العراقيون مرتاحون: البداية الـحقيقية لمـحاكمة الطاغية

اعتبر مواطنون عراقيون الجلسة الثامنة للمحكمة الجنائية العليا التي عقدت امس لاستكمال محاكمة صدام حسين وسبعة من كبار مساعديه «البداية الحقيقية للمحاكمة».

ورحبوا بقدرة القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن على طرد صدام وشقيقه برزان التكريتي ونائبه طه ياسين رمضان وعواد حمد البندر، ووصفوها بأنها «بداية موفقة».

وقال عبدالعزيز فرحان (44 عاما) وهو عامل: «اليوم شاهدنا محاكمة حقيقية لصدام وبدا القاضي مسيطرا على الاجواء وهو ما نريده. لقد صفقنا للقاضي اعجابا به وكأننا نشاهد مباراة كرة قدم جميلة».

ورأى الطالب سمير هادي (23 عاما) «لقد ظهر القاضي الجديد بمستوى افضل من القاضي السابق وكان حازما وشديدا واستطاع ان يرد صدام والآخرين بقوة من اجل الحفاظ على اجواء المحكمة».

وقال مهدي نجم الدين (43 عاماً)، وهو متقاعد، «نريد مجريات محكمة ترتقي الى مستوى كشف الحقائق واطلاع الرأي العام على فترة حكم صدام وكيف انه عامل الشعب العراقي بقسوة متناسيا ان الله فوق الجميع وان الباطل يجب ان يندحر في نهاية الامر».

واعتبر سلام عيد جلسة محاكمة صدام الثامنة بأنها «الاقوى وقعا في نفوس العراقيين والاقرب الى روح المحاكمات العراقية». وقال« اعتقد ان الجلسات المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت وهي بداية موفقة للقاضي الجديد». مضيفا «لقد استمتعنا بمشاهدة جلسة قوية لجميع الاطراف بمن فيهم صدام والقاضي».

لكن عباس محمد (29 عاما) وهو عامل اهلي وجد ان خروج صدام وبرزان في وقت مبكر من جلسات المحكمة« افقده حلاوة جلسة المحاكمة، حيث كانا باستمرار ابرز المشاكسين في المحكمة».

المحامون انسحبوا وبرزان طُرد والرئيس المخلوع غادر القاعة بإرادته ... محاكمة صدام: القاضي الجديد أكثر حزماً ومستعد لإصدار أحكام غيابية

وبدا للمتابعين كأن رئيس المحكمة الجديد رؤوف عبدالرحمن الذي يمثل أمامه الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وسبعة من أركان حكمه السابق، قد حسم أمره ولن يتردد في محاكمة المتهمين غيابياً، إذا أصروا مع محاميهم على مقاطعة الجلسات.

ورفض القاضي اجراء مفاوضات مع محامي الدفاع الذين انسحبوا من الجلسة وهددوا بمقاطعة المحكمة، احتجاجاً على طرد برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق لصدام خارج القاعة بعدما طرد أحد المحامين وتبعهما صدام عائداً الى زنزانته، بمحض إرادته.

وبدت اللحظات الأولى لجلسة أمس حاسمة في تحديد الأسلوب الذي ستسير عليه المحاكمات لاحقاً، بعد اعتراضات حزبية وحكومية على ما وصف بـ «الاسلوب المتهاون» الذي أدار به رئيس المحكمة المستقيل رزكار محمد أمين الجلسات، ما دفع القاضي الجديد الى إبداء المزيد من الحزم في التعامل مع المتهمين، فطرد برزان بالقوة من القاعة، بعد تلاسن بينهما.

ووصف برزان المحكمة بأنها «بنت زنى»، قبل ان يحتج أعضاء هيئة الدفاع على اجراءات المحاكمة وينسحبوا من القاعة بكامل طاقمهم المكون من محامين عراقيين وعرب وأجانب.

وقد نبّه القاضي عبدالرحمن المتهمين في أول كلمة له رئيساً للمحكمة، الى ضرورة الابتعاد عن المقاطعات ذات الطابع السياسي: «من كان يريد خطابات سياسية فليخرج خارج القاعة». وطلب الالتزام بـ«الحديث اللائق» بعيداً عن «التجريح».

لكن البداية الدراماتيكية لجلسة«فرض الارادات» استمرت على وتيرتها المتصاعدة بإلقاء صدام كلمة عن حقوق المتهمين وواجبات المحكمة، مكرراً عدم اعترافه بشرعيتها، ما فهمه القاضي بأنه استدراج له الى الطريق الذي قاد القاضي السابق الى التنحي، فواجه صدام بتعابير حازمة لم ترق له فطلب مغادرة القاعة، وحين طلب القاضي من الحراس اخراجه من القاعة هتف صدام: «انا رئيسك لخمس وثلاثين سنة وتقول اخرجوه؟». ولم يتبع صدام الى خارج المحكمة سوى اثنين من معاونيه هما طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية السابق وعواد رعد البندر رئيس محكمة الثورة السابق، فيما اختار أربعة متهمين هم في الأساس من أهل الدجيل البقاء، وقبول انتداب محامين جدد للدفاع عنهم.

وقد كانت «جلسة هادئة ولا مكان فيها للاسقاطات السياسية»، هكذا ارادها القاضي رؤوف عبدالرحمن، وهو من مواليد حلبجة الكردية عام 1941، إلا أنه انفعل خلال مجادلته صدام، وقال: «طظ بالاميركان» لاثبات ان لا علاقة للأميركيين بإدارة المحكمة.

 فهل سيفرض صدام وشقيقه برزان أسلوبهما على ادارة الجلسة أم ان القاضي سيفرض اسلوبه؟ ذلك التساؤل حسمه القاضي رؤوف ربما قبل ان تعقد الجلسة مستفيداً من تجربة زميله رزكار، فأصر على الاستماع الى ثلاثة شهود جدد في القضية في غياب المتهمين وهيئة الدفاع، رافضاً طلب أحد المحامين المنتدبين التفاوض مع هيئة الدفاع المنسحبة كي تعود.

وتوقعت مصادر مقربة من المحكمة أن يصدر القاضي الجديد حكمه في قضية الدجيل بعد أربع جلسات، حتى لو اضطر الى محاكمة المتهمين غيابياً. لكن مصادر أخرى رأت أنه ادخل المحاكمات في أزمة جديدة، فهيئة الدفاع سارعت الى اعلان مقاطعتها الجلسات المقبلة، وطالبت بنقل المحاكمة الى خارج العراق، واستبدال القاضي، مشككة بحياده، باعتباره من حلبجة التي يتهم صدام باستهدافها بالأسلحة الكيماوية.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 31  /كانون الثاني/2006 - 1/محرم الحرام/1427