف نسبيان ظرفيان فيهما عوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية اطنب فى تحليلها اقطاب الفكر والفلسفة فى مختلف العصور (...) كما لا توجد حضارات عليا وحضارات سفلى ولا ثقافات خصبة وثقافات عقيمة لان جميع الحضارات والثقافات مهما تعددت فضائلها وتالقت ابداعاتها واتسعت او ضاقت مشمولاتها هي وليدة تراث انساني مشترك متنوع المصادر نشأ وازدهر بفعل التأثر والتأثير بين الشرق والغرب والشمال والجنوب".

وتابع ان "التاريخ البشري يقوم اليوم شاهدا قويا على ان ابشع الجرائم التي ارتكبت فى حق الانسانية قد استندت فى معظمها الى نزعة التفوق العرقي والحضاري والثقافي وتجاهلت ان البشر يولدون احرارا متساوين مهما كانت الوانهم واعراقهم واديانهم".

وبين بن علي ان "الحوار خطوة تمهيدية اساسية لازالة دوافع الشك والريبة والانطباعات الخاطئة والاحكام المجحفة والتصرفات العدوانية وردود الفعل المتشنجة حتى يتسنى اتخاذ خطوة تكميلية لتوثيق العلاقات ودخول تحالف ايجابي خلاق".

وتشارك فى الندوة شخصيات سياسية وفكرية ودولية من بينها الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد وممثل عن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان وممثلة عن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ومنظمات دولية واقليمية اخرى ومفكرون.

ويأتي عقد هذا المؤتمر بعد وقت قصير من قيام صحيفة دنماركية بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول ما اثار موجة واسعة من الاحتجاجات فى العديد من الدول الاسلامية التى طالبت الحكومة الدنماركية بالاعتذار عن هذا التصرف.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاربعاء 1  /شباط /2006 - 2/محرم الحرام/1427