لمواجهة خطر وباء عالمي: العراق يغلق حدوده امام فيروس انفلوانزا الطيور والارهاب

قال العراقيون انهم أعلنوا حالة التأهب لمنع انتشار مرض انفلونزا الطيور من جارته تركيا إلا ان مسؤولين أعربوا عن مخاوفهم من ان ضعف السيطرة على الحدود يجعل من العسير فرض حظر على واردات الطيور.

ويسعى العراق لتأمين الثغرات في الحدود مع جيرانه لوقف تدفق المقاتلين الاجانب دون ان يحقق نجاحا يذكر. كما ان القبائل المقيمة على امتداد مناطق الحدود تقتات على عائدات البضائع المهربة.

ورغم تلك الصعوبات أعرب رئيس اللجنة التي شكلتها وزارتا الصحة والزراعة في العراق للتعامل مع معضلة انفلونزا الطيور عن ثقته في إمكانية تجنيب البلاد سلالة "اتش5ان1" المميتة من فيروس انفلونزا الطيور التي انتشرت من آسيا الى مشارف اوروبا.

إلا انها تحتاج مساعدة على صعيدي المال والخبرة.

وقال عبد العلي حسن لرويترز ان فريقه يأخذ الأمر بجدية لكنه يحتاج الكثير من الاشياء من بينها المال والمزيد من الاتصال مع منظمات صحية دولية وجها لوجه وليس عبر رسائل.

وأضاف ان الفريق أعلن حالة التأهب منذ أكتوبر تشرين الاول وبشكل أقوى الآن بعد اكتشاف انفلونزا الطيور في تركيا مشيرا الى ان الفريق أصدر أوامر لمسؤولي الحدود بفحص واردات الطيور الداجنة وان كانت هناك بعض الصعوبة في معرفة الحالات.

وتابع ان العراق منع أيضا واردات الطيور من تركيا إلا انه في بلد مثل العراق يستورد كثيرون من تلقاء أنفسهم مشيرا الى ان المسألة غير منظمة.

وتقول السلطات العراقية انه ليس لديها أيضا سجلات كاملة للمجازر(المقاصب) في العراق مما يجعل مراقبتها أي انتشار للمرض أمرا أكثر صعوبة.

وقال حسن ان فريقه يعمل على تحديد أماكن المجازر واحصاءها ثم مراقبة عملها.

وأضاف ان سبعة وزراء سيعقدون اجتماعات في غضون يومين لتقرير ما اذا كانت هناك حاجة لاتخاذ اجراءات إضافية.

وعثر على سلالة "اتش5ان1" المميتة من فيروس انفلونزا الطيور في طيور برية وداجنة في شتى أنحاء تركيا خاصة في القرى الفقيرة التي تمتد من اسطنبول على ابواب اوروبا الى فان قرب الحدود مع ايران والعراق.

وتقول تركيا ان المرض أصاب 18 شخصا بينهم ثلاثة أطفال من شرق البلاد توفوا الاسبوع الماضي.

ومن المقرر ان تبدأ قريبا طيور برية مهاجرة عادة ما تعتبر حاملة للفيروس الوصول الى بحيرة دوكان في كردستان شمال العراق.

على صعيد متصل جاء في نشرة واشنطن ان مسؤولا كبيرا في الأمم المتحدة يراقب انتشار مرض أنفلونزا الطيور، إن على دول الشرق الأوسط أن تعد نفسها لإمكانية ظهور إصابات بأنفلونزا الطيور فيها بعد أن ترسخ المرض في تركيا، على ما يبدو.

وأضاف منسق شؤون أنفلونزا الطيور في الأمم المتحدة، ديفد نافارو، في 11 كانون الثاني/يناير الحالي، أن على المسؤولين الحكوميين في الدول المجاورة لتركيا أن يهتموا بقدرتهم على السيطرة على هذا المرض الحيواني وأن يقوموا بحملات توعية شعبية عنه.

وقد ظهرت أول إصابة بشرية بفيروس H5N1، أي سلالة الفيروس التي تم اكتشافها أصلاً في الطيور الداجنة الآسيوية وأخذت تنتقل باتجاه الغرب، في تركيا في أوائل شهر كانون الثاني/يناير. وكان عدد الإصابات الرسمي الذي أثبتته منظمة الصحة العالمية قد وصل حتى العاشر من هذا الشهر إلى 15 إصابة بشرية، وإن كانت بعض التقارير الصحفية قد ذكرت أنه يتم حالياً التدقيق في 40 حالة مرضية بشرية لاحتمال كونها حالات إصابة بأنفلونزا الطيور. ويحذر المسؤولون عن الصحة من إمكانية تحول هذا المرض الحيواني الواسع الانتشار إلى وباء عالمي بشري ينتقل من إنسان إلى آخر.

وقال نابارو للصحفيين، في جلسة إعلامية عقدها في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن على دول المنطقة أن تتأكد من امتلاك وكالات خدماتها البيطرية القدرة والتجهيزات اللازمة ومن كونها متأهبة للتحرك بسرعة بمجرد ظهور إصابات بالمرض بين طيورها الداجنة.

وأضاف نابارو أنه "ليس من السهل في الواقع بدء عملية قضاء" على الدجاج المريض. والمعروف أن القضاء على الطيور لدى ظهور المرض في سرب منها هو الرد المتبع للحيلولة دون انتشار المرض.

ومضى نابارو إلى القول: "يتعين على المرء أن يقبض أولاً على الدجاج. ويتعين عليه أن يتأكد من وضعه في أكياس، ونقله، ثم قتله بالشكل الصحيح ودفنه." 

ونبه إلى أنه في حال عدم اتباع الطريقة الصحيحة في القضاء على الدجاج فإن ذلك قد يؤدي إلى إلغاء مفعول عملية القتل والسماح باستمرار تفشي المرض.

ومن الضروري أيضاً أن تتأكد الدول من كون "مختبراتها على أهبة الاستعداد" لتكون قادرة على القيام بتحليل عينات المرض بسرعة لتقرير نوع العامل الذي سبب المرض بين الحيوانات أو البشر.

وفي نفس اليوم الذي عقد فيه نابارو جلسته الإعلامية في نيويورك، أكدت منظمة الأغذية والزراعة من مقرها في روما أن أنفلونزا الطيور تشكل خطراً على الدول المجاورة لتركيا. وأوصى إعلان المنظمة كلاً من أرمينيا وأذربيجان وجورجيا والعراق وإيران وسوريا أن تكون في حالة تأهب قصوى لمواجهة إصابات محتملة.

ويبدو أن سبب الإصابات البشرية بأنفلونزا الطيور في تركيا يعود إلى احتكاك مباشر بين البشر ودواجن مريضة. فقد ذُكر، على سبيل المثال، أو أول طفلين أُصيبا بالمرض ثم توفيا كانا قد لعبا برأس دجاجة مقطوع قبل إصابتهما بالمرض.

وقال نابارو إن على الناس أن يكونوا أكثر احتراساً من الطيور المريضة، وعليه فبإمكان الدول المهددة بانتقال المرض إليها أن تكثف حملات التثقيف والتوعية الشعبية حول أخطار ملامسة الطيور المريضة وحول ضرورة اتباع الممارسات الصحية الجيدة. وأضاف المسؤول الدولي، الذي عينه أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان لينسق إجراءات المنظمة الدولية الخاصة بأنفلونزا الطيور واحتمال ظهور وباء عالمي، أنه ينبغي أن يتم تنبيه عائلات المزارعين إلى الخطر المحتمل الذي تنطوي عليه ملامسة وإعداد وأكل الطيور التي أُصيبت بالمرض وماتت.

وقد حث العائلات على ألا تستسلم "للأمر المغري، وهو أخذ هذه الطيور الميتة ثم طبخها وأكلها. ونحن نفضل حقاً ألا تفعل ذلك."

وفي نفس الوقت قال نابارو لقد "هاله إلى حد ما" ما أوردته التقارير عن تقلص كبير في أكل الطيور الداجنة في بعض المناطق، رغم أنه "متأكد تماماً" من أن غالبية الدواجن واللحم التي يتم إنتاجها كطعام للمستهلكين ستكون "مأمونة تماماً للأكل."

وأشاد نابارو بالكيفية التي عالجت بها تركيا أمر ظهور إصابات بأنفلونزا الطيور فيها. وقال إنه "واثق جداً" من أن اهتمام المسؤولين الحكوميين منصب تماماً على المشكلة، وأنهم يدركون تماماً أهمية معالجتهم للأمر للصحة القومية والعالمية. 

وقال المسؤول الدولي إن تركيا تتصرف بفعالية في مجابهة الإصابات بين الحيوانات والبشر أيضا. وأضاف أنه يتم حالياً القضاء على كميات كبيرة من الدواجن لاجتثاث الفيروس، كما أن وزارة الصحة قد وضعت موضع التطبيق "أحدث طرق العلاج المتوفرة لدينا للحالات التي يشتبه بأنها إصابة بفيروس H5N1."

ويسبب فيروس H5N1، مثله في ذلك مثل أي نوع آخر من الأنفلونزا، احتقاناً في الرئتين قد يتحول إلى التهاب رئوي (ذات الرئة). ومن المهم تحقيق استمرار تنفس المريض أثناء ذلك، وقال نابارو إن الأتراك نجحوا في ذلك. وأضاف أنه كان لديهم أيضاً مخزون من عقار أوسلتاميفير (وهو مضاد للفيروسات) وقد تم توزيعه بسرعة على المرضى. وأوسلتاميفير، المعروف أيضاً باسم تاميفلو، عقار أظهر بعض الفعالية في التغلب على المرض في حال تناوله في مراحل الإصابة المبكرة.

وقد ظهر المرض بين البشر في تركيا بصورة لا تتساوق مع ظهوره في وقت سابق في خمس دول أخرى شهدت إصابات بشرية بفيروس H5N1.

وقال نابارو: "إن هذا النمط في تركيا قد حيّر العلماء." ففي حين أن الإصابات بين البشر في دول شرق آسيا قاربت 150 إصابة فقط على امتداد عامين، ظهرت الآن 15 إصابة، وربما أكثر، في تركيا خلال أيام معدودة. وعلاوة على ذلك، ورغم أن معدل الوفيات نتيجة الإصابة بأنفلونزا الطيور بلغ حوالى 50 بالمئة في آسيا، فإنه لا يزال أقل من ذلك بكثير في تركيا.

وستكون هاتان المفارقتان مسألة تحظى بدرجة كبيرة من اهتمام العلماء، كما أنهما تشكلان مفتاحين مهمين محتملين لحل لغز مرض H5N1.

وما زال الجواب عن أهم سؤال يتعلق بهذا المرض سلبا، ذلك أن الإصابات البشرية في تركيا لا تقدم أي دليل على أن H5N1 قد أصبح مرضاً تنتقل عدواه بين البشر من إنسان إلى آخر ويغرس بذلك بذرة وباء أنفلونزا عالمي. وقال نابارو إنه من غير المعروف إطلاقاً حتى الآن متى سيحدث ذلك، وإن كان سيحدث في أي وقت من الأوقات.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 17/كانون الثاني/2006 - 16/ذي الحجة/1426