بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات الاحزاب السياسية بالعراق تستعد لمحادثات تشكيل الحكومة

 استعدت الاحزاب العراقية المتنافسة يوم السبت لمفاوضات شاقة بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية تأمل واشنطن أن تنهي الصراع العرقي والطائفي الذي يمزق البلاد.

وفيما عقدت الاحزاب مناقشات داخلية تكتيكية بعد يوم من الاعلان عن نتائج الانتخابات التي منحت الائتلاف الشيعي الحاكم مقاعد تقترب من تحقيق الاغلبية شن المسلحون هجوما في بغداد بتفجير سيارة ملغومة في سوق مزدحم ببغداد أسفر عن مقتل شخص واحد.

واغلقت الاجهزة الامنية العاصمة العراقية يوم الجمعة تأهبا لهجمات من جانب مسلحي السنة الذين يتهمون الائتلاف الشيعي بتزييف الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي.

وتعرض موكب يقل معاونين للرئيس العراقي جلال الطالباني لهجوم في شارع رئيسي شمالي بغداد مساء يوم الجمعة. وقالت الشرطة ان خمسة أشخاص أصيبوا من بينهم مستشار للطالباني عندما انفجرت قنبلة زرعت على جانب طريق في الموكب. ولم يكن الطالباني نفسه موجودا به.

وأجرى زعماء سياسيون من جبهة التوافق العراقية الكتلة الرئيسية للعرب السنة مناقشات في بغداد لبحث تقديم طعن في نتائج الانتخابات التي منحت الائتلاف الشيعي الحاكم 128 مقعدا في البرلمان المؤلف من 275 مقعدا.

ولكن مسؤولين مشاركين في المحادثات أوضحوا ان هذا الطعن هو محض اجراء شكلي وأن أحزاب العرب السنة ستشارك في المحادثات من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تأمل الولايات المتحدة أن تحد من نشاط المسلحين السنة بما يسمح لها بسحب قواتها من العراق.

وفيما يعتبر ايضا مناورة تكتيكية قال سياسيون شيعة انهم سيقدمون طعونا في بعض النتائج.

ومن المتوقع أن تبدأ المفاوضات بشأن أول حكومة عراقية غير مؤقتة منذ الغزو الامريكي عام 2003 خلال اليومين القادمين ولكن المساومات المضنية يعني ان الامر قد يستغرق أسابيع وربما شهورا قبل تشكيل حكومة.

وأظهر انفجار السوق في بغداد الذي أسفر ايضا عن اصابة شخصين وتجمع الاحزاب السنية أنه بينما ينخرط كثير من السنة في العملية السياسية التي ترعاها الولايات المتحدة والتي قاطعوها في باديء الامر فان بعضهم مازال متمسكا بطريق العنف والسلاح.

ويشعر العرب السنة وهم الاقلية التي كانت مهيمنة أثناء حكم صدام حسين بالانزعاج من تحالف الاحزاب الدينية الشيعية ويخشون من تعرضهم للتهميش في ظل حكومة جديدة بقيادة الشيعة.

وحصلت الكتلتان الرئيسيتان للسنة على 55 مقعدا في البرلمان وهو ما يمنحهم صوتا أقوى مما كان لهم في الجمعية الوطنية المؤقتة العام الماضي التي قاطعوها. وحصل سياسيون سنة اخرون على أربعة مقاعد في البرلمان الجديد الذي يطلق عليه اسم مجلس النواب.

وتضغط واشنطن على الاغلبية الشيعية والاكراد الذين حصلت كتلتهم الرئيسية على 53 مقعدا لتشكيل حكومة تضم السنة مع أن الحكومة المؤقتة المنتهية ولايتها التي شكلها الشيعة والاكراد ضمت بعض الشخصيات السنية.

وكتب زلماي خليل زاد السفير الامريكي لدى بغداد في الاونة الاخيرة "ان تكرار النموذج الحالي لحكومة ائتلافية من الشيعة والاكراد لن يحل مشاكل العراق بينما ايجاد شراكة مع السنة سيقوض التمرد ويعزل الارهابيين وانصار صدام."

وتقول الاحزاب السنية انها ستقدم طعنا في قرار المفوضية بالغاء نتائج 21 صندوقا تضم نحو 70 ألف صوت في بغداد.

وأي طعن في نتائج الانتخابات سيؤدي الى تأخير اعتماد النتائج التي تمثل اشارة البدء لمفاوضات تشكيل حكومة جديدة. وبموجب الدستور يتعين أن يجتمع البرلمان خلال 13 يوما من اقرار النتائج لانتخاب رئيس له. وسيكون أمام النواب بعد ذلك 15 يوما أخرى لاختيار رئيس للوزراء.

كما يجتمع الائتلاف الشيعي أيضا لبحث تقديم طعن رغم فوزه بمقاعد أقل بقليل من الاغلبية. ويشعر الائتلاف بالسخط تجاه الصيغة التي استخدمتها المفوضية العليا للانتخابات لتوزيع المقاعد ويعتقد انه كان يتعين أن يفوز بأكثر من 128 مقعدا وهو ما يقل بعشرة مقاعد عن الاغلبية التي كانوا يتمتعون بها في البرلمان المؤقت.

وقال جواد المالكي العضو البارز في الائتلاف ان المحادثات مع التحالف الكردي وجبهة التوافق قد تبدأ يوم الأحد أو الاثنين.

وفيما كانت الاحزاب السياسية العراقية تلتقط أنفاسها بعد اعلان نتائج الانتخابات استمرت مطاردة خاطفي الرهينة الامريكية الصحفية جيل كارول.

وقال مسؤول امريكي في بغداد يوم السبت ان الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في المفاوضات لتشكيل حكومية ائتلافية بالعراق يمكن ان تعزز الوحدة الوطنية.

لكن المسؤول الذي تحدث غداة اعلان نتائج الانتخابات التي اظهرت استمرار هيمنة الشيعة قال إنه يتعين على زعماء الاقلية من العرب السنة ان يعملوا على انهاء عنف المسلحين ضد القوات الامريكية والحكومة المؤقتة التي يقودها الشيعة والاكراد. واستبعد العرب السنة الى حد كبير من السلطة بعد مقاطعتهم الانتخابات السابقة.

وأضاف المسؤول الذي رفض نشر اسمه قائلا للصحفيين "بالنسبة لنا فان العراق لا يمكن ان يبني على اساس طائفي او عرقي اقل نسبيا. يتعين ان يكون شاملا."

واضاف "نؤيد حكومة وحدة باعتبارها افضل وسيلة لجمع العراقيين بعد معركة انتخابية حامية ونحن نشجع جميع الاطراف في هذا على ان تتطلع الى المميزات."

الا انه استطرد قائلا "انه في النهاية قرار عراقي وليس قرارا امريكيا."

وقال "نحن مستعدون لمساعدة العراقيين باي طريقة ممكنة للوصول الى اتفاق يوحد البلاد ويوسع قاعدة التأييد للحكومة العراقية ويفضي الى حكومة مؤهلة وقادرة."

واشار الى انه مع اهمية المضي قدما على وجه السرعة في تشكيل حكومة فانه من المهم جدا ان يكون مجلس الوزراء المعين لحكم العراق على مدار الاعوام الاربعة القادمة مؤهلا من الناحية الفنية.

وقال "يحدونا الامل في ان ينتهوا منه في اقرب وقت. لكن أهم من كل شيء على ما اعتقد هو ان الناس يريدونهم ان يفعلوها بشكل صحيح."

وردا على انتقادات من قبل بعض الزعماء الشيعة بأن واشنطن حولت التأييد في العراق من الاغلبية الى الاقلية المتمردة قال المسؤول الامريكي ان الولايات المتحدة لم تغير موقفها بشأن تأييد اتفاق سلمي وتضغط بشدة على زعماء السنة من اجل انهاء العنف.

وقال "نحن جميعا نفضل حكومة شاملة".

واضاف "الا انه يتعين بشكل مطلق على القيادة السياسية للعرب السنة الا تتنصل فقط من العنف ولكن ان تندد به تماما وتعمل بنشاط لمنع المفجرين من طائفتهم من استخدامه. واذا لم يفعلوا ذلك فلن يكونوا شركاء يمكن الوثوق بهم في المفاوضات لتشكيل الحكومة. وقد اكدنا لهم هذا بشكل لا لبس فيه."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاثنين 23 /كانون الثاني/2006 - 22/ذي الحجة/1426