فوز حماس يمكن ان يؤدي الى تأجيج الصراع مع وجود بصيص امل

قال مسؤول كبير بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم السبت ان الحركة مُستعدة لدمج الفصائل المسلحة بما فيها جناحها العسكري لتشكيل جيش للدفاع عن الشعب الفلسطيني.

وقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أيضا في مؤتمر صحفي بدمشق ان حماس ستفي بتعهدات قدمتها السلطة الفلسطينية لاسرائيل بشرط ان تخدم المصالح الفلسطينية رغم رفض الحركة الاعتراف باسرائيل.

أضاف مشعل بعد الفوز الكبير لحماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الذي زاد حالة عدم اليقين بشأن عملية صنع السلام في الشرق الاوسط "نحن مستعدون ان نعمل جيش .. فلنبدل سلاحنا .. سلاح المقاومة باقامة جيش كأي دولة أخرى."

وقال ان القوة المقترحة في حالة تشكيلها لن تكرس برنامجها للاحتياجات الامنية الاسرائيلية. ويدعو ميثاق حماس الى تدمير دولة اسرائيل.

وردا على سؤال حول ما اذا كانت حماس ستنظر في تعديل ميثاقها وتحترم الاتفاقات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع اسرائيل قال مشعل "نحن نعترف ان هذا أمر واقع سنتعامل معه بواقعية شديدة لكن دون التفريط في حقوقنا... أي اتفاق لا ينتقص من حقوق شعبنا سنحترمه".

واضاف "لن نعترف بشرعية الاحتلال لكننا واقعيون ونعرف ان الامور تتم بالتدريج." وقال ان رفض الاحتلال لا يعني انه يمكن إزالة اسرائيل في لحظات.

لكن مشعل الذي نفذت جماعته عشرات التفجيرات الانتحارية ضد الاسرائيليين حذر الناخبين الاسرائيليين قبل انتخابات عامة تجرى في مارس اذار من ان القوة لن تحقق لهم الامن.

وقال "ليس هناك اي زعيم اسرائيلي يستطيع ان يوفر لكم الامن مع الاحتلال.. اذا كنت تريد ان يبقى شلال دم فتحمل النتيجة."

وقال الرئيس محمود عباس يوم الخميس انه سيتعين على أي حكومة ان تتبع برنامجه بالتفاوض مع اسرائيل من أجل قيام دولة فلسطينية.

ورفض زعماء من حركة فتح التي ينتمي اليها عباس تشكيل حكومة ائتلافية مع حماس.

إلا ان مشعل قال ان الشعب الفلسطيني رفض برنامج عباس بالتصويت لمرشحي حماس في الانتخابات البرلمانية وجدد نداء الجماعة لتشكيل حكومة تضم كل الفصائل الفلسطينية.

وقال "الشعب الفلسطيني عُرض عليه البرنامجان معا في الانتخابات... والشعب الفلسطيني اختار برنامجنا."

واضاف "من مصلحة الجميع ان يركب القطار الذي تقوده حماس لان القطار سيصل (الى محطته). لا زلنا نمد أيدينا للجميع ونقول نحن محتاجون لبعضنا البعض."

وأصاب الفوز غير المتوقع للجماعة العالم بالصدمة ودفع الولايات المتحدة الى التهديد بخفض مساعداتها التي تبلغ قيمتها 234 مليون دولار المخصصة للفلسطينيين هذا العام.

كما أشار مسؤولو الاتحاد الاوروبي الى انه سيتم نبذ حماس في حالة رفضها التخلي عن العنف.

لكن مشعل دعا المجتمع الدولي لعدم وقف دعمه للشعب الفلسطيني.

وقال موجها كلامه للمجتع الدولي "نقول لهم كفاية انكم صنعتم المأزق الفلسطيني بدعمكم لاسرائيل وخلقكم لاسرائيل فلا تعاقبوا الشعب الفسطيني لانه مارس الديمقراطية."

واضاف "شعبنا الفسلطيني حقه على العالم ان يتم دعمه اقتصاديا لانه شعب يعيش تحت الاحتلال."

وقال مشعل الذي نجا من محاولة اغتيال اسرائيلية في الاردن عام 1997 ان قيادة الجماعة في الخارج ستعود الى الاراضي الفلسطينية في الوقت المناسب.

وقال مصدر فلسطيني يوم السبت ان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الفلسطينية اعطت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) 74 مقعدا في البرلمان في حين حصلت حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على 45 مقعدا.

وقال المصدر الفلسطيني ان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية للمجلس التشريعي الفلسطيني المؤلف من 132 عضوا ستعلن يوم الاحد.

واعطت نتائج غير رسمية في وقت سابق حماس 76 مقعدا مقابل 43 مقعدا لفتح.

وعزا فلسطينيون كثيرون فوز حماس الى اتهامات بالفساد داخل فتح على مدى سنوات.

ويحتمل ان يشجع فوز حماس المفاجيء بالانتخابات التشريعية الفلسطينية اسرائيل على اتخاذ مزيد من الاجراءات أحادية الجانب لفرض حدود مع الفلسطينيين وفقا لشروطها الخاصة.

وطفت فكرة الانسحاب الاحادي من أجزاء من الضفة الغربية المحتلة اذا ظلت المحادثات متوقفة كخيار محتمل أمام اسرائيل منذ أكملت انسحابها من قطاع غزة العام الماضي.

وقال المحلل الاسرائيلي جيرالد شتاينبرج "بات احتمال التوصل الى حل سياسي او ارساء الاستقرار أقل ومن هنا يشير ذلك الى زيادة احتمال اتخاذ خطوات احادية."

ويخشى الفلسطينيون من أن يتركهم اتخاذ اسرائيل اجراءات أحادية محصورين في جيوب داخل جدار اسرائيلي مثير للجدل ويحرمهم من مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية يسعون الى أن تكون ضمن دولتهم في نهاية الامر.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان شعار اسرائيل القائل بعدم وجود شريك فلسطيني من بين اسباب فوز حماس مضيفا ان الخطوات الاحادية الاسرائيلية لم تتوقف.

واحياء محادثات اقامة دولة فلسطينية التي انهارت في عام 2000 لم يبد محتملا حتى قبل ان تنهي حماس هيمنة فتح التي كانت تأمل في اقامة دولة الى جانب اسرائيل.

وأصرت اسرائيل دوما على عدم امكانية اجراء مفاوضات قبل أن يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بنزع سلاح النشطاء بموجب خارطة الطريق للسلام التي تدعمها الولايات المتحدة. غير أن عباس فضل عدم مواجهة النشطاء واشار الى عدم تجميد اسرائيل لبناء المستوطنات اليهودية.

وبعد فوزها في الانتخابات ستكون حماس في وضع أفضل لمقاومة دعوات نزع سلاحها مستشهدة بالتفويض الشعبي لها.

غير أنه في الوقت الذي ترفض فيه التخلي عن الهدف الاساسي لميثاق الحركة الداعي الى اقامة دولة اسلامية تحيط باسرائيل يقول بعض زعماء حماس انهم مستعدون لقبول هدنة طويلة الاجل اذا انسحبت اسرائيل من الضفة الغربية والقدس الشرقية العربية اضافة الى غزة.

وجاء رد فعل رئيس الوزراء الاسرائيلي المؤقت ايهود اولمرت على فوز حماس على غرار اسلوب رئيس الوزراء ارييل شارون عندما قاطع السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات. وشارون عاجز عن العمل منذ اصابته بجلطة شديدة في المخ قبل نحو ثلاثة اسابيع.

وقال اولمرت "السلطة الفلسطينية.. سواء ضمت حماس أو كانت بقيادتها.. ليست شريكا."

ولم يكن من المتوقع صدور رد اخر أخذا في الاعتبار أن اولمرت يخوض حملة للانتخابات العامة التي يتوقع فوزه بها في 28 مارس اذار.

لكن معلقين قالوا ان اسرائيل في الواقع ستتبنى نهج الانتظار والمراقبة. والتزمت حماس الى حد كبير باتفاق تهدئة لنحو عام ولم تنفذ أي هجوم انتحاري منذ فترة أطول بكثير.

وتذكر بعض الاسرائيليين ان الدولة اليهودية ساعدت في الخفاء على ظهور حماس كقوة معادلة مفيدة في مواجهة حركة فتح التي كان يتزعمها ياسر عرفات خلال الانتفاضة الفلسطينية الاولى في أواخر الثمانينات.

وقال ابي ديختر وهو رئيس سابق لجهاز الامن الداخلي "ينبغي ان نتذكر انهم لم يولدوا ولديهم نزعة قتل الاسرائيليين."

وأشرف ديختر على اغتيال زعماء لحماس خلال الانتفاضة الثانية التي اندلعت في عام 2000 وهو حاليا عضو في حزب كديما الذي يتزعمه اولمرت.

وكتب ديختر في صحيفة يديعوت أحرونوت "اذا فكر زعماء حماس كرجال دولة وانضموا الى اسرة الامم .. فسيجدوننا شريكا جيدا."

وعمليا لن يكون لدى اسرائيل خيار سوى التعامل مع حكومة فلسطينية تضم حماس حتى ان كان ذلك من خلال طرف ثالث.

وقال المحلل السياسي يوسي الفر "أقصى رد فعل من جانبنا هو أن تغلق الحدود وتدعهم يتضورون جوعا .. لكن ذلك مستحيل بالطبع."

ورغم ذلك فان الاتصالات للسماح بتسيير العمل الاساسي للسلطة الفلسطينية لن ترقى الى مستوى المناقشات التي يريدها عباس بخصوص اتفاق سلام دائم لاقامة دولة.

ولن تجد اسرائيل في الوقت نفسه صعوبة في مواصلة التحركات الاحادية.

وقال الفر "انهم يديرون أعمالهم .. سنزيل مستوطنات ونبني أسوارا." مشيرا الى أنه من الصعب أن تعترض حماس على ازالة مستوطنات.

ودون محادثات سلام فان الدعم الدبلوماسي لتلك الاجراءات خاصة من جانب الولايات المتحدة سيكون مضمونا على الارجح.

وامر اولمرت بالفعل بتسريع عمليات بناء الجدار الذي يخترق أراضي الضفة الغربية ملتفا حول المستوطنات الرئيسية. وتقول اسرائيل ان الجدار يمنع المفجرين الانتحاريين. ويصفه الفلسطينون بانه استيلاء على أرض يهدف لاجهاض أي مفاوضات حول الحدود في المستقبل.

والانسحاب من مستوطنات معزولة بالضفة الغربية وهي الخطة التي كان يتوقع أن يمضي فيها شارون قدما من خلال مفاوضات أو بدونها قد يكون أكثر صعوبة في ظل حكومة تقودها حماس.

وستكون المشكلة التي تواجه اي زعيم اسرائيلي يحاول تهدئة معارضة المستوطنين لتلك الانسحابات هي تجنب الظهور في صورة من يسلم أرض الى حماس و"يكافيء الارهاب".

وربما تكون النتيجة عدم حصول الفلسطينيين حتى على تلك البقع من الارض عقب اجلاء المستوطنين منها.

وقال شتاينبرج "يمكن أن تقلل اسرائيل التواجد المدني.. لكنها ستبقي على السيطرة العسكرية."

بدوره أشاد الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون يوم السبت برد اسرائيل "المحنك" على فوز حركة المقاومة الاسلامية حماس المفاجئ بالانتخابات التشريعية الفلسطينية وحث الحركة على التصرف بمسؤولية بمجرد ان تصبح في السلطة.

وردا على سؤال عما اذا كان يعتقد ان حماس يمكن ان تعترف باسرائيل نظرا لتبنيها حتى الآن موقف تدمير الدولة اليهودية قال كلينتون "نعم ..أعتقد ان هناك سبيلا لتجاوز هذا. أعتقد ان هناك سبيلا لجعلهم يفعلون ذلك.. أعني ان الأمل يحدوني ان يكون هناك سبيل."

وقال للصحفيين خلال المنتدي الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا "ستكون هناك فرص كثيرة. لدى حماس سُبل كثيرة تمكنها من التوصل الى حل وسط مسؤول بغير العنف ومن محاولة بدء عملية سلام مستمرة اذا كان ذلك ما تود ان تفعله."

وأثار فوز حماس على حركة فتح المهيمنة منذ عقود في الانتخابات التي جرت يوم الاربعاء الماضي دهشة في أرجاء الشرق الاوسط وأنحاء أخرى من العالم مما دفع الرئيس الامريكي جورج بوش الى استبعاد تقديم معونة أمريكية لحكومة بقيادة حماس إلا اذا نبذت العنف وغيرت موقفها من اسرائيل.

وأيد كلينتون الذي بذل جهدا مكثفا في عملية السلام وكاد ان ينجح في إبرام اتفاق اسرائيلي فلسطيني تاريخي قرب نهاية فترة ولايته الرئاسية رد بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي المؤقت ايهود اولمرت.

وقال كلينتون "امنحوا هذا فرصة. كان الاسرائيليون في منتهى الدقة في ردهم. أعتقد ان اولمرت كان حريصا بحنكة بالغة فيما قاله. أعتقد اننا في حالة ترقب الان. ربما تتحرك حماس نفسها في الايام القليلة القادمة."

وتابع "افهم الرئيس (بوش) .. عندما قال .. حسنا لا يمكن ان تتوقع مني التعامل مع من هو ملتزم بتدمير اسرائيل."

وقال كلينتون "من الصعب جدا اقناع دافع الضرائب الامريكي انك ستمول حكومة ملتزمة بتدمير اسرائيل في وقت يفترض فيه اننا مع السلام."

وقال كلينتون ان حماس خاضت انتخابات "صعبة جدا" وفازت بالسلطة بنزاهة وعليها الان العمل بمسؤولية.

وقال "هذا هو سبيل الوصول بسرعة. يمكنها ببساطة ان تقول انها ورثت عباءة القيادة الوطنية وانها ملتزمة مثل الحكومات الأخرى باتباع التزامات أسلافها" فيما يتعلق بعملية السلام.

وتابع "اذا أبرم بلدك اتفاقا ثنائيا فانك لا تقم بالغائه ببساطة لمجرد انك لم تكن جزءا منه."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 30  /كانون الثاني/2006 - 29/ذي الحجة/1426