الشيعة يحتفلون بالفوز في الانتخابات والسنة يردون بالعنف والارهاب

بينما احتفل الشيعة بفوزهم في الانتخابات باطلاق الاعيرة النارية في الهواء في مدينة النجف هاجم مسلحون قاعدتين امريكيتين على مسافة 150 كيلومترا الى الشمال في الرمادي معقل المسلحين السنة.

ويبرز رد الفعل المتناقض على اعلان نتائج الانتخابات التي اجريت في 15 ديسمبر كانون الاول الماضي التحديات التي ستواجهها حكومة جديدة لمعالجة الانقسامات الطائفية المريرة بين الاغلبية الشيعية والاقلية السنية التي كانت لها الهيمنة ذات يوم على مقاليد الامور في العراق.

ووصف العديد من الشيعة الذين اجرت رويترز مقابلات معهم اعلان نتائج الانتخابات بانه مجرد اجراء شكلي اوضحته على نطاق واسع نتائج اولية واكد فوزا لم يكن بالنسبة لهم محل شك على الاطلاق.

لكن السنة اصروا على انهم ضحايا عملية تزوير واسعة قام بها الائتلاف الحاكم مع حلفائه الاكراد في الشمال. وقال الشيخ قصي الرماح الذي أم صلاة الجمعة في مسجد الرابع عشر من رمضان السني بوسط بغداد انه يشتبه ايضا في تدخل امريكي لتزوير الانتخابات.

وقال لرويترز "اعتقد ان الامريكيين لهم دور مباشر في النتائج وتشكيل الحكومة. سنشهد نوعا جديدا من الدكتاتورية."

وقال رجل اعمال يدعى محمد السعيدي (45 عاما) حضر صلاة الجمعة في المسجد وتحدث مثل المصلين الاخرين الى رويترز بعدها انه يعتقد ان افضل امل لهذا البلد هو تشكيل حكومة موسعة وشاملة يكون للسنة فيها صوتا.

وقال وهو يتحدث في ساحة احد مساجد بغداد الرئيسية "اتوقع ان يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية وهذا سيكون افضل لنا جميعا لحل جميع مشكلات العراق."

وردد سائق سيارة اجرة يدعى محمد حسن (33 عاما) المخاوف التي تعتري الكثير من العرب السنة الذين كانت لهم الهيمنة السياسية في عهد صدام حسين لكنهم يخشون الان من تهميشهم في ظل حكومة تقودها الشيعة.

وقال "نحتاج الى تحقيق الوحدة الوطنية.. نريد العيش في سلام. نريد ان يعمل رئيس الوزراء الجديد على لم شملنا جميعا."

وتحرص الحكومة الامريكية بشدة في ضم السنة الى حكومة وحدة وطنية جديدة بعد ان قاطعوا الانتخابات التي جرت في يناير كانون الثاني 2005 لاختيار حكومة مؤقتة. وتأمل الحكومة الامريكية في ان يؤدي ائتلاف موسع الى تقويض العمليات المسلحة المتصاعدة التي يقوم بها مسلحون من السنة ويمهد الطريق امامها لسحب قواتها من العراق.

لكن المسلحين الذين دعوا الى وقف لاطلاق النار للسماح لزملائهم السنة بالتصويت اغضبتهم النتائج ويتهمون الحكومة التي يقودها الشيعة وتدعمها الولايات المتحدة بتزوير النتائج.

وصب المسلحون جام غضبهم على ما يبدو على الجنود الامريكيين بعد دقائق من صعود صفوت رشيد المسؤول بالمفوضية المستقلة العليا للانتخابات في العراق الى منصة في مركز المؤتمرات ببغداد بالمجمع الحكومي في المنطقة الخضراء لاعلان النتائج.

وفي النجف اكثر الاماكن قدسية لدى الشيعة استقبل السكان اعلان نتائج الانتخابات باطلاق النار في الهواء في تعبير تقليدي عن الفرحة.

وفي كربلاء قال السكان انهم يتوقون الى حكومة جديدة لممارسة مهامها والعمل على تحسين الامن وامدادات الكهرباء والمياه.

وقال صاحب متجر يدعى جبار حومادي (31 عاما) "كل ما نريده هو الامن ...لا نعبأ بالنتائج لانه تم حسمها في وقت سابق." في اشارة الى النتائج الاولية التي اظهرت ان الائتلاف الشيعي سيقترب من تحقيق الاغلبية.

وفي مدينة البصرة ثاني اكبر المدن العراقية والتي تقطنها اغلبية شيعية وتبعد 550 كيلومترا جنوبي بغداد قال صاحب متجر بقالة يدعى احمد طاهر (65 عاما) والسعادة تغمره "فوز الائتلاف يعد احتفالا جديدا للشيعة."

ولكن في مدينة الفلوجة معقل السنة والتي تبعد 50 كيلومترا غربي بغداد سادت حالة من العبوس بعد ان فرضت قوات الامن العراقية طوقا على المدينة لدرء هجمات المسلحين.

وقال طالب يدعى محمد عبدالقدير (32 عاما) "هذا امر مخيب للامال بالنسبة للعراقيين لان الائتلاف سيعود الى السلطة." وتابع "نتجه نحو الفيدرالية والتقسيم."

وقال حسين الهنداوي رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة الاقبال في الانتخابات التي جرت في 15 ديسمبر كانون الاول زادت عن 75 في المئة وهو ما يزيد بشكل كبير عن التقديرات الاصلية .

ورغم ردود الفعل الغاضبة إزاء رفض شكاوى السنة بخصوص الانتخابات التي جرت في 15 ديسمبر كانون الاول يشارك كثير من زعمائهم بالفعل في مناقشات لتشكيل ائتلاف موسع مع الشيعة والاكراد وغيرهم.

وكان السنة قاطعوا انتخابات البرلمان المؤقت التي اجريت العام الماضي لكنهم فازوا بخمس مقاعد البرلمان الجديد البالغ عددها 275 مقعدا.

وقال عباس البياتي المسؤول البارز في الائتلاف العراقي الموحد لرويترز ان محادثات جادة ستبدأ في بغداد بعد أن أعلنت نتائج الانتخابات لتشكيل حكومة وحدة وطنية على اساس تلك النتائج. وأضاف ان الاجتماعات قد تبدأ يوم السبت .

واتهم السياسي السني حسين الفلوجي المسؤولين الامريكيين بالضغط على المراقبين الدوليين لاخفاء ما قال إنها عمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات لكنه قال إن المفاوضات ستمضي قدما رغم انها ستكون صعبة.

وقال السياسي السني المتشدد صالح المطلك الذي يتفق مع المسلحين في بعض أهدافهم ان السنة سيشاركون في الحكومة إذا استطاعوا التوصل مع "اخوتهم" إلى اتفاق على مشروع وطني موحد لضمان وحدة العراق.

وشارك السفير الامريكي الذي توسط بين الفصائل المتنافسة للتوصل الى اتفاق بشان الدستور في العام الماضي في توجيه نداءات للطوائف والاعراق العراقية للتكاتف لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الجماعات. وتأمل واشنطن أن يؤدي اتفاق الاراء إلى وقف اراقة الدماء ويسمح لها باعادة القوات الامريكية الى بلادها.

وقال السفير زالماي خليل زاد "يتعين على الاحزاب السياسية العراقية وزعمائها ان يتكاتفوا لتأكيد التزامهم بالمباديء الديمقراطية والوحدة الوطنية."

وقال خليل زاد في تصريحات تتفق مع ما ذكره مبعوث الامم المتحدة إلى العراق أن التحدي الرئيسي سيكون الوفاء بالوعد الذي انتزعه السفير من الشيعة والاكراد بمراجعة الدستور خلال العام الجاري تلبية لاعتراضات السنة عليه.

واتفقت النتائج النهائية التي تستطيع الاحزاب الطعن فيها خلال يومين مع سلسلة النتائج الاولية التي اعلنت في أوقات سابقة.

وأظهرت النتائج حصول الائتلاف العراقي الموحد على 128 مقعدا وهو عدد يقل عشرة مقاعد عما يحتاجه للاحتفاظ بالاغلبية الطفيفة التي حصل عليها في انتخابات العام الماضي التي قاطعها معظم العرب السنة ولم يحصلوا فيها سوى على 17 مقعدا.

وانخفض بشدة عدد المقاعد التي فازت بها الكتلة الكردية الرئيسية حيث حصلت على 53 مقعدا فيما حصل التجمعان السنيان الرئيسيان معا على 55 مقعدا بعدما حصل أحدهما على 44 مقعدا والاخر على 11 مقعدا.

وحصلت القائمة العلمانية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي على 25 مقعدا بينما فازت سبعة تجمعات أخرى تضم أكرادا وسنة وشيعة وتركمانا ومسيحيين ويزيديين على ما بين مقعد وخمسة مقاعد لكل منها.

وقال مصدر عسكري عراقي بارز لرويترز ان قوات الامن احبطت مؤامرة لمسلحين لشن هجوم على مقر الزعيم الشيعي البارز والشخصية البارزة في الائتلاف عبد العزيز الحكيم في بغداد.

بدورها شجعت الولايات المتحدة الجمعة النواب العراقيين على "العمل معا" لتشكيل حكومة جديدة وذلك بعد الاعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الاول/ديسمبر.

وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك "نشجع العراقيين (...) على العمل معا وتجاوز الحواجز الطائفية والاتنية للتفكير بتشكيل حكومة جديدة".

واضاف "ان انظار العراقيين ستكون مركزة عليهم" (النواب) في حين ان النتائج تظهر ان الشيعة المحافظين الذين فازوا في الانتخابات سيتحالفون مع لوائح اخرى للتفاهم حول اختيار رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.

وقال ماكورماك "ان الشعب العراقي يتوقع منهم ان يشكلوا حكومة فعالة ومسؤولة تخدم العراقيين وتستجيب لحاجاتهم وحكومة ترعى الجميع ايا كان انتماؤهم الاتني او الديني".

وحاول المتحدث الاميركي التقليل من شأن الخلافات بين المجموعات العراقية معترفا في الوقت نفسه بوجود نظام "سياسي يستند الى الهوية" معتبرا اياه من "بقايا عهد صدام حسين". وتابع "مع مرور الزمن نرى في الانظمة الديموقراطية ان مثل هذا النوع من الامور يختفي تدريجيا ونرى بشكل متزايد مجموعات تلتقي حول مصالح ومشاريع مشتركة".

وقال ماكورماك ان "العراقيين لا يزالون في المرحلة الاولى من تطوير طبقة سياسية ديموقراطية" واصفا التقدم الذي انجز منذ 18 شهرا بانه "استثنائي".

ويقول مقاتلون من العرب السنة في العراق انهم يستعدون لقتال طويل مع الحكومة العراقية القادمة بعد الانتخابات التي جرت في ديسمبر كانون الاول الماضي والتي لم يؤد تصويت العرب السنة بأعداد كبيرة أيضا الى تمكين جماعتهم من احكام قبضتهم على السلطة السياسية.

وقال أبو هدى الاسلام وهو عضو كبير في جماعة جيش المجاهدين التي عملت في اطار الجيش العراقي في عهد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ان الجماعة ستقوم بنشر قناصة في كل المدن العراقية.

وأضاف أن الفترة القادمة ستشهد تصعيدا عسكريا ضد قوات الاحتلال والجيش العراقي مشيرا الى أن المسلحين سيركزون على زرع قنابل على جانب الطرق.

وعبر زعماء اخرون للمسلحين العراقيين التقت معهم رويترز عن توجهات مماثلة بما يتعارض مع امال عبر عنها مسؤولون أمريكيون وعراقيون في أن مشاركة العرب السنة الكبيرة في الانتخابات تبشر بنجاح استراتيجيتهم لجذب الاقلية السنية التي كانت مسيطرة ذات يوم للعملية السياسية لنزع فتيل العنف المسلح.

وحصلت المجموعات السنية على 58 مقعدا من بين 275 مقعدا هي جملة مقاعد البرلمان وهي تزيد كثيرا عن المقاعد التي حصلوا عليها في الانتخابات التي أجريت في يناير كانون الثاني العام الماضي والتي قاطعتها نسبة كبيرة من العرب السنة لكن عدد المقاعد التي حصلوا عليها لا يكفي لزعزعة سلطة ائتلاف اسلامي شيعي.

ويبدي قادة عسكريون ودبلوماسيون أمريكيون آمالا في انضمام مقاتلين عراقيين قوميين للحكومة وانقلابهم على اسلاميين أجانب تحركهم القاعدة في معاقل سنية مثل الرمادي.

وقال الميجر جنرال ريك لينش للصحفيين يوم الخميس "نرى أمثلة لرافضين (مسلحين) عراقيين يحملون السلاح ويبلغون عن ارهابيين ومقاتلين أجانب... نرى هذا في الرمادي."

ويقول محللون عراقيون ان تهدئة المسلحين ستكون تحديا طويلا ومعقدا وليس هناك ما يضمن النجاح حتى لو حصل زعماء سنة على مناصب في حكومة ائتلافية في المستقبل.

وقد لا يكون لهذه المكاسب تأثير على المؤيدين لصدام ناهيك عن متشددين من نمط مقاتلي القاعدة الذين غالبا ما تستهدف تفجيراتهم الانتحارية مدنيين وكذلك قوات أمريكية وعراقية.

وقال حازم النعيمي استاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية ان هذه الجماعات السنية الكبيرة سيكون لها تأثير محدود على البعثيين السابقين ولن يكون لها تأثير على المتشددين الاسلاميين سواء كانوا من القاعدة أو من جماعات عراقية متشددة.

وشجعت علامات على وجود خلافات داخل تحالف فضفاض بين القاعدة والبعثيين المسؤولين في الحكومة العراقية.

وقال أبو هدى الاسلام ان تفجيرات القاعدة تقتل السنة في المناطق السنية متوعدا بعدم التسامح مع أي من هذه التفجيرات بعد الان وبأنهم أرسلوا لمدبري تلك التفجيرات بتحذيرات من خلال المنشورات.

الا أنه من الصعب معرفة مدى انتشار مثل هذه الاراء بين شبكات جماعات المسلحين المعقدة في العراق.

ويرسل المسؤولون العراقيون والامريكيون رسائل للمسلحين عبر وسطاء ويشنون حملة علاقات عامة في محافظة الانبار معقل المسلحين أملا في تهدئة منطقة اكتوت بنار الهجمات الامريكية.

وزار ابراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق الشيعي الانبار الاسبوع الماضي وتعهد بتقديم 75 مليون دولار كمساعدة والتقى مع زعماء القبائل وتصافح مع الاهالي أمام كاميرات التلفزيون.

لكنه أرسل اشارات متضاربة بحث المقاتلين على الانخراط في السياسة ثم بقوله انه لا يستطيع أبدا العمل معهم.

وقد تتوقف مثل هذه الجهود على شكل الحكومة القادمة التي قد لا تتشكل قبل أشهر من المفاوضات بين الفصائل المختلفة.

وأشار وميض نظمي استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الى أن هناك حاجة لحكومة متوازنة تكون قادرة على التفاوض مع الجماعات المسلحة.

وذلك قد لا يكون سهلا نظرا للتوترات المتزايدة بعد أشهر من أعمال القتل الطائفية التي تثير مخاوف من اندلاع حرب أهلية.

ومن المؤكد أن السلام ليس مطروحا على جدول أعمال مقاتلين عراقيين اقسموا على محاربة حكومة يرون أنها دمية في يد الولايات المتحدة.

وقال مقاتل عمره 50 عاما في بلدة بادية الجزيرة غرب العراق "استراتيجيتنا الجديدة تتضمن تنسيقا كاملا مع فصائل المقاومة المختلفة لاختطاف مسؤولين عراقيين كبار."

شبكة النبأ المعلوماتية -الاحد 22 /كانون الثاني/2006 - 21/ذي الحجة/1426