الحكومة العراقية الجديدة تواجه اختبارات اقتصادية حقيقية

يرى المسؤول الثاني في وزارة الخزانة الامريكية أنه ينبغي للحكومة العراقية الجديدة التي تواجه اختبارات اقتصادية مهمة أن تبعث برسالة واضحة الى مانحي المعونة والمستثمرين تفيد بان البلاد مفتوحة أمام فرص العمل.

وفي مقابلة مع رويترز قال روبرت كيميت نائب وزير الخزانة الامريكي ان الحكومة الجديدة ستحتاج للتحرك سريعا لضمان تشجيع قوانينها لاقتصاد نشط خاصة فيما يتصل بالاستثمار الاجنبي.

وقال كيميت "لقد بلغنا مرحلة من الملائم فيها اتاحة الوقت الكافي للعراقيين لكي يشكلوا الحكومة الجديدة وانا واثق انهم سيبدون عندئذ نفس الاهتمام الذي نبديه نحن واخرون في الانخراط سريعا في محادثات على الصعيد الاقتصادي."

وقال كيميت ان المستثمرين يترقبون استكشاف الفرص المتاحة في العراق.

واضاف "لقد اجرينا محادثات مع شركات من قطاعات كثيرة بما فيها قطاع الطاقة تسعى لمعرفة تقييمنا لما يجري وما يراه الناس على ارض الواقع.

"ونحن نرى زيادة مطردة في عدد الشركات التي تتقدم الينا بأسئلة أو تعليقات ومقترحات وهو ما أعتقد انه مؤشر على تنامي الاهتمام."

وقال كيميت ان الوقت حان لكي يفي مانحو المعونة بتعهداتهم الاولية بتقديم مساعدات مالية للمساعدة في اعادة اعمار العراق.

وتكشف مستندات صندوق النقد الدولي انه لم يتم صرف سوى القليل جدا من 1.1 مليار دولار تعهد بها مانحو المعونة الدوليون للعراق. وتشير المستندات الى ان حصة كبيرة من المساعدات الثنائية للعراق لم تذهب الى الاقتصاد المحلي أو يجري انفاقها على المسائل الامنية.

وقال كيميت انه على الرغم من الموقف الأمني الصعب فقد حقق العراق تقدما في وضع أساس اقتصاد يقوم على عوامل السوق والفوز باتفاق قروض مهم مع صندوق النقد الدولي والتوصل الى اتفاق لمبادلة الديون مع الدائنين من القطاع الخاص في 23 ديسمبر كانون الاول.

ومضلا قائلا "انه تأكيد من جهة دولية على ان العراق في وضع يمكن فيه التعامل معه كاقتصاد يقوم على مباديء السوق. واعتقد ان العراقيين يعتزمون الالتزام بمسؤولياتهم المنصوص عليها في الاتفاق."

ويستهدف برنامج القروض الذي اتفق عليه العراق مع صندوق النقد الدولي ويبلغ حجمه 685 مليون دولار تحقيق استقرار الاقتصاد العراقي مع وضع الاساس لنمو مطرد. ويتوقع البرنامج تسارع النمو الى عشرة بالمئة في عام 2006 من 2.6 بالمئة العام الماضي وذلك بفضل ارتفاع انتاج النفط.

وسيواجه العراق اختبارا مهما في الاسواق الدولية يوم الاثنين المقبل عندما يبدأ رسميا تداول سندات ديونه السيادية.

وأعلنت الحكومة العراقية يوم الاربعاء انها سترجيء طرح الديون التجارية حتى يوم الاثنين 23 يناير كانون الثاني بدلا من يوم الخميس.

وقال كيميت عن عرض سندات الدين "نحن بالتاكيد نأمل ونتوقع أن تكون هذه خطوة أخرى على الطريق نحو تحول العراق الى اقتصاد قائم على قوى السوق ينعم بالاكتفاء الذاتي."

ويقول متعاملون ان السندات العراقية التي تستحق في عام 2028 وتحمل كوبون فائدة يبلغ 5.8 بالمئة اجتذبت بالفعل اهتمام المستثمرين حيث يجري تداولها في السوق الموازية بعائد يتراوح بين 10.75 و 11 بالمئة.

وقال كيميت ان الامر يرجع الى صندوق النقد والبنك الدولي لتقرير ما اذا كان سيفتحان مكاتب دائمة في العراق. وانسحبت المؤسستان في اغسطس اب 2003 بعد تفجير مقر الامم المتحدة في بغداد وتديران الآن اعمالهما أساسا من الاردن.

وبعد ثلاثة أعوام تقريبا من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق ستُتاح قريبا الفرصة للأسواق المالية لإصدار حكمها على عملية إعادة إعمار البلاد.

ويبدأ يوم الخميس التداول الرسمي لسندات الدين السيادي العراقي في الأسواق العالمية بعد إعادة هيكلة ديون تجارية مستحقة حجمها 14 مليار دولار في صورة سندات بقيمة 2.7 مليار دولار.

وقبل التداول الرسمي للمرة الأولى زايد المستثمرون على السندات في سوق موازية حيث يعتبرون العراق الآن رهانا أكثر أمانا لتشغيل أموالهم مُقارنة مع الاكوادور على سبيل المثال.

ويجري تداول سند الاكوادور المماثل الذي يحل أجله عام 2030 ويحمل فائدة قدرها 9 في المئة بعائد 10.721 في المئة أي بزيادة 621.9 نقطة أساس عن سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاما.

ويجري تداول السند العراقي بعائد يزيد 537 نقطة أساس عن سندات الخزانة الأمريكية في السوق الموازية.

وقال ريتشارد سيجال كبير الخبراء الاستراتيجيين لدى مجموعة ارجو لادارة الصناديق في لندن "سيكون مفيدا للعالم بشكل عام فضلا عن الاسواق لانه سيعطي لاول مرة انطباعا عن الطريقة التي يقيم بها العالم عموما ما يتحقق في العراق."

ومثل كل السندات السيادية وربما بدرجة أكبر في حالة العراق الذي يحاول إعادة بناء اقتصاده الواهن ومكافحة عمليات المسلحين فان السياسة ستنعكس على الأسعار بنفس قدر العوامل الاقتصادية.

وقال سيجال ان العوامل المؤثرة على السند ستكون "الوضع السياسي إضافة الى سعر النفط ومستوى صادرات النفط. لكنني أعتقد انه (التداول) سيجبر العراق على التحلي بشفافية أكبر لان الأسواق ستريد أن ترى درجة أكبر من الشفافية واذا لم تر الارقام فسيتخلص بعض المستثمرين من السندات."

وتستحق السندات عام 2028 وتحمل فائدة نسبتها 5.8 في المئة .

وقالت مصادر من المتعاملين ان السندات بدأ تداولها في السوق الموازية بعائد بين 10.75 في المئة و 11 في المئة لكن العائد تراجع في الاسبوع الماضي الى نطاق 9.87 في المئة في علامة على قوة الطلب.

وقالت وزارة المالية العراقية ان سندات أخرى بقيمة 800 مليون دولار قد يتم إصدارها مقابل ديون مستحقة وفق نفس شروط الإصدار السابق.

وقال الكس جيرارد مدير المحافظ الاستثمارية في صندوق تحوط بيلوتون بارتنرز في لندن الذي تعامل في السند في السوق الموازية ومازال يحتفظ ببعض السندات "أعتقد أن السوق رُبما أصبحت في المدى القصير محمومة. على صعيد السعر حقق (السند) في ستة أيام أكثر مما حققته معظم حالات ما بعد إعادة الهيكلة في ستة أشهر."

وقال جيرارد ان السندات العراقية كانت عُرضة "لطرح كميات كبيرة" في السوق من جانب دائنين تجاريين يحملونها الآن ويمكنهم أخيرا استرداد بعض الأموال المستحقة لهم على نظام الرئيس المخلوع صدام حسين.

وقال "سيستمر تداولها في نطاق عوائد ضيق نوعا ما .. أعتقد أن عوائد في حدود 10 في المئة ستستمر على الأرجح."

ويراهن المستثمرون على أنه بمجرد عودة انتاج نفط العراق الى كامل طاقته والاستفادة من ثالث أكبر احتياطيات نفط في العالم لن يصبح من الصعب خدمة مدفوعات السندات التي لن تبدأ قبل عام 2020.

وارتفعت أسعار النفط في العامين الماضيين ارتفاعا كبيرا.

لكن تساؤلات أخرى سياسية ماتزال في حاجة الى اجابات.

وستعتمد إيرادات الحكومة الاتحادية في المستقبل بدرجة كبيرة على الهيكل السياسي الذي سيتشكل بعد الإعلان في 20 يناير كانون الثاني عن نتائج الانتخابات التي جرت في 15 ديسمبر كانون الاول.

ومازال يتعين حسم توترات بين الجماعات الطائفية والعرقية المختلفة من الاسلاميين الشيعة والاكراد والعرب السنة الذين يقتسمون السطة في المجلس التشريعي.

من جهة اخرى قال مسؤول رفيع بصناعة النفط يوم الاربعاء ان مصافي التكرير العراقية استخدمت ما بين 350 ألف و400 ألف برميل يوميا من الخام في 2005 بما يقل كثيرا عن الطاقة الانتاجية لكن معدلات التشغيل سترتفع هذا العام مع القيام بأعمال صيانة.

وقال المسؤول الذي يعمل في قطاع التكرير لرويترز "لقد كان عاما غير متوازن تماما لكننا نتوقع الانتهاء" من اصلاح وتجديد كل الوحدات هذا العام.

وقال "معظم مصافي التكرير مثل بيجي والبصرة تحظى بصيانة جيدة."

وتبلغ طاقة معالجة النفط الخام لمصفاة بيجي في شمال العراق اضافة الى وحدات التكرير الملحقة بها 350 ألف برميل يوميا. ومصفاة البصرة منشأة تكرير أصغر في جنوب البلاد.

وكان المسؤولون العراقيون يأملون أن يتم اصلاح وتجديد مصافي التكرير في البلاد بسرعة بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والعودة بطاقتها التكريرية الى مستويات ما قبل الحرب قرب 600 ألف برميل يوميا.

وجاء الانتاج دون تلك المستويات بسبب هجمات تخريبية وتأخر عمليات صيانة. وعرقلت التأخيرات خطط اضافة وحدات جديدة في مصافي مثل الدورة الكائنة على مشارف بغداد والتي بنيت في خمسينيات القرن الماضي.

ومنذ ذلك الوقت يضطر العراق الذي كان مصدرا للوقود قبل الغزو الامريكي الى استيراد ما قيمته خمسة مليارات دولار سنويا من المنتجات النفطية وخاصة البنزين من تركيا والخليج.

وقال المسؤول النفطي ان فاتورة استيراد الوقود قد تتراجع هذا العام مع زيادة الانتاج المحلي واذا مضت الحكومة قدما في خطط رفع الدعم عن أسعار البنزين والمنتجات الاخرى.

وأضرت مشكلات الانتاج أيضا بصادرات النفط الخام العراقية التي تراجعت الى 1.39 مليون برميل يوميا العام الماضي بينما كانت الحكومة تتوقع ان تبلغ 2.1 مليون برميل يوميا.

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة 20/كانون الثاني/2006 - 19/ذي الحجة/1426