نــزار حيدر في تعليقه على تجاوز الاستحقاق الانتخابي: اعتماد صيغ التوافق لصوصية سياسية

   اعتبر مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، نزار حيدر، أن اعتماد صيغ التوافق، في تشكيل الحكومة العراقية المرتقبة، على حساب نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي أفرزتها صناديق الاقتراع، هو بمثابة لصوصية سياسية، يراد منها الالتفاف على إرادة الشعب العراقي، الذي قال كلمته ومنح صوته لمن يريد في الانتخابات العامة الأخيرة التي شهدها العراق، كما يراد لها التغلب على الديمقراطية الوليدة بالضربة القاضية، وتخريب العملية السياسية برمتها، وإصابة الناخب العراقي بالإحباط واليأس من إمكانية أن يكون صوته هو الحكم في العملية السياسية من الآن فصاعدا.

     وأضاف نــــزار حيدر، الذي كان يتحدث من واشنطن إلى مدير مكتب قناة (العراقية) الفضائية الأستاذ علي شكور أحمد في برنامج حواري خاص؛ إذا كان في النية اعتماد مبدأ التوافق في كل شئ، وبهذه الدرجة من التعسف والإسفاف، فلماذا أجريت الانتخابات العامة إذن؟ ولماذا يتحدث الجميع عن الديمقراطية التي تعني أولا وأخيرا سلطة الأغلبية مع كامل الاحترام والتقدير للأقلية التي يفرزها صندوق الاقتراع، وكلنا يعرف حق المعرفة، بأن التوافق يتناقض مع مبادئ الديمقراطية، ونه يفرغ الديمقراطية من محتواها الجوهري.

   وحذر نــــزار حيدر من مغبة انجرار الكتل البرلمانية الكبيرة التي فازت بأغلبية المقاعد في مجلس النواب القادم، وراء طروحات بعض أيتام النظام البائد، والداعية إلى اعتماد مبدأ التوافق والمحاصصة الطائفية على حساب النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع، في بناء مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، معتبرا ذلك نوع من أنواع الخيانة التي لا يجوز أن يتورط بها الفائزون الذين منحهم العراقيون ثقتهم، ليس من أجل أن يتوافقوا مع الآخرين على حساب أصواتهم وإرادتهم، وإنما من أجل أن يتفاوضوا معهم لتشكيل الحكومة العراقية الحديدة، وفرق بين التفاوض والتوافق، فالأول قد ينتهي بالبعض إلى أن يكون معارضة تحت قبة البرلمان، فيما يعني التوافق، إرضاء الجميع على حساب إرادة العراقيين التي أفرزتها صناديق الاقتراع، على أية حال.

   وفي هذا الصدد، كشف نـــــــزار حيدر عن خيوط مؤامرة يحيكها أكثر من طرف للالتفاف على نتائج الانتخابات العامة الأخيرة بعد أن أفرزت نتائج لم تعجب الكثيرين، خاصة من أيتام النظام البائد أو من المستفيدين منه فيما مضى، أو ممن أرعبهم حجم الأغلبية من العراقيين الذي كشف عنه صندوق الاقتراع، من الطائفيين والعنصريين.

   وأضاف نـزار حيدر يقول؛

   لا أحد ضد التوافق المعقول، من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، شريطة أن لا يأتي على حساب الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، والا ما معنى أن تجري الانتخابات ويتحدى العراقيون كل المعوقات، وعلى رأسها الإرهاب، من أجل الوصول إلى صندوق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم؟ إن أية محاولة للالتفاف على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، تعد بمثابة سرقة لأصوات العراقيين بطرق وأساليب جديدة، يجب أن يفضحها العراقيون التواقون إلى بناء عراق جديد ليس للغش والتزوير والالتفاف على إرادتهم، أي مكان.

   وأضاف؛ كلنا يتحسس مدى صعوبة الظروف التي يمر بها العراق اليوم، كما يشعر الجميع ويقدر التحديات التي يواجهها شعبنا الأبي الصابر، ولكن هذا لا يجيز لأي أحد أن يستغل هذه الظروف المعقدة لابتزاز الفائزين تحت شعارات التوافق والوحدة الوطنية وما أشبه، إذ من قال بأن الحل يكمن في التوافق على حساب الاستحقاقات الانتخابية؟.

   وأضاف نـزار حيدر يقول؛

   نحن مع التوافق الذي يأخذ بنظر الاعتبار نتائج الانتخابات واستحقاقاتها لنفي بوعودنا للعراقيين، أي نحن مع التوافق الذي يكرس العملية الديمقراطية، وليس مع التوافق الذي يسعى لإلغاء أو تجاوز نتائج الانتخابات، وبالتالي يسعى للانقلاب على العملية الديمقراطية برمتها، إن هؤلاء، أضاف حيدر، يقودون انقلابا على العملية السياسية الجديدة التي عمادها صندوق الاقتراع وصوت المواطن العراقي، ولكن بأدوات جديدة، بعد أن فشلوا في الانقلاب عليها بالقتل والذبح والسيارات الملغومة والأحزمة الناسفة، فإذا ألغيت نتائج صندوق الاقتراع، عمليا وليس قانونيا، فما الذي سيبقى من حقيقة وجوهر الديمقراطية والعملية السياسية، يا ترى؟.

   واتهم نــــزار حيدر، التوافقيون على حساب الاستحقاقات الانتخابية والوطنية، بأنهم سراق سياسيون يريدون سرقة جهاد الشعب العراقي وتضحياته واستحقاقاته الانتخابية التي طرزها بالدم والصمود والتحدي والمثابرة، ولكن بأدوات(الديمقراطية) وشعاراتها هذه المرة، بعد أن فشلوا في تحقيق غاياتهم الدنيئة تلك بالعنف والإرهاب، الذي ظلوا متورطون به إلى الآن، من دون أن يفكوا ارتباطهم به بالكامل.

   وتساءل حيدر بالقول؛

   ترى لو كان التوافقيون قد حصدوا من مقاعد البرلمان ما حصده غيرهم اليوم، فهل كانوا يتحمسون لمبدأ (التوافق) إلى هذه الدرجة؟ ألم يتهموا الآخرين بالطائفية وتكريس المحاصصة، كلما تحدثوا عن التوافق فيما مضى؟ فما عدا مما بدا؟ إلا أن تكون حاجة في نفس يعقوب يريدون قضاها؟.

   وحذر نـــــزار حيدر من أن العراقيين سوف لن يدعموا أو يتعاونوا مع أية حكومة تتشكل بالتوافق، غير آخذة بنظر الاعتبار الاستحقاقات الانتخابية، التي أفرزت أكبر كتلتين نيابيتين، تمثل الأولى الأغلبية من العراقيين(وهم الشيعة) فيما تمثل الثانية أكبر الأقليات في البلاد(وهم الكرد) إذ لا بد أن يجني هؤلاء ثمار الاستحقاقات الانتخابية، ويتمتعوا بنتائجها، من دون أن يكون ذلك على حساب الحقوق المشروعة للآخرين، أبدا.

   وفي نهاية حديثه المتلفز، سخر نــــزار حيدر من التهديدات التي أطلقها عدد من أيتام النظام البائد من الذين حصلوا على بعض المقاعد في مجلس النواب القادم، ممن هددوا باللجوء إلى ما أسموه بـ(المقاومة) إذا لم تعجبهم تشكيلة الحكومة العراقية الجديدة، أو ممن حاول أن يضع شروطا مسبقة قبل الحديث عن التشكيلة الوزارية الجديدة، قائلا؛

   إن أمثال هؤلاء يتصورون أنهم لا زالوا يحكمون إبان العهد البائد، فيظنون أن بامكانهم أن يفرضوا شروطهم على الكتل النيابية الكبيرة بالتهديد والوعيد، أو بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة، كما قال الشاعر.

   إن على أمثال هؤلاء، أضاف حيدر، أن يتذكروا أين هم الآن؟ وما هو موقعهم وحجمهم في المعادلة السياسية الجديدة في عراق ما بعد الطاغية صدام حسين؟ وإذا كانت الكتل الكبيرة تمنحهم بعض الاحترام فتتحاور معهم، فهذا لا يعني أنهم يخيفون أحدا أو أن أحدا يخشاهم، أبدا، وإذا كانوا يتصورون بان الإصرار الاميركي على مشاركتهم في العملية السياسية بسبب الضغوط التي تمارسها عدد من الأنظمة العربية الطائفية، يشفع لهم ويقوي من موقعهم التفاوضي، فهم واهمون جدا، فليس بأسهل على الكتل النيابية الكبيرة من تجاوزهم وركلهم ونسيانهم وتركهم في ظلماتهم يعمهون، إذا ما اقتضت المصلحة الوطنية العليا، خاصة وان عددا منهم متورط مع النظام البائد حتى النخاع، كما يقولون.

   وأضاف نــــزار حيدر يقول؛

   ليس من حق أمثال هؤلاء أن يفرضوا أي شروط لا مسبقة ولا فيما بعد، لأن حجمهم السياسي لا يمنحهم أو يؤهلهم لأي دور تفاوضي مهما كان صغيرا، وصدق رسول الله (ص) الذي قال{رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، فلزم حده}.

   من جانب أخر، اعتبر مدير مركز الإعلام العراقي في واشنطن، نـــــــزار حيدر، أن صيغ التوافق، وبهذه الصورة المطروحة للنقاش، يشل الحكومة الجديدة، ويسلب منها القدرة على العمل والإنجاز، وانه سيعيد إلى الذاكرة تجارب الحكومات المؤقتة الماضية التي عجزت عن إنجاز برامجها السياسية والتنموية إلى درجة كبيرة بسبب الطريقة التوافقية التي تشكلت على أساسها، فيما يتفق الجميع على أن العراق بحاجة الآن إلى حكومة قوية ومنسجمة، قادرة على النهوض بالمهام والمسؤوليات الجسام التي تنتظرها، وعلى مختلف الأصعدة، خاصة على صعيد الأمن وإعادة البناء وتحسين الظروف المعيشية للمواطن العراقي.

   أخيرا، تمنى نـزار حيدر على قادة أكبر كتلتين نيابيتين(الائتلاف والتحالف) أن يتعاملوا بشفافية ووضوح وصراحة أكبر مع شعبهم الذي منحهم الثقة في الانتخابات النيابية الأخيرة، فيتحدثوا لهم عن التحديات التي يواجهونها والضغوط التي يتعرضون لها، من أجل بناء جسور الثقة المتبادلة بين الطرفين، ومن أجل أن يقتنع العراقيون بأنهم، بالفعل، منحوا أصواتهم لمن يستحق ثقتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 29  /كانون الثاني/2006 - 28/ذي الحجة/1426